الاثنين، 10 سبتمبر 2012

الفصل الثالث: بيئة التشيع "الديني" الغلاة

نشر في :
م/3
 الفصل الثالث: بيئة التشيع "الديني"

الغلاة والتآمر على التشيع
  فيما كانت الحركة الشيعية تتسع وتمتد في القرن الأول الهجري، تعرضت منذ منتصف ذلك القرن  لمؤامرة كبرى من بعض أتباع الديانات القديمة المختلفة اليهودية والنصرانية والمجوسية، الذين دخلوا ظاهريا في الإسلام، أو من أبنائهم الذين كانوا يُعرفون بالموالي، وهم الذين عقدوا الولاء مع القبائل العربية التي فتحت بلادهم، وخصوصا في العراق. وقد حمل هؤلاء بعضا من عقائدهم وأفكارهم السابقة وحاولوا إدخالها في الإسلام لينسفوه من داخله، وفي الحقيقة كانت محاولتهم بمثابة ردة كبيرة ثانية مبطنة عن أهم أركان الإسلام كالتوحيد والنبوة والمعاد، وخطوة نحو التحلل من قوانين الشريعة الإسلامية.
 وكان مدخلهم إلى ذلك: الغلو في أئمة أهل البيت، ثم ادعاء النبوة لهم ثم ادعاء الألوهية للأئمة والنبوة لزعماء الغلاة. وأما أداتهم في ذلك فقد كانت فكرة التناسخ والحلول، وهي نظرية قديمة كانت قبل الإسلام، واستطاعت أن تحرف اليهودية والنصرانية وأن تخترقها وتحولها من التوحيد إلى تأليه بعض الأنبياء كعزير والسيد المسيح (عليهما السلام). وهناك روايات تقول أن بعض المسيحيين الذين دخلوا في الإسلام في زمن الرسول الأعظم (ص) حاولوا أن يغلوا فيه ويعبدوه ، حيث جاء رجل إلى رسول الله (ص) فقال: ألا نسجد لك. فقال (ص):" لا ينبغي أن يسجد لأحد من دون الله، ولكن اكرموا نبيكم واعرفوا الحق لأهله". وقال له رجل آخر (قيل أنه أبو رافع القرظي أو السيد النجراني): يا محمد أتريد أن نعبدك ونتخذك رباً ، فقال (ص) :" معاذ الله أن نعبد غير الله وأن نأمر بغير عبادة الله فما بذلك بعثني ولا بذلك أمرني".[1] وقد قال الله تعالى:"ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون". 79 آل عمران
   وفي هذا الصدد يشير  مونتغمري وات إلى كون بعض قبائل جنوب الجزيرة العربية الذين دخلوا التشيع كانوا على المسيحية المونوفستية، التي تلقي رداء الالوهية على المسيح. وأنهم في ممالك جنوب الجزيرة العربية كانوا يعتبرون المَلِك قائداً كاريزمياً (بشراً خارقاً). ويقول:" بعد أن أسلم عرب الجنوب، قبل معظمهم فكرة القائد الذي يتمتع بصفات شبه إلهية. ويمكن أن نعزو انجذاب هؤلاء نحو الاسلام الى أنهم رأوا توفر الصفة المذكورة بمحمد. واعتقد هؤلاء أن خلاص الفرد يتحقق عندما يكون عضوا في مجتمع يقوده فرد يتمتع بصفات شبه إلهية".[2]
  وإلى جانب هؤلاء اليمنيين  انضم إلى التشيع في الكوفة الموالي الذين قدموا من أصول إيرانية. وقد ورث هؤلاء من أسلافهم فكرة عبادة الملوك واتصافهم بصفات الإله، فأخذوا ينظرون إلى "الأئمة" من أهل البيت كما كانوا ينظرون إلى ملوكهم السابقين.[3]
  ولئن فشل المتآمرون في الترويج لأفكارهم المنحرفة في زمن الرسول الأعظم، فإنهم نجحوا جزئيا في ما بعد، وذلك على يدي "عبد الله بن سبأ" الذي يقول عنه المتكلم الشيعي الحسن بن موسى النوبختي (أواخر القرن الثالث الهجري)، أنه كان يهوديا فأسلم ووالى عليا وأظهر الطعن على أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة وتبرأ منهم، وأنه كان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون بعد موسى بهذه المقالة فقال في إسلامه بعد وفاة النبي في علي بمثل ذلك.[4]

   وإذ  يكتفي النوبختي بنسبة القول بالوصية للإمام علي، إلى عبد الله بن سبأ، ويقول إن الإمام علي حاول قتله ثم تراجع أمام معارضة الناس لقرار قتله بسبب "الدعوة لحب أهل البيت وولاية الإمام علي والبراءة من أعدائه" فصيَّره إلى المدائن. يقول العالم الرجالي الشيعي (الكشي، أبو عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز ، توفي حوالي 340 هـ):" إن عبد الله بن سبأ كان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون وصي موسى بالغلو ! فقال في إسلامه بعد وفاة رسول الله (ص) في علي (ع) مثل ذلك". ويتحدث الكشي (في روايات عديدة ينقلها عن الإمامين الباقر والصادق): " أن عبد الله بن سبأ كان يدعي النبوة ويزعم أن أمير المؤمنين (ع) هو الله ! ! تعالى عن ذلك علوا كبيرا، وأن ذلك بلغ أمير المؤمنين ، فدعاه وسأله فأقر بذلك، وقال: نعم أنت هو وقد كان ألقي في روعي أنك أنت الله وأني نبي ! ! فقال له أمير المؤمنين: ويلك قد سخر منك الشيطان فارجع عن هذا ثكلتك أمك وتب، فأبى فحبسه واستتابه ثلاثة أيام فلم يتب فأحرقه بالنار".[5]  

  ويؤكد ذلك الطوسي الذي يقول: إن عبد الله بن سبأ رجع إلى الكفر وأظهر الغلو.[6] وكذلك العلامة الحلي الذي يقول: إن عبد الله بن سبأ غال ملعون حرّقه أمير المؤمنين عليه السلام بالنار، وكان يزعم أن علياً عليه السلام إله وأنه نبي، لعنه الله.[7]  وسعد بن عبد الله الأشعري القمي الذي يقول عن السبئية:"وقالوا بعد ذلك في علي أنه إله العالمين".[8]
  وإذا أخذنا برواية الأشعري القمي والكشي والطوسي والحلي فإن سبب قرار الإمام علي بإحراق عبد الله بن سبأ لم يكن الغلو البسيط به كالدعوة إلى حب أهل البيت والبراءة من أعدائهم كما يقول النوبختي، وإنما كان بسبب ادعاء الألوهية للإمام والنبوة لابن سبأ.[9]

   ويؤكد ذلك ما ينقله الكشي  في ترجمة قنبر ، عن عبد الله بن شريك، عن أبيه، قال: بينا علي عند امرأة له من عنزة - وهي أم عمر - إذ أتاه قنبر، فقال له: إن عشرة نفر بالباب يزعمون أنك ربهم !! قال: أدخلهم قال: فدخلوا عليه، فقال لهم: ما تقولون ؟ فقالوا: نقول: إنك ربنا ! وأنت الذي خلقتنا، وأنت الذي رزقتنا ! ! فقال لهم: ويلكم لا تفعلوا، إنما أنا مخلوق مثلكم، فأبوا وأعادوا عليه، ثم ساق الحديث  إلى أن قذفهم في النار، ثم قال علي (عليه السلام). إني إذا أبصرت شيئا منكرا .. أوقدت ناري ودعوت قنبرا ".[10]

  وسواء كانت هذه القصة مرتبطة بعبد الله بن سبأ شخصيا، أم لا؟ ، وسواء أحرق الإمام ابن سبأ فعلا، أم لا ؟، فان مجموع تلك الروايات يؤكد ظهور شخص أو أشخاص (يسميهم النوبختي بالفرقة السبئية) يغالون في الإمام علي في حياته.[11] وقد تطور ذلك الغلو من القول بوصية النبي الأكرم للإمام علي كما أوصى النبي موسى (ع) ليوشع بن نون،  إلى القول بألوهيته فيما بعد.[12]

   وعلى رغم  صغر الانحراف السبئي ومحدوديته بالنسبة للحركة الشيعية العامة في زمن الإمام علي ؛ إلا انه شكل مقدمة لتطورات سلبية لاحقة، ولا سيما في الحركة الكيسانية وما بعدها.

الحركة "الكيسانية"

وكانت هذه الحركة قد نشأت في عهد المختار بن عبيد الثقفي، الذي قام بثورة شيعية في الكوفة سنة 66 للهجرة ، قبل أن يقضي عليه مصعب ابن الزبير سنة 67، وقد استمرت الحركة إلى بدايات القرن الثاني الهجري. وجاءت تسميتها نسبة للمختار الذي يوصف بكيسان، أو نسبة إلى مولى للإمام علي اسمه "كيسان" وأصبح رئيس شرطة المختار. [13]  وعلى أي حال فقد أثرت نظرية النص في فكر الحركة السياسي، ودفعتها لتبني المنهج الوراثي بدل الشورى في الإمامة، فقالت في البداية بالوصية لمحمد ابن الحنفية بالإمامة له من أبيه الإمام علي، وزعم المختار بأن محمد هو المهدي، وقد عيّنه بوصفه الأمين والوزير وأمره بمحاربة الكفّار وأن ينتقم ممن قتل أهل بيته في كربلاء . ثم قام ابن الحنفية (الذي توفي سنة 81) بالوصية الى ابنه عبدالله أبي هاشم وأمره بطلب الخلافة إن وجد إلى ذلك سبيلا ، وعندما مات عبد الله بن محمد ، أوصى إلى أخيه علي بن محمد، (أو ابنه الحسن) وأوصى علي إلى ابنه الحسن، والحسن أوصى إلى ابنه علي، وهذا أوصى إلى ابنه الحسن بن علي. والوصية عندهم في ولد محمد بن الحنفية لا تخرج إلى غيرهم ، وهم "الكيسانية الخلص".[14] وقد كان لفكرة النص والوصية هذه أثر كبير في نشوء الفكر الإمامي الوراثي لدى الشيعة "الإمامية" في القرن الثاني الهجري.
   والى جانب فكرة النص والوصية في الإمامة، يقال بأن المختار قد تكهن وادعى نزول الوحي عليه بتأثير من السبئية الذين قالوا له: أنت حجة هذا الزمان، وحملوه على دعوى النبوة فادعاها عند خواصه، وزعم أن الوحي ينزل عليه.[15]
  ويقول البغدادي بأن المختار أخترع قولاً آخر هو "البداء" أي تغيير الله تعالى لإرادته، وذلك أن المختار وعد أنصاره بأن الظفر سيكون لهم في حربهم مع مصعب بن الزبير، وزعم أن الوحي قد نزل عليه بذلك، فلما التقى الجيشان بالمدائن وانهزم أصحاب المختار ورجع فلولهم اليه وقالوا له: ألم تعدنا بالنصر على عدونا؟ فقال:" إن الله تعالى كان قد وعدني ذلك لكنه بدا له" واستدل على ذلك بقول الله عز وجل "يمحو الله ما يشاء ويثبت".[16]
  وحسبما يقول الشهرستاني فان الكيسانية كانوا يعتقدون في "كيسان" اعتقادا فوق حده ودرجته، من إحاطته بالعلوم كلها، ومعرفته الأسرار من علم التأويل والباطن، وعلم الآفاق، والأنفس. [17]  ويبدو أن بعض أصحاب المختار كان يغالي بأئمة أهل البيت أيضا مما دفع الإمام زين العابدين الى لعن المختار والتبرؤ من أصحابه.[18]
  ولعل أخطر فكرة ابتدعها الكيسانية هو تفسيرهم الدين بالرجال، وقولهم بأن "الدين طاعة رجل، ومن لا رجُلَ له (أي لا إمامَ له) فلا دين له " حتى حملهم ذلك على تأويل الأركان الشرعية من الصلاة، والصيام، والزكاة، والحج، وغير ذلك على رجال. فحمل بعضهم على ترك القضايا الشرعية بعد الوصول إلى طاعة الرجل.[19] 
  وأسس الكيسانية لنظرية "الإمامة الإلهية" التي ادعوا أنها أكثر من سياسية وتنطوي على معان سامية، حيث قالوا : بأن الإمام لديه أسرار العلوم ويعرف مناهج تطبيق الآفاق على الأنفس وتقدير التنزيل على التأويل وتصوير الظاهر على الباطن، وقالوا:" إن لكل ظاهر باطنا ولكل شخص روحا ولكل تنزيل تأويلا ولكل مثال في هذا العالم حقيقة في ذلك العالم، والمنتشر في الآفاق من الحكم والأسرار يجتمع في الشخص الإنساني، وهو العلم الذي استأثر علي رضي الله عنه به ابنه محمد بن الحنفية وهو أفضى ذلك السر إلى ابنه أبي هاشم وكل من اجتمع فيه هذا العلم فهو الإمام حقا".[20]
  ومن أبرز ملامح الحركة الكيسانية الأخرى القول بالمهدوية والغيبة. وكانت المهدوية حينئذ تعني الرشد والصلاح، وقد أطلق تلك الصفة المختار على ابن الحنفية على أمل الخروج وتبني قيادة الحركة الشيعية في الوقت الذي كان يتصارع عبد الله بن الزبير مع الأمويين والمروانيين. وعندما توفي ابن الحنفية دون أن يخرج أصيب أتباعه المنتظرون له بخيبة أمل وصدمة فقالوا بغيبته في جبل رضوى، ورفض بعضهم الاعتراف بوفاته وقالوا إنه حي لم يمت وظلوا ينتظرونه زمنا طويلا. حتى قال الشاعر الكيساني كثير عزة:
ألا إن الأئمة من قريش      ولاة الحق أربعة سواء
علي والثلاثة من   بنيه       هم الأسباط ليس بهم خفاء
فسبطٌ سبط إيمان وبر         وسبط غيبته كربلاء
وسبط لا يذوق الموت حتى    يقود الخيل يقدمها اللواء
تغيَّب لا يرى فيهم زمانا     برضوى عنده عسل وماء
 وقال شاعر كيساني آخر هو السيد إسماعيل الحميري:
ألا حيِّ المقيم بشعب رضوى واهدِ له بمنزله السلاما
وقل يا ابن الوصي فدتك نفسي  أطلت بذلك الجبل المقاما
وما ذاق ابن خـولة طعم موت ولا وارتْ له أرض عظاما
لقد أمسى بجانب شعب رضوى تراجعه الملائكة الكـلاما
وإن له لــــرزقاً كل يوم وأشربة يعل بها الطعـاما
أضـر بمعشـر والوك مــنا وسموك الخليفة والإمـاما
وعادوا فيك أهل الأرض طـراً  مقامك عنهم سبعين عاما


  وتجلى الانحراف بصورة كبيرة في صفوف الكيسانية، في بروز حركات مغالية ومتطرفة جدا خرجت عن دائرة الإسلام، بدعواها الألوهية لأئمة أهل البيت والنبوة لبعض قادتها ، كالفرقة الكربية أو الحربية ( نسبة إلى عبد الله بن عمر بن حرب أو كرب الكندي) التي قالت:" بأن علياً إله العالمين وأنه توارى عن خلقه سخطاً منه عليهم وسيظهر،  وأن محمد بن الحنفية هو المهدي لم يمت ولا يجوز ذلك، ولكنه غاب ولا يدري أين هو، سيرجع ويملك الأرض ولا إمام بعد غيبته إلى رجوعه".[21] 

  وقد انشق عن "الكربية"  فصيل آخر بقيادة "حمزة بن عمارة البربري" (أو اليزيدي)، الذي ادعى أن محمد بن الحنفية هو الله (عزّ وجّل تعالى عن ذلك علواً كبيراً وأن حمزة هو نبي وإمام وأنه ينزل عليه سبعة أسباب من السماء فيفتح بهن الأرض ويملكها، فتبعه على ذلك ناس من أهل المدينة وأهل الكوفة.[22]

  وحاول حمزة البربري أن يدس نفسه في صفوف شيعة الإمام الباقر، فكان يقول لأصحابه:" إن أبا جعفر يأتيني في كل ليلة" فقال الباقر:" كذب عليه لعنة الله، ما يقدر الشيطان أن يتمثل في صورة نبي ولا وصي نبي". ولكن البربري ظل مستمرا في دعواه حتى زمن الإمام الصادق، الذي سمع به أيضا فسأل عنه زرارة، قائلا: أخبرني عن حمزة أيزعم أن أبي يأتيه ؟ قال: نعم. قال:" كذب والله ما يأتيه إلا المتكوِّن، إن إبليس سلط شيطانا يقال له المتكوِّن يأتي الناس في أي صورة شاء، إن شاء في صورة كبيرة وإن شاء في صورة صغيرة، ولا والله ما يستطيع أن يجئ  في صورة أبي عليه السلام".  [23]  


  وتفرعت عن حركة البربري حركتان أخريان بقيادة رجلين من قبيلة "نهد" من أهل الكوفة يقال لأحدهما : صائد، وللآخر: بيان بن سمعان، وقد قال هذا :" بإلوهية علي ، وأن جزءا إلهيا متحد بناسوته ، ثم من بعده في ابنه محمد بن الحنفية ثم في أبي هاشم ولد محمد بن الحنفية ، ثم من بعده في بيان هذا". وزعم بأن أبا هاشم هو المهدي القائم الغائب وهو ولي الخلق وسيرجع فيقوم بأمور الناس ويملك الأرض ولا وصي بعده . كما ادعى بيان أيضاً بأن أبا هاشم، قد عيّنه خليفة له. وكتب بيان كتابا إلى الباقر يدعوه إلى نفسه والإقرار بنبوته ويقول له: "أسلم تسلم وترتقِ في سلَّم وتنجُ وتغنم، فانك لا تدري أين يجعل الله النبوة والرسالة وما على الرسول إلا البلاغ وقد أعذر من أنذر".[24]   
  واستمر بيان في دعوته الى أن قتله خالد القسري عام 119  هـ.  
  
   وكانت الحركة الشيعية العريضة، وخاصة بعد انضمام الموالي إليها، قد أصيبت بوباء الغلو. حيث انتشرت أفكار الغلاة في عدد من الفرق الشيعية في ذلك الوقت "حتى قالوا أن الأئمة آلهة وأنهم أنبياء وأنهم رسل وأنهم ملائكة، وهم الذين يتكلمون بالأظلة وفي التناسخ في الأرواح ، وهم أهل القول بالدَور في هذه الدار وإبطال القيامة والبعث والحساب، وزعموا أن لا دار إلا الدنيا وأن القيامة إنما هي خروج الروح من بدن ودخوله في بدن آخر غيره إن خيرا فخير وإن شرا فشرا، وأنهم مسرورون في هذه الأبدان أو معذبون فيها، والأبدان هي الجنات وهي النار وأنهم منقولون في الأجسام الحسنة الإنسية المنعمة في حياتهم ومعذبون في الأجسام الردية المشوهة من كلاب وقردة وخنازير وحيات وعقارب وخنافس وجعلان محولون من بدن إلى بدن معذبون فيها هكذا أبدا الأبد فهي جنتهم ونارهم لا قيامة ولا بعث ولا جنة ولا نار غير هذا على قدر أعمالهم وذنوبهم وإنكارهم لأئمتهم ومعصيتهم لهم فإنما تسقط الأبدان وتخرب إذ هي مساكنهم فتتلاشى الأبدان وتفنى وترجع الروح في قالب آخر منعم أو معذب، فهذا معنى الرجعة عندهم".[25]
   ويعيد النوبختي أصل الغلو الذي تفشى في بعض الفرق التي انتحلت التشيع إلى "الخرمدينية" و"المزدكية" و"الزنديقية" و"الدهرية" ويقول:" إنها مرجعهم جميعا لعنهم الله، وإنهم كلهم متفقون على نفي الربوبية عن الجليل الخالق تبارك وتعالى وإثباتها في بدن مخلوق مئوف على أن البدن مسكن لله، وأن الله تعالى نور وروح ينتقل في هذه الأبدان، إلا أنهم مختلفون في رؤسائهم الذين يتولونهم يبرأ البعض من بعض ويلعن بعضهم بعضا".[26]   

"المغيرية"

وقد تأثرت حركة شيعية أخرى بالفكر المغالي، وذلك بزعامة "المغيرة بن سعيد العجلي (مولى بجيلة) " الذي انشق عن الإمام محمد الباقر، وقال بأفضلية الإمام علي على الأنبياء، ومساواته بالنبي محمد (ص) وزعم في البداية أن الباقر أوصى إليه، فهو الإمام إلى أن يخرج المهدي (محمد بن عبد الله بن الحسن) ثم ترقى به الأمر إلى ان زعم أنه رسول نبي وأن جبرئيل يأتيه بالوحي من عند الله، فأخذه الوالي الأموي في الكوفة خالد بن عبد الله القسري سنة 119 فسأله عن ذلك فأقر به، ودعا خالدا إليه، فاستتابه خالد فأبى أن يرجع عن قوله فقتله وصلبه. ولكن أصحابه "المغيرية" رفضوا الاعتراف بمقتله فقالوا إنه حي لم يمت.[27]
    وكانت مقولة "المغيرية" تشابه مقولات الغلاة السابقين (الكيسانية والحربية والكربية والجناحية والرواندية والبيانية) التي تقوم على أساس فكرة التناسخ والحلول .

"المنصورية"

  والى جانب تلك الحركة "المغيرية" أو بعدها بقليل، برزت حركة أخرى بقيادة أبي منصور العجلي، الذي كان هو الآخر يدعي الانتماء في السابق إلى شيعة الإمام الباقر، وكان بدويا من أهل الكوفة، أميا لا يقرأ ولا يكتب، ولكنه ادعى بعد وفاة الباقر أنه فوض إليه أمره، وجعله وصيه من بعده، ثم ترقى به الأمر إلى أن قال: كان علي بن أبي طالب نبيا ورسولا وكذا الحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي . ثم ارتفع بالأئمة الى درجة الألوهية.  ثم ادعى بعد ذلك النبوة والرسالة له ولستة من ولده آخرهم القائم، وزعم أن جبرئيل يأتيه بالوحي من عند الله عز وجل، وأن الله بعث محمدا بالتنزيل وبعثه هو بالتأويل، وأن الله اتخذه خليلا ، وادعى أن الله عز وجل عرج به إليه فأدناه منه وكلمه ومسح يده على رأسه، وقال له بالسريانية: يا بني، (أوقال له بالفارسية: أي بسر !) .
   وقد طلبه خالد بن عبد الله القسري فأعياه، حتى ظفر به يوسف بن عمر الثقفي والي العراق في أيام هشام بن عبد الملك فقتله سنة 121.[28]
   وقام  بعد ذلك رجل من أهل المدائن يقال له عبد الله بن الحارث، كان ابن زنديق، بلعب دور كبير في بث الأفكار المنحرفة (المغالية) في صفوف الشيعة في عشرينات القرن الثاني الهجري، حيث مال إلى حركة عبد الله بن معاوية الذي قاد ثورة ضد الأمويين سنة 129، فأدخلهم في الغلو والقول بالتناسخ والأظلة والدور، فخدعهم بذلك حتى ردهم عن جميع الفرائض والشرائع والسنن، وادعى أن هذا مذهب جابر بن عبد الله الأنصاري وجابر بن يزيد الجعفي رغم براءتهما من ذلك.[29]

الغلو في الحركة العباسية

   ونظراً لأن الحركة العباسية، في بدء نشوئها، كانت جزءا من الحركة الشيعية العريضة ، ومتفرعة من الكيسانية خصوصا، حيث كان محمد بن علي بن عبد الله بن العباس يستمد شرعيته من وصية أبي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية إليه، وأنها كانت تعتمد  على الموالي، فقد انتقلت ظاهرة الغلو إلى الحركة العباسية بمختلف فروعها كالروندية والرزامية والهريرية والأبو مسلمية، والتي كان يجمعها القول :" إن الإمام عالم يعلم كل شيء وهو بمنزلة النبي في جميع أموره ، ومن لم يعرفه لم يعرف الله وليس بمؤمن بل هو كافر مشرك". بينما قال "الروندية" أصحاب "عبد الله الروندي":"إن الإمام عالم بكل شيء وهو الله - عز وجل وتعالى الله عن ذلك علوا كبيرا-  ويحيي ويميت، وأن "أبا مسلم" نبي مرسل يعلم الغيب، أرسله أبو جعفر المنصور، وشهدوا أن المنصور هو الله فانه يعلم سرهم ونجواهم، وأعلنوا القول بذلك ودعوا إليه، فبلغ قولهم المنصور فأخذ منهم جماعة فأقروا بذلك فاستتابهم وأمرهم بالرجوع عن قولهم ذلك فقالوا: المنصور ربنا وهو يقتلنا شهداء كما قتل أنبياءه ورسله على يدي من شاء من خلقه، وأمات بعضهم بالهدم والغرق وسلط على بعضهم السباع وقبض أرواح بعضهم فجأة.[30]

  "الخطابية"

  وفي موجة لاحقة من الغلو  هبت على الشيعة في الثلاثينات من القرن الثاني الهجري ، قام أبو الخطاب محمد بن أبي زينب مقلاص الأسدي الكوفي، بالغلو بالإمام الصادق، واستلهام بعض أفكار الحركات الشيعية المغالية السابقة كالكيسانية والبيانية، كفكرة تفسير الدين بالرجال، التي أضلت بعض الشيعة ودفعتهم للاكتفاء بحب أهل البيت عن العمل بطاعة الله. فكتب إليه الصادق:" بلغني أنك تزعم أن الزنا رجل، وأن الخمر رجل، وأن الصلاة رجل، والصيام رجل، والفواحش رجل، وليس هو كما تقول، إنا أصل الحق، وفروع الحق طاعة الله، وعدونا أصل الشر، وفروعهم الفواحش، وكيف يطاع من لا يعرف، وكيف يعرف من لا يطاع ؟ ".[31] ورد الإمام على تأويل أبي الخطاب العبادات بالرجال، فقال:" ما كان الله عز وجل ليخاطب خلقه بما لا يعلمون".[32]
  وتطور أبو الخطاب في مقولاته الباطلة فادعى علم الإمام الصادق بالغيب ونزول الملائكة عليه وتحدثهم معه، وأنه "محدَّث"  ثم تطور إلى القول بأن الأئمة أنبياء.[33]  وقد تحاور ذات مرة رجل من أصحابه في المدينة، وهو معلى بن خنيس مع عبد الله ابن أبي يعفور، فقال معلى:" الأوصياء أنبياء".  بينما قال ابن أبي يعفور "الأوصياء علماء أبرار أتقياء" فدخلا على الصادق فلما استقر بهما المجلس بدأهما فقال : يا عبد الله أبرأ ممن قال: نا أنبياء" .[34]  وقال الصادق لأبي بصير: "يا با محمد أبرأ ممن يزعم أنا أرباب .. أبرأ ممن يزعم أنا أنبياء". وحذر شيعته ممن يقول بذلك:" من قال : بأننا أنبياء فعليه لعنة الله، ومن شك في ذلك فعليه لعنة الله".[35]
 
 
وادعى أبو الخطاب أن أبا عبد الله جعفر بن محمد جعله قيِّمه ووصيه من بعده ، وعلمه اسم الله الأعظم. وكان يحاول أن يلصق نفسه بالإمام الصادق ويظهر للناس أنه قريب منه.[36] فكان يدعي: أن الإمام ضع يده على صدره وقال له :" عُه ولا تنسَ !" وأنه قال له :" عيبة علمنا وموضع سرنا أمين على أحيائنا وأمواتنا". فدخل عنبسة بن مصعب على أبي عبدالله ونقل إليه أقوال أبي الخطاب، فقال الصادق :" لا والله ما مسَّ شئ من جسدي جسده إلا يده.. وأما قوله : إني قلت : "هو عيبة علمنا وموضع سرنا أمين على أحيائنا و أمواتنا" فلا آجرني الله في أمواتي ولا بارك لي في أحيائي إن كنت قلت له شيئا من هذا قط" [37] ورد الصادق ادعاءات أبي الخطاب فقال:"كان أبو الخطاب أحمق، فكنت أحدثه فكان لا يحفظ، وكان يزيد من عنده ".[38]
 ثم تطور أبو الخطاب بعد ذلك إلى ادعاء الألوهية للإمام الصادق، وتفسير هذه الآية : "وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله " بأن إله الأرض هو الإمام. [39] وادعاء النبوة لأبي الخطاب عن الصادق. وانه رسول من قبله. ثم ادعى أنه من الملائكة وأنه رسول الله إلى أهل الأرض والحجة عليهم.[40]  
  وعندما نقل قوله إلى الإمام الصادق قال: لا والله ، لا يأويني وإياه سقف بيت أبدا ، هم شرٌّ من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا ، والله ما صغر عظمة الله تصغيرهم شئ قط .. والله لو أن عيسى أقر بما قالت النصارى لأورثه الله صمما إلى يوم القيامة ، والله لو أقررت بما يقول فيَّ أهل الكوفة ، لأخذتني الأرض ، وما أنا إلا عبد مملوك لا أقدر على ضر شئ  ولا نفع " . وقال لسدير: "يا سدير سمعي وبصري وشعري وبشري ولحمي ودمي من هؤلاء براء ، برئ الله منهم ورسوله ، ما هؤلاء على ديني ودين آبائي ، والله لا يجمعني وإياهم يوم القيامة إلا وهو عليهم ساخط" .[41]

  وجاء جماعة من الخطابية الى المدينة يسألون الإمام عن الربوبية فخرج لهم مرتعدا خائفا وقد وقفت كل شعرة في رأسه وقال لهم مغضبا: " بل عبادٌ مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون".[42] وعندما قال أحدهم (وهو خالد بن نجيح الجوان) لأصحابه: "ويحكم ما أغفلكم عند من تكلمون! عند رب العالمين!" قال له الإمام مستنكراً: "ويحك يا خالد إني والله عبد مخلوق لي رب اعبده، إن لم اعبده والله عذبني بالنار".[43] وقال لرجل آخر منهم (صالح بن سهل الهمداني) : "يا صالح إنا والله عبيد مخلوقون لنا رب نعبده ؟ إن لم نعبده عذبنا ".[44]  

  وبالرغم من موقف الإمام الصادق الواضح والصريح منهم، قام "الخطابية" في الكوفة بالتلبية باسم الإمام الصادق، فدخل أحد أصحابه (مصادف) عليه فأخبره بذلك فخر الإمام ساجدا وألزق جؤجؤه بالأرض وبكى وأقبل يلوذ بإصبعه ويقول : "بل عبدٌ لله قنٌ داخرٌ"  مراراً كثيرة ، ثم رفع رأسه ودموعه تسيل على لحيته. فندم مصادف على إخباره إياه فقال : جعلت فداك وما عليك أنت من ذا ؟ فقال :" يا مصادف إن عيسى لو سكت عما قالت النصارى فيه لكان حقا على الله أن يصم سمعه ويعمي بصره ، ولو سكتُّ عما قال أبو الخطاب لكان حقا على الله أن يصم سمعي ويعمي بصري".[45]  
  وذهب بعضهم إلى المدينة وعندما شاهدوا الإمام الصادق هتفوا به : "لبيك جعفر بن محمد لبيك"  فرجع الصادق إلى منزله مغضبا خائفا ذعرا مما قالوا وسجد في مسجده وعفر وجهه بالتراب وتذلل لله، وبريء إليه مما هتف به. وقال: لو أن عيسى بن مريم عدا ما قال الله فيه إذاً لَصُمَّ صمما لا يسمع بعده أبدا وعمي عمى لا يبصر بعده أبدا ، وخرس خرسا لا يتكلم بعده أبدا " ثم قال :" لعن الله أبا الخطاب وقتله بالحديد".
  وقال الإمام الصادق تعقيبا على تلبية "الخطابية" باسمه:" والله لو ابتلوا بنا وأمرناهم بذلك لكان الواجب أن لا يقبلوه ، فكيف وهم يروني خائفا وجلا أستعدي الله عليهم وأتبرأ إلى الله منهم أشهدكم أني امرؤ ولدني رسول الله (ص) وما معي براءة من الله، إن أطعته رحمني وإن عصيته عذبني عذابا شديدا أو أشد عذابه".[46]
   وأضاف:" يا رب برئت إليك مما ادعى فيَّ الأجدع عبد بني أسد (أبو الخطاب)، خشع لك شعري وبشري، عبدٌ لك ابن عبد لك، خاضعٌ ذليل" ثم أطرق ساعة في الأرض كأنه يناجي شيئا، ثم رفع رأسه و هو يقول: "أجل..أجل.. عبد خاضع خاشع ذليل لربه صاغر راغم ، من ربه خائف وجل، لي والله رب أعبده، لا أشرك به شيئا، ما له أخزاه الله وأرعبه ولا آمن روعته يوم القيامة.. ما كانت تلبية الأنبياء هكذا، و لا تلبيتي، و لا تلبية الرسل، إنما لبيت: بلبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك".[47]

   ولكن أبا الخطاب حاول الالتفاف على لعن الإمام له، وبراءته منه، بتأويل كلامه، فقال: إن الإمام يريد رجلا آخر في البصرة يسمى قتادة البصري ويكنى بأبي الخطاب، ولما نقل إلى الإمام الصادق تحريفه لكلامه قال: والله ما عنيت إلا محمد بن مقلاص بن أبي زينب الأجدع البراد عبد بني أسد. ومع ذلك فقد قال أبو الخطاب : إن أبا عبدالله يريد بلعنه إيانا في الظاهر أضدادنا في الباطن، وتأول قول الله تعالى:"واما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت ان أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا" بأن السفينة­ أبا الخطاب وأن المساكين ­أصحابه، وان الملك الذي وراءهم ­ عيسى بن موسى والي الكوفة العباسي.[48]

    ولم يرتح الإمام الصادق من أبي الخطاب إلا بمقتله، على يدي عيسى بن موسى صاحب المنصور بسبخة الكوفة. سنة 138 هـ وعندما سمع بخبره سُرَّ به وقال: "لعن الله أبا الخطاب ولعن الله من قتل معه ولعن الله من بقي منهم ولعن الله من دخل قلبه رحمة لهم". وقال أيضا عندما ذكره أحد أصحابه بعد حين:" على أبي الخطاب لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، فأشهد بالله أنه كافر فاسق مشرك ، وأنه يحشر مع فرعون في أشد العذاب غدوا وعشيا".[49]

  ونتيجة لخطورة مقولات "الخطابية" وخروجهم عن الدين، واختلاطهم بالشيعة والمصلين في مسجد الكوفة وإظهارهم التعبد، وبث أفكارهم المغالية سرا ، حاول الإمام الصادق أن يفصل بينهم وبين الشيعة، فقال: "لا تقاعدوهم ولا تؤاكلوهم ولا تشاربوهم ولاتصافحوهم ولا توارثوهم".[50]



  "المفوضة" أو "المفضلية"

ونتيجة لمكافحة الإمام الصادق للخطابية، قام أحد أعضائهم السابقين وهو "المفضل بن عمر الجعفي" (توفي سنة 179هـ )[51] بالتنزل درجة عن الألوهية وقال بالتفويض.[52] أي تفويض الله للإمام الصادق، والأئمة من أهل البيت بالخلق والرزق والحياة والموت والحساب يوم القيامة، وأسس فرقة عرفت باسم  "المفوضة" أو "المفضلية".[53] 

  وقد نسب هؤلاء مقولتهم المنحرفة إلى الإمام الصادق، وروى أحدهم وهو مالك الجهني قال: كنا بالمدينة حين أجليت الشيعة وصاروا فرقا فتنحينا عن المدينة ناحية ثم خلونا فجعلنا نذكر فضائلهم وما قالت الشيعة إلى أن خطر ببالنا الربوبية ، فما شعرنا بشيء إذا نحن بأبي عبدالله واقف على حمار فلم ندرِ من أين جاء . فقال : يا مالك ويا خالد ! متى أحدثتما الكلام في الربوبية ؟ فقلنا:  ما خطر ببالنا إلا الساعة ، فقال : اعلما أن لنا ربا يكلأنا بالليل والنهار نعبده ، يا مالك و يا خالد قولوا فينا ما شئتم ، واجعلونا مخلوقين ، فكررها علينا مرارا وهو واقف على حماره .[54]

  وروى شخص آخر اسمه  إسماعيل بن عبد العزيز: أن الإمام أبا عبدالله أمره ذات مرة أن يضع له الماء في المتوضأ ، فتعجب إسماعيل الذي كان يقول فيه بالربوبية وقال في نفسه: أنا أقول فيه كذا وكذا ويدخل المتوضأ يتوضأ ! فلم يلبث أن خرج أبو عبد الله فقال :" يا إسماعيل لا ترفع البناء فوق طاقته فينهدم ، اجعلونا مخلوقين وقولوا فينا ما شئتم فلن تبلغوا".[55]

   وروى شخص ثالث من هذه الجماعة واسمه كامل التمار قال : كنت عند أبي عبدالله  ذات يوم فقال لي :" يا كامل اجعل لنا ربا نؤب إليه ؟ وقولوا فينا : ما شئتم".[56]

  وقد أسس هؤلاء الغلاة "المفوضة" الذين ادعوا أن الإمام الصادق سمح لهم بالتقول عليه ما يشاءون، لنوع  خطير من الغلو بالأئمة يسبغ عليهم صفات الله وأعماله، ويرفعهم فوق البشر. وقد اختلف "المفوضة" عمن سواهم من الغلاة الذين كانوا يؤلهون الأئمة، باعترافهم بحدوث الأئمة وخلقهم ونفي القدم عنهم وإضافة الخلق والرزق مع ذلك إليهم ودعواهم أن الله تعالى تفرد بخلقهم خاصة ، وأنه فوض إليهم خلق العالم بما فيه وجميع الأفعال.

  وكان القول بالتفويض منطلقا لدى "المفوضة" لإنكار مقتل الأئمة أو وفاتهم، أو تعرضهم لأنواع العذاب، لأن الأئمة في نظرهم هم المتحكمون في العالم فكيف تجوز عليهم الأحداث. ولذلك فقد كانوا يفسرون تلك الأحداث تفسيرا باطنيا، ويدعون حصول التشابه بهم.

  وقد تصدى الإمام الصادق للمفوضة ودعواهم في "التفويض" واحتج عليهم بالقرآن الكريم الذي يقول بصراحة: "الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شئ سبحانه وتعالى عما يشركون". واعتبر الصادق "المفوضة" مشركين، ولعنهم أشد اللعن، وقد دخل حجر بن زائدة وعامر بن جذاعة الأزدي على أبي عبدالله فقالا له : جعلنا فداك إن المفضل بن عمر يقول : إنكم تقدرون أرزاق العباد. فقال :" والله ما يقدر أرزاقنا إلا الله ، ولقد احتجت إلى طعام لعيالي فضاق صدري وأبلغت إلي الفكرة في ذلك حتى أحرزت قوتهم ، فعندها طابت نفسي ، لعنه الله وبرئ منه، قالا : أفنلعنه ونتبرأ منه ؟ قال: نعم ، فلعناه وبرئنا منه، برئ الله ورسوله منه".[57]

  وقد تبرأ الإمام الصادق أيضا من "مفوض" آخر هو أبي هارون موسى بن عمير المكفوف، الذي كان ينقل عن الصادق أنه يقول:" إن كنت تريد القديم فذاك لا يدركه أحد ، وإن كنت تريد الذي خلق ورزق فذاك محمد بن علي". فقال الصادق :" كذب عليَّ عليه لعنه الله، ما من خالق إلا الله وحده لا شريك له ، حق على الله أن يذيقنا الموت، والذي لا يهلك هو الله خالق الخلق بارئ البرية". [58] ويقول زرارة أنه أخبر الصادق: إن رجلا من ولد عبدالله بن سبأ يقول بالتفويض ، فقال : وما التفويض ؟ قال: "إن الله تبارك وتعالى خلق محمدا وعليا صلوات الله عليهما ففوض إليهما فخلقا ورزقا وأماتا وأحييا"  فقال الصادق: كذب عدو الله، إذا انصرفت إليه فاتلُ عليه هذه الآية التي في سورة الرعد: " أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شئ وهو الواحد القهار ". فانصرفت إلى الرجل فأخبرته فكأني ألقمته حجرا ، أو قال:  فكأنما خرس .

 


   "العليائية"

  وبناء على نظرية الحلول، قال رجل آخر كان يندس في شيعة الإمام جعفر الصادق، هو "بشار الشعيري": بأن عليا هو رب ، ظهر بالعلوية والهاشمية وأظهر أنه عبده ورسوله بالمحمدية. ووافق أصحاب أبي الخطاب في أربعة أشخاص: علي وفاطمة والحسن والحسين، وأن معنى الأشخاص الثلاثة فاطمة والحسن والحسين تلبيس. وفي الحقيقة شخص علي ، لأنه أول هذه الأشخاص في الإمامة والكبر ، وأنكر شخص محمد (ص) وزعم: أن محمدا عبدُ "ع" ، و "ع" = "ب" ، فالعين رمز علي ، والباء رمز الرب ، أي زعموا أن محمدا عبد علي ، وعلي هو الرب ، تعالى عن ذلك.[59] 

  وقال فيهم الشهرستاني : أصحاب العباء بن ذارع الدوسي وقال قوم ، هو الأسدي . وكان يفضّل علياً على النبي (ص) وزعم أنه الذي بعث محمداً ، يعني علياً وسماه إلهاً . وكان يقول بذم محمد (ص) وزعم أنه بعث ليدعو إلى علي فدعاه إلى نفسه. ويسمون هذه الفرقة "الذميّة"  ومنهم من قال بالإلهية جميعاً ويقدمون علياً في الأحكام الإلهية ويسمونهملعينية".  ومنهم من قال بإلهيتهما جميعاً ويفضلون محمداً في الإلهية ويسمونهم "الميمية" ومنهم من قال بالإلهية لجملة أشخاص أصحاب الكساء : محمد وعلي ، وفاطمة والحسن والحسين ، وقالوا خمستهم شيء واحد والروح حاله فيهم بالسوية.[60]
"المخمسة" 
  وتفرعت من "العليائية" فرقة أخرى باسم "المخمّسة" وقد زعموا أن الله عزّ وجّل هو محمد وأنه ظهر في خمسة أشباح وخمس صور مختلفة ظهر في صورة محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين، وزعموا أن أربعة من هذه الخمسة تلتبس لا حقيقة لها والمعنى شخص محمد وصورته لأنه أول شخص ظهر وأول ناطق نطق ولم يزل بين خلقه موجوداً بذاته يتكون في أي صورة شاء .
  ولهذه الفرقة اعتقادات فاسدة كثيرة أغلبها تدور في التشبيه والتناسخ ، ويدعون أن الله ظهر لهم أي للناس بالنورانية فدعاهم إلى وحدانَية فلم يقبلوا ثم ظهر لهم من باب التوبة والرسالة فأنكروا عليه ذلك ، ثم ظهر لهم من باب الإمامة فقبلوه. فظاهر الله عزّ وجّل عندهم الإمامة وباطنه الله ، وهذا سبيلهم في كل الأنبياء والملوك من آدم حتى ظهور محمد صلى الله عليه وآله. ثم قالوا كل من كان من الأوائل مثل أبي الخطاب ، وبيان التبّان ، وصائد النهدي والمغيرة بن سعيد ، وحمزة بن عمّار البربري وبزيع الحائك ، والسري ، ومحمد بن بشير الشعيري ... هم أنبياء أبواب بتغيير الجسم وتبديل الاسم. وزعمت هذه الفرقة أن الشرائع وضعت عن الإنسان وأنه ممتحن بها وأن جميع ما حرم الله مباح ، وإن المحرمات هي رجال ونساء من أهل الجحود والكفر ، وإن جميع العبادات والفرائض من صوم وحج وزكاة ... هي الأغلال وإنّما كانت واجبة على أهل الجحود والإنكار ، أما الزنا والسرقة والخمر واللواط والرّبا وغير ذلك من المحرّمات إنّما هي رجال ونساء فإذا حرمت على نفسك توليتهم واجتنابهم فقد اجتنبت ما حرم الله عليك.  
 وكان هؤلاء "المخمسة" يعتقدون أن تلك الأشباح الخمسة قد حلت في أبدان أشخاص وُكِّل إليهم تدبير العالم وإنهم مأمورون من الله عزّ وجّل في أداء هذه المهمة والرّبّ ـ عندهم ـ هو الذي علي  أرسل هؤلاء الخمسة وهم : سلمان الفارسي ، وعمار بن ياسر، والمقداد بن الأسود الكندي ، وأبو ذر الغفاري ، وعمر بن أمية الصيمري ، وإنهم مأمورون من عند الله ـ علي ـ بإدارة مصالح العالم وسلمان رئيسهم.

مكافحة "العليائية"

  وعندما سمع الصادق وهو في المدينة بعض أقوال المغالي بشار الشعيري (مؤسس الفرقة العليائية)[61] في الكوفة، أرسل إليه أحد أصحابه ويدعى (مرازم) وقال له: " إن اليهود قالوا ما قالوا ووحدوا الله وإن النصارى قالوا ما قالوا ووحدوا الله، وإن بشاراً قال قولا عظيما، فإذا قدمت الكوفة قل له : يقول لك جعفر : يا كافر يا فاسق يا مشرك أنا برئ منك" . قال مرازم : فلما قدمت الكوفة فوضعت متاعي وجئت إليه فدعوت الجارية فقلت : قولي لأبي إسماعيل : هذا مرازم ، فخرج إلي فقلت له : يقول لك جعفر بن محمد : يا كافر يا فاسق يا مشرك أنا برئ منك، فقال لي : وقد ذكرني سيدي ؟ قال : قلت : نعم ذكرك بهذا الذي قلت لك، فقال: جزاك الله خيرا وفعل بك ، وأقبل يدعو لي.[62]

  وعندما ذهب الإمام الصادق إلى الكوفة، دخل عليه بشار الشعيري، فرفض الإمام استقباله وطرده قائلا:" اخرج عني لعنك الله ، والله لا يظلني وإياك سقف بيت أبدا". فلما خرج قال :" ويله .. ألا قال بما قالت اليهود ، ألا قال بما قالت النصارى ، ألا قال بما قالت المجوس ، أو بما قالت الصابئة ، والله ما صغر الله تصغير هذا الفاجر أحد ، إنه شيطان ابن شيطان خرج من البحر ليغوي أصحابي وشيعتي فاحذروه ، وليبلغ الشاهد الغائب أني عبد الله بن عبد الله عبدٌ قنٌ ابنُ أمة ، ضمتني الأصلاب والأرحام ، وأني لميت وأني لمبعوث ثم موقوف ثم مسئول والله لأُسألَنَّ عما قال فيَّ هذا الكذاب وادعاه عليَّ. ياويله ماله! أرعبه الله ، فلقد أمن على فراشه وأفزعني وأقلقني عن رقادي، أو تدرون أني لـِمَ أقول ذلك ؟ أقول ذلك لأستقر في قبري".[63] وقال لجماعة بشار الشعيري: "ويلكم توبوا إلى الله فإنكم كافرون مشركون" .[64]

 التحذير من الغلاة والكذب على الأئمة
  وقد حرص الإمام الصادق على تأسيس منهج واضح لشيعته يقوم على الالتزام بالكتاب والسنة، ودعاهم لرفض أية مقولة تنسب إليه إذا كانت تخالفهما، والضرب بتلك المقولة عرض الجدار. وبذل جهدا كبيرا طوال حياته في مكافحة الغلاة ومقولاتهم الشيطانية. فحذر شيعته منهم قائلا: "إحذروا على شبابكم الغلاة لا يفسدوهم، فان الغلاة شر خلق الله ، يصغرون عظمة الله ويدعون الربوبية لعباد الله ، والله إن الغلاة لشرٌّ من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا". وأضاف:" لا تقبلوا علينا حديثا إلا ما وافق القرآن والسنة، أو تجدون معه شاهدا من أحاديثنا المتقدمة، فإن المغيرة بن سعيد لعنه الله دس في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدث بها أبي، فاتقوا الله ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا تعالى وسنه نبينا محمد (ص) فإنا إذا حدثنا قلنا: قال الله (عزَّ وجل) وقال رسول الله (ص)".[65]  وأضاف:"كان المغيرة بن سعيد يتعمد الكذب على أبي، ويأخذ كتب أصحابه، وكان أصحابه المستترون بأصحاب أبي يأخذون الكتب فيدفعونها إلى المغيرة، وكان يدس فيها الكفر والزندقة، ويسندها إلى أبي، ثم يدفعها إلى أصحابه، ثم يأمرهم أن يبثوها في الشيعة، فكل ما كان في كتب أبي من الغلو فذاك مما دسه المغيرة بن سعيد في كتبه".[66]  وأكد ذلك قائلا :"إنه كان يكذب على أبي فأذاقه الله حر الحديد". وقال أيضا:" لعن الله المغيرة بن سعيد ولعن الله يهودية كان يختلف إليها يتعلم منها السحر والشعبذة والمخاريق، إن المغيرة كذب على أبي (ع) فسلبه الله الإيمان ، وإن قوما كذبوا عليَّ مالهم؟! أذاقهم الله حر الحديد. فوالله ما نحن إلا عبيد الذي خلقنا واصطفانا، ما نقدر على ضر ولا نفع ، وإن رحمنا فبرحمته ، وإن عذبنا فبذنوبنا ، والله مالنا على الله من حجة ولا معنا من الله براءة ، وإنا لميتون ومقبورون ومنشورون ومبعوثون وموقوفون ومسؤولون. ويلهم! مالهم؟! لعنهم الله ! لقد آذوا الله وآذوا رسوله (ص) في قبره وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي (صلوات الله عليهم) ، وها أناذا بين أظهركم لحم رسول الله وجلد رسول الله (ص) أبيت على فراشي خائفا وجلا مرعوبا، يأمنون  وأفزع ، ينامون على فرشهم وأنا خائف ساهر وجل، أتقلقل  بين الجبال والبراري". وأضاف:"لعن الله من قال فينا مالا نقوله في أنفسنا ، ولعن الله من أزالنا عن العبودية لله الذي خلقنا وإليه مآبنا ومعادنا وبيده نواصينا". وقال: "لعن الله عبدالله بن سبأ إنه ادعى الربوبية في أمير المؤمنين ، وكان والله أمير المؤمنين عليه السلام عبدا لله طائعا، الويل لمن كذب علينا، وإن قوما يقولون فينا مالا نقوله في أنفسنا، نبرأ إلى الله منهم ، نبرأ إلى الله منهم ".[67]
 ووجه الإمام الصادق خطابا عاما إلى الشيعة قائلا:"يا معشر الشيعة.. شيعة آل محمد.. كونوا النمرقة الوسطى، يرجع إليكم الغالي، و يلحق بكم التالي، فقال له رجل :جعلت فداك ما الغالي؟ قال: قوم يقولون فينا ما لا نقوله في أنفسنا، فليس أولئك منا ولسنا منهم، قال: فما التالي؟ قال: المرتاد يريد الخير، يبلغه الخير و يؤجر عليه".[68] ثم قال :" إلينا يرجع الغالي فلا نقبله، وبنا يلحق المقصر فنقبله ، فقيل له : كيف ذلك يا ابن رسول الله؟ قال : الغالي قد اعتاد ترك الصلاة والزكاة والصيام والحج فلا يقدر على ترك عادته وعلى الرجوع إلى طاعة الله عز وجل أبدا ، وإن المقصر إذا عرف عمل وأطاع". وقال في تأويل قوله تعالى:"هل أنبئكم على من تنزل الشياطين؟ تنزل على كل أفاك أثيم" قال: هم سبعة: المغيرة وبيان وصائد وحمزة بن عمارة البربري والحارث الشامي وعبد الله بن الحارث وأبو الخطاب.[69]
 التحذير من الكذب عليه
   ومع ازدياد موجة الدس والكذب على الإمام، قام الصادق بتحذير شيعته من قبول كل ما ينسب اليه، وقال:" إنا أهل بيت صديقون لا نخلو من كذاب يكذب علينا ويسقط صدقنا بكذبه علينا عند الناس" . وقال:" إن ممن ينتحل هذا الأمة لمن هو شر من اليهود، والنصارى، والمجوس، والذين أشركوا".[70]  و" إن فيهم من يكذب حتى أن الشيطان ليحتاج إلى كذبه.. لعنهم الله فإنا لا نخلو من كذاب يكذب علينا أو عاجز الرأي، كفانا الله مؤنة كل كذاب وأذاقهم حر الحديد". و"لقد أمسينا وما أحد أعدى لنا ممن ينتحل مودتنا ".[71] و"ما أنزل الله سبحانه آية في المنافقين، إلا وهي فيمن ينتحل التشيع ".[72]  و"لو قام قائمنا بدأ بكذابي الشيعة فقتلهم ".[73] وتحدث عن أحد الغلاة (موسى ابن الأشيم) فقال:" كان يأتيني فيدخل علي هو وصاحبه، وحفص بن ميمون، ويسألوني، فاخبرهم بالحق، ثم يخرجون من عندي إلى أبي الخطاب، فيخبرهم بخلاف قولي، فيأخذون بقوله، ويذرون قولي". [74] و" إني لأحدث الرجل بحديث وأنهاه عن الجدال والمراء في دين الله تعالى، وأنهاه عن القياس فيخرج من عندي فيتأول حديثي على غير تأويله". [75]

  وعندما وجد الصادق أكثر من يدعي التشيع كاذبا في دعواه ولا يلتزم بدقة بتعليماته وأقواله، خاطبهم  بصراحة:" كان أصحاب أبي والله خيرا منكم، كان أصحاب أبي ورقا لا شوك فيه، وأنتم اليوم شوك لا ورق فيه، فقال أبو الصباح الكناني جعلت فداك: فنحن أصحاب أبيك، قال: كنتم يومئذ خيرا منكم اليوم".[76] وقال لزيد الشحام:" مالكم وللناس قد حملتم الناس علي، إني والله ما وجدت أحدا يطيعني ويأخذ بقولي إلا رجلا واحدا رحمة الله عليه عبدالله بن أبي يعفور".[77]


 لبشرية"

   وكما اندس بعض الغلاة في شيعة الإمام الصادق، وفي شيعة أبيه الباقر، والحركات الشيعية الأخرى من قبل ، فقد اندس آخرون في شيعة الإمام موسى بن جعفر الكاظم، وراحوا يكذبون عليه، ومن هؤلاء  محمد بن بشير، الذي كان من أهل الكوفة من موالي بني أسد.[78]

  وكان يقول في موسى بالربوبية ويدعي في نفسه أنه نبي، كمن سبقه من الغلاة. كما كان يقول بالتناسخ، والأئمة عنده واحد واحد، إنما هم منتقلون من قرن إلى قرن. وزعم أن كل من انتسب إلى محمد فهم بيوت وظروف، وأن محمدا هو رب، حل في كل من انتسب إليه، وأنه لم يلد ولم يولد، وأنه محتجب في هذه الحجب،  وزعم أصحابه : أن الفرض عليهم من الله تعالى إقامة الصلاة والخمس وصوم شهر رمضان ، وينكرون الزكاة والحج وسائر الفرايض. وقالوا بإباحة المحارم والفروج والغلمان، واعتلوا في ذلك بقول الله تعالى (أو يزوجهم ذكرانا وإناثا).[79]

  ثم قال محمد بن بشير: إن موسى كان ظاهرا بين الخلق يرونه جميعا يتراءى لأهل النور بالنور ولأهل الكدورة بالكدورة في مثل خلقهم بالإنسانية والبشرية اللحمانية ، ثم حجب الخلق جميعا عن إدراكه وهو قائم بينهم موجود كما كان غير أنهم محجوبون عنه وعن إدراكه كالذي كانوا يدركونه.[80]  

  وقد استغل محمد بن بشير مناسبة وفاة الإمام الكاظم بصورة غامضة في سجن الرشيد في بغداد، لينخرط في صفوف "الواقفية" الذين قالوا بغيبة الإمام وهروبه من السجن، وأنه لم يمت ولم يحبس وأنه غاب واستتر وهو القائم المهدي. فقال: إن موسى بن جعفر استخلفه في وقت غيبته على الأمة وجعله وصيه وأعطاه خاتمه و علمه جميع ما تحتاج إليه رعيته من أمر دينهم ودنياهم، وفوض إليه جميع أمره وأقامه مقام نفسه ، وأنه الإمام من بعد الكاظم. ثم أوصى محمد بن بشير إلى ابنه سميع بالإمامة من بعده، ومن أوصى إليه سميع فهو إمام مفترض طاعته على الأمة إلى وقت خروج موسى بن جعفر وظهوره فيما يلزم الناس من حقوقه في أموالهم وغير ذلك مما يتقربون به إلى الله تعالى ، فالفرض عليهم أداؤه إلى أوصياء محمد بن بشير إلى قيام القائم. وزعم أتباعه أن علي بن موسى وكل من ادعى الإمامة من ولده وولد موسى بن جعفر مبطلون كاذبون غير طيبي الولادة فنفوهم عن أنسابهم وكفروهم لدعواهم الإمامة، وكفروا القائلين بإمامتهم واستحلوا دماءهم وأموالهم.[81]

 وفي زمن الكاظم أيضا عادت الحركة "المنصورية" بقيادة ابن زعيمها السابق (الحسين بن أبي منصور) بالظهور مرة أخرى، في أيام المهدي العباسي ، حيث قام بادعاء النبوة ، ونجح بكسب الكثير من الأتباع ، فقتله المهدي وصلبه، مع جماعة من أصحابه.[82]

"الفراتية" أو الغلاة في الإمام الرضا

 وفي الوقت الذي كان "محمد بن بشير" يعادى الإمام علي بن موسى الرضا، كانت جماعة أخرى مغالية تندس في شيعته بزعامة رجل يدعى "محمد بن موسى بن الحسن بن فرات البغدادي" الذي كان يدعي أنه باب الإمام الرضا  وأنه نبي.[83]  وذلك امتدادا للخطابية والعليائية.

 

"النصيرية"

 وقد ورث ابنُ فرات أفكارَه الشيطانية إلى عدد من الأشخاص في النصف الأول من القرن الثالث الهجري، كان منهم "السجادة الحسن بن علي بن أبي عثمان" و"علي بن حسكة الجوّاز القمي" وتلامذته: "القاسم اليقطيني الشعراني " و" الحسن بن محمد، المعروف بابن بابا القمي" و "محمد بن موسى الشريعي" و"محمد بن نصير النميري الفهري" و"فارس بن حاتم القزويني". وقد كان هؤلاء في قم والكوفة وبغداد يدعون الولاء للأئمة من أهل البيت، ولا سيما الإمامين علي بن محمد الهادي والحسن العسكري، ولكنهم كانوا يدعون "البابية" لهما، في حين كان بعضهم كالنميري وابن بابا  يزعمان أن الهادي أرسلهما نبيين للناس.[84]

  وكانت خطورة أولئك الغلاة تكمن في أنهم كانوا ينسبون أقوالهم المغالية إلى أئمة أهل البيت، بحيث كانوا يوقعون الشيعة في التباس وحيرة، مما كان يدفعهم للسؤال والاستفسار من الأئمة عن أولئك الغلاة المندسين في صفوفهم. فقد كتب  أحمد بن محمد بن عيسى (من قم) إلى الإمام العسكري (في سامراء):" في قوم يتكلمون ويقرأون أحاديث وينسبونها إليك وإلى آبائك فيها ما تشمئز منها القلوب ولا يجوز لنا ردها إذ كانوا يروونها عن آبائك ، ولا قبولها لما فيها.. وينسبون (خلق) الأرض (أو الأمر) إلى قوم يذكرون أنهم من مواليك، وهو رجل يقال له : علي ابن حسكة ، وآخر يقال له : القاسم اليقطيني. ومن أقاويلهم أنهم يقولون : إن قول الله عز وجل : " إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر" معناها رجل ، لا ركوع ولا سجود ، وكذلك الزكاة معناها ذلك  الرجل لا عدد درهم ولا إخراج مال، وأشياء من الفرائض والسنن والمعاصي تأولوها وصيروها على الحد الذي ذكرت، فإن رأيت أن تبين لنا وتمن علينا بما فيه السلامة لمواليك ونجاتهم من هذه الأقاويل التي تخرجهم إلى الهلاك" .فكتب إليه العسكري:" ليس هذا ديننا فاعتزله".[85] 

وفي رسالة أخرى مشابهة كتب إبراهيم بن شيبة إلى الإمام العسكري أيضا يقول فيها: "جعلت فداك إن عندنا قوما يختلفون في معرفة فضلكم بأقاويل مختلفة تشمئز منها القلوب وتضيق لها الصدور ويروون في ذلك الأحاديث لا يجوز لنا الإقرار بها لما فيها من القول العظيم ولا يجوز ردها ولا الجحود لها إذ نسبت إلى آبائك ، فنحن وقوف عليها من ذلك – ثم يستعرض أقوالهم السابقة، ويقول - فإن رأيت أن تمن على مواليك بما فيه سلامتهم ونجاتهم من الأقاويل التي تصيرهم إلى العطب والهلاك ، والذين ادعوا هذه الأشياء ادعوا أنهم أولياء ودعوا  إلى طاعتهم منهم علي بن حسكة والقاسم اليقطيني ، فما تقول في القبول منهم جميعا؟" فكتب إليه العسكري:" ليس هذا ديننا فاعتزله". [86] 

    ويقول الكشي: كتب بعض أصحابنا إلى أبي الحسن العسكري:" جعلت فداك يا سيدي إن علي بن حسكة يدعي أنه من أوليائك وأنك أنت الأول القديم ، وأنه بابك ونبيك أمرته أن يدعو إلى ذلك، ويزعم أن الصلاة والزكاة والحج والصوم كل ذلك معرفتك ومعرفة من كان في مثل حال ابن حسكة فيما يدعي من البابية والنبوة فهو مؤمن كامل سقط عنه الاستعباد بالصوم والصلاة والحج ، وذكر جميع شرائع الدين أن معنى ذلك كله ما ثبت لك ، ومال إليه ناس كثير فإن رأيت أن تمن على مواليك بجواب في ذلك تنجيهم من الهلكة".

وقال محمد بن نصير الفهري النميري ، بألوهية الإمام الهادي علي بن محمد العسكري وربوبيته، وادعى أنه نبي رسول من قبله ، كما كان يقول بالتناسخ ، وإباحة المحارم وتحليل نكاح الرجال بعضهم بعضا في أدبارهم ، ويقول: إنه من الفاعل والمفعول به أحد الشهوات والطيبات ، وإن الله لم يحرم شيئا من ذلك.

 

استمرار الغلو والقول بالتفويض

      وقد استمر الخلاف حول "التفويض" بين الشيعة إلى ما بعد وفاة الإمام العسكري، كما يحكي أبو الحسن علي بن أحمد الدلال القمي الذي يقول :" اختلف جماعة من الشيعة في أن الله عز وجل فوض إلى الأئمة أن يخلقوا ويرزقوا ؟ فقال قوم : هذا محال لا يجوز على الله عز وجل ، لأن الأجسام لا يقدر على خلقها غير الله عز وجل وقال آخرون : بل الله عز وجل أقدر الأئمة على ذلك وفوض إليهم فخلقوا و رزقوا ، وتنازعوا في ذلك تنازعا شديدا ، فقال قائل : ما بالكم لا ترجعون إلى أبي جعفر محمد بن عثمان (السفير الثاني الخاص للإمام المهدي الغائب) فتسألونه عن ذلك ليوضح لكم الحق فيه فانه الطريق إلى صاحب الأمر ، فرضيت الجماعة بأبي جعفر وسلمت وأجابت إلى قوله ، فكتبوا المسألة وأنفذوها إليه (في بغداد) فخرج إليهم من جهته توقيع ( يفترض أنه من الإمام المهدي) نسخته :" إن الله تعالى هو الذي خلق الأجسام وقسم الأرزاق لأنه ليس بجسم ولا حال في جسم ، ليس كمثله شئ وهو السميع البصير ، فأما الأئمة عليهم السلام فإنهم يسألون الله تعالى فيخلق ويسأله فيرزق ، إيجابا لمسألتهم وإعظاما لحقهم".[87]

  وكما يلاحظ فإن  هذا "التوقيع" لم يحسم الجدل حول دور الأئمة في الخلق والرزق والحياة والموت، وإنما نفى التفويض المطلق لهم، وأعطاهم دورا في التوسط بين الله والخلق عن طريق السؤال.

"العذاقرة"

كما استمر القول بالحلول في بعض أدعياء النيابة الخاصة عن الإمام المهدي، كمحمد بن علي الشلمغاني، المعروف بابن أبي العذاقر، الذي كان وكيلا عن الحسين بن روح النوبختي (الوكيل الثالث عن المهدي) ثم ظهر في بغداد في سنة ثلاثمائة واثنتين وعشرين، وادعى حلول روح الاله فيه، وسمى نفسه روح القدس، ووضع لأتباعه كتابا سماه بالحاسة السادسة، وصرح فيه برفع الشريعة وأباح اللواط.[88]






[1]  - المجلسي، بحار الأنوار، ج 25، ص 262   
[2]  - نقلا عن تاريخ الإمامية لعبد الله فياض، ص 62
[3]  - فياض،  تاريخ الإمامية وأسلافهم من الشيعة، ص 88
[4]  - النوبختي،  فرق الشيعة، ص 22 ، راجع أيضا (المقالات والفرق) لسعد بن عبد الله الأشعري القمي، الذي يكتفي بالقول "إنه كان أول من أظهر الطعن على أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة وتبرأ منهم" . ص 20 .  

[5]  - الخوئي، معجم الرجال، رقم 6889 عن الكشي. ويروي الكشي بإسناده عن هشام بن سالم، قال: سمعت أبا عبد الله يقول وهو يحدث أصحابه بحديث عبد الله بن سبأ، وما ادعى من الربوبية في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال: إنه لما ادعى ذلك فيه استتابه أمير المؤمنين فأبى أن يتوب فأحرقه بالنار. ويروي كذلك بإسناده عن أبان بن عثمان، قال: سمعت أبا عبد الله  يقول: لعن الله  عبد الله بن سبأ إنه ادعى الربوبية في أمير المؤمنين ، وكان والله أمير المؤمنين عبداً لله طائعا، الويل لمن كذب علينا وإن قوما يقولون فينا مالا نقوله في أنفسنا، نبرأ إلى الله منهم، نبرأ إلى الله منهم. وعن أبي حمزة الثمالي، قال: قال علي بن الحسين : لعن الله من كذب علينا إني ذكرت عبد الله بن سبأ فقامت كل شعرة في جسدي، لقد ادعى أمرا عظيما، ما له؟! لعنه الله، كان علي والله عبدا لله صالحا، أخا رسول الله، ما نال الكرامة من الله إلا بطاعته لله ولرسوله، وما نال رسول الله (ص) الكرامة من الله إلا بطاعته الله.  

[6]  - الطوسي، الرجال، ص 51  
[7]   - الحلي، الخلاصة ، القسم الثاني، ص 237 ويتفق معهما  الشهرستاني الذي يقول في (الملل والنحل): إن  عبد الله بن سبأ ، قال لعلي (كرم الله وجهه) :" أنت أنت"  يعني : أنت الإله . فنفاه إلى المدائن.
[8]  -  الأشعري القمي، المقالات والفرق، ص 21

[9]  - وقال أبو الحسن الاشعري (- 330 ه‍( في ذكر السبئية من مقالات الإسلاميين: " وهؤلاء - السبئية - يقولون عند سماع الرعد: السلام عليك يا أمير المؤمنين ". وقال أبو الحسين الملطي (- 377 ه‍(: " والفرقة الثانية من السبئية يقولون: إن عليا لم يمت، وإنه في السحاب، وإذا نشأت سحابة بيضاء صافية منيرة مبرقة مرعدة قاموا إليها يبتهلون ويتضرعون ويقولون: قد مر بنا في السحاب"! وقال البغدادي (- 419 هـ) في الفرق بين الفرق: " وزعم بعض السبئية أن عليا في السحاب، وأن الرعد صوته والبرق سوطه، ومن سمع من هؤلاء صوت الرعد قال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، وروى عن الشاعر أنه تبرأ منهم وقال: ومن قوم إذا ذكروا عليا * يردون السلام على السحاب " وقال ابن حزم (- 454 ه‍( في الفصل: " وقالت السبئية أصحاب عبد الله بن سبأ الحميري اليهودي في علي... وإنه في السحاب ". وقال صاحب البدء والتاريخ: " وأما السبئية فإنهم يقال لهم الطيارة، يزعمون أنهم لا يموتون وإنما موتهم طيران نفوسهم في الغلس، وأن عليا لم يمت وأنه في السحاب، وإذا سمعوا صوت الرعد، قالوا: غضب علي ". وقال الاسفرائيني (- 471 ه‍ ( عن السبئية: " وقال بعضهم هو في الغيم، والرعد صوته والبرق سوطه، وإذا سمعوا صوت الرعد قالوا: السلام عليك يا أمير المؤمنين ". ثم ذكر البيت " ومن قوم إذا سمعوا... ". وقال أبو محمد عثمان العراقي (ت: نحو 500 ه‍( : " وأما السحابية: فهم طائفة يزعمون أن عليا، رضي الله عنه، مع كل سحاب، والرعد صوت علي، وما من نكاح إلا ويحضره علي، وإنما تنعقد الانكحة بشهادته، وبعض هذه الطائفة يزعمون بأن شهادة الله ورسوله كافية في الانكحة، ولا افتقار إلى شهادة الآدميين. ويزعمون أيضا أن عليا لم يمت، وأنه سيرجع عن قريب وينتقم من أعدائه ". وقال بعد هذا في تعريف السبئية: " وأما السبئية: هم طائفة ينسبون إلى عبد الله بن سبأ، وهم يزعمون بأن عليا حي لم يمت، وهو مع كل سحاب يدور، والرعد صوته، وسيرجع عن قريب فينتقم من أعدائه. وابن سبأ، هذا كان يدعي أن عليا إله العالمين ". وقال في جواب من تخيلهم بالسبئية بعد هذا: " روي أنه لما قتل علي، رضي الله عنه، قال ابن سبأ: إن عليا حي وهو مع كل سحاب، والرعد صوته. فقيل له: فمن الذي قتله الملعون ابن ملجم ؟ قال: كان ذلك شيطانا في صورة علي،  فقيل له: لو كان ابن ملجم قتل شيطانا لكان يستحق المدح، فلماذا تلعنونه وتذمونه ؟ فتحير ابن سبأ ولم يبد جوابا، وبالله التوفيق ". وقال الشهرستاني (- 548 ه‍( في تعريف السبئية من الغلاة: إنهم أصحاب عبد الله بن سبأ الذي... زعم أن عليا حي لم يمت ففيه الجزء الإلهي ولا يجوز أن يستولي عليه الموت، وهو الذي يجئ في السحاب، والرعد صوته والبرق تبسمه، وأنه سينزل إلى الأرض بعد ذلك فيملا الأرض عدلا كما ملئت جورا. وقال السمعاني (- 562 ه‍( في ترجمة السبائي من أنسابه: و [عبد الله بن] (أ) سبأ هو الذي قال لعلي: أنت الإله حتى نفاه إلى المدائن، وزعم أصحابه أن عليا في السحاب وأن الرعد صوته والبرق سوطه. ومن هنا قال قائلهم: ومن قوم إذا ذكروا عليا * يردون السلام على السحاب وقال ابن أبي الحديد (- 655 ه‍( في شرح الخطبة (27) من نهج البلاغة بعد كلام عن السبئية: " وقالوا: إن عليا لم يمت، وإنه في السماء، والرعد صوته، والبرق سوطه، وإذا سمعوا صوت الرعد قالوا: السلام عليك يا أمير المؤمنين ". وقال ابن خلدون (- 808 ه‍(: بعضهم يقول: هو حي لم يمت إلا أنه غائب عن أعين الناس - إلى قوله -: وأنه في السحاب  والرعد صوته والبرق سوطه.

[10]  - الخوئي، معجم رجال الحديث، رقم 5726  عن الكشي، ورواها مع زيادة في آخر ترجمة أبي الخطاب محمد بن أبي زينب.   
[11]  - وقد حاول السيد مرتضى العسكري في كتابه "عبد الله بن سبأ وأساطير أخرى" التشكيك بوجوده، فأثبت ضعف الراوي سيف بن عمر التميمي المتوفى بعد عام 179 هـ، المصدر الرئيسي للطبري، والذي يضخم دور ابن سبأ في الفتنة الكبرى وينسب إليه كثيرا من الأعمال، ليقول العسكري أن ابن سبأ أسطورة مفتعلة ورجل مختلق، ولكن العسكري لم يتطرق إلى الروايات الشيعية الكثيرة التي تؤكد وجود ابن سبأ ، وتنسب إليه القول بالغلو، وتلعنه على لسان الأئمة من أهل البيت، كما رأينا. وليس في أحدها رواية عن سيف بن عمر. كما نفى الدكتور علي الوردي والدكتور طه حسين، والدكتور كامل مصطفى الشيبي وجود عبد الله بن سبأ بناء على تضعيف رواية سيف بن عمر المشحونة بالخيال الواسع.
[12]  - النوبختي، فرق الشيعة والأشعري، المقالات والفرق، ص 20  - 21   
[13]  -  البغدادي، عبد القاهر بن طاهر، الفرق بين الفرق، ص 27 ، دار الجيل ، بيروت  1987
[14]  - النوبختي،  فرق الشيعة،  ص31
[15]  - البغدادي، الفرق بين الفرق، ص 35 – 36  ولكن يحتمل أن يكون هذا الاتهام مزورا من قبل المتضررين من سادات الكوفة الذين استولى المختار على أموالهم وعبيدهم . خاصة وانهم يقولون بأن دعوى المختار للنبوة كانت  خاصة وسرية.
[16]  - البغدادي، الفرق بين الفرق، ص  36 
[17]  - أبوالفتح الشهرستاني، الملل والنحل، الإصدار 2.02 ، الجزء الأول، مقدمات ، المقدمة الرابعة: في بيان أول شبهة وقعت في الملة الإسلامية، وكيفية انشعابها، ومن مصدرها، ومن مُظهِرُها.  

[18]  -  يقول محمد بن سعد في الطبقات الكبرى:" إن علي بن حسين قام على باب الكعبة فلعن المختار فقال له رجل جعلني الله فداك تلعنه وإنما ذبح فيكم فقال إنه كان كذابا يكذب على الله وعلى رسوله . وكان زين العابدين يقول لأنصاره: يا أيها الناس أحبونا حب الاسلام فما برح بنا حبكم حتى صار علينا عارا . أحبونا حب الاسلام فوالله ما زال بنا ما تقولون حتى بغضتمونا إلى الناس. وجاء نفر إلى علي بن الحسين فأثنوا عليه فقال ما أكذبكم وما أجرأكم على الله نحن من صالحي قومنا وبحسبنا أن نكون من صالحي قومنا". الجزء الخامس ص 214

 http://www.yasoob.com/books/htm1/m021/24/no2408.html


[19]  - أبو الفتح الشهرستاني، الملل والنحل، الإصدار 2.02 ، الجزء الأول، الباب الأول: المسلمون، الفصل السادس: الشيعة ، 1- الكَيْسانِيَّة، والأشعري القمي، سعد بن عبد الله، المقالات والفرق، ص 27
[20]  - الشهرستاني، الملل والنحل، ج 1 ص 150 – 152
[21]  - الأشعري القمي، المقالات والفرق، ص 21  و النوبختي،  فرق الشيعة،  ص 18 – 20  
[22]  - المصدران السابقان
[23]  - الخوئي، معجم الرجال، رقم 4057 – عن الكشي.
[24]  - النوبختي،  فرق الشيعة، ص 34  والبغدادي، الفرق بين الفرق، ص 28 ويقول عبد القاهر البغدادي: إن البيانية زعمت أن روح الإله دارت في الأنبياء والأئمة حتى انتهت الى علي ثم دارت الى محمد بن الحنفية، ثم صارت الى ابنه أبي هاشم، ثم حلت بعده في بيان بن سمعان. وادعوا بذلك إلاهية بيان بن سمعان. البغدادي، الفرق بين الفرق، ص 241
[25]  - النوبختي،  فرق الشيعة، ص 36
[26]  - النوبختي،  فرق الشيعة، ص 46 والمزدكية أتباع مزدك الذي ظهر في أيام قباد والد أنوشروان، واسم كتابه الذي ادعى نزوله عليه (ديستاو) وقولهم كقول المانوية في الأصلين النور والظلمة، والمزدكية هم الذين استباحوا المحرمات وزعموا أن الناس شركاء في الأموال والنساء.
[27]  - النوبختي،  فرق الشيعة، ص62- 63
[28]  - ولكن حركته أيضا لم تمت نهائيا حيث قام ابنه (الحسين بن أبي منصور) فيما بعد في أيام المهدي العباسي ، بادعاء النبوة ، ونجح بكسب الكثير من الأتباع ، فقتله المهدي وصلبه، مع جماعة من أصحابه. النوبختي،  فرق الشيعة، ص 38  والكشي ص 196
[29]  - النوبختي،  فرق الشيعة،  ص 34
[30]  - النوبختي،  فرق الشيعة، ص 52- 53 
وكان "الرزامية" قد ظهروا بخراسان في أيام أبي مسلم الخراساني فادعوا حلول الإله فيه فحاربهم ، ولكنهم استمروا سرا حتى ظهروا مرة أخرى تحت اسم "المقنعية، أو المبيضة" في أيام المهدي العباسي، بقيادة هاشم بن حكيم المروزي الملقب بالمقنع الذي ادعى إحياء الموتى وعلم الغيب، فحاصره المهدي وقضى عليه. وأما الخرمية فهم أتباع بابك الخرمي الذي ظهر في الجبال بناحية أذربيجان سنة 201 وكثروا واستباحوا المحرمات وقتلوا الكثير من المسلمين، وجهز إليهم خلفاء بني العباس جيوشا كثيرة مع أفشين الحاجب ومحمد بن يوسف التغري وأبي دلف العجلي وبقيت العساكر تغزوهم نحوا من عشرين سنة إلى أن أخذ بابك وأخوه إسحاق بن ابراهيم وصلبا بسر من رأى، سنة 223 في أيام المعتصم. (النوبختي،  فرق الشيعة، ص 47)
[31]  - الخوئي، معجم الرجال (10012) عن الكشي، ترجمة محمد بن أبي زينب الأسدي، ح رقم  4
[32]  - الخوئي، معجم الرجال (10012) عن الكشي، ترجمة محمد بن أبي زينب: مقلاص، أبو الخطاب الأسدي، ح رقم ، الطائفة الثانية 1
[33]  - وهي المقولة التي كان يروجها من قبل المعلى بن خنيس، حتى قال الصادق عنه: "هلك فيها أبو الخطاب فلم يدر ما تأويل المحدَّث والنبي". الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب في أن الأئمة محدثون مفهمون، ح رقم 2 
[34]  - رجال الكشى : 160  وقال ابن الغضائري: " معلى بن خنيس مولى أبي عبد الله عليه السلام: كان أول أمره مغيريا، ثم دعا إلى محمد بن عبد الله، وفي هذه الظنة أخذه داود ابن علي، فقتله، والغلاة يضيفون إليه كثيرا، ولا أرى الاعتماد على شئ من حديثه ". وقد قتل الوالي العباسي داود  المعلى بن خنيس سنة 132 .

[35]  - رجال الكشى : 193 و194 و195

[36]  - وقد كشفه معاوية بن عمار، الذي يقول : بلغني عن أبي الخطاب أشياء فدخلت على أبي عبدالله (الصادق)، فدخل أبو الخطاب وأنا عنده أو دخلت وهو عنده فلما أن بقيت أنا وهو في المجلس قلت لأبي عبدالله:  إن أبا الخطاب روى عنك كذا وكذا ، قال : كذب ، قال : فأقبلت أروي ما روى شيئا مما سمعناه وأنكرناه إلا سألت عنه ، فجعل يقول : كذب. وزحف أبو الخطاب حتى ضرب بيده إلى لحية أبي عبدالله ، فضربت يده وقلت : خلِّ يدك عن لحيته ، فقال أبو الخطاب : يا أبا القاسم لا تقوم ؟ قال أبوعبدالله: له حاجة، حتى قال ثلاث مرات، كل ذلك يقول أبوعبدالله : له حاجة . فقال أبوعبدالله : إنما أراد أن يقول لك: يخبرني ويكتمك ، فأبلغ أصحابي كذا وكذا ، وأبلغهم كذا وكذا. رجال الكشى ، ترجمة محمد بن أبي زينب، ح رقم 9 .

[37]  - الخوئي، معجم الرجال (10012) عن الكشي، ترجمة محمد بن أبي زينب الأسدي، ح رقم  5
[38]  - الخوئي، معجم الرجال (10012) عن الكشي، ترجمة محمد بن أبي زينب: مقلاص، أبو الخطاب الأسدي، ح رقم 12
[39]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب في أن الأئمة محدثون مفهمون، ح رقم 2   وكان هذا القول في تأويل آية " وهو الذي في السماء إله وفي الأرض آله" أن إله السماء غير إله الأرض؛ قد ابتدعه من قبل بنان النهدي، فلعنه الصادق ، وقال :" والله ما هو إلا الله وحده لا شريك له ، إله في السماوات وإله في الأرضين كذب بنان عليه لعنة الله صغر الله جل جلاله وصغر عظمته".

[40]  - وقام أبو الخطاب بتفسير قوله تعالى " وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله" أي بوحي منه إليه ، وادعى أن كل مؤمن يوحى إليه وبالتالي فهو نبي. وفسر قوله تعالى في سورة النحل "وأوحى ربك إلى النحل" فزعم أنه إذا جاز الوحي إلى النحل فالوحي إلينا أولى بالجواز. وتأوَّل آية "وإذ أوحيت إلى الحواريين" فقال بأن المراد بالحواريين في الآية الشريفة الفرقة الخطابية. 
[41]  - المصدر ، ح رقم 6  قال : قلت : فما أنتم جعلت فداك ؟ قال : خزان علم الله وتراجمة وحي الله ونحن قوم معصومون ، أمر الله بطاعتنا ونهى عن معصيتنا ، نحن الحجة البالغة على من دون السماء وفوق الأرض . رواه أيضا الكليني عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن البرقي عن أبي طالب عن سدير. الكليني، أصول الكافي، ج 1 ص 269.  
[42]  - رجال الكشى : 209
[43]  - الصفار، بصائر الدرجات، ج 5 ، ح رقم  (25)
[44]  - الخوئي، معجم الرجال، رقم 5827 عن الكشي.
[45]  - رجال الكشى : 192 و 193
[46]  - الخوئي، معجم رجال الحديث ، ترجمة المغيرة بن سعيد، والكشي في رجاله.
[47]  - المجلسي، بحار الأنوار، ج 47، ص 378، عن كتاب زيد النرسي.
[48]  - الأشعري القمي، سعد بن عبد الله، المقالات والفرق، ص 55 وقد مر بنا قبل قليل أن الإمام الصادق استخدم هذه الآية في تبرير لعن زرارة ظاهريا من أجل التغطية عليه.

[49]  -  وهكذا لعن بقية الأئمة من أهل البيت أبا الخطاب وأصحابه ومنهم يونس بن ظبيان الذي سلم على بنت أبي الخطاب في قبرها قائلا: السلام عليكِ يا بنت رسول الله (ويقصد أبا الخطاب). حيث لعنه الإمام الرضا وقال لمن ذكره عنده: اخرج عني لعنك الله ولعن من حدثك ولعن يونس بن ظبيان ألف لعنة تتبعها ألف لعنة كل لعنة منها تبلغك قعر جهنم  أشهد ما ناداه إلا شيطان ، أما إن يونس مع أبي الخطاب في أشد العذاب مقرونان، وأصحابهما إلى ذلك الشيطان مع فرعون وآل فرعون في أشد العذاب ، سمعت ذلك من أبي عليه السلام . بحار الأنوار جلد: 25 من صفحه 280  إلى صفحه 288   

[50]  -  يقول النوبختي والأشعري القمي: "كانت الخطابية قد لزموا المسجد بالكوفة واظهروا التعبد ولزم كل رجل منهم اسطوانة وكانوا يدعون الناس إلى أمرهم سرا فبلغ خبرهم عيسى بن موسى وكان عاملا لأبي جعفر المنصور على الكوفة وبلغه انهم قد اظهروا الاباحات ودعوا الناس إلى نبوة أبي الخطاب وانهم مجتمعون في مسجد الكوفة قد لزموا الأساطين يرون الناس انهم لزموا للعبادة فبعث إليهم رجلا من أصحابه في خيل ورجالة ليأخذهم ويأتيه بهم فامتنعوا عليه وحاربوه وكانوا سبعين رجلا فقتلهم جميعا ولم يفلت منهم أحد إلا رجل واحد أصابته جراحات فسقط بين القتلى فعد فيهم فلما جن الليل خرج من بينهم فتخلص وهو أبو سلمة سالم بن مكرم الجمال الملقب بأبي خديجة . وكانت بينهم حرب شديدة بالقصب والحجارة والسكاكين كانت مع بعضهم وجعلوا القصب مكان الرماح . فقاتلوا حتى قتلوا عن آخرهم واسر أبو الخطاب فأتى به عيسى بن موسى فأمر بقتله فضربت عنقه في دار الرزق على شاطئ الفرات وأمر بصلبه وصلب أصحابه فصلبوا ثم أمر بعد مدة بإحراقهم فاحرقوا وبعث برؤوسهم إلى المنصور فأمر بها فصلبت على مدينة بغداد ثلاثة أيام ثم أحرقت" .  سعد بن عبدالله في كتاب المقالات والفرق ، ص 81 والنوبختى في فرق الشيعة، ص 69 و 70  
[51] - قال عنه النجاشي:" مفضل بن عمر أبو عبد الله ، قيل أبو محمد الجعفي : كوفي ، فاسد المذهب ، مضطرب الرواية ، لا يعبأ به . وقيل : إنه كان خطابيا ، وقد ذُكِرَت له مصنفات لا يعول عليها ، وإنما ذكرنا [ه ] للشرط الذي قدمناه . وقال عنه ابن الغضائري : " ضعيف ، متهافت ، مرتفع القول ، خطابي. وقد زيد عليه شيء كثير ، وحَمَل الغلاة في حديثه حَمْلا عظيما ، ولا يجوز أن يكتب حديثه ، وروى عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهما السلام ".  وقد نقل كلام ابن الغضائري فيه ابن داود في رجاله والعلامة في الخلاصة آخذين بقوله .
[52]  - فقد قال الكشي : ذكرت الطيارة الغالية في بعض كتبها عن المفضل أنه قال : لقد قتل مع أبي إسماعيل يعني أبا الخطاب سبعون نبيا كلهم رأى وهلك نبيا فيه . وإن المفضل قال : دخلنا على أبي عبدالله ونحن اثنا عشر رجلا قال : فجعل أبوعبدالله يسلم على رجل رجل منا ويسمي كل رجل منا باسم نبي وقال لبعضنا : السلام عليك يا نوح ، وقال لبعضنا : السلام عليك يا إبراهيم ، وكان آخر من سلم عليه قال : السلام عليك يا يونس ، ثم قال : لا تخاير بين الأنبياء .
[53]  - رجال الكشى : 145
[54] - كشف الغمة : 237  : من كتاب الدلائل للحميري
[55]  - بصائر الدرجات : 64 - و 65 .
[56]  - آمالي الصدوق : 130 وخلف المفضلَ أبو جعفر محمد بن سنان الزاهري الهمداني  توفي سنة 220 هـ . الذي  قال فيه ابن الغضائري : ضعيف ، غال ، يضع الحديث ، لا يلتفت إليه. وقد روى  محمد بن سنان ،  عن أبي جعفر الثاني (محمد الجواد) أنه قال : "إن الله تبارك و تعالى لم يزل متفردا بوحدانيته ثم خلق محمدا وعليا وفاطمة فمكثوا ألف دهر ثم خلق جميع الأشياء فأشهدهم خلقها وأجر ى طاعتهم عليها وفوض أمورها إليهم (وفي رواية أخرى: وفوض أمر الأشياء إليهم في الحكم والتصرف والإرشاد والأمر والنهي في الخلق ، لانهم الولاة فلهم الأمر والولاية والهداية ، فهم أبوابه ونوابه وحجابه ) فهم يحلون ما يشاؤن ويحرمون ما يشاؤن ولن يشاؤا إلا أن يشاء الله تبارك وتعالى . ثم قال : يا محمد هذه الديانة التي من تقدمها مرق ، ومن تخلف عنها محق، ومن  لزمها لحق ، خذها إليك يا محمد" . الصفار، بصائر الدرجات : 112    
[57]  - وقد عمل أنصار المفضل روايات معاكسة على لسان الصادق، حيث روى عبد الله بن الوليد، قال: قال لي أبو عبد الله: ما تقول في المفضل ؟ قلت: وما عسيت أن أقول فيه بعدما سمعت منك، فقال: رحمه الله، لكن عامر بن جذاعة وحجر بن زائدة، أتياني فعاباه عندي، فسألتهما الكف عنه، فلم يفعلا، ثم سألتهما أن يكفا عنه، وأخبرتهما بسروري بذلك، فلم يفعلا ! فلا غفر الله لهما ".  وقال بشير الدهان: قال أبو عبد الله  لمحمد بن كثير الثقفي: ما تقول في المفضل بن عمر ؟ قال: ما عسيت أن أقول فيه، لو رأيت في عنقه صليبا، وفي وسطه كشطيخا (كسحا)، لعلمت أنه على الحق، بعدما سمعتك تقول فيه ما تقول. قال: رحمه الله، لكن حجر بن زائدة، وعامر بن جذاعة أتياني فشتماه عندي، فقلت لهما: لا تفعلا فإني أهواه، فلم يقبلا، فسألتهما وأخبرتهما أن الكف عنه حاجتي، فلم يفعلا ! ! فلا غفر الله لهما". الكشي ، في ترجمة عامر بن جذاعة والمفضل بن عمر.
[58]  - رجال الكشى : 145

[59] - رجال الكشى : 252 و 253  و الشهرستاني، الملل والنحل 1 : 293

[60]  الشهرستاني، الملل والنحل ، ص 156- والأشعري القمي، المقالات والفرق ، ص 56  
[61]  - "بشار الشعيري" هو مؤسس الفرقة المغالية "العليائية" التي كانت تقول: بأن عليا هو رب ، ظهر بالعلوية والهاشمية وأظهر أنه عبده ورسوله بالمحمدية. رجال الكشى : 252 3  والشهرستاني، الملل والنحل 1 : 293
[62]  -  الخوئي، معجم الرجال ، رقم 1728  عن الكشي
[63]  -  رجال الكشى : 253 و 254  

[64]  - رجال الكشى : 252 .

[65]  - الخوئي، معجم رجال الحديث، رقم 12587 - المغيرة بن سعيد
[66]  - أسد حيدر، الإمام الصادق والمذاهب الأربعة، المجلد الثاني، ص 381 – 383 
[67]  - رجال الكشى : 70 و 71
[68]  - الطبرسي، مشكاة الأنوار في غرر الأخبار، ط 2 ،1385 ه/ص .66
[69]  -  المصادر
[70]  - الخوئي، معجم الرجال (10012) عن الكشي، ترجمة  بن أبي زينب الأسدي، ح رقم5 ، الطائفة الثانية
[71]  - الخوئي، معجم الرجال (10012) عن الكشي، ترجمة  بن أبي زينب الأسدي، ح رقم  18، الطائفة الثانية 
[72]  - الخوئي، معجم الرجال (10012) عن الكشي، ترجمة  بن أبي زينب الأسدي، ح رقم 11، الطائفة الثانية 
[73]  - الخوئي، معجم الرجال (10012) عن الكشي، ترجمة  بن أبي زينب الأسدي، ح رقم 9، الطائفة الثانية 
[74]  - الخوئي، معجم رجال الحديث، رقم 3825 الكشي، ترجمة جعفر  بن ميمون.
وقال أبو عمرو الكشي ، قال يحيى بن عبد الحميد الحماني  في كتابه المؤلف في إثبات إمامة أمير المؤمنين عليه السلام : قلت لشريك : (لعله شريك بن عبدالله النخعي الكوفي القاضي المتوفى سنة 177 ( أو ) 178  ) إن أقواما يزعمون أن جعفر بن محمد ضعيف الحديث ، فقال : أخبرك القصة كان جعفر بن محمد رجلا صالحا مسلما ورعا فاكتنفه قوم جهال يدخلون عليه ويخرجون من عنده ويقولون : حدثنا جعفر بن محمد ، ويحدثون بأحاديث كلها منكرات كذب موضوعة على جعفر ، ليستأكلون الناس بذلك ، ويأخذون منهم الدراهم ، كانوا يأتون من ذلك بكل منكر ، فسمعت العوام بذلك منهم فمنهم من هلك ومنهم من أنكر . وهؤلاء مثل المفضل بن عمر وبنان وعمر النبطي وغيرهم ، ذكروا أن جعفرا حدثهم أن معرفة الإمام تكفي من الصوم والصلوة ، وحدثهم عن أبيه عن جده وأنه حدثهم " ع ه " قبل يوم القيامة وأن عليا عليه السلام في السحاب يطير مع الريح وأنه كان يتكلم بعد الموت ، وأنه كان يتحرك على المغتسل ، وأن إله السماء وإله الأرض الإمام ، فجعلوا لله شريكا جهال ضلال . والله ما قال جعفر شيئا من هذا قط ، كان جعفر أتقى لله وأورع من ذلك فسمع الناس ذلك فضعفوه ، ولو رأيت جعفرا لعلمت أنه واحد الناس . رجال الكشى : 208 و 209
[75]  - الخوئي، معجم الرجال،1681 عن الكشي.
[76]  - الخوئي، معجم الرجال، رقم 263 – ترجمة: إبراهيم بن محمد بن سعيد
[77]  - الكشي ،  ترجمة عبدالله بن أبي يعفور ، عن حمدويه، قال: حدثنا أيوب بن نوح، عن محمد بن الفضيل، عن أبي أسامة زيد الشحام. ولعل من أشهر الوضاعين على لسان أهل البيت هو الزنديق عبد الكريم بن أبي العوجاء الذي اندس في صفوف الشيعة فترة من الزمن، قبل أن يكشف أمره ويحكم بالإعدام، والذي اعترف قبل مقتله "بأنه وضع أربعة آلاف حديث أحل بها الحرام وحرم بها الحلال، وفطر الرافضة في يوم من أيام صومهم وصومهم في يوم من أيام فطرهم". البغدادي، الفرق بين الفرق، ص 255- 256
[78]  - الكشي في ترجمة محمد بن بشير.

[79]  - رجال الكشى : 297 - 299     

[80]  - رجال الكشى : 297   وقد لعنه الإمام الكاظم ثلاثا وأباح دمه، ودعا عليه بأن يذيقه الله حر الحديد. المصدر، ص : 297

[81]  - رجال الكشى : 297 - 299    

[82]  - النوبختي،  فرق الشيعة، ص 38

[83]  -  وقد قتله إبراهيم  بن المهدى بن المنصور (الملقب بابن شكلة).
[84]  - ولا يزال بعض علماء الرجال يأخذون بروايات هؤلاء الغلاة ويقولون:" فما كان يروونه ويؤخذ برواياتهم إنما هو في زمن استقامتهم وقبل منقلبهم ، فالعبرة في زمن الأداء لا في وقت التحمل ، فإذا كان الأداء زمن الاستقامة فيؤخذ بها ، وما كان في زمن الانحراف والخبط فذاك مردود ، سواء كان من هؤلاء أو من غيرهم ممن خالفنا في العقيدة والمبدأ" .
[85]  - رجال الكشى : 321
[86]  - رجال الكشى : 321
[87]  - المجلسي، بحار الأنوار جلد: 25 من صفحه 336 إلى صفحه 344  
[88]  - وقد ظفر الخليفة الراضي بالله بابن العذاقر وبجماعة من أتباعه فقتله وصلبه ثم أحرقه وطرح رماده في دجلة البغدادي، الفرق بين الفرق، ص 249

جميع الحقوق محفوظة للاخ منهاج السنة ابو ابات 2012-2013 | جميع المواد الواردة في هذا الموقع حقوقها محفوظة لدى ناشريها ; فهـرس الـموقــع | سياسة الخصوصية