م10
الفصل العاشر: تنزيه الإمام الصادق عن القول بنظرية "الإمامة"
لقد كانت مصيبة الإمام جعفر الصادق مع من يدعي التشيع في زمانه، أكبر من مصيبة أبيه، وذلك لأن بعضهم غالى فيه حتى نسبه إلى الألوهية، أو وضعه تحت الألوهية بدرجة، وبعضهم قال بتفويض الأمر إليه من الله بالخلق والرزق والحياة والموت والحساب، ولذلك فقد كان من الأيسر للغلاة أن ينسبوا إلى الصادق النبوة، أو تحدث الملائكة معه، أو علمه بالغيب، أو النص عليه من الله، وما إلى ذلك من أقوال ونظريات بعيدة كل البعد عن الدين الحق وعما كان يتبناه الإمام نفسه.
وقد اتبع الإمامية (أو ما كانوا يعرفون في تلك الأيام بالرافضة) نفس المنهج الذي اتبعوه من قبل مع والده الإمام الباقر، من حيث بناء نظريتهم على التأويل التعسفي للقرآن الكريم، ورواية أحاديث مرسلة عن النبي (ص) أو عن الله عز وجل، أو الأنبياء السابقين والأمم الغابرة، دون اعتماد على مصدر معين، ونحن وإن كنا نشكك بجميع تلك الروايات ونستبعد صدورها عن الإمام الصادق نفسه، إلا أن ثبوتها حسب رأي الإمامية لا يشكل لدينا أية حجية، إذ أن الإمام لا يشكل لدينا مصدرا للعلم الإلهي حتى نسلم بكل ما يقول، ولم تثبت لدينا إمامته الإلهية وارتباطه بالغيب، حتى نصدقه في كل حديث. وحاشا الإمام الصادق أن يقول شيئا من ذلك، بل نعتقد أن كل ما نسب إليه في التراث الإمامي من أحاديث، ضعيف وغير صحيح ولا يمكن القبول به.[1]
وفي الحقيقة ان قسما كبيرا مما روي عن الصادق هو تكرار لما روي عن أبيه الباقر، فلا حاجة كبيرة لمناقشة الروايات المكررة، ومع ذلك سنحاول التوقف عند بعضها.
وكما نلاحظ فان إحدى الروايات المنسوبة للصادق، تتحدث عن الوصية في بني إسرائيل وتقول: "أوصى موسى عليه السلام إلى يوشع ابن نون، وأوصى يوشع بن نون إلى ولد هارون، ولم يوص إلى ولده ولا إلى ولد موسى" دون أن تسند هذا القول إلى القرآن أو النبي محمد (ص) أو حتى إلى أي مصدر إسرائيلي، ثم تواصل الرواية القيام بتأويل القرآن بصورة تعسفية، فتقول في تفسير هذه الآية:" وآت ذا القربى حقه" بأن المقصود منها إعطاء علي حقه: الوصية التي جعلت له، والاسم الأكبر، ميراث العلم، وآثار علم النبوة. وتقرأ هذه الآية بشكل محرف:" وإذا المودة سئلت بأي ذنب قتلت": يقول أسألكم عن المودة التي أنزلت عليكم فضلها، مودة القربى بأي ذنب قتلتموهم". [2]
فهل كان الإمام الصادق يتلاعب القرآن بهذه الصورة؟ أم هذا من فعل الغلاة والمنحرفين؟
ولا نريد أن نتوقف هنا عند كل رواية تنسب إلى الصادق في مجال تأليف نظرية "الإمامة"، فهي كثيرة ولا تعد ولا تحصى، ولكنها كلها قائمة على الادعاء والتأويل، مثل تفسير قول الله عز وجل: "كونوا مع الصادقين" بأنه يعني "الأئمة" .[3] وقوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم" أنها نزلت في ولاية علي (ع). [4] وتفسير الأمانة الواردة في: "إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض " أنها ولاية أمير المؤمنين .[5] ولذلك فان هذه الروايات لا تؤسس عقيدة ولا تشكل دليلا مقنعا، فضلا عن أنها لم تثبت نسبتها إلى الإمام الصادق.
وأما الحديث (الدعاء) الذي يروى عن زرارة عن الصادق، والذي يربط بين التوحيد والنبوة والإمامة :" اللهم عرفني نفسك، فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك، اللهم عرفني رسولك، فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك، اللهم عرفني حجتك، فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني".[6] فانه يعبر عن نظرية الإمامة، ولكن تحيط به الملاحظات التي قدمناها على كل ما ينسب إلى الصادق، ومع ذلك فقد مات زرارة وهو لا يعرف إمام زمانه بعد الصادق، فهل مات ضالا؟
وأما حديث عبد الحميد بن أبي العلاء عن الصادق، والذي يساوي فيه بين عصيان إبليس لله في السجود لآدم، وترك الأمة الإسلامية للإمام الذي نصبه النبي، ويقول إن الله لن يقبل عملا إلا من حيث أمرهم وبشرط تولي الإمام الذي أمرهم بولايته.[7] فهو يتضمن قياسا مع الفارق، من حيث وضوح الأمر من الله تعالى إلى إبليس بالسجود لآدم بنسبة مائة بالمائة، وغموضه أو عدم ثبوته بالنسبة لوجوب طاعة الأمة للأئمة. وكما يقال:"العرش ثم النقش". وإذا لم يثبت عرش الإمامة فكيف نثبت نقش المساواة في المعصية مع إبليس؟
وهكذا يرد على الأحاديث الأخرى المنسوبة للصادق، والتي تعتبر تولي غير "الأئمة" نوعا من الإلحاد في الدين.[8] أو الكفر.[9] أو الضلال. [10]
ويتجلى الكذب والتزوير على لسان الصادق في هذا الحديث الذي يقول: إن " ولايتنا ولاية الله التي لم يبعث نبيا قط إلا بها".[11] أو " ما من نبي جاء قط إلا بمعرفة حقنا وتفضيلنا على من سوانا". [12] أو "ولاية علي مكتوبة في جميع صحف الأنبياء" [13] وذلك لأنها غير موجودة فعلا في أي كتاب من كتب الأنبياء، لا في التوراة ولا في الإنجيل، ولم يتحدث عنها القرآن الكريم، ولا أخبر بها الرسول محمد (ص) فكيف علم بها الصادق؟ – لو صحت نسبة الحديث إليه - وهل يعقل أن يتلفظ الصادق بهكذا أحاديث؟ أم هي من اختلاق الغلاة لتشويه سمعته، وتمرير نظرياتهم الواهية باسمه ؟
كما يتجلى التأويل التعسفي للقرآن في هذا الحديث المنسوب للإمام الصادق، الذي يئوِّل "العزم" في قول الله عز وجل: " ولقد عهدنا إلى أدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما" بعدم اعتراف آدم بالأئمة، على العكس من أولي العزم الذين أقروا بذلك.[14] ويضاف إلى التأويل في هذا الحديث القول بالتحريف، فيدعي نزول الآية بشكل آخر يتضمن أسماء محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ذريتهم.[15] وهو ما يؤكد اختلاق الحديث من قبل الغلاة.
كما يتجلى التأليف الخيالي في هذا الحديث المنسوب إلى الإمام الصادق: " إن الله عز وجل لما عرج بنبيه (ص) إلى سماواته السبع ... اجتمعت الملائكة فسلمت على النبي (ص) أفواجا وقالت: يا محمد كيف أخوك؟ إذا نزلت فاقرأه السلام، قال النبي: أفتعرفونه؟ قالوا: وكيف لا نعرفه وقد أخذ ميثاقك وميثاقه منا وميثاق شيعته إلى يوم القيامة علينا؟ وإنا لنتصفح وجوه شيعته في كل يوم وليلة خمسا - يعنون في كل وقت صلاة - وإنا لنصلي عليك وعليه... محمد خير النبيين وعلي خير الوصيين. ثم أوحى الله إليه يا محمد صل على نفسك وعلى أهل بيتك فقال: صلى الله علي وعلى أهل بيتي وقد فعل..".[16] ويكفي في الحكم على هذا الحديث بالوضع والتزوير أنه لم ينسب الحديث إلى النبي، وإنما يحكيه كأنه أحد المشاهدين، ويتضمن قصصا خيالية لم يتحدث بها النبي ولم يذكرها أحد من الصحابة ولا التابعين. ولذا فمن المستبعد أن يكون صادرا عن الصادق.
واضطر الإمامية من أجل إثبات إمامة الصادق الإلهية، في غياب النص عليه، إلى ادعاء علمه بالغيب،[17] فقال عمار الساباطي: سألت أبا عبدالله: عن الإمام، يعلم الغيب؟ فقال:" لا، ولكن إذا أراد أن يعلم الشيء أعلمه الله ذلك".[18] و"إن الإمام إذا شاء أن يعلم علم".[19] وقالوا:" إن الإمام ليسمع في بطن أمه ...فإذا صار الأمر إليه جعل الله له عمودا من نور، يبصر به ما يعمل أهل كل بلدة". [20]
وقد روى الإمامية كل تلك الروايات عن الإمام الصادق، ولكنا نشك بكل ما نسب إليه وإلى الأئمة من أهل البيت من روايات حول علمهم بالغيب. ونجلُّ أهل البيت عن ادعاء هكذا أمور واضحة البطلان، خصوصا وإن بعض الروايات المنسوبة إليهم تشير إلى امتلاك الأئمة لاثنين وسبعين حرفا من اسم الله الأعظم، واحتفاظ الله عز وجل بحرف واحد!
ويلاحظ أن بعض تلك الروايات المدعية لعلم الأئمة بالغيب تناقض نفسها بنفسها، وتؤكد على عدم معرفتهم به، مثل رواية (سيف التمار) التي يقول فيها إن أبا عبد الله، سأل جماعة من الشيعة في الحجر: علينا عين؟ فالتفتوا يمنة ويسرة فلم يروا أحدا فقالوا: ليس علينا عين. ولو كان الإمام يعلم الغيب لعلم هل يوجد حواليه عيون أم لا؟ ولم يكن بحاجة للسؤال من الشيعة والالتفات يمنة ويسرة!
وأما رواية سماع الإمام في بطن أمه. [21] فهي أيضا دعوى يكذبها الواقع التاريخي، وعدم معرفة الأئمة أنهم أئمة إلا في آخر دقيقة من حياة الأول، كما تقول روايات يذكرها الكليني والصفار، وعدم ادعاء النبي محمد (ص) للسمع في بطن أمه، مما يلقي هذه الرواية في سلة الأكاذيب.[22]
نظرية "المحدَّث"
وكما قلنا في الفصل السابق (تنزيه الإمام الباقر) فان الغلاة المندسين في صفوف الشيعة نسبوا فكرة "المحدَّث" إليه واستمروا يروجون نفس الفكرة حول ابنه الإمام جعفر الصادق، بالإضافة إلى نسبة العلم بالغيب إليه، فنقلوا عنه قوله:" مبلغ علمنا على ثلاثة وجوه: ماض وغابر وحادث فأما الماضي فمفسر، وأما الغابر فمزبور وأما الحادث فقذف في القلوب، ونقر في الأسماع، وهو أفضل علمنا ولا نبي بعد نبينا".[23] ونقلوا عن الصادق في تعريف "المحدَّث" بأنه الذي "يسمع الصوت ولا يرى الشخص. ويعطى السكينة والوقار حتى يعلم أنه كلام ملك".[24]
وزعم الغلاة أن علم الإمام لا يقتصر على التعلم من أفواه الرجال والكتب، وإنما هو "أعظم من ذلك وأوجب" وبواسطة "الروح التي ذكر في الكتاب، والتي يعطيها الله تعالى من شاء، فإذا أعطاها عبدا علمه الفهم".[25] وادعوا على لسان الصادق: أن الله تبارك وتعالى علمه كل علم أظهر عليه ملائكته وأنبياءه ورسله. [26]
وذهب الغلاة إلى القول بمرافقة الروح للأئمة، وهو "خلقٌ من خلق الله عز وجل أعظم من جبرئيل وميكائيل، كان مع رسول الله (ص) يخبره ويسدده وهو مع الأئمة من بعده".[27] وأضافوا:"إن الملائكة تصافح الأئمة على فرشهم، وأنهم ألطف بصبياننا منا بهم".[28] وتحدثوا عن جلوس الملائكة واتكائها على المساور في بيوت الأئمة وسقوط زغبها عليها. [29] ومضوا إلى أبعد من ذلك فتحدثوا عن صعود أرواح "الأوصياء" إلى السماء لطلب المزيد من العلم، في ليالي الجمعة، حتى توافي عرش ربها، فتطوف به أسبوعا وتصلي عند كل قائمة من قوائم العرش ركعتين، ثم ترد إلى الأبدان التي كانت فيها فتصبح الأوصياء قد ملئوا سرورا وعلما.[30]
ورفع الغلاة منزلة "الأئمة" إلى منزلة رسول الله (ص) ، واستثنوا في حديث نسبوه للصادق موضوع الزواج بأكثر من أربعة "فأما ما خلا ذلك فهم فيه بمنزلة رسول الله (ص)".[31] وبالرغم من تشابه مقولة "المحدَّث" للنبوة ، فقد حاول بعض الغلاة نفي شبهة النبوة عن الصادق والتأكيد على خاتمية النبي محمد (ص) لها.[32] بينما اندفع قسم آخر منهم إلى المجاهرة بادعاء النبوة للصادق. في حين رفضها قسم ثالث من الشيعة وتساءلوا: كيف يعرف "المحدَّث" ما يسمعه أنه وحي من الله؟ ولماذا لا يكون من وحي الشيطان؟.[33]
وبغض النظر عن موقف الصادق من نظرية "الإمامة الإلهية" فان الغلاة "الرافضة" عجزوا عن إثبات "الإمامة الإلهية" لجعفر الصادق، وفشلوا في تطبيق النظرية على الواقع، حيث توفي الإمام محمد الباقر ولم يوصِ إلى ابنه جعفر بالإمامة، وإنما كانت وصيته التي يرويها الإمامية أنفسهم مقتصرة على شؤون الغسل والتكفين والدفن، ولم يستنتج منها الإمام فحوى الوصية بالإمامة إلا بالإشارة. وحاول الإمامية الاستدلال ببعض الروايات التي تبادلوها في ذلك الوقت، والتي لم تكن صريحة ولا حاسمة، وإنما تتضمن فقط إشارات بفضل الصادق وعلمه.[34]
وقد كانت عملية إثبات إمامة الصادق صعبة حتى لكثير من الشيعة الذين ظلوا يتساءلون عن كيفية انتقال الإمامة من الباقر إلى الصادق. وذهب الكثير منهم إلى اتباع عمه الإمام زيد بن علي الذي لم يكن يقل علما عنه. والذي استمر بالاتصال بالشيعة وتحريضهم على الثورة ضد الأمويين، وبايعه خمسة عشر ألفا في الكوفة، وقام بالخروج سنة 122 للهجرة في أيام هشام بن عبد الملك.
وهنا يقول الإمامية: إن الصادق رفع في مواجهة عمه زيد شعارا هو: "لا تعود الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين أبدا". ومع الشك بنسبة هذا الحديث إلى الإمام الصادق، فانه لم يقم على أساس من القرآن أو السنة النبوية أو العقل أو الواقع، ولذلك لم ينجح ذلك الشعار في صرف الجماهير الشيعية عن الإمام زيد، ما عدا فئة صغيرة منهم سماهم بـ"الرافضة" الذين انسحبوا أثناء المعركة مع الأمويين.
وينسب الإمامية إلى الصادق: وضع قانون الوراثة العمودية للإمامة في أبناء الحسين إلى يوم القيامة، وعدم جواز انتقالها إلى أخ أو عم أو ابن أخ أو ابن عم، ولا غيرهم من الأقرباء. و"إنما هي في الأعقاب وأعقاب الأعقاب".[35] "ثم هكذا أبدا".[36] ولكن نسبة هذا القول إلى الصادق أيضا غير ثابتة، فإذا كانت الإمامة من الله فان الله يضعها حيثما يشاء وليس بالضرورة في سلالة معينة وبصورة عمودية، وإذا كان هذا القانون صحيحا فلماذا تم اختراقه بالنص على الأخوين الحسن والحسين؟ ولماذا لم يكن لبعض الأئمة (مثل عبد الله الأفطح) عقب حتى تستمر الإمامة في ذريته؟ ولماذا طرح الإمام الصادق شروطا أخرى لمعرفة الإمام وعلامات يُعرف بها الإمام الجديد، كالوصية الظاهرة والفضل والعلم والكبر والسلاح والسكينة والوقار والهيبة؟.[37]
وإذا كانت الإمامة من الله فكان لا بد أن يكون لها قانون ثابت يهدي الناس ويجمعهم ولا يفرقهم أو يتركهم حيارى بعد كل إمام. [38] كما لم يكن يجوز أن يوصي الإمام إلى أحد من أبنائه (كما وصى الصادق لابنه إسماعيل) ثم يموت في حياته.
ويقول الإمامية أيضا: إن الصادق استدل على إمامته في البداية بوراثة السلاح من أبيه، وكان يقول:"مثل السلاح فينا كمثل التابوت في بني إسرائيل. كانت بنو إسرائيل في أي بيت وجد التابوت على أبوابهم أوتوا النبوة. ومن صار إليه السلاح منا أوتي الإمامة. ولقد لبس أبي درع رسول الله فخطت عليه الأرض خطيطا. ولبستها أنا وكانت. وقائمنا من إذا لبسها ملأها إن شاء الله".[39]
ولكن هذا السلاح كان مستورا، ولم يره أحد، فلم يقدم ولم يؤخر.[40] خاصة وأن الحسنيين كانوا أيضا يدعون امتلاكهم لسلاح رسول الله .[41]
وفي محاولة لتجاوز الجدل حول السلاح، يقولون إن الصادق طرح بدائل أخرى هي (العلم والجفر ومصحف فاطمة). بيد أنه لم يكن صعبا على الحسنيين ادعاء امتلاكهم لكل ذلك كدليل على شرعيتهم وأحقيتهم بالإمامة.[42]
ويروون عن الإمام الصادق أنه تحدث عن الميزة التي تؤهله للإمامة فقال :" أما والله عندنا ما لا نحتاج إلى الناس وان الناس ليحتاجون إلينا. ان عندنا الصحيفة : سبعون ذراعا بخط علي وإملاء رسول الله .. فيها من كل حلال وحرام".[43] ولكن الحسنيين قاموا بتحديه والاستهزاء بادعائه امتلاك "الجفر". [44] واتهامه بأنه "رجل صحفي" أي أنه يأخذ من الصحف السابقة الإسرائيلية . [45]
وهكذا خسر الصادق معركة الزعامة لصالح أبناء عمه، وخصوصا "محمد بن عبد الله ذي النفس الزكية" الذي نهض لإسقاط النظام الأموي، بعد مقتل الوليد بن يزيد في دمشق سنة 126، وبايعه الهاشميون وغيرهم من المعارضين للأمويين، حتى دخل بعضهم (كعمرو بن عبيد زعيم المعتزلة، مع مجموعة منهم) على الصادق، ودعوه للانخراط في حركتهم ومبايعة ابن عمه محمد بن عبد الله.[46]
الصادق يتبرأ من نظرية "الإمامة"
لم تقم نظرية "الإمامة الإلهية" إلا على مجموعة أساطير وتأويلات تعسفية للقرآن الكريم، وأحاديث مختلقة وروايات تاريخية مزورة، ونظريات مضادة لضروريات الدين الإسلامي كخاتمية نبوة النبي محمد (ص) وانقطاع الوحي من بعده. وقد كان من اليسير على أي مسلم أو محقق أن يدرك براءة الإمامين الباقر والصادق من تلك النظرية براءة الذئب من دم يوسف، ويقطع بأنها من تأليف الغلاة المتآمرين المندسين في صفوف الشيعة. وما كان لهؤلاء أن ينجحوا في تسويق نظريتهم باسم أئمة أهل البيت إلا بواسطة "التقية" التي أتاحت لهم تفسير وتأويل وقلب أحاديث الأئمة وأفعالهم ومواقفهم بصورة معكوسة رأسا على عقب، بالرغم من إنكار الإمام الصادق وتبرؤه من كل ما كان الغلاة ينسبون إليه من دعاوى في "الإمامة الإلهية". وكانوا يروون عن الصادق أنه يقول: " ما سمعته مني يشبه قول الناس: فيه التقية ، وما سمعت مني لا يشبه قول الناس فلا تقية فيه".[47] وكان الغلاة قد نسبوا إلى الصادق دعاوى أخرى كالألوهية والنبوة، ولكنه نجح بسهولة في التبرؤ منها، كما نجح أيضا ولكن بصعوبة في التبرؤ من دعوى تحدث الملائكة مع الأئمة أو نزول الوحي عليهم، أو علمهم بالغيب. إلا أن الصادق عانى صعوبة كبيرة جدا في مكافحة بعض أجزاء نظرية "الإمامة الإلهية" البسيطة مثل موضوع "النص على الأئمة من الله" الذي أخذ طريقه بسهولة الى عقول الشيعة "الإمامية" وغدا من الصعب على الكثير منهم التفريق بين مذهب "جعفر الصادق" الحقيقي وبين ما نسبه اليه المتطرفون من الإمامية. بحيث أصبح من البديهي على مرِّ التاريخ اعتبار "الإمامية" جزءا من "الجعفرية". ولكن التمعن بعمق في تراث الإمام الصادق والنظر اليه بصورة شاملة والقيام بعملية مقارنة ومحاسبة وتقييم من مختلف الجوانب وملاحظة تطبيق نظرية الإمامة والعقبات التي واجهتها، يساعد معرفة الغث من السمين، والتعرف على حقيقة مذهب الإمام جعفر الصادق. وقد قمنا في الفصل السابق بتقييم الروايات التي نسبها الإمامية الى الباقر والصادق، من حيث المتن والمضمون، وملاحظة تعارض تلك الروايات مع العقل والعلم والقرآن الكريم. وقد اهتممت في مرحلة من مراحل البحث بمناقشة تلك الروايات من حيث السند، فوجدت أن "الإمامية" المتأخرين (الاثني عشرية) قد قاموا ويقومون بنقد الكثير من تلك الروايات الواردة في كتاب "الكافي" للكليني، حتى لم يعودوا يقبلونها أو يطمئنون لروايتها، ولم تبقَ لديهم مشكلة في رفض ما تبقى من الروايات "الإمامية" سوى الإيمان بموضوع "التقية". ولو أزاح الشيعة هذا الغطاء عن أحاديث أهل البيت والإمام الصادق بالخصوص لنظروا إلى حقيقة مذهب "التشيع" بعيدا عن أقاويل الغلاة والمتطرفين. وذلك لأن التراث الشيعي نفسه يحمل الينا على لسان الإمام الصادق رفضا صريحا لنظرية "الإمامة الإلهية" وتوابعها، فهو مثلا ينفي بصراحة نظرية "الإمامة الإلهية" وينفي علمه بالغيب، ويأمر شيعته بالولاء للشيخين أبي بكر وعمر (اللذين يتهمهما الإمامية باغتصاب الخلافة من علي) ولم يدع النص عليه من أبيه الباقر، كما لم ينص على أحد من ولده بالإمامة. وكل هذه الحقائق يؤشر على عدم تبنيه لنظرية الإمامة إلا أن الغلاة يفسرون كل ذلك بصورة معكوسة تحت ستار "التقية".
فقد روى الكليني عن سعيد السمان أنه كان عند أبي عبدالله (الصادق) إذ دخل عليه رجلان من الزيدية فقالا له: أ فيكم إمام مفترض الطاعة؟ فقال: لا، فقالا له: قد أخبرنا عنك الثقاة أنك تفتي وتقر وتقول به ونسميهم لك، فلان وفلان، وهم أصحاب ورع وتشمير، وهم ممن لا يكذب. فغضب أبو عبدالله فقال: هم أعلم وما قالوا .. ما أمرتهم بهذا. فلما رأيا الغضب في وجهه خرجا.[48]
ولكن "الإمامية"يضيفون إلى هذه الرواية: أن الإمام الصادق لعن السائلَين (الزيديين) بعدما خرجا، وأكد نظرية الإمامة، وادعى: "أن لديه سيف رسول الله (ص) ودرعه ولامته ومغفره، وأن عنده خاتم سليمان والطست الذي كان يقرب بها موسى القربان، وأن عنده التابوت التي جاءت بها الملائكة تحمله، والسلاح الذي من صار إليه أوتي الإمامة".[49] وبغض النظر عن المناقشة في هذه الدعاوى المغالية العجيبة الغريبة التي لم يدعها رسول الله (ص) من أجل إثبات نبوته. فإن هذه التتمة تكشف عن تناقض دعوى "الإمامية" السرية مع موقف الإمام الصادق المعلن الرافض لنظرية "الإمامة الإلهية".
نفي علم الغيب
وقد روى الكليني أيضا عدة روايات عن الإمام الصادق ينفي فيها علمه بالغيب، الذي يشكل أساس نظرية "الإمامة".[50] فنقل عن سدير، أن الإمام خرج مغضبا على مجموعة من أصحابه هم (سدير وأبو بصير ويحيى البزاز وداود بن كثير) وقال لهم:"يا عجبا لأقوام يزعمون أنا نعلم الغيب، ما يعلم الغيب إلا الله عز وجل، لقد هممت بضرب جاريتي فلانة، فهربت مني فما علمت في أي بيوت الدار هي".[51] وأنه ردَّ على أبي الخطاب الذي كان يروج مثل تلك الإشاعات، فقال:".. وأما قوله : إني قلت :" أعلم الغيب" فوالله الذي لا إله إلا هو ما أعلم فلا آجرني الله في أمواتي ولا بارك لي في أحيائي إن كنت قلت له. قال : وقدامه جويرية سوداء تدرج قال: لقد كان مني إلى أم هذه، أو إلى هذه، كخطة القلم فأتتني هذه فلو كنت أعلم الغيب ما كانت تأتيني، ولقد قاسمت مع عبدالله بن الحسن حائطا بيني وبينه فأصابه السهل والشرب وأصابني الجبل". [52]
وعندما نقل أبو بصير للإمام الصادق قول الغلاة بأنه يعلم قطر المطر وعدد النجوم وورق الشجر ووزن ما في البحر وعدد التراب، رفع الإمام يده إلى السماء وقال: "سبحان الله!.. سبحان الله!.. لا والله ما يعلم هذا إلا الله". [53]
ولما قال له يحيى بن عبد الله بن الحسن: إن قوما يزعمون أنك تعلم الغيب، قال الصادق: "سبحان الله، ضع يدك على رأسي، فوالله ما بقيت في جسدي شعرة، ولا في رأسي إلا قامت، قال: ثم قال: لا والله، ما هي إلا رواية عن رسول الله (ص)".[54]
وبناء على عدم إيمان الصادق بنظرية "الإمامة الإلهية" اتخذ موقفا إيجابيا من الشيخين أبي بكر وعمر (رضي الله عنهما) خلافا للإمامية الذين كانوا يتهمونهما باغتصاب الخلافة من علي ويتبرءون منهما، والذين كانوا ينسبون إلى الصادق سرا أنه كان يلعنهما. فكان الإمام الصادق يتولى أبا بكر وعمر علناً ويطالب الشيعة بتوليهما، كما يقول سالم بن أبي حفصة: أنه سأل أبا جعفر وابنه جعفراً عن أبي بكر وعمر، فقال: يا سالم تولهما، وابرأ من عدوهما، فإنهما كانا إمامي هدى، ثم قال جعفر: يا سالم، أيسب الرجل جده ؟ أبو بكر جدي، لا نالتني شفاعة محمد (ص) يوم القيامة إن لم أكن أتولاهما، وأبرأ من عدوهما".[55]
وهذا ما أكده أبو بصير (وهو من الإمامية المعادين للشيخين) في رواية يقول فيها: كنت جالسا عند أبي عبدالله إذ دخلت عليه "أم خالد" تستأذن عليه فقال أبوعبدالله: أَيسُرُّك أن تسمع كلامها؟ فقلت: نعم، فقال: أما الآن فأذن لها. قال: وأجلسني معه على الطنفسة ثم دخلت فتكلمت فإذا امرأة بليغة فسألَتْه عنهما (عن الشيخين) فقال لها: توليهما؟ قالت: فأقول لربي إذا لقيته إنك أمرتني بولايتهما؟ قال: نعم، قالت: فإن هذا الذي معك على الطنفسة (أبا بصير) يأمرني بالبراءة منهما، وكثير النوا (صاحب سالم بن أبي حفصة) يأمرني بولايتهما. [56]
ورغم وضوح موقف الإمام الصادق الإيجابي من الشيخين ، هنا ، فإن أبا بصير يزعم أن أم خالد سألت الإمام قائلة: فأيهما خير وأحب إليك؟ (كثير النوا أو أبو بصير) قال: هذا والله أحب إلي من كثير النوا وأصحابه، إن هذا يخاصم فيقول: " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون" " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون".[57]
وإذا وضعنا موقف الإمام الصادق هذا، العلني الرافض لنظرية النص الإلهي، والنفي لعلم الغيب، والإيجابي من الشيخين، الى جانب مجموعة من الأحاديث والتصريحات التي يشكو فيها الإمام من كثرة الكذب عليه في حياته ، فإن الصورة تتضح أكثر، حيث يقول:" ما أكثر ما يكذب الناس عليَّ".[58] و" إنا أهل بيت صديقون لا نخلو من كذاب يكذب علينا ويسقط صدقنا بكذبه علينا عند الناس" . و" أحدهم يسمع الكلمة فيحط إليها عشرا".[59] و" إن ممن ينتحل هذا الأمر ليكذب حتى أن الشيطان ليحتاج إلى كذبه".[60] " لعنهم الله فإنا لا نخلو من كذاب يكذب علينا أو عاجز الرأي، كفانا الله مؤنة كل كذاب وأذاقهم حر الحديد". و" إن ممن ينتحل هذا الأمة لمن هو شر من اليهود، والنصارى، والمجوس، والذين أشركوا". و"لقد أمسينا وما أحد أعدى لنا ممن ينتحل مودتنا ". و"ما أنزل الله سبحانه آية في المنافقين، إلا وهي فيمن ينتحل التشيع". و"لو قام قائمنا بدأ بكذابي الشيعة فقتلهم ". [61] وكان الإمام الباقر قد كشف أيضا حقيقة الكثير ممن انتحل التشيع له فتبرأ منهم وقال: إن "ثلاث عشرة فرقة تنتحل ولايتنا ومودتنا، اثنتا عشرة فرقة منها في النار وفرقة في الجنة". [62]
وربما كان لبعد الإمامين الباقر والصادق (اللذين كانا يعيشان في المدينة المنورة) عن الجماهير الشيعية التي كانت تتواجد بمعظمها في الكوفة والعراق وخراسان.. ربما كان لهذا البعد دور في افتقادهما للهيمنة على الجماهير الشيعية وإتاحة الفرص للغلاة للتلاعب بالشيعة وتسويق أفكارهم ونسبة ما يريدون لهما.[63]
ويشير بعض الروايات إلى اقتناع فريق من الشيعة بنظرية "الإمامة الإلهية"، ولكنهم لم يكونوا يمثلون غالبية الشيعة الذين ظلوا يوالون الأئمة من أهل البيت على أساس الحب والاختيار السياسي، وذهب معظمهم إلى مبايعة الإمام زيد بن علي الذي لم يكن يعتقد بنظرية النص، وأصبحوا من أشد المؤيدين له فيما بعد.
وحتى الذين آمنوا بنظرية "الإمامة" فإن قسما منهم تراجع عنها في حياة الإمام محمد الباقر كـ "عمر بن رباح".[64] و"أبي الجارود زياد بن المنذر العبدي" و"أبي خالد عمرو بن خالد الواسطي" و "فضيل بن الزبير الرسان" و"منصور بن أبي الأسود" الذين يعرفون بـ"الجارودية".[65]
ويبدو أن انشقاق "الجارودية" عن الباقر كان بسبب ابتعاده عن العمل العسكري وعدم قيامه بالثورة، ولذلك رفضوه وانتقلوا الى إمامة أخيه زيد بن علي، وقالوا: إن الإمامة يستحقها كل من قام من ولد الحسن والحسين ودعا لنفسه، فهو الإمام المفروض الطاعة بمنزلة علي، واجبة إمامته من الله عز وجل على أهل بيته وسائر الناس كلهم، فمن تخلف عنه في قيامه ودعائه إلى نفسه من جميع الخلق فهو هالك كافر، ومن ادعى منهم الإمامة وهو قاعد في بيته مرخى عليه ستره فهو كافر مشرك وكل من اتبعه على ذلك، وكل من قال بإمامته.[66]
كما تراجع أحد كبار أتباع الإمام الباقر، وهو "المغيرة بن سعيد (مولى بجيلة)" (قتل سنة 119) عن نظرية "الإمامة" ومال في البداية إلى الزيدية، وزعم أن الباقر أوصى إليه، فهو الإمام إلى أن يخرج المهدي (محمد بن عبد الله بن الحسن).[67] ثم ادعى النبوة لنفسه وقال بالتناسخ والحلول.[68]
ورغم كل ما يروي الإمامية من أحاديث عن الباقر حول الإمامة، فقد توفي سنة 114 للهجرة، دون أن ينص بصراحة على ابنه جعفر الصادق بالإمامة، أو يضع قانونا لوراثتها في ذريته. وهو ما يلقي بظلال كثيفة من الشك حول صدق كل ما ينسبه الإمامية إليه.
الإشارة إلى إسماعيل
ومما يدل على أن مفهوم الإمامة لدى الإمام الصادق كان سياسيا عاديا وليس "دينيا إلهيا" هي إشارته إلى ابنه إسماعيل كخليفة مرتقب من بعده، وقد توفاه الله تعالى في حياته. ولو كان تعيينه من الله لما مات قبل أبيه، أو لم يكن الصادق يشير إليه من قبل خلافا لإرادة الله. ولم يكن الله ليخبر أحدا بأن فلانا سيكون إماما ثم يتوفاه قبل أوان إمامته. ولكن الإمامية الذين كانوا يعتقدون بأن الإمامة من الله وأن الله تعالى قد أخبر الصادق بتعيين ابنه إسماعيل أصيبوا بصدمة نفسية كبيرة، فذهب بعضهم إلى حدوث "البداء" عند الله، وتغيير رأيه في إسماعيل، بينما ذهب قسم آخر إلى إنكار وفاة إسماعيل والزعم بأن عملية دفنه كانت مسرحية أعدها الصادق للتقية. وأصر هؤلاء على نقل الإمامة بعد الصادق إلى ذرية إسماعيل، ثم شكلوا الفرقة "الإسماعيلية". بينما قام بعض الإمامية بزعامة سليمان بن جرير الرقي بمراجعة موقفهم من نظرية "الإمامة الإلهية" وأعلنوا كفرهم بها. وذلك – حسبما يقول النوبختي – : "انهم لما أشار جعفر إلى إمامة ابنه إسماعيل، ثم مات إسماعيل في حياة أبيه، رجعوا عن إمامة جعفر، وقالوا كذبنا، ولم يكن إماما، لأن الإمام لا يكذب ولا يقول ما لا يكون، وحكموا على جعفر أنه قال: إن الله عز وجل بدا له في إمامة إسماعيل، فأنكروا البداء والمشيئة من الله، وقالوا هذا باطل لا يجوز. ومالوا إلى مقالة البترية ومقالة سليمان بن جرير، وهو الذي قال لأصحابه بهذا السبب أن أئمة الرافضة وضعوا لشيعتهم مقالتين لا يظهرون معهما من أئمتهم على كذب أبدا، وهما القول بالبداء وإجازة التقية، فأما البداء فان أئمتهم لما أحلوا أنفسهم من شيعتهم محل الأنبياء من رعيتها في العلم فيما كان ويكون والإخبار بما يكون في غد، وقالوا لشيعتهم أنه سيكون في غد وفي غابر الأيام كذا وكذا، فان جاء ذلك الشيء على ما قالوه، قالوا لهم: ألم نعلمكم أن هذا يكون فنحن نعلم من قبل الله عز وجل ما علمته الأنبياء وبيننا وبين الله عز وجل مثل تلك الأسباب التي علمت بها الأنبياء عن الله ما علمت، وان لم يكن ذلك الشيء الذي قالوا انه يكون على ما قالوا، قالوا لشيعتهم بدا لله في ذلك بكونه، وأما التقية فانه لما كثرت على أئمتهم مسائل شيعتهم في الحلال والحرام وغير ذلك من صنوف أبواب الدين فأجابوا فيها وحفظ عنهم شيعتهم جواب ما سألوهم وكتبوه ودونوه ولم يحفظ أئمتهم تلك الأجوبة لتقادم العهد وتفاوت الأوقات لأن مسائلهم لم ترد في يوم واحد ولا في شهر واحد بل في سنين متباعدة وأشهر متباينة، وأوقات متفرقة فوقع في أيديهم في المسألة الواحدة عدة أجوبة مختلفة متضادة وفي مسائل مختلفة أجوبة متفقة، فلما وقفوا على ذلك منهم ردوا إليها هذا الاختلاف والتخليط في جواباتهم وسألوهم عنه وأنكروه عليهم، فقالوا: من أين هذا الاختلاف وكيف جاز ذلك قالت لهم أئمتهم: "إنما أجبنا بهذا للتقية، ولنا أن نجيب بما أجبنا وكيف شئنا لأن ذلك الينا ونحن نعلم بما يصلحكم وما فيه بقاؤنا وبقاؤكم وكف عدوكم عنا وعنكم" فمتى يظهر من هؤلاء على كذب؟ ومتى يعرف لهم حق من باطل؟ فمال إلى سليمان بن جرير هذا لهذا القول جماعة من أصحاب أبي جعفر وتركوا القول بإمامة جعفر".[69]
ويظهر من النوبختي أن "السليمانية" انشقوا عن "الجعفرية"، وهذا يصح إذا ثبت أن الإمام الصادق قد تبنى الفكر الإمامي وزعم إن إمامته من الله، وأنه عين إسماعيل من بعده ثم قال :"بدا لله فيه". وإما إذا لم يثبت ذلك – وهو الأصح لدينا – فيبدو أن السليمانية انشقوا عن "الإمامية" ورفضوا ما كان هؤلاء ينسبوه الى الإمام من أقوال. وفي كلتا الحالتين كان انشقاقهم بسبب كشف وفاة إسماعيل (الموصى به كخليفة مرتقب) في حياة أبيه، عن عدم تعيينه من قبل الله تعالى.
لقد كان القائلون بنظرية "الإمامة الإلهية" فئة قليلة من شيعة الإمام جعفر الصادق، وهم كانوا أقرب إلى الغلاة منهم الى "الجعفرية". وقد تسببوا في شق صفوف الشيعة وإحداث الخلاف الشديد بينهم بحيث قاطعوا بعضهم في الصلاة في زمن الباقر.[70] وتبرأ بعضهم من بعض، وكفر بعضهم بعضا.[71]
واستمرت الحلافات الداخلية بين الشيعة في عهد الإمام الصادق، حتى دخل عبد الأعلى عليه، وقال له: إن شيعتك قد تباغضوا وشنئ بعضهم بعضا فلو نظرت جعلت فداك في أمرهم، فقال: لقد هممت أن أكتب كتابا لا يختلف علي منهم اثنان، فقال: ما كنا قط أحوج إلى ذلك منا اليوم.[72]
ودخل الفيض بن المختار، على الإمام الصادق وقال له: جعلني الله فداك ما هذا الاختلاف الذي بين شيعتكم ؟ قال: وأي اختلاف يا فيض ؟ فقال له الفيض: إني لأجلس في حلقهم بالكوفة فأكاد أن أشك في اختلافهم في حديثهم. فقال أبو عبد الله:" أجل هو كما ذكرت يا فيض، إن الناس أولعوا بالكذب علينا إن (كأن) الله افترض عليهم لا يريد منهم غيره وإني أحدث أحدهم بالحديث فلا يخرج من عندي حتى يتأوله على غير تأويله وذلك أنهم لا يطلبون بحديثنا وبحبنا ما عند الله وإنما يطلبون به الدنيا، وكل يحب أن يدعى رأسا، إنه ليس من عبد يرفع نفسه إلا وضعه الله وما من عبد وضع نفسه إلا رفعه الله وشرفه، فإذا أردت حديثا فعليك بهذا الجالس" وأومأ إلى زرارة بن أعين.[73]
وروى الكشي عن أبي عبدالله أنه قال لزيد الشحام:" يا زيد مالكم وللناس قد حملتم الناس علي، إني والله ما وجدت أحدا يطيعني ويأخذ بقولي إلا رجلا واحدا رحمة الله عليه عبدالله بن أبي يعفور".[74] وهو الذي كان يحارب الغلاة ويقول :"إن الأوصياء علماء أبرار أتقياء".[75] وقد جاء سدير الصيرفي إلى الإمام الصادق يحرضه على الثورة زاعما أن عدد الشيعة يبلغ مئات الألوف أو نصف الدنيا فقال له الإمام: "والله يا سدير لو كان لي شيعة بعدد هذه الجداء (وأشار إلى قطيع) ما وسعني القعود". فعدَّ سدير الجداء، فإذا هي سبعة عشر.[76] مما يدل على عدم اعتراف الإمام الصادق بكثير ممن كانوا ينتحلون التشيع في تلك الأيام. ولذلك غضب الإمام عندما قال له أبو الصباح الكناني : إنا نعيَّر بالكوفة فيقال لنا "جعفرية" غضب أبو عبد الله ثم قال: إن أصحاب جعفر منكم لقليل، إنما أصحاب جعفر من اشتد ورعه وعمل لخالقه.[77]
وتداول الشيعة في تلك الأيام حديثا عن الإمام علي بن أبي طالب يصور حالة الشيعة في ذلك الزمان، ويقول فيه:"... فيا عجبا وما لي لا أعجب من خطأ هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها، لا يقتصون أثر نبي ولا يقتدون بعمل وصي ... ووا أسفا من فعلات شيعتي من بعد قرب مودتها اليوم كيف يستذل بعدي بعضها بعضا وكيف يقتل بعضها بعضا، المتشتتة غدا عن الأصل، النازلة بالفرع، المؤملة الفتح من غير جهته، كل حزب منهم آخذ منه بغصن، أينما مال الغصن مال معه... ". [78]
وربما كان هذا الحديث من تأليف بعض المعاصرين لتلك الفترة، ولكنه يحكي واقع التشتت والخلافات الداخلية ، التي كانت تعصف بالشيعة في تلك الأيام. ولا شك بوجود عوامل عديدة لدى مختلف الأحزاب الشيعية المتصارعة، ولكن لا شك أيضا بمسئولية الأحاديث "الصعبة" المغالية والروايات المتناقضة والأفكار المتطرفة وعلى رأسها نظرية "الإمامة الإلهية" عن ذلك الاختلاف.
ومن المؤشرات الأخرى المهمة على عدم تبني الإمام جعفر الصادق لنظرية "الإمامة الإلهية" هي وفاته (في 25 شوال سنة 148 للهجرة) دون تعيين خليفة له، والاكتفاء بتبيان العلامات العامة فقط كـ:" الوصية الظاهرة والفضل، بحيث لا يستطيع أحد أن يطعن عليه في فم ولا بطن ولا فرج، فيقال: كذاب ويأكل أموال الناس، وما أشبه هذا".[79] أو اتصافه بـ "السكينة والوقار والهيبة".[80] أو الوراثة في "الكبير ما لم تكن فيه عاهة".[81] بحيث التبس الأمر على رجل كزرارة بن أعين (الذي كان من كبار تلامذة الباقر والصادق) والذي سمع بوفاة الصادق وهو على فراش الموت في الكوفة، فأرسل ابنه عبيد الله إلى المدينة لكي يستطلع له هوية الإمام الجديد، ولكنه توفي قبل أن يعود ابنه من السفر، فوضع المصحف على صدره وقال أنه يأتم بهذا المصحف أو من يشير إليه المصحف.[82]
ونتيجة لعدم وصيته لأحد من بعده بالاسم، ذهب عامة الشيعة الجعفرية بعد وفاة الصادق الى ابنه عبد الله الأفطح، قبل أن ينتقلوا الى أخيه موسى بن جعفر. [83]
[1] - وربما كان الإمامية يسلمون بكل ما يثبت صحته عن الصادق (وسائر الأئمة)، اعتمادا على عصمته وكونه مصدرا للعلم الإلهي والتشريع الديني، ولكنا لم نصل إلى هذه المرحلة، ولا زلنا نبحث في أساس الموضوع، ولا يمكن ان نسلم بالنتيجة مورد النقاش، وإلا كان الأمر مصادرة ودورا باطلا.
[2] - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب الإشارة والنص على أمير المؤمنين، ح رقم 3 ومن المعلوم أن الآية هي "وإذا الموؤدة سئلت".
[4] - الكليني، الكافي، كتاب الروضة، ح رقم349
[5] - الكافي، كتاب الحجة، باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية، ح رقم 2 و7 و 8 و 10 و 12و 16 و 29 و 45 وباب أن النعمة التي ذكرها الله في كتابه هم الأئمة، ح رقم 3
[7] - " لو أن إبليس سجد لله عز ذكره بعد المعصية والتكبر عمر الدنيا ما نفعه ذلك ولا قبله الله عز ذكره ما لم يسجد لآدم كما أمره الله عز وجل أن يسجد له، وكذلك هذه الأمة العاصية المفتونة بعد نبيها (ص) وبعد تركهم الإمام الذي نصبه نبيهم (ص) لهم فلن يقبل الله تبارك تعالى لهم عملا ولن يرفع لهم حسنة حتى يأتوا الله عز وجل من حيث أمرهم ويتولوا الإمام الذي أمروا بولايته ويدخلوا من الباب الذي فتحه الله عز وجل ورسوله لهم، يا أبا محمد إن الله افترض على أمة محمد (ص) خمس فرائض: الصلاة والزكاة والصيام الحج وولايتنا فرخص لهم في أشياء من الفرائض الأربعة ولم يرخص لأحد من المسلمين في ترك ولايتنا لا والله ما فيها رخصة". الكليني، الكافي، كتاب الروضة، ح رقم 399
[8] - الكليني، الكافي، كتاب الروضة، ح رقم 533 و كتاب الحجة، باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية، ح رقم 3
[11] - الكافي، كتاب الحجة، باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية، ح رقم 3
[17] - راجع: مناظرة هشام بن الحكم مع الرجل الشامي في منى، والتي تطرق فيها إلى ضرورة الحجة، فلما سأله الرجل الشامي عن الحجة قام أبو عبد الله بإخباره كيف كان سفره وكيف كان طريقه من الشام إلى مكة. وكذلك مناظرة أبي جعفر الأحول مع الإمام زيد بن علي في الكوفة، حيث ادعى "الأحول" بأن زيد قد أقسم له في النهاية بأن صاحبه (أي الإمام الصادق) قد حدثه في المدينة بأنه سوف يقتل ويصلب بالكناسة . كدليل على علم الصادق بالغيب وعلى إمامته الإلهية. الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب الاضطرار إلى الحجة، ح رقم 4 و 5
[19] - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أن الأئمة إذا شاءوا أن يعلموا علموا، ح رقم 1 و باب أن الأئمة ورثوا علم النبي وجميع الأنبياء والأوصياء، ح رقم 1 و، باب نادر فيه ذكر الغيب، ح رقم 1 و، باب أن الأئمة يعلمون علم ما كان وما يكون، ح رقم 1 و 2 و باب فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة، ح رقم 1 و باب أن الأئمة يعلمون متى يموتون، ح رقم 2 و 7
[26] - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أن الأئمة يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملائكة والأنبياء، ح رقم 1 و 2
[29] - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أن الأئمة تدخل الملائكة بيوتهم..ح رقم 2 وقال أبو الحسن (الكاظم):"ما من ملك يهبطه الله في أمر ما يهبطه إلا بدأ بالإمام، فعرض ذلك عليه، وإن مختلف الملائكة من عند الله تبارك وتعالى إلى صاحب هذا الأمر". [29]
[30] - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب في أن الأئمة يزدادون في ليلة الجمعة، ح رقم 1 و 2 و باب لولا أن الأئمة يزدادون لنفد ما عندهم، ح رقم 1 و 2
[31] - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب في أن الأئمة بمن يشبهون ممن مضى وكراهة القول فيهم بالنبوة، ح رقم 7
[32] - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب في أن الأئمة بمن يشبهون ممن مضى وكراهة القول فيهم بالنبوة، ح رقم 2 و 3
[37] - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب الأمور التي توجب حجة الإمام، ح رقم 2و 3 و 6 وباب ما يجب على الناس عند مضي الإمام، ح رقم 2 و 3
[39] - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب ما عند الأئمة من سلاح رسول الله ومتاعه، ح رقم 1
[41] - الخوئي، معجم الرجال، رقم 6805 عن الصفار، بصائر الدرجات: الجزء 4، الباب 4، في أن ما عند الأئمة (عليهم السلام)، من سلاح رسول الله صلى الله عليه وآيات الأنبياء، ص 174.
[43] - الصفار، بصائر الدرجات، ص 142
[44] - الصفار، بصائر الدرجات: الجزء 3، باب 14 في الأئمة أنهم أعطوا الجفر والجامعة ومصحف فاطمة ، ح رقم (15)
[48] - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب ما عند الأئمة من سلاح رسول الله ، ح رقم 1 والكشي عن سعيد الأعرج عن الإمام الصادق. الخوئي، معجم الرجال، رقم 5109 والصفار، بصائر الدرجات، ج 4، باب (4) ما عند الأئمة عليهم السلام من سلاح رسول الله ص وآيات الأنبياء، ح رقم (4)
[55] - الذهبي، سير أعلام النبلاء ج 6 ص 258 وذكر الخوئي نقلا عن السيد المهنا في عمدة الطالب: أن أم الصادق: أم فروة بنت القاسم الفقيه ابن محمد ابن أبي بكر، وأمها أسماء بنت عبد الرحمان بن أبي بكر، ولهذا كان الصادق يقول:" ولدني أبو بكر مرتين". الخوئي، معجم رجال الحديث، رقم 9558
[61] - الخوئي، معجم الرجال،1681 عن الكشي. ترجمة بن أبي زينب الأسدي، ح رقم5 و9 و 11 و 18، الطائفة الثانية
[62] - الكليني، الكافي، كتاب الروضة، ح رقم 283 وجاء سدير فقال له: إني تركت مواليك مختلفين يتبرأ بعضهم من بعض قال: فقال: وما أنت وذاك، إنما كلف الناس ثلاثة: معرفة الأئمة، والتسليم لهم فيما ورد عليهم، والرد إليهم فيما اختلفوا فيه. الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب التسليم وفضل المسلمين، ح رقم 1
[63] - لم يقم الصادق بزيارة العراق إلا مرة واحدة بُعيد سقوط الدولة الأموية وعند قيام الدولة العباسية في حدود سنة 132هـ .
[64] - الذي ينقل مؤرخان شيعيان هما النوبختي والكشي قصته فيقولان: زعم أنه سأل أبا جعفر (الباقر) عن مسألة فأجابه فيها بجواب ثم عاد إليه في عام آخر فسأله عن تلك المسألة بعينها، فأجابه فيها بخلاف الجواب الأول، فقال لأبي جعفر: هذا خلاف ما أجبتني في هذه المسألة العام الماضي، فقال له: إن جوابنا ربما خرج على وجه التقية، فشكك في أمره وإمامته فلقي رجلا من أصحاب أبي جعفر يقال له "محمد بن قيس" فقال له: إني سألت أبا جعفر عن مسألة فأجابني فيها بجواب ثم سألته عنها في عام آخر فأجابني فيها بخلاف جوابه الأول، فقلت له لم فعلت ذلك؟ فقال : فعلته للتقية، قد علم الله أني ما سألته عنها إلا وأنا صحيح العزم على التدين بما يفتيني به وقبوله والعمل به فلا وجه لاتقائه إياي ، وهذه حالي ، فقال له محمد بن قيس: فلعله حضرك من اتقاه، فقال ما حضر مجلسه في واحدة من المسألتين غيري، لا، ولكن جوابيه جميعا خرجا على وجه التبخيت، ولم يحفظ ما أجاب به في العام الماضي، فيجيب بمثله، فرجع عن إمامته وقال: لا يكون إماما من يفتي بالباطل على شيء بوجه من الوجوه، ولا في حال من الأحوال ، ولا يكون إماما من يفتي تقية بغير ما يجب عند الله، ولا من يرخي ستره ويغلق بابه، ولا يسع الإمام إلا الخروج والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فمال بسببه إلى قول "البترية". والبترية هم فريق من الشيعة كانوا يؤمنون بأن الإمامة شورى وليست بالنص من الله.
النوبختي، فرق الشيعة، ص 60 – 61 وذكر الكشي في رجاله قصة سؤاله أبا جعفر عن المسألة، ص 154
[65] - الذين قالوا بتفضيل علي وحقه بخلافة الرسول، وزعموا أن من دفع عليا عن هذا المكان فهو كافر وأن الأمة كفرت وضلت في تركها بيعته، وجعلوا الإمامة بعده في الحسن بن علي ثم في الحسين ثم هي شورى بين أولادهما فمن خرج منهم مستحقا للإمامة فهو الإمام . النوبختي، فرق الشيعة، ص 21
[68] - وتزامن انقلاب المغيرة مع انشقاق أبي منصور العجلي ، الذي ادعى بعد وفاة الباقر الوصية عنه، وأنه فوض إليه أمره. النوبختي، فرق الشيعة، ص 38
[69] - النوبختي، فرق الشيعة، ص 63 – 66 وذهب سليمان بن جرير الرقي بعد ذلك إلى القول أن الإمامة شورى، وجواز إمامة المفضول، واليه تنسب "السليمانية". راجع: الملل والنحل ، والفرق بين الفرق، والوافي للصفدي
[70] - روى الكشى عن ... أبي علي بن راشد عن أبي جعفر الثاني، قال: قلت: جعلت فداك قد اختلف أصحابنا فأصلى خلف أصحاب هشام بن الحكم؟ فقال: عليك بعلي بن حديد، قلت: فآخذ بقوله؟ فقال: نعم، فلقيت علي بن حديد فقلت له: أصلي خلف أصحاب هشام بن الحكم؟ قال لا.
راجع أيضا:الكليني، الكافي، كتاب الروضة، ح رقم 5279 - 5
[72] - الكليني، الكافي، كتاب الروضة، ح رقم 282
[78] - الكليني، الكافي، كتاب الروضة، ح رقم 22 وكان من الطبيعي بعد اتساع حركة التشيع في أواخر القرن الثاني الهجري، أن يدخلها الكثير من المغرضين والمنافقين والمنحرفين والمغالين، حتى قال الإمام الكاظم:" لو ميزت شيعتي لم أجدهم إلا واصفة، ولو امتحنتهم لما وجدتهم إلا مرتدين، ولو تمحصتهم لما خلص من الألف واحد، ولو غربلتهم غربلة لم يبق منهم إلا ما كان لي، إنهم طال ما اتكوا على الأرائك، فقالوا: نحن شيعة علي، إنما شيعة علي من صدق قوله فعله". المصدر، ح رقم 290
[80] - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب ما يجب على الناس عند مضي الإمام، ح رقم 3 ومن الجدير بالذكر ان نظرية "الاثني عشرية" لم تكن مخترعة ولا معروفة في زمان الصادق، ولم يكن أحد سمع قط بأسماء الأئمة الاثني عشر الذين نظم الشيعة قائمتهم في القرن الرابع الهجري.
[83] - ويقال إن عامة الشيعة الجعفرية ذهبوا الى عبد الله الأفطح بناء على حديث رووه عن الصادق، أنه سئل عن: المتوثب على هذا الأمر، المدعي له، ما الحجة عليه؟ فقال: يُسأل عن الحلال والحرام. ثم قال:" ثلاثة من الحجة لم تجتمع في أحد إلا كان صاحب هذا الأمر: أن يكون أولى الناس بمن كان قبله، ويكون عنده السلاح، ويكون صاحب الوصية الظاهرة التي إذا قدمت المدينة سألت عنها العامة والصبيان: إلى من أوصى فلان؟ فيقولون: إلى فلان بن فلان". الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب الأمور التي توجب حجة الإمام، ح رقم 2