الأربعاء، 17 أكتوبر 2012

علم الحديث وحال الرواة الحديث وحال كتب الإثنى عشرية

نشر في :
دروس موجزة في علمي الرجال والدراية
نظرة إجمالية إلى علمي الرجال والدراية
قد جرت العادة في كل علم، قبل الدخول فيه، على بيان أُمور أربعة:
أ. تعريف العلم.
ب. موضوعه.
ج. مسائله.
د. غايته.

1. تعريف علم الرجال : هو ما يبحث فيه عن أحوال رواة الحديث ذاتاً ووصفاً، والمراد من الذات هو معرفة أسمائهم وأسماء آبائهم، كما أن المراد من الوصف هو معرفة صفاتهم التي لها علاقة بقبول الحديث أو رده.
وبتعبير آخر: هو الوقوف على أحوال الرواة من حيث العدالة والمدح والإهمال والجهالة، والوقوف على أسماء مشايخهم وتلاميذهم وطبقتهم في نقل الرواية إلى غير ذلك.
2. موضوعه : إذا ثبت أن علم الرجال هو العلم الباحث عن أحوال الرواة، فموضوعه هو رواة الحديث المذكورون في سلسلة السند إلى أن ينتهي إلى المعصوم ع .
3. مسائله : فتُعلم من خلال الإمعان في تعريف علم الرجال، فهي عبارة عن الأحوال العارضة على رواة الحديث والتي لها علاقة في اعتباره، نظير: الوثاقة، والضعف، والطعن، إلى غير ذلك من الأحوال.
4. غايته : إن غاية علم الرجال هي الوقوف على أحوال الرواة من حيث الوثاقة وعدمها، وبالتالي تمييز المقبول عن غيره.

علم الدراية : ثم إن هنا علماً آخر يعرف بـ«علم الدراية» يبحث فيه عن الحالات الطارئة على الحديث من جانب السند أو المتن.
والمراد من السند هو مجموع ما جاء فيه من الرواة، دون النظر إلى واحد منهم، فيوصف السند عندئذ بالاتصال أو الانقطاع، أو الصحة أو الضعف، أو الإسناد أو الإرسال، إلى غير ذلك.
وبعبارة أُخرى: إن الغاية المتوخاة من علم الدراية هي الوقوف على صحة الرواية أو ضعفها، وهو رهن دراسة مجموع السند بأكمله، بخلاف الغاية المتوخاة من علم الرجال فهي معرفة أحوال كل راو على انفراده.
والمراد من المتن هو ما نُقل عن المعصوم أو غيره، من كونه نصاً أو ظاهراً، أو مجملاً أو مبيناً، أو محكماً أو متشابهاً.
وما يقال من أن علم الرجال يبحث في السند، والدراية تبحث في المتن، بعيد عن الصحة; لأن الدراية تبحث في السند أيضاً كعلم الرجال، إلا أن الاختلاف بينهما يكمن في أن علم الدراية ينظر إلى مجموع السند، فيبحث عن الأحوال العارضة له، في حين أن علم الرجال يبحث في آحاد رواة السند على وجه التفصيل من حيث المدح والقدح.

الأُصول الرجالية الخمسة :
بدأ أصحاب الأئمة ع في التأليف في علم الرجال في أعصارهم ع غير انه لم يصل إلينا شيء من مؤلفاتهم، وأما الأُصول الرجالية، المؤلفة قريبة من أعصارهم، فهي عبارة عن:
1. رجال الكشي : وهو تأليف محمد بن عمر بن عبد العزيز المعروف بالكشي، والمؤلف من عيون الثقات والعلماء، بصير بالأخبار والرجال، من تلاميذ أبي النصر محمد بن مسعود المعروف بالعياشي، وقد لخص الشيخ الطوسي هذا الكتاب فالموجود عندنا هو الملخص، ويسمى «اختيار معرفة الرجال».
ويتميز هذا الكتاب بالتركيز على نقل الروايات المربوطة بالرواة، وقد ألفه على نهج الطبقات، مبتدئاً بأصحاب الرسول والوصي إلى أن يصل إلى أصحاب العسكريين.
2. رجال النجاشي : وهو تأليف الضبط البصير الشيخ أبي العباس أحمد بن علي، المعروف بالنجاشي(372 ـ 450هـ)، تتلمذ على المفيد ثم المرتضى، وهو نقاد هذا الفن ومن أجلاء علمائه. جمع فيه أسماء المصنفين من الشيعة، مع التعرض لمكانة الراوي ومذهبه غالباً.
3. رجال الطوسي : تأليف محمد بن الحسن الطوسي (385 ـ 460 هـ) ألفه على غرار الطبقات، فعقد باباً لأصحاب النبي ثم الوصي ثم سائر الأوصياء ثم إلى من لم يرو عنهم ع .
4. فهرست الطوسي : وهو من مؤلفات الطوسي أيضاً، حاول فيه أن يستقصي أسماء الذين لهم أصل أو تصنيف في الحديث، وفيه ما يقرب من تسعمائة اسم من أسماء المصنفين.
5. رجال البرقي : وهو إما لأحمد بن محمد بن خالد البرقي (المتوفى274 هـ) أو لولده عبد الله بن أحمد، أو لحفيده أحمد بن عبد الله; وعلى كل حال فرجاله كرجال الشيخ، أتى فيه بأسماء أصحاب النبي والأئمة إلى عصر الحجة ع، ولا يوجد فيه تعديل وتجريح.
هذه هي الأُصول الرجالية الخمسة، وأما ما أُلف بعدها فقد أخذوا مادة البحث من هذه الكتب، وهي كثيرة للغاية.

تمرينات
1. ما هو تعريف علم الرجال، وموضوعه، ومسائله، وغايته؟
2. ما هو الفرق بين علمي الرجال والدراية؟
3. اذكر الأُصول الرجالية الخمسة مع ميزاتها.
4. هل يصح أن يقال أن علم الرجال يبحث في السند، وعلم الدراية في المتن، أو لا؟

الحاجة إلى علم الرجال

الأول: تمييز الثقة عن غير الثقة
قد ثبت في علم الأُصول حرمة العمل بغير العلم، بالأدلة الأربعة، وقد خرج عن ذلك الأصل قول الثقة، ومن الواضح أن إحراز الصغرى ـ أي كون الراوي ثقة أو لا ـ يتوقف على الرجوع إلى علم الرجال المتكفل لبيان أحوال الرواة من الوثاقة وغيرها.
ثم إن من يقول بحجية قول الثقة يضيف قيداً آخر، وهو: كون الراوي ضابطاً للحديث، ناقلاً إياه حسب ما سمع من الإمام. ولا يُعرف هذا الوصف إلا من خلال المراجعة إلى أحوال الراوي، ويشهد على ذلك إن عدم ضابطية بعض الرواة على الرغم من وثاقتهم، أوجد اضطراباً في الحديث وتعارضاً بين الروايات، حيث حذفوا بعض الكلم والجمل الدخيلة في فهم الحديث بزعم عدم مدخليتها، أو نقلوه بالمعنى من دون رعاية شروط النقل بالمعنى.
الثاني: علاج الأخبار المتعارضة بالرجوع إلى صفات الراوي
إذا كان هناك خبران متعارضان لا يمكن الجمع بينهما عرفاً، يجب ـ في مقام الترجيح وتقديم أحدهما على الآخر ـ الرجوع إلى صفات الراوي، فلو كان رواة أحد الخبرين أعدل وأفقه وأصدق وأورع، يؤخذ به ولا يلتفت إلى الآخر; كما ورد في مقبولة عمر بن حنظلة في الحديث المعروف حيث قال الصادق ع في جواب السؤال عن اختلاف القضاة في الحكم واستناد اختلافهما إلى الاختلاف في الحديث ـ: «الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر».
والحديث وإن ورد في صفات القاضي، غير ان القضاة في ذلك الوقت كانوا رواة أيضاً، ولأجل ذلك تعدى الفقهاء من صفات القاضي إلى صفات الراوي.
مضافاً إلى وجود روايات أُخرى تأمر بترجيح أحد الخبرين على الآخر بصفات الراوي وإن كان الراوي غير قاض ولا حاكم.
الثالث: ظاهرة الوضع والتدليس في الحديث
من قرأ تاريخ الحديث يقف على وجود الوضاعين والمدلسين والمتعمدين للكذب على الله ورسوله في أوساط الرواة، ومع هذا كيف يصح للمجتهد الإفتاء بمجرد الوقوف على الخبر من دون التعرف على صفات الراوي حيث لا يميز الكذاب والمدلس عن غيرهما إلا بعلم الرجال؟!
قال الإمام الصادق ع : «إناـ أهل بيت ـ صادقون لا نخلو من كذاب يكذب علينا، فيُسقط صِدقُنا بكذبه علينا عند الناس».
ولأجل هذا التخليط من المدلسين، أمر أئمة أهل البيت ع أتباعهم بعرض الحديث على الكتاب والسنة، فما وافق كتاب الله وسنة نبيه فيؤخذ به، وما خالفهما فيضرب عرض الجدار.

تمرينات
1. اذكر وجوه الحاجة إلى دراسة أحوال الرواة.
2. بين موقف الصادق من الروايات التي تُنسب إلى أهل البيت ع.

أصحاب الإجماع

البحث عن أصحاب الإجماع من أهم بحوث علم الرجال، وقد أشار إليه المحدث النوري وقال: إنه من مهمات هذا الفن، إذ على بعض التفاسير يُحكم على كثير من الأحاديث بالصحة وعلى كثير من الرواة بالوثاقة، والأصل في ذلك ما ذكره أبو عمرو الكشي في رجاله في مواضع ثلاثة، ولا محيص عن سرد نصوصه كي نعود إلى تفسيرها.
عنون باباً باسم تسمية الفقهاء من أصحاب أبي جعفر و أبي عبد الله ع وقال تحت هذا العنوان:
1. أجمعت العصابة على تصديق هؤلاء الأولين من أصحاب أبي جعفر ع وأصحاب أبي عبد الله ع وانقادوا لهم بالفقه، فقالوا: أفقه الأولين ستة: زرارة، ومعروف بن خربوذ، و بريد، و أبو بصير الأسدي، والفضيل بن يسار، ومحمد بن مسلم الطائفي، قالوا: أفقه الستة زرارة، وقال بعضهم مكان أبي بصير الأسدي، أبو بصير المرادي وهو ليث بن البختري.
2. أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عن هؤلاء وتصديقهم لما يقولون، وأقروا لهم بالفقه من دون أُولئك الستة الذين عددناهم وسميناهم، وهم ستة نفر: جميل بن دراج، و عبد الله بن مسكان، و عبد الله بن بكير، وحماد بن عثمان، وحماد بن عيسى، وأبان بن عثمان. قالوا: وزعم أبو إسحاق الفقيه يعني ثعلبة بن ميمون أن أفقه هؤلاء جميل بن دراج وهم أحداث أصحاب أبي عبد الله ع .
ثم ذكر تحت عنوان ثالث، أعني : تسمية الفقهاء من أصحاب أبي إبراهيم وأبي الحسن ع قوله:
3. أجمع أصحابنا على تصحيح ما يصح عن هؤلاء وتصديقهم وأقروا لهم بالفقه والعلم، وهم ستة نفر آخر دون ستة نفر الذين ذكرناهم في أصحاب أبي عبد الله ع منهم: يونس بن عبد الرحمن، و صفوان بن يحيى بياع السابري، ومحمد بن أبي عمير، وعبد الله بن مغيرة، والحسن بن محبوب، وأحمد بن محمد بن أبي نصر، وقال بعضهم مكان الحسن بن محبوب: الحسن بن علي بن فضال وفضالة بن أيوب، وقال بعضهم مكان فضالة بن أيوب: عثمان بن عيسى، وأفقه هؤلاء يونس بن عبد الرحمن، وصفوان بن يحيى.

وقبل تفسير كلام الكشي نقدم أُموراً:
الأول: أصحاب الإجماع اصطلاح جديد

إن التعبير عن هذه الجماعة بـ«أصحاب الإجماع» أمر حدث بين المتأخرين، وجعلوه أحد الموضوعات التي يُبحث عنها في مقدمات الكتب الرجالية أو خواتيمها، ولكن الكشي عبر عنهم بتسمية الفقهاء من أصحاب الباقرين ع، أو تسمية الفقهاء من أصحاب الصادق ع، أو تسمية الفقهاء من أصحاب الكاظم والرضا ع، فهو رحمه الله كان بصدد تسمية الفقهاء من أصحاب هؤلاء الأئمة، الذين لهم شأن كذا وكذا، والهدف من تسميتهم دون غيرهم، هو تبيين أن الأحاديث الفقهية تنتهي إليهم غالباً، فكأن الفقه الإمامي مأخوذ منهم، ولو حذف هؤلاء وأحاديثهم من بساط الفقه، لما قام له عمود، ولا اخضر له عود.
الثاني: عدد أصحاب الإجماع
ذكر الكشي في الطبقة الأُولى، ستة نفر من أصحاب الصادقين ع وهم:
1. زرارة بن أعين.
2. معروف بن خربوذ.
3. بريد بن معاوية.
4. أبو بصير الأسدي.
5. الفضيل بن يسار.
6. محمد بن مسلم الطائفي.
هذا ما اختاره الكشي، ولكن نقل ان بعضهم قال مكان أبي بصير الأسدي: أبو بصير المرادي.
وذكر الكشي في الطبقة الثانية ستة من أحداث أصحاب أبي عبد الله ع وهم:
7. جميل بن دراج.
8. عبد الله بن مسكان.
9. عبد الله بن بكير.
10. حماد بن عثمان.
11. حماد بن عيسى.
12. أبان بن عثمان.
وهؤلاء محط اتفاق الجميع.
كما ذكر أيضاً في الطبقة الثالثة ستة من أصحاب الإمامين الكاظم والرضا ع، وهم:
13. يونس بن عبد الرحمن.
14. صفوان بن يحيى بياع السابُري.
15. محمد بن أبي عمير.
16. عبد الله بن مغيرة.
17. الحسن بن محبوب.
18. أحمد بن محمد بن أبي نصر.
فخمسة من هذه الطبقة مورد اتفاق بين الكشي وغيره إلا واحداً منهم حيث قال:
وذكر بعضهم مكان الحسن بن محبوب: الحسن بن علي بن فضال، وفضالة بن أيوب.
وذكر بعضهم مكان فضالة بن أيوب: عثمان بن عيسى، وحيث إن خمسة من الطبقة الثالثة مورد اتفاق بينه و بين غيره، فيكون مجموع ما اتفق عليه ستة عشر شخصاً.
نعم انفرد الكشي بنقل الإجماع على شخصين وهما: أبو بصير الأسدي من الطبقة الأُولى والحسن بن محبوب من الثالثة.
كما نقل الآخرون الاتفاق على أربعة وهم: أبو بصير المرادي من الطبقة الأُولى، والحسن بن علي بن فضال، وفضالة بن أيوب وعثمان بن عيسى من الطبقة الثالثة فيكون المجموع اثنين وعشرين شخصاً، بين ما اتفق الكل على أنهم من أصحاب الإجماع، أو قال به الكشي وحده أو غيره، فالمتيقن هو 16 شخصاً،والمختلف فيه هوستة أشخاص.

تمرينات
1.ما هو المراد من أصحاب الإجماع؟ وهل هو اصطلاح جديد؟
2. اذكر عدد أصحاب الإجماع من الطبقات الثلاث في كلام الكشي.
3. اذكر أسماء من اتفقت كلمة الأصحاب عليهم.


  نشأة مصطلح الحديث:
عند أهل السنّة : بدأ التفتيش في الأسانيد وعدم الاعتبار بكل رواية منذ عصر صغار الصحابة الذين تأخرت وفاتهم زمنًا بعد فتنة مقتل ذي النورين عثمان رضي الله عنه، حيث بدأ الكذب يتفشّى والفرق البدعيّة تظهر.. عن ابن عباس رضي الله عنه (ت 68) قال: «إنا كنا مرة إذا قال لنا أحد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتدرته أعيننا وأصغينا إليه بآذاننا، فلما ركب الناس الصعب والذلول لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف، وعن أبي العالية متوفى قبل المائة : «كنا نسمع الرواية بالبصرة عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا نرضى حتى نركب إلى المدينة فنسمعها من أفواههم».
وأول من فتش عن الرجال في العراق وذبّ عن السنّة (كما في التقريب أمير المؤمنين شعبة بن الحجاج (ت 160) وقال عبد الله بن المبارك (ت181) : «الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء من شاء، ولن أطيل، فالكلّ يعلم أنه ما انقضتْ مائتا عامٍ (أو أقلّ حتى استقرّت عند أهل السنة (جميع الشروط والضوابط التي يقبلون بها الخبر أو يردّونه، ونقول استقرّت أمّا النشأة فهي قبل ذلك بكثيرٍ)
أمّا عند الجعفريّة : فلم يكن عندهم (في أوّل أمرهم تفتيش عن الأسانيد وتصحيح وتضعيف بمعناه عند أهل السنّة فأوّل من وضع مصطلح الحديث وبيّن مراتب الحديث عندهم هو الحسن بن المطهّر الحلّي ويخلعون عليه لقب:  العلامة وقد هلك ابن المطهّر في عام 726 هـ ، وابن المطهّر هذا، هو الذي ردّ عليه شيخ الإسلام ابن تيمية في سِفْره العظيم الشهير (منهاج السنّة النبويّة) وقد ذَكَر الجعفريّة أنفسهم أن أول من وضع مُصطلح الحديث هو ابن المطهر الحلّي (كما في ضياء الدراية لسيدهم ضياء الدين العلامة) على أنهم لم يتفقوا على ذلك، فيقول شيخهم الحائري في (مقتبس الأثر) : «ومن المعلومات التي لا يشك فيها أحد أنه لم يصنف في دراية الحديث من علمائنا قبل الشهيد الثاني (زين دِينِهم العاملي المتوفى في 965هـ)

* الجرح والتعديل عند الرافضة أكذوبة ومن عجائب المعقول!
ومعلوم أن الرواة هم عصب المنقولات عند أهل السنّة بل في أي منقول وعند أي ناقل متى كان عاقلاً، ومعلوم أن علم الحديث كلّه من أوّله إلى آخره قائم على الاعتناء بهذا العصب الذي هو الرواة، فشرائط قبول الحديث الخمسة (أو الستّة عند أهل السنّة كلها تدور حول (الراوي) ومدى ضبطه للرواية من عدمه، أو قوة ذلك وضعفه
أهل السنّة يشترطون في الراوي شرطين حولهما تدور ضوابط قبول الخبر:
الأول:  العدالة وأدناها عندهم الإسلام ومعه الخلو من الفسق الظاهر .
الثاني:  الضبط ضبط الرواية في الصدر أو في الكتاب .
الجعفريّة فهم من أبعد خلق الله عن ضرورات المعقولات كما أسلفنا فأمّا شرط العدالة في الراوي فيَذكر عالمهم الطوسيّ أبو جعفر محمد بن الحسن ( 460هـ) كتابه «الفهرست» وهو من أهم كتبهم الأولى في الرجال إن كثيرًا من مصنّفي أصحابنا وأصحاب الأصول ينتحلون المذاهب الفاسدة وإن كانت كتبهم معتمدة (ص32
يقول إمامهم وعلامتهم المقدَّم الحرّ العاملي (1104هـ ) ما يلي: ولم ينصوا على عدالة أحد من الرواة، إلا نادراً، وإنما نصوا على التوثيق، وهو لايستلزم العدالة قطعًا، بل بينهما عموم من وجه، كما صرح به الشهيد الثاني وغيره ودعوى بعض المتأخرين أن «الثقة» بمعنى (العدل الضابط ممنوعة، وهو مطالب بدليلها.وكيف وهم مصرحون بخلافها؟ حيث يوثقون من يعتقدون فسقه، وكفره، وفساد مذهبه (وسائل الشيعة (30/260
قال العاملي ومثله يأتي في رواية الثقات الأجلاء كأصحاب الإجماع ونحوهم عن الضعفاء والكذابين والمجاهيل حيث يعلمون حالهم ويروون عنهم ويعملون بحديثهم، ويشهدون بصحته (وسائل الشيعة  (30/206

* تقسيم الحديث عند الجعفريّة
الصحيح : ما اتصل سنده عن المعصوم بنقل العدل الإمامي عن مثله في جميع الطبقات حيث تكون متعددة (مقباس الهداية وضياء الدراية)
الحسن : ما اتصل سنده إلى المعصوم بإمامي ممدوحًا مدحًا مقبولاً معتدًّا به، غير معارض بذمٍّ، من غير نصٍّ على عدالته، مع تحقق ذلك في جميع رجال رواة طريقه أو بعضها (مقباس الهداية وضياء الدراية)
الموثَّق : ما اتصل سنده إلى المعصوم بمن نصّ الأصحاب على توثيقه، مع فساد عقيدته، بأن كان من أحد الفرق المخالفة للإمامية، وإن كان من الشيعة، مع تحقق ذلك في جميع رواة طريقه أو بعضهم، مع كون الباقين من رجال الصحيح (مقباس الهداية وضياء الدراية)
الضعيف:  ما لم يجتمع فيه شرط أحد الأقسام السابقة، بأن اشتمل طريقه على مجروح بالفسق ونحوه، أو على مجهول الحال، أو ما دون ذلك كالوضاع (تنقيح المقال)


تقسيم الحديث استحدثه بن طاووس وبن المطهر

وسائل الشيعة (آل البيت) للحر العاملي (1104 هـ) الجزء30 صفحة248 الفائدة التاسعة
في ذكر الأدلة على صحة أحاديث الكتب المعتمدة تفصيلا في ذكر الاستدلال على صحة أحاديث الكتب التي نقلنا منها هذا الكتاب وأمثالها تفصيلا ووجوب العمل بها فقد عرفت الدليل على ذلك إجمالا ويظهر من ذلك ضعف الاصطلاح الجديد على تقسيم الحديث إلى صحيح وحسن وموثق وضعيف الذي تجدد في زمن العلامة وشيخه أحمد ابن طاووس

وسائل الشيعة (آل البيت) للحر العاملي (1104 هـ) الجزء30 صفحة262 الفائدة التاسعة
السادس عشر :
أن هذا الاصطلاح مستحدث في زمان العلامة أو شيخه أحمد ابن طاووس كما هو معلوم وهم معترفون به وهو اجتهاد وظن منهما فيرد عليه جميع ما مر في أحاديث الاستنباط والاجتهاد والظن في كتاب القضاء وغيره وهي مسألة أصولية لا يجوز التقليد فيها ولا العمل بدليل ظني اتفاقا من الجميع وليس لهم هنا دليل قطعي فلا يجوز العمل به وما يتخيل - من الاستدلال به لهم - ظني السند أو الدلالة أو كليهما فكيف يجوز الاستدلال بظن على ظن وهو دوري ؟ ! مع قولهم ع : شر الأمور محدثاتها وقولهم ع: عليكم بالتلاد

معالم المدرستين لمرتضى العسكري الجزء3 صفحة272
مقائيس العلماء لمعرفة الحديث
هكذا وضع أئمة أهل البيت قواعد لمعرفة صحيح الحديث من سقيمه واتخذها فقهاء مدرستهم ميزانا في فقه الحديث جيلا بعد جيل وقد جمعها بعض العلماء ونسقها مثل الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي في الفائدة التاسعة والعاشرة من خاتمة وسائل الشيعة والشيخ حسين النوري في الفائدة الرابعة من مستدركه
1 وفي أخريات القرن السابع الهجري راجت قاعدة جديدة لمعرفة الحديث نسب كشفها
2 لابن طاوس أحمد بن موسى الحلي ( ت : 673 ه‍ )
3 والعلامة الحلي الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر ( ت : 726 ه‍ )
4 حيث صنف الحديث بالنظر إلى راويه منذ عصرهما إلى أربعة أصناف :
أ - الصحيح : وهو ما اتصل سنده إلى المعصوم بنقل الامامي العدل عن مثله في جميع الطبقات
ب - الحسن وهو ما اتصل سنده إلى المعصوم بامامي ممدوح من غير نص على عدالته مع تحقق ذلك في جميع الطبقات
ج - الموثق ويقال له : القوي أيضا وهو ما دخل في طريقه من نص الأصحاب على توثيقه مع فساد عقيدته بان كان من أحد الفرق الإسلامية المخالفة للامامية وإن كان من الشيعة
د - الضعيف : وهو ما لا يجتمع فيه شروط أحد الثلاثة المتقدمة بان يشتمل طريقه على مجروح بالفسق ونحوه أو مجهول الحال أو ما دون ذلك كالوضاع
 
1 * * * اشتهرت القاعدة الآنفة منذ عصر العلامة فما بعد وغالى بعض العلماء في اعتمادهم على هذه القاعدة وعرض جميع الأخبار والأحاديث عليها . فعدوا مثلا أحاديث من السيرة لا يصدق محتواها ولا يمكن أن يقع في الخارج بموجب هذا الميزان صحيحة
2 . كما ضعف هذا البعض عن قبول أحاديث صحيحة لا يصححها هذا الميزان . وقابل أولئك جماعة من الإخباريين فشذوا في تصحيحهم جميع ما ورد في الموسوعات الحديثية الأربعة وما شاكلها
3 ووقع هؤلاء في تهافت عجيب وكلا الجانبين ابتعدا عن الصواب في معرفة الحديث وليس ثمة مجال للخوض في هذا البحث . ومن نتائج التصنيف الأخير للحديث واعتمادهم المطلق عليه أنهم وزنوا أحاديث الكافي بالجملة عليه وقالوا : أن الكافي يشتمل على 16199 حديث منها :
5072 حديث صحيح
144 حديث حسن
1118 حديث موثق
302 حديث قوي
9485 حديث ضعيف

أقسام الحديث وتعريفها عند الشهيد الثاني

الرعاية في علم الدراية للشهيد الثاني (965 هـ) صفحة62 الحقل السادس
في : المتواتر وشروط تحققه
وينقسم الخبر مطلقا " - أعم من المعلوم صدقه وعدمه - إلى : متواتر وآحاد أما الحديث في هذا الحقل فهو عن : المتواتر . من حيث :
أولا " : شرائط مخبريه هو : ما بلغت رواته في الكثرة مبلغا " أحالت العادة تواطؤهم - أي : اتفاقهم - على الكذب واستمر ذلك الوصف في جميع الطبقات حيث يتعدد بأن يرويه قوم عن قوم و هكذا إلى الأول فيكون أوله في هذا الوصف كآخره ووسطه كطرفيه . ليحصل الوصف : وهو استحالة التواطي على الكذب للكثرة في جميع الطبقات المتعددة .

الرعاية في علم الدراية (حديث) للشهيد الثاني (965 هـ) صفحة77
في  الصحيح
1- وهو  ما اتصل سنده إلى المعصوم بنقل العدل الامامي عن مثله في جميع الطبقات حيث تكون متعددة (وإن اعتراه شذوذ)
أ - فخرج باتصال السند المقطوع في أي مرتبة اتفقت فإنه لا يسمى صحيحا "و إن كان رواته من رجال الصحيح
ب - وشمل قوله (إلى المعصوم) النبي والإمام
ج - وبقوله (بنقل العدل) الحسن
د -  وبقوله (الامامي  الموثق
ه‍ - وبقوله في (جميع الطبقات) ما اتفق فيه واحد بغير الوصف المذكور فإنه بسببه يلحق بما يناسبه من الأوصاف لا بالصحيح وهو وارد على من عرفه من أصحابنا - كالشهيد في الذكرى - بأنه ما اتصلت روايته إلى المعصوم بعدل إمامي فإن اتصاله بالعدل المذكور لا يلزم أن يكون في جميع الطبقات بحسب إطلاق اللفظ وإن كان ذلك مرادا" ونبه بقوله (وإن اعتراه شذوذ) على خلاف ما اصطلح عليه العامة من تعريفه حيث اعتبروا سلامته من الشذوذ وقالوا في تعريفه انه ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله وسلم عن شذوذ وعله

الرعاية في علم الدراية (حديث) للشهيد الثاني (965 هـ) صفحة81
في : الحسن
1 - وهو : ما اتصل سنده كذلك - أي : إلى المعصوم - بإمامي ممدوح من غير نص على عدالته. مع تحقق ذلك في جميع مراتبه أي جميع (مراتب) رواة طريقه. أو تحقق ذلك في بعضها : بأن كان فيهم واحدا " إمامي ممدوح غير موثق مع كون الباقي من الطريق من رجال الصحيح فيوصف الطريق بالحسن لأجل ذلك الواحد .

الرعاية في علم الدراية (حديث) للشهيد الثاني (965 هـ) صفحة84 الحقل الثالث
في : الموثق
1 - سمي بذلك : لان راويه ثقة وإن كان مخالفا "وبهذا فارق الصحيح مع اشتراكهما في الثقة ويقال له : القوي أيضا" لقوة الظن بجانبه بسبب توثيقه. وهو:
أولا : ما دخل في طريقه: (من نص الأصحاب على توثيقه مع فساد عقيدته) بأن كان من إحدى المخالفة للامامية وإن كان من الشيعة. واحترز بقوله : (نص الأصحاب على توثيقه) لا عما لو رواه المخالفون في صحاحهم التي وثقوا رواتها فإنها لا تدخل في الموثق عندنا لان العبرة بتوثيق أصحابنا للمخالف لا بتوثيق غيرنا لأنا لم نقبل إخبارهم بذلك. وبهذا يندفع ما يتوهم : من عدم الفرق بين رواية من خالفنا ممن ذكر في كتب حديثنا وما رووه في كتبهم . وحينئذ فذلك كله يلحق بالضعيف عندنا لما سيأتي من صدق تعريفه عليه فيعمل منه بما يعمل به منه .

الرعاية في علم الدراية (حديث) للشهيد الثاني (965 هـ) صفحة84 الحقل الرابع
في : الضعيف
وهو : ما لا يجتمع فيه شروط أحد الثلاثة المتقدمة بأن يشتمل طريقه على : مجروح بالفسق ونحوه أو مجهول الحال أو ما دون ذلك كالوضاع . ويمكن اندراجه في المجروح فيستغنى به عن الشق الأخير. ودرجاته في الضعف : متفاوتة بحسب بعده عن شروط الصحة فكلما بعد بعض رجاله عنها كان أقوى في الضعف وكذا ما كثر فيه الرواة المجروحون بالنسبة إلى ما قل فيه.
 
الشهيد الثاني (911 - 965) زين العابدين بن علي بن أحمد العاملي





جميع الحقوق محفوظة للاخ منهاج السنة ابو ابات 2012-2013 | جميع المواد الواردة في هذا الموقع حقوقها محفوظة لدى ناشريها ; فهـرس الـموقــع | سياسة الخصوصية