الاثنين، 10 سبتمبر 2012

الفصل السادس: الفقه الإمامي القياس و الراي و الاجتهاد مصادر التشريع

نشر في :
م/6
الفصل السادس: الفقه الإمامي

المبحث الأول: أصول الفقه الإمامي
وبناء على نظرية "الإمامة الإلهية" و "حجية الأئمة" وعلمهم الغيبي وكونهم "مصدرا من مصادر التشريع"  ووجوب القطع بصوابية آرائهم، والتسليم لهم وعدم مناقشتهم، وعدم جواز تقليد غيرهم من العلماء أو تلقي الأحاديث النبوية عن غير طريقهم.. ولد "الفقه الإمامي" الذي يقوم على ادعاء امتلاك الأئمة للقرآن الكامل، واحتكار القدرة على تفسيره، وعلم الأئمة بالغيب، وتحدث الملائكة معهم ، وتفويض الله لهم أمر الدين وجواز الفتوى خلافا للشريعة الاسلامية بسبب التقية، وخلافا للعامة من المسلمين.

1 – رفض القياس والرأي والاجتهاد

   وكان "الفقه الإمامي" المنسوب الى الإمام جعفر الصادق، يرفض مذهب أهل الرأي الذين كانوا يقولون بالقياس والاجتهاد.[1] ويذهب إلى وجود النصوص الشرعية في كل شيء. بناء على فكرة: تبيان كل شي في الكتاب والسنة، وعدم وجود منطقة فراغ تحتاج إلى الرأي والاجتهاد، وينسب الإمامية الى الصادق قوله:"إن الله تبارك وتعالى أنزل في القرآن تبيان كل شئ حتى والله ما ترك الله شيئا يحتاج إليه العباد، حتى لا يستطيع عبد يقول: لو كان هذا انزل في القرآن؟ إلا وقد أنزله الله فيه".[2]  ويزعمون أنه قال:" ما من شئ إلا وفيه كتاب أو سنة".[3]  و"ما من أمر يختلف فيه اثنان إلا وله أصل في كتاب الله عز وجل ولكن لا تبلغه عقول الرجال".[4] ويقولون أنه كتب رسالة طويلة إلى أصحابه ، أكد فيها على أن الله قد أنزل القرآن ، وجعل فيه تبيان كل شيء.[5] وأنه روى عن جده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، أنه قال:"أيها الناس إن الله تبارك وتعالى أرسل إليكم الرسول صلى الله عليه وآله وأنزل إليه الكتاب بالحق... إن فيه علم ما مضى، وعلم ما يأتي إلى يوم القيامة، وحكم ما بينكم وبيان ما أصبحتم فيه تختلفون، فلو سألتموني عنه لعلمتكم".[6]
     وبناء على تبيان الكتاب والسنة لكل شيء، فقد اتخذ الإمام الإمامية موقفا سلبيا من استعمال القياس من أجل استنباط أحكام جديدة في الحوادث الواقعة، ورووا عن الصادق أنه قال:"إن أصحاب المقائيس طلبوا العلم بالمقائيس فلم تزدهم المقائيس من الحق إلا بعدا، وإن دين الله لا يصاب بالمقائيس".[7] وأنه قال لتلميذه أبان:" إن السنة لا تقاس ، ألا ترى أن المرأة تقضي صومها ، ولا تقضي صلاتها، يا أبان ان السنة إذا قيست محق الدين". [8] وأنه روى عن أبيه عن جده الإمام علي أنه قال:"من نصب نفسه للقياس لم يزل دهره في التباس ، ومن دان الله بالرأي لم يزل دهره في ارتماس".[9] وأنه قال:إن عليا (ع) أبى أن يدخل في دين الله الرأي، وأن يقول في شيء من دين الله بالرأي والمقاييس" وأنه قال : "لو علم (فقيه أهل العراق عبد الله) ابن شبرمة من أين هلك الناس ما دان بالمقاييس ، ولا عمل بها". [10] أو " من عمل بالمقائيس فقد هلك وأهلك".[11]
 ونقل الإمامية عن جعفر الصادق أنه استدل على عدم جواز استعمال الرأي والقياس بحرمته في أيام الرسول، قائلا: "كما أنه لم يكن لأحد من الناس مع محمد ( ص ) أن يأخذ بهواه ، ولا رأيه ، ولا مقاييسه خلافا لأمر محمد ( ص) ، كذلك لم يكن لأحد بعد محمد ( ص ) أن يأخذ بهواه ، ولا رأيه، ولا مقاييسه"، وأنه أوصى شيعته باتباع  آثار رسول الله ( ص) وسنته ، والأخذ بها، وحذرهم من اتباع الأهواء والأخذ بالرأي. " فان أضل الناس عند الله من اتبع هواه ورأيه بغير هدى من الله".[12]
  ويقول أبو بصير أنه سأل الصادق قائلا: ترد علينا أشياء ليس نعرفها في كتاب الله ولا سنة فننظر فيها؟ فقال:" لا، أما إنك إن أصبت لم تؤجر، وإن أخطأت كذبت على الله عز وجل".[13]
  ويقول أبو جعفر الأحول أنه ناظر أحد الشراة (الخوارج) فغلبه، فقال الصادق:" والله لقد سررتني ، والله ما قلت من الحق حرفا ، قال : وَلِمَ ؟ قال : لأنك تكلمت على القياس ، والقياس ليس من ديني".[14]
  ويقول رجل آخر أنه سأل الصادق عن مسألة فأجابه فيها، فقال الرجل: أ رأيت إن كان كذا وكذا ما يكون القول فيها؟ فقال له الصادق:"مه.. ما أجبتك فيه من شئ فهو عن رسول الله (ص) لسنا من: "أرأيت" في شئ".[15]
 وروى الإمامية عن الصادق عن رسول الله (ص) أنه قال: قال الله جل جلاله:" ما آمن بي من فسر برأيه كلامي ، وما عرفني من شبهني بخلقي ، وما على ديني من استعمل القياس في ديني".[16]  وأنه نقل عن جده أمير المؤمنين أنه قال:" لا تقيسوا الدين ، فإن أمر الله لا يقاس ، وسيأتي قوم يقيسون ، وهم أعداء الدين" .[17]  
  ويحاول الفقه "الإمامي" حل مشكلة محدودية الأحكام الواردة في القرآن والسنة، بادعاء وجود "العلم الإلهي المستمر" لدى الأئمة من أهل البيت الذين يشكلون "مصدرا مستمرا من مصادر التشريع" الى جانب القرآن والسنة. وينسب الإمامية أحاديث إلى جعفر الصادق بأنه كان يدعي معرفة ذلك العلم، ويقولون أنه سأل أبا حنيفة ذات مرة قائلا:" أنت فقيه العراق؟ قال : نعم، قال : فبَِمَ تفتيهم ؟ قال : بكتاب الله وسنة نبيه (ص) ، قال : يا أبا حنيفة! تعرف كتاب الله حق معرفته ؟ وتعرف الناسخ والمنسوخ ؟ قال : نعم ، قال : يا أبا حنيفة! لقد ادعيت علماً ، ويلك ما جعل الله ذلك إلا عند أهل الكتاب الذين أنزل عليهم ، ويلك ولا هو إلا عند الخاص من ذرية نبينا محمد (ص) ، وما ورثك الله من كتابه حرفا".[18]  ثم حذره قائلا:" اتق الله ، ولا تقس ( في ) الدين برأيك، فإن أول من قاس إبليس ـ وسأله ـ: ويحك أيهما أعظم ؟ قتل النفس، أو الزنا ؟ قال : قتل النفس، قال : فان الله عزّ وجلّ قد قبل في قتل النفس شاهدين ، ولم يقبل في الزنا إلا أربعة ، ثم أيهما أعظم ؟ الصلاة ؟  أم الصوم ؟ قال : الصلاة ، قال : فما بال الحائض تقضي الصيام ، ولا تقضي الصلاة ؟ فكيف يقوم لك القياس ؟ فاتق الله ، ولا تقس . [19]
  وفي رواية أخرى أن الصادق قال لأبي حنيفة:": يا نعمان ! إياك والقياس فان أبي حدثني عن آبائه : أن رسول الله ( ص ) قال : من قاس شيئا من الدين برأيه قرنه الله مع إبليس في النار ، فان أول من قاس إبليس ، حين قال : خلقتني من نار ، وخلقته من طين ، فدع  الرأي والقياس ، وما قال قوم ليس له في دين الله برهان ، فان دين الله لم يوضع بالآراء والمقاييس". [20]

   ويروي الإمامية أن  جعفر الصادق كتب رسالة إلى أصحاب الرأي والقياس ، جاء فيها:" أما بعد، فإن من دعا غيره إلى دينه بالارتياء والمقاييس لم ينصف ولم يصب حظه ... وفي ذلك تحير الجاهلون، وشك المرتابون، وظن الظانون، ولو كان ذلك عند الله جائزا لم يبعث الله الرسل بما فيه الفصل، ولم ينه عن الهزل، ولم يعب الجهل، ولكن الناس لما سفهوا الحق، وغمطوا النعمة، واستغنوا بجهلهم وتدابيرهم عن علم الله، واكتفوا بذلك عن رسله والقوّام بأمره، وقالوا : لا شيء إلا ما أدركته عقولنا، وعرفته ألبابنا، فولاهم الله ما تولوا ، وأهملهم وخذلهم حتى صاروا عبدة أنفسهم من حيث لا يعلمون، ولو كان الله رضي منهم اجتهادهم وارتياءهم فيما ادعوا من ذلك لم يبعث إليهم فاصلا لما بينهم، ولا زاجرا عن وصفهم، وإنما استدللنا أن رضا الله غير ذلك، ببعثه الرسل بالأمور القيمة الصحيحة، والتحذير من الأمور المشكلة المفسدة، ثم جعلهم أبوابه وصراطه والأدلاء عليه بأمور محجوبة عن الرأي والقياس ، فمن طلب ما عند الله بقياس ورأي لم يزدد من الله إلا بعدا ، ولم يبعث رسولا قط ـ وإن طال عمره ـ قابلا من الناس خلاف ما جاء به ، حتى يكون متبوعا مرة وتابعا أخرى ، ولم يرَ أيضا فيما جاء به استعمل رأيا ولا مقياسا ، حتى يكون ذلك واضحا عنده كالوحي من الله ، وفي ذلك دليل لكل ذي لب وحجى ، إن أصحاب الرأي والقياس مخطئون مدحضون".[21]
   وبما أن استعمال القياس أو الاجتهاد في الفقه، كان يشكل تحديا كبيرا لنظرية الإمامة الإلهية، واستغناءاً عن الأئمة، فقد روى الإمامية عن الصادق أنه قال:" يظن هؤلاء الذين يدعون أنهم فقهاء علماء أنهم قد أثبتوا جميع الفقه والدين مما تحتاج إليه الأمة، وليس كل علم رسول الله (ص) علموه، ولا صار إليهم من رسول الله (ص) ولا عرفوه ، وذلك أن الشيء من الحلال والحرام والأحكام يرد عليهم ، فيُسألون عنه ، ولا يكون عندهم فيه أثر عن رسول الله (ص) ، ويستحيون أن ينسبهم الناس إلى الجهل، ويكرهون أن يسألوا فلا يجيبوا ، فيطلب الناس العلم من معدنه، فلذلك استعملوا الرأي والقياس في دين الله، وتركوا الآثار ، ودانوا بالبدع ، وقد قال رسول الله ( ص ) : كل بدعة ضلالة، فلو أنهم إذا سئلوا عن شيء من دين الله ، فلم يكن عندهم فيه أثر عن رسول الله ، ردوه إلى الله وإلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم، لعلمه الذين يستنبطونه منهم من آل محمد (ص)".[22] وقال:"إن الله فرض طاعة الأئمة، الذين أنزل الله كتابه عليهم، على عباده، وأمر الأمة برد ما اشتبه عليهم من الأحكام إليهم … وإن الله لم يكلف الناس اجتهادا، لأنه قد نصب لهم أدلة، وأقام لهم أعلاما، وأثبت عليهم الحجة ، فمحال أن يضطرهم إلى ما لا يطيقون بعد إرساله إليهم الرسل بتفصيل الحلال والحرام، ولم يتركهم سدى، مهما عجزوا عنه ردوه إلى الرسول والأئمة صلوات الله عليهم".[23] 
ونسب الإمامية إلى الصادق قوله:" لعن الله أصحاب القياس ، فإنهم غيروا كتاب الله وسنة رسول الله (ص) ، واتهموا الصادقين في دين الله".[24]  
2 –  لا سنة إلا عن طريق أهل البيت
  إن الإمامية يأخذون بالسنة النبوية الى جانب القرآن، ولكنهم يشككون بالأحاديث الواردة عن النبي الأكرم (ص) ولا يعترفون إلا بالأحاديث الواردة عن "الأئمة"  لأنهم – حسب رأيهم – أعلم الناس بالأحاديث النبوية الصحيحة، التي ورثوها أباً عن جد عن رسول الله (ص) والتي تختلف عما في أيدي الناس. وينقلون عن الإمام الصادق أنه كان يتهم أهل الحديث بنقل الأحاديث المناقضة للقرآن الكريم، ويحذر من التصديق "بالأحاديث الكاذبة على الله التي يكذبها القرآن ويتبرأ منها ومن حملتها ورواتها".[25]  ويروون عن الصادق أنه كان يقول:"إن عندنا ما لا نحتاج معه إلى الناس، وإن الناس ليحتاجون إلينا، وإن عندنا كتابا إملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وخط علي عليه السلام، صحيفة فيها كل حلال وحرام".[26] و"إن عندنا الجامعة.. صحيفة طولها سبعون ذراعا بذراع رسول الله (ص) وإملائه من فلق فيه وخط علي بيمينه، فيها كل حلال وحرام وكل شئ يحتاج الناس إليه حتى الأرش في الخدش" . و"إن عندنا الجفر ... وعاء من أدم فيه علم النبيين والوصيين، وعلم العلماء الذين مضوا من بني إسرائيل".[27] وفي حديث آخر وصف الجفر بأنه "جلد ثور مملوء علما". [28]
وقد روى الإمامية عن الصادق عن جده الإمام علي أنه قال:"إنما أتاكم الحديث من أربعة ، ليس لهم خامس: رجل منافق يظهر الإيمان ، متصنع بالإسلام ، لا يتأثّم ، ولا يتحرج أن يكذب على رسول الله (ص) ... ورجل سمع من رسول الله (ص) شيئاً ، لم يحمله على وجهه ، ووهم فيه ، ولم يتعمد كذبا ، فهو في يده ، يقول به ، ويعمل به ، ويرويه ، فيقول : أنا سمعته من رسول الله (ص) ، فلو علم المسلمون أنه وهم لرفضوه ، ولو علم هو أنه وهم لرفضه ، ورجل ثالث سمع من رسول الله (ص) شيئا أمر به ثم نهى عنه ، وهو لا يعلم : أو نهى عنه ، ثم أمر به ، وهو لا يعلم ، فحفظ منسوخه ، ولم يحفظ الناسخ ، فلو علم أنه منسوخ لرفضه ، ولو علم الناس إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه ، وآخر رابع لم يكذب على رسول الله (ص) ، مبغض للكذب خوفا من الله ، وتعظيما لرسول الله (ص) ، لم ينسه ، بل حفظ ما سمع على وجهه ، فجاء به كما سمعه ، لم يزد فيه ، ولم ينقص منه ، وعلم الناسخ من المنسوخ ، فعمل بالناسخ ، ورفض المنسوخ ، فان أمر النبي (ص) مثل القرآن ، منه ناسخ ومنسوخ ، وخاص وعام ، ومحكم ومتشابه. وقد كان يكون من رسول الله ) الكلام له وجهان ، وكلام عام ، وكلام خاص مثل القرآن.. فما نزلت على رسول الله (ص) آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها عليّ، فكتبتها بخطي، وعلمني تأويلها وتفسيرها، وناسخها ومنسوخها، ومحكمها ومتشابهها، وخاصها وعامها، ودعا الله لي أن يعطيني فهما وحفظا، فما نسيت آية من كتاب الله، ولا علما أملاه عليّ وكتبته".[29]
   ونتيجة لإيمانهم بعصمة "الأئمة" وبناء على امتلاكهم لتلك الكتب السرية، فقد كان الإمامية يقبلون أية رواية ينسبها "الإمام" إلى رسول الله (ص) من دون حاجة لذكر السند، حتى لو كانت بينه وبين الرسول مائة عام. [30]

3- "الأئمة" مصدر من مصادر التشريع
  وربما كان الإمامية محقين في رفض  الأحاديث الضعيفة. ولم تكن توجد مشكلة كبيرة في التشكيك بصحة كثير من الأحاديث المتداولة والمنسوبة للنبي (ص) ، فقد رفض الإمام أبو حنيفة كثيرا منها، كما اختار الإمام مالك بن أنس عشرة آلاف حديث من بين مائة ألف، ولم يزل ينظر فيها كل عام ويحذف منها الكثير حتى استقر بعد عشر سنوات على حوالي خمسمائة حديث فقط، واختار البخاري ومسلم بضعة آلاف حديث من بين ستمائة ألف أو سبعمائة ألف حديث. بيد أن "الإمامية" كانوا يذهبون إلى أكثر من ذلك، حيث كانوا يحصرون عملية رواية الحديث بأئمة أهل البيت (الباقر والصادق مثلا) ويرفضون أية رواية تأتي عن غير طريقهم، ولذلك قاموا بتفسير الأحاديث النبوية العامة التي تمجد العلماء وتثني عليهم، كالحديث الشهير الذي يقول فيه رسول الله (ص) :" اللهم ارحم خلفائي ... الذين يأتون من بعدي، يروون حديثي وسنتي" بأن المقصود بالخلفاء هنا هم "الأئمة من أهل البيت" فقط. ونقلوا عن جعفر الصادق أنه قال:"قال رسول الله (ص) : إن عند كل بدعة تكون من بعدي يُكاد بها الإيمان، ولياً من أهل بيتي موكلا به يذب عنه، ينطق بإلهام من الله ويعلن الحق وينوره، ويرد كيد الكائدين، يعبر عن الضعفاء فاعتبروا يا أولي الأبصار وتوكلوا على الله".[31] وادعى يونس بن ظبيان (وهو أحد الغلاة الخطابية) أن الصادق قال له: "إن أردت العلم الصحيح فعندنا أهل البيت، فنحن أهل الذكر الذين قال الله : (فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )".[32]
  وزعم الإمامية أن الصادق كتب رسالة إلى الشيعة جاء فيها:" إن الله قد جعل للقرآن وتعلم القرآن أهلا، وهم أهل الذكر الذين أمر الله الأمة بسؤالهم، وأوصاهم "باتباع آثار رسول الله (ص) وسنته، وآثار الأئمة الهداة من أهل بيت رسول الله (ص) من بعده وسنتهم ، فانه من أخذ بذلك فقد اهتدى، ومن ترك ذلك ورغب عنه ضل ، لأنهم هم الذين أمر الله بطاعتهم وولايتهم".[33] وقالوا إنه كان يتساءل:" عجبا للناس إنهم اخذوا علمهم كله عن رسول الله (ص) فعملوا به واهتدوا ويرون أن أهل بيته لم يأخذوا علمه، ونحن أهل بيته وذريته في منازلنا نزل الوحي، ومن عندنا خرج العلم إليهم، أفيرون أنهم علموا واهتدوا وجهلنا نحن وضللنا، إن هذا لمحال". [34]
   وروى الإمامية عن الصادق أنه قسَّم الناس إلى ثلاثة أصناف : عالم ، ومتعلم ، وغثاء، وقال: "نحن العلماء، وشيعتنا المتعلمون ، وسائر الناس غثاء".[35] وأنه قال :" أنا من الذين  قال الله : (أولئك الذين هدى الله فبهديهم اقتده ) فسل عما شئت ".[36]
4 – التفويض في التشريع
   وقال بعض "الإمامية": بأن الله تعالى قد فوَّض للأئمة التشريع، وزعموا أن الدين أو الحكم الشرعي هو ما يقوله الأئمة، وليس ما روي عن النبي الأكرم أو جاء في القرآن الكريم فقط. وهو ما أتاح لهم نقل ما يشاءون من الفتاوى عن الأئمة، والتأسيس لفقه جديد.[37]
   وقد فتحت هذه الدعوى (التفويض في التشريع) الباب واسعا أمام اختلاق ونسبة فتاوى وأحاديث متناقضة أو غامضة أو قابلة للتأويل والتفسير، إلى الأئمة من أهل البيت.[38] ويبدو من خلال بعض الروايات المنسوبة إلى الإمام الصادق، أن فكرة "التفويض" استخدمت لتأسيس مذهب متميز عما توارثه عامة المسلمين من أحاديث نبوية وأحكام شرعية، بغض النظر عن صحة تلك الأحاديث والأحكام أو عدم صحتها.
5 -  منهج مخالفة العامة
  وبناء على دعوى "التفويض في أمر الدين" قام بعض الإمامية، أو الغلاة منهم باتخاذ منهج جديد هو المخالفة للآخرين، حيث نسبوا للإمام الصادق أنه قال:" إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فردوه، فان لم تجدوهما في كتاب الله فاعرضوهما على أخبار العامة، فما وافق أخبارهم فذروه ، وما خالف أخبارهم فخذوه ".[39] وفي رواية أخرى :"إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فخذوا بما خالف القوم".[40]
 وبرر الإمامية ذلك المنهج (الأخذ بخلاف ما تقول العامة) برواية حديث عن الصادق يقول فيه :"إن عليا (ع) لم يكن يدين الله بدين، إلا خالفت عليه الأمة إلى غيره، إرادة لإبطال أمره، وكانوا يسألون أمير المؤمنين (ع) عن الشيء الذي لا يعلمونه، فإذا أفتاهم جعلوا له ضداً من عندهم ، ليلبسوا على الناس".[41] وزعموا أن الصادق خاطب شيعته قائلا:" ما أنتم ـ والله ـ على شيء مما هم فيه، ولا هم على شيء مما أنتم فيه، فخالفوهم فما هم من الحنيفية على شيء".[42] وأنه قال:"والله ما جعل الله لأحد خيرة في اتباع غيرنا ، وأن من وافقنا خالف عدونا، ومن وافق عدونا في قول أو عمل فليس منّا، ولا نحن منهم" . [43] أو أنه قال  "كذب من زعم أنه من شيعتنا ، وهو متمسك بعروة غيرنا".[44] وكذلك:"شيعتنا المسلّمون لأمرنا، الآخذون بقولنا ، المخالفون لأعدائنا ، فمن لم يكن كذلك فليس منا".[45]
   وكان بعض الإمامية يتبع منهج المخالفة، بدلا من التأكد من رواة الحديث عند عامة المسلمين ودراسة أسنادهم بصورة موضوعية محايدة، فإن كانوا كذابين أو مشبوهين تترك رواياتهم، وإن كانوا صادقين يؤخذ بها.
   كما كان بعض الإمامية يتبع منهج المخالفة حتى بالنسبة للأحاديث التي يرويها الشيعة عن الأئمة أنفسهم، بغض النظر عن صحتها. يقول الحسن بن الجهم: قلت للعبد الصالح : هل يسعنا فيما ورد علينا منكم إلا التسليم لكم ؟ فقال : لا والله لا يسعكم إلا التسليم لنا، فقلت : فيروى عن أبي عبد الله شيء ، ويروى عنه خلافه ، فبأيهما نأخذ؟ فقال : خذ بما خالف القوم ، وما وافق القوم فاجتنبه".[46]
 وعن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله، قلت : يرد علينا حديثان : واحد يأمرنا بالأخذ به، والآخر ينهانا عنه، قال : لا تعمل بواحد منهما حتى تلقى صاحبك فتسأله، قلت : لابد أن نعمل (بواحد منهما ) قال :" خذ بما فيه خلاف العامة". [47]
   ومن الواضح أن هذه الروايات تؤسس لأصل خطير هو المخالفة من أجل المخالفة والتميز. وقد تركت أثرا سلبيا كبيرا في الفقه الإمامي. ورغم استبعاد صدور تلك الروايات عن الإمام الصادق،  فانها أثارت امتعاض فريق آخر من الشيعة، كمحمد بن مسلم الذي يقال أنه سأل الصادق عن أسباب مخالفة أحاديث الأئمة للأحاديث النبوية الصحيحة قائلا: ما بال أقوام يروون عن فلان وفلان، عن رسول الله (ص) لا يتهمون بالكذب، فيجيء منكم خلافه؟ فقال: "إن الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن".[48]
6 -  الإفتاء خلافا للشريعة، تقية  

   وقد نسب "الإماميون" الى الإمام الصادق وبقية الأئمة، الفتيا خلافا للحكم الشرعي "تقية" وزعموا أن الأئمة كانوا يتعمدون التناقض في الفتيا أحيانا بهدف "التقية". وقد استعرضنا الروايات الواردة حول هذا الموضوع في فصل آخر، ونكتفي هنا بذكر ثلاث روايات: عن أبي عمرو الكناني عن الصادق أنه قال:" يا أبا عمرو أ رأيتك لو حدثتك بحديث أو أفتيتك بفتيا ثم جئتني بعد ذلك فسألتني عنه فأخبرتك بخلاف ما كنت أخبرتك، أو أفتيتك بخلاف ذلك، بأيهما كنت تأخذ؟ قال: بأحدثهما وأدع الآخر، فقال: قد أصبت يا أبا عمر، وأبى الله إلا أن يعبد سراً ، أما والله لئن فعلتم ذلك إنه لخير لي ولكم، و أبى الله عز وجل لنا ولكم في دينه إلا التقية". [49]  وعن أبي جعفر الأحول عن الصادق:" لا يسع الناس حتى يسألوا ، ويتفقهوا ، ويعرفوا إمامهم ، ويسعهم أن يأخذوا بما يقول وإن كان تقية".[50] وعن زرارة بن أعين عن الصادق أنه قال: " ما سمعته مني يشبه قول الناس: فيه التقية ، وما سمعت مني لا يشبه قول الناس فلا تقية فيه".[51]  


المبحث الثاني: ملامح الفقه الإمامي

 وقد انعكست تلك الأصول القائمة على نظرية "الإمامة الإلهية" على الفقه "الإمامي" فأثرت بصورة مباشرة أو غير مباشرة على عدد من الأبواب، كالصلاة والصوم والإرث والقضاء والجهاد، والخمس والزكاة والأنفال.
1 -  الصلاة
فقد انعكست  على أهم عبادة إسلامية "الصلاة" في عدد من الأمور: كالأذان.[52]  والتكتف في الصلاة (التكفير) .[53] وقول "آمين" بعد الفاتحة في الجماعة، والقول: "الحمد لله رب العالمين " بدلا من ذلك. [54] وعدم جواز قراءة أقل من سورة كاملة بعد الفاتحة.[55]  والسجود على الأرض أو "التربة" الجافة.[56]  وبعض الأمور الجزئية الصغيرة الأخرى. وهي أمور قد يحدث الاختلاف حولها بين فقهاء المذهب الواحد، ولكن أهم الاختلافات بين الفقه الإمامي وغيره من المذاهب الأخرى تمثل في "تسييس الصلاة" وذلك من خلال عدد من الطقوس التي يحاول الفقه "الإمامي" من خلالها تأكيد الولاء لأئمة أهل البيت في أثنائها، وذلك بالتركيز على "الصلاة على محمد وآل محمد" في أثناء الصلاة، بعد تفسير "آل محمد" بالأئمة العلويين الحسينيين ،  تذكيرا للمصلي بالأئمة، وإدخالا لهم في طقوس العبادة، حيث ينسب إلى أبي جعفر الباقر أنه قال:" من قال في ركوعه وسجوده وقيامه:" صلى الله على محمد وآل محمد " كتب الله له بمثل الركوع والسجود والقيام". [57]   و"إذا صليت يوم الجمعة فقل:" اللهم صل على محمد وآل محمد الأوصياء المرضيين بأفضل صلواتك وبارك عليهم بأفضل بركاتك والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته " فإنه من قالها في دبر العصر كتب الله له مائة ألف حسنة ومحي عنه مائة ألف سيئة وقضى له بها مائة ألف حاجة ورفع له بها مائة ألف درجة".[58]

ويروي الإمامية عن الباقر وصية بتلاوة خطبة خاصة يوم الجمعة تتضمن الصلاة على محمد وآل محمد، والدعاء للأئمة واحدا واحدا. [59] كما يروون عن الصادق دعاءا خاصا بعد الفراغ من الصلاة، يؤكد على الولاية لأئمة أهل البيت، حيث يقول:" إذا فرغت من صلاتك فقل:" اللهم إني أدينك بطاعتك وولايتك وولاية رسولك وولاية الأئمة من أولهم إلى آخرهم " وتسميهم ثم قل: " اللهم إني أدينك بطاعتك وولايتهم والرضا بما فضلتهم به، غير متكبر ولا مستكبر على معنى ما أنزلت في كتابك على حدود ما أتانا فيه وما لم يأتنا مؤمن مقر مسلم بذلك راض بما رضيت به يا رب أريد به وجهك والدار الآخرة مرهوبا ومرغوبا إليك فيه فأحيني ما أحييتني على ذلك وأمتني إذا أمتني على ذلك وابعثني إذا بعثتني على ذلك..". [60]
كما يتمثل البعد السياسي في الصلاة، بلعن المخالفين في أعقابها. [61]  وكذلك في موضوع الصلاة جماعة خلف المخالفين، حيث يروي الإمامية عن الباقر النهي عن الصلاة خلفهم وقوله:" ما هم عندي إلا بمنزلة الجدر".[62] فيما يروون عن الصادق قوله:" إذا صليت خلف إمام لا تقتدي به فاقرأ خلفه سمعت قراءته أو لم تسمع". [63]

 ويظهر البعد السياسي أيضا في النهي عن الصلاة في السواد، خلافا لبني العباس الذين رفعوه شعارا لهم. [64]  

 وإضافة إلى ذلك، يروي الإمامية عن "الأئمة" أنواعا من الأدعية والصلوات تتضمن التوسل بالنبي وأهل البيت، لقضاء الحاجات وحل المشاكل. [65]

2 -  الصوم
  ومع أن الصوم أمر بسيط جدا، فقد كان ثمة بعض النقاط الخلافية بين الفقه الإمامي وبين غيره من المدارس الفقهية الإسلامية، وربما كان أهم موضوع حدث فيه الخلاف هي مدة شهر رمضان، حيث روى الإمامية عدة روايات عن أبي عبدالله: أن "شهر رمضان ثلاثون يوما لا ينقص أبدا".[66]  مما أدى إلى اختلاف الشيعة الإمامية في العيد مع عامة المسلمين، وصيامهم العيد إلا تقية. [67]   

وروى الإمامية روايات متناقضة عن أئمة أهل البيت باستحباب صوم يوم عاشوراء وكراهته، حيث روى الكليني عدة روايات بالكراهة، وأنه صوم متروك بنزول شهر رمضان والمتروك بدعة و"أنه صوم يوم ما نزل به كتاب ولا جرت به سنة إلا سنة آل زياد بقتل الحسين بن علي صلوات الله عليهما".[68]

3 -  العلاقات الاجتماعية (قوانين الأحوال الشخصية)

 نكاح المتعة

  ولعل أبرز مسألة اختلف فيها الفقه الإمامي ويختلف عن الفقه الإسلامي العام الذي كان متعارفا في ذلك الوقت، والذي عرف فيما بعد باسم الفقه السني، هو زواج المتعة. وقد اتسم الموقف المؤيد له بشيء من التطرف خلافا لتحريم عمر بن الخطاب له في آخر سنة من حياته. ورغم رواية الإمام زيد بن علي عن جده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب حديثا في تحريم الرسول للمتعة يوم خيبر، إلا أن الإمامية رووا عن أخيه الإمام الباقر، أنه اتخذ موقفا شديدا في تأييد المتعة ورفض التحريم. وأنه قال لأبي بصير إنها نزلت في القرآن "فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة فلا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة". النساء 24 [69] ورووا عنه أنه قال:" كان علي يقول: لولا ما سبقني به بن الخطاب ما زنى إلا شقي".[70]  كما رووا عن جعفر الصادق أنه قال:" إنما نزلت فما استمتعتم به منهن (إلى أجل مسمى) فآتوهن أجورهن فريضة".[71]  وأكد ذلك قائلا: "المتعة نزل بها القرآن وجرت بها السنة من رسول (ص)". [72]
 وقد أثار تأييد الباقر لنكاح المتعة جدلا بين الفقهاء في ذلك الحين، فجاء عبدالله بن عمير الليثي إلى الباقر  فقال: ما تقول في متعة النساء ؟ فقال : أحلها الله في كتابة وعلى لسان (أو سنة) نبيه فهي حلال إلى يوم القيامة، فقال: يا أبا جعفر مثلك يقول هذا وقد حرمها عمر ونهى عنها؟! فقال : وإن كان فعل! فقال: أني أعيذك بالله من ذلك تحل شيئاً حرمه عمر،  فقال : فأنت على قول صاحبك وأنا على قول رسول الله (ص) فهلم ألاعنك أن الحق ما قال رسول الله (ص) وأن الباطل ما قال صاحبك. قال زرارة: فأقبل عبدالله بن عمير فقال: يسرك أن نساءك وبناتك وأخواتك وبنات عمك يفعلن؟ قال: فأعرض عنه أبو جعفر حين ذكر نساءه وبنات عمه.[73]  
   ونقل الإمامية عن الصادق قوله:" إن المتعة ديني ودين آبائي فمن عمل بـها عمل بديننا، ومن أنكرها أنكر ديننا، واعتقد بغير ديننا".[74]  وقوله:" ليس منا من لم يؤمن بكَرَّتنا، ويستحل متعتنا". [75]
  وبالغ الإمامية في تأييد المتعة، فرووا أحاديث كثيرة عن الباقر والصادق في الحث على نكاح المتعة، كقول الباقر: "إن النبي (ص) لما اسري به إلى السماء قال: لحقني جبرئيل (ع) فقال: يا محمد إن الله تبارك وتعالى يقول: إني قد غفرت للمتمتعين من أمتك من النساء".[76] وقوله لمن سأله: للمتمتع ثواب؟:" إن كان يريد بذلك وجه الله تعالى وخلافا على من أنكرها لم يكلمها كلمة إلا كتب الله تعالى له بها حسنة، ولم يمد يده إليها إلا كتب الله له حسنة، فإذا دنا منها غفر الله تعالى له بذلك ذنبا، فإذا اغتسل غفر الله له بقدر ما مر من الماء على شعره، قال: بعدد الشعر؟ قال: نعم بعدد الشعر". [77] وكذلك قول أبي عبدالله :" إني لأحب للرجل أن لا يخرج من الدنيا حتى يتمتع ولو مرة".[78] و" ما من رجل تمتع ثم أغتسل إلا خلق الله من كل قطره تقطر منه سبعين ملكاً يستغفرون له إلى يوم القيامة ويلعنون متجنبها إلى أن تقوم الساعة".[79]
  وروى عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله أنه قال:" إن الله تبارك وتعالى حرم على شيعتنا المسكر من كل شراب وعوضهم من ذلك المتعة".[80]
   ولا تشترط بعض الروايات "الإمامية" المنسوبة للباقر والصادق، الضرورة لإباحة ممارسة المتعة، حيث تبيح التمتع بأكثر من واحدة في وقت واحد، وحتى لو كان الرجل يمتلك أربع نساء، فقد رووا عن أبي جعفر  إنها ليست من الأربع، لأنها لا تطلق ولا ترث وإنما هي مستأجرة. [81] وقالوا بأنهم سألوا أبا عبدالله عن المتعة أهي من الأربع؟ فقال:" لا، ولا من السبعين".[82] وأنه قال لزرارة:" تزوج منهن ألفا فإنهن مستأجرات". [83]  وسأله الفضيل بن يسار عن المتعة، فقال: "هي كبعض إمائك". [84] كما سأله  عمر بن أذينة: كم تحل من المتعة؟ فقال:" هن بمنزلة الإماء". [85]  أي بلا حدود. 

  ورغم ذلك التوسع في إباحة المتعة في الفقه الإمامي، إلا أن الفقه الجعفري يحفل بروايات  مضادة، تدعو لتجنب المتعة، أو التردد على بيوت الغواني. [86]   أو تحليلها للعزاب فقط. [87]   


بطلان الطلاق بالثلاث

 وأما الموضوع الآخر الذي يتميز به الفقه الإمامي، فهو الموقف من الطلاق بالثلاث في جلسة واحدة، والذي لا يخلو أيضا من بعد سياسي مضاد لموقف عمر بن الخطاب الذي اعتبره ثلاث طلقات بائنة، حيث اعتبر الفقه الإمامي الطلاق بالثلاث في جلسة واحدة، طلاقا باطلا مخالفا للسنة، ولم يحتسبه حتى طلقة واحدة. [88]  وينقل الإمامية عن الصادق أنه كان يحذر من المطلقات ثلاثا في مجلس، فإنهن ذوات أزواج. [89]

   وبينما يتساهل الفقه الجعفري بالنسبة للإشهاد في عقد الزواج، فإنه يتشدد بالنسبة للإشهاد في الطلاق، ويعتبر ذلك شرطا لصحة الطلاق. [90]  فإن " الطلاق على غير السنة باطل".[91]   

 

4 -  الإرث
 وقد انعكست نظرية "الإمامة الإلهية" وقراءتها التاريخية الخاصة، على قوانين الإرث في مسألتين هما:

1-              وراثة الابنة لكل التركة في حال عدم وجود وارث رئيسي آخر، خلافا للفقه السني (العباسي) الذي يوزع النصف الباقي على الأعمام والأقارب.

2-              عدم وراثة الزوجة للعقار.

   وبينما تتأثر المسألة الأولى بموضوع إرث فاطمة الزهراء لتركة أبيها كلها وانتقاله إلى بنيها، وعدم انتقال شيء منه إلى الأعمام وأبنائهم (كبني العباس)[92] فان المسألة الثانية تحاول نفي حق السيدة عائشة بوراثة بيتها من النبي. وقد اعتمد الفقه "الإمامي" في هذه المسألة على روايات عديدة منسوبة للإمامين الباقر والصادق. كرواية محمد بن مسلم، عن أبي جعفر، أنه قال:" النساء لا يرثن من الأرض ولا من العقار شيئا". [93]  ورواية عبد الملك بن أعين، عن أحدهما قال:" ليس للنساء من الدور والعقار شئ". [94] ورواية زرارة، عن أبي جعفر :" أن المرأة لا ترث مما ترك زوجها من القرى والدور والسلاح والدواب شيئا، وترث من المال والفرش والثياب ومتاع البيت مما ترك ويقوم النقض الأبواب والجذوع والقصب فتعطى حقها منه". [95] وما روي عن يزيد الصائغ قال: سمعت أبا جعفر يقول: إن النساء لا يرثن من رباع الأرض (الرباع جمع ربع وهو المنزل.كما في القاموس) شيئا ولكن لهن قيمة الطوب والخشب، قال: فقلت له: إن الناس لا يأخذون بهذا، فقال: إذا وليناهم ضربناهم بالسوط فإن انتهوا وإلا ضربناهم عليه بالسيف. [96]



5 -  القضاء 

  وبما أن القضاء يعتبر من أبرز مسئوليات الدولة، أية دولة، فكان لا بد أن يتأثر بصورة مباشرة بنظرية "الإمامة"، وأن يتعرض القضاء التابع للأنظمة القائمة "الجائرة والمغتصبة" للمقاطعة من الشيعة الإمامية، فرووا أحاديث عن الأئمة تدعو إلى تشكيل دوائر قضائية شرعية سرية خاصة بهم، تابعة لولاية الأئمة من أهل البيت. وقد روى الكليني في "الكافي" في كتاب القضاء والأحكام .. (باب إن الحكومة إنما هي للإمام عليه السلام) عدة روايات في هذا المجال. كما  عن سليمان بن خالد، عن أبي عبدالله قال:" اتقوا الحكومة فإن الحكومة إنما هي للإمام العالم بالقضاء العادل في المسلمين لنبي أو وصى نبي".[97]

  وعن أبي خديجة قال: قال لي أبوعبدالله:" إياكم أن يحاكم بعضكم بعضا إلى أهل الجور ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضائنا فاجعلوه بينكم فإني قد جعلته قاضيا فتحاكموا إليه". [98]

 وعن عمر بن حنظلة قال: سألت أبا عبدالله عن رجلين من أصحابنا يكون بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان أو إلى القضاة أيحل ذلك؟ فقال: من تحاكم إلى الطاغوت فحكم له فإنما يأخذ سحتا وإن كان حقه ثابتا لأنه أخذ بحكم الطاغوت وقد أمر الله أن يكفر به، قلت: كيف يصنعان قال: انظروا إلى من كان منكم قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فارضوا به حكما فإني قد جعلته عليكم حاكما فإذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فإنما بحكم الله قد استخف وعلينا رد والراد علينا الراد على الله وهو على حد الشرك بالله". [99]


6-  الجهاد

   اختلف موقف الفقه الإمامي من الجهاد ضد الأعداء الخارجيين، عن الفقه الإسلامي العام وحتى الفقه الشيعي السابق، فأصبح بعد نشوء نظرية "الإمامة" أقرب إلى السلبية منه إلى الإيجابية التي كان يتمتع بها سابقاً. وقد روى الإمامية عن الباقر والصادق نصوصا مخالفة لدعاء أهل الثغور الوارد عن الإمام زين العابدين علي بن الحسين. وكان هذا الدعاء قد تضمن موقفا إيجابيا من الغزاة والمجاهدين الذين كانوا يدافعون عن ثغور المسلمين في ظل الدولة الأموية. ولكن الفقه الإمامي روى عن جعفر الصادق أنه يحصر شرعية الجهاد بقيادة أئمة أهل البيت، ويشترط الإيمان والجهاد في الإمام، وعدم الاتصاف بالظلم والطغيان. ويذهب إلى عدم الحق في إعلان الجهاد إلا للمظلومين المؤمنين. كما جاء في حديث طويل له رواه أبو عمرو الزبيري، الذي قال إنه سأل الصادق عن الدعاء إلى الله والجهاد في سبيله أ هو لقوم لا يحل إلا لهم ولا يقوم به إلا من كان منهم أم هو مباح لكل من وحد الله عز وجل وآمن برسوله (ص) ومن كان كذا فله أن يدعو إلى الله عز وجل وإلى طاعته وأن يجاهد في سبيله؟ فقال:" ذلك لقوم لا يحل إلا لهم ولا يقوم بذلك إلا من كان منهم، قال: من أولئك؟ قال: من قام بشرائط الله عز وجل في القتال والجهاد على المجاهدين فهو المأذون له في الدعاء إلى الله عز وجل ومن لم يكن قائما بشرائط الله عز وجل في الجهاد على المجاهدين فليس بمأذون له في الجهاد، ولا الدعاء إلى الله حتى يحكم في نفسه ما أخذ الله عليه من شرائط الجهاد... وإنما أذن للمؤمنين الذين قاموا بشرائط الإيمان التي وصفناها وذلك أنه لا يكون مأذونا له في القتال حتى يكون مظلوما، ولا يكون مظلوما حتى يكون مؤمنا، ولا يكون مؤمنا حتى يكون قائما بشرائط الإيمان التي اشترط الله عز وجل على المؤمنين و المجاهدين ، فإذا تكاملت فيه شرائط الله عز وجل كان مؤمنا وإذا كان مؤمنا كان مظلوما وإذا كان مظلوما كان مأذونا له في الجهاد لقوله عز وجل: " أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير " وإن لم يكن مستكملا لشرائط الإيمان فهو ظالم ممن يبغي ويجب جهاده حتى يتوب وليس مثله مأذونا له في الجهاد والدعاء إلى الله عز وجل لأنه ليس من المؤمنين المظلومين الذين أذن لهم في القرآن في القتال...وإنما أذن الله عز وجل للمؤمنين الذين قاموا بما وصف الله عز وجل من الشرائط التي شرطها الله على المؤمنين في الإيمان والجهاد ومن كان قائما بتلك الشرائط فهو مؤمن وهو مظلوم ومأذون له في الجهاد بذلك المعنى ومن كان على خلاف ذلك فهو ظالم وليس من  المظلومين وليس بمأذون له في القتال ولا بالنهي عن المنكر والأمر بالمعروف لأنه ليس من أهل ذلك ولا مأذون له في الدعاء إلى الله عز وجل لأنه ليس يجاهد مثله وأمر بدعائه إلى الله ولا يكون مجاهدا من قد أمر المؤمنون بجهاده وحظر الجهاد عليه ومنعه منه، ولا يكون داعيا إلى الله عز وجل من أمر بدعاء مثله إلى التوبة والحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يأمر بالمعروف من قد أُمر أن يؤمر به ولا ينهى عن المنكر من قد أُمر أن ينهى عنه ... ولسنا نقول لمن أراد الجهاد وهو على خلاف ما وصفنا من شرائط الله عز وجل على المؤمنين والمجاهدين: لا تجاهدوا، ولكن نقول: قد علمنا كم ما شرط الله عز وجل على أهل الجهاد الذين بايعهم واشترى منهم أنفسهم وأموالهم بالجنان فليصلح امرؤ ما علم من نفسه من تقصير عن ذلك وليعرضها على شرائط الله ...". [100]

    وروى الإمامية حديثا عن أبي عبد الله عن جده زين العابدين يتضمن موقفا سلبيا من الجهاد الذي كان دائرا في تلك الأيام، لافتقاده لشروط الإيمان، وأنه قال لعباد البصري الذي عاب عليه ترك الجهاد والإقبال على الحج :" إذا رأينا هؤلاء الذين هذه صفتهم فالجهاد معهم أفضل من الحج". [101]

  واشتهر لدى الشيعة "الإمامية" في ذلك الزمان شعار"لا غزو إلا مع إمام عادل" ورووا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أنه قال في وصيته لكميل ابن زياد :" لا غزو إلا مع إمام عادل، ولا نفل إلا من إمام فاضل ، يا كميل ! هي نبوة ورسالة وإمامة ، وليس بعد ذلك إلا موالين متبعين ، أو  مبتدعين ، إنما يتقبل الله من المتقين".[102] وقال بشير الدهان، لأبي عبدالله: إني رأيت في المنام أني قلت لك: إن القتال مع غير الإمام المفروض طاعته حرام مثل الميتة والدم ولحم الخنزير، فقلت لي: هو كذلك؟ فقال أبوعبدالله: هو كذلك هو كذلك. [103]

 وزعم رجل من الإمامية أنه قال للصادق: إن في بلادنا موضع رباط يقال له: قزوين وعدواً يقال له: "الديلم" فهل من جهاد أو هل من رباط؟ فقال: عليكم بهذا البيت فحجوه. فأعاد عليه الحديث، فقال: عليكم بهذا البيت فحجوه، أما يرضى أحدكم أن يكون في بيته ينفق على عياله من طوله ينتظر أمرنا فإن أدركه كان كمن شهد مع رسول الله (ص) بدرا وإن مات منتظرا لأمرنا كان كمن كان مع قائمنا عليه السلام هكذا في فسطاطه – وجمع  بين السبابتين - ولا أقول هكذا - وجمع بين السبابة والوسطى - فإن هذه أطول من هذه. [104]

   ورغم دلالة بعض الروايات على إعداد "الأئمة" منذ أيام الباقر للثورة على الأمويين والعباسيين، ودعوتهم الشيعة لانتظار القائم الذي كان يحتمل أن يكون الباقر أو الصادق أو الكاظم، أو أي أحد آخر من أبنائهم، إلا أن "الإمامية" التزموا في كثير من الأحيان بالموقف المهادن، ولم ينخرطوا في عدد من الحركات الثورية التي قام بها أئمة آخرون من أبناء علي كالإمام زيد بن علي، أو محمد بن عبد الله ذي النفس الزكية، أو شهيد فخ الحسين بن علي، ولم يقوموا هم بإعلان الثورة على أي حاكم أموي أو عباسي. وكان شرط قيادة الإمام "المفروض الطاعة من الله" سببا في تفرق كثير من الإمامية عن الإمام زيد الذي أعلن الثورة في الكوفة سنة 122 هجرية، حتى أطلق عليهم اسم "الرافضة" بسبب رفضهم له. [105] 

   وقد رووا عن الإمام الصادق عدة روايات تفضل إنكار المنكر بالقلب، كما في رواية يحيى الطويل صاحب المنقري، عن أبي عبدالله أنه قال:" حسب المؤمن عزاً إذا رأى منكرا أن يعلم الله عز وجل من قلبه إنكاره". [106] وأنه قال:" إنما يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر مؤمن فيتعظ أو جاهل فيتعلم، وأما صاحب سوط أو سيف فلا". [107] ورواية مفضل بن يزيد، عنه أنه قال له:" يا مفضل من تعرض لسلطان جائر فأصابته بلية لم يؤجر عليها ولم يرزق الصبر عليها". [108]


7 - الأنفال

  نظر "الإمامية" إلى موضوع الأنفال (أي الأملاك العامة) من زاوية "الإمامة الإلهية" التي تعطي "الأئمة" الحق في الحكم والخلافة، وتحصره فيهم، فلم يعترفوا بالدول القائمة وأوكلوا أمر التصرف بتلك الأموال العامة إلى "الأئمة" وإن لم يكونوا في السلطة، فنسبوا إلى الإمام الصادق أنه قال: "نحن قوم فرض الله طاعتنا، لنا الأنفال ولنا صفو المال".[109]  أو " الدنيا وما فيها لله تبارك وتعالى ولرسوله ولنا، فمن غلب على شئ منها فليتق الله، وليؤد حق الله تبارك وتعالى وليبرَّ إخوانه، فإن لم يفعل ذلك فالله ورسوله ونحن براء منه". [110]

  ورووا عن الباقر أنه قال :" وجدنا في كتاب علي عليه السلام " أن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ".. أنا وأهل بيتي الذين أورثنا الله الأرض، ونحن المتقون، والأرض كلها لنا، فمن أحيا أرضا من المسلمين فليعمرها وليؤد خراجها إلى الإمام من أهل بيتي وله ما أكل منها فإن تركها أو أخربها وأخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها وأحياها فهو أحق بها من الذي تركها، يؤدي خراجها إلى الإمام من أهل بيتي وله ما أكل منها حتى يظهر القائم من أهل بيتي بالسيف، فيحويها ويمنعها ويخرجهم منها، كما حواها رسول الله (ص) ومنعها إلا ما كان في أيدي شيعتنا فإنه يقاطعهم على ما في أيديهم و يترك الأرض في أيديهم". [111]

  وقالوا إن الباقر روى عن رسول الله (ص) أنه قال:" خلق الله آدم وأقطعه الدنيا قطيعة، فما كان لآدم (ع) فلرسول الله (ص) وما كان لرسول الله فهو للائمة من آل محمد (ع)". [112] 
  وروى حفص بن البختري، عن أبي عبد الله الصادق أنه قال:" إن جبرئيل (ع) كرى برجله خمسة أنهار ولسان الماء يتبعه: الفرات ودجلة ونيل مصر و مهران ونهر بلخ فما سقت أو سقي منها فللإمام، والبحر المطيف بالدنيا للإمام". [113] 
  وروى الكليني عن الإمام الصادق أنه قال:" الأنفال ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، أو قوم صالحوا، أو قوم أعطوا بأيديهم، وكل أرض خربة وبطون الأودية فهو لرسول الله (ص) وهو للإمام من بعده يضعه حيث يشاء". [114]  وأنه قال:" الآجام والمعادن والبحار والمفاوز هي للإمام خاصة، فإن عمل فيها قوم بإذن الإمام فلهم أربعة أخماس وللإمام خمس والذي للإمام يجري مجرى الخمس ومن عمل فيها بغير إذن الإمام فالإمام يأخذه كله، ليس لأحد فيه شئ وكذلك من عمر شيئا أو أجرى قناة أو عمل في أرض خراب بغير إذن صاحب الأرض فليس له ذلك فإن شاء أخذها منه كلها وإن شاء تركها في يده". [115]
  ويبدو أن الإمامية لم يكونوا يجمعون على هذا الرأي، فقد حكى السندي بن الربيع عن حدوث خلاف بين محمد بن أبي عمير وهشام بن الحكم بعد حوار مع أحد رجال الأخير (أبي مالك الحضرمي) حيث قال ابن أبي عمير: إن الدنيا كلها للامام على جهة الملك وإنّه أولى بها من الذين في أيديهم. وقال أبو مالك: أملاك الناس لهم إلا ما حكم الله به للامام من الفيء والخمس والمغنم فذلك له، وذلك أيضاً، قد بين الله للامام عليه السلام، أين يضعه وكيف يصنع به. فتراضيا بهشام بن الحكم وصارا إليه فحكم هشام لأبي مالك، فغضب بن أبي عمير وهجر هشاماً بعد ذلك .[116]
8 - الخمس
    واشتهر الفقه "الإمامي" أيضا بتشريع وجوب الخمس (وهو إخراج عشرين بالمائة من الأرباح السنوية) وتسليمه للأئمة كحق من حقوقهم، باعتبار أنهم "ذوي القربى" الذين أمر الله بإعطاء الخمس لهم، وقد روى سليم بن قيس قال: سمعت أمير المؤمنين (ع) يقول: "نحن والله الذين عنى الله بذي القربى، الذين قرنهم الله بنفسه ونبيه (ص) فقال: " ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين" منا خاصة ولم يجعل لنا سهما في الصدقة، أكرم الله نبيه وأكرمنا أن يطعمنا أوساخ ما في أيدي الناس". [117] 

   ونسب الإمامية الى الباقر تفسيره لقوله تعالى: "واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسة وللرسول ولذي القربى " بقوله:" هم قرابة رسول الله (ص) والخمس لله وللرسول ولنا". [118] كما نسبوا للإمام الصادق أنه قال في تفسير الآية الآنفة: هم " أمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام".[119]  

   وبعد أن قام "الإمامية" بحصر الخمس بالأئمة الحسنيين، بادروا إلى توسيع دائرة منابعه، فلم يقصروه على مغانم الحرب، كما ورد في آية الخمس، وإنما قالوا بأنه يشمل موارد كثيرة وعلى رأسها المعادن المختلفة. [120] وما يخرج من البحر من اللؤلؤ والياقوت والزبرجد. [121] وأموال التجارة والزراعة. [122]  
  
9 -  الزكاة

 وقد  تميز الفقه "الإمامي" في باب الزكاة ، حيث قال بتحريم دفع الزكاة إلى الفقراء المخالفين، واشتراط الولاء للأئمة الحسنيين، بالنسبة لتوزيع الزكاة على الفقراء، حيث نسب إلى الباقر التوصية بوضع الزكاة في أهل الولاية فقط، أونقلها من بلد إلى آخر، إن لم يوجد "عارف" في البلد الأول.[123] ونقل زرارة عن الصادق النهي عن إعطاء الزكاة إلا لمن يعرف. [124] حتى لقرابة الرجل المحتاجين "غير العارفين". وأنه قال لأبي بصير: "لا ولا كرامة". [125] ونسب الإمامية إلى علي بن موسى الرضا قوله:"لا توضع الزكاة فيمن لا يعرف، ولا زكاة الفطرة". [126]
 وبلغ التشدد في هذا القرار حد الحكم بإعادة إخراج الزكاة مرة ثانية إن تم وضعها في غير موضعها. [127] وكذلك الحكم بإعادة إخراجها، على كل "ناصبي" يتحول إلى التشيع.[128]


[1]  - كان الإمام أبو حنيفة النعمان يقود مدرسة الرأي والقياس والاجتهاد، ويرفض كثيرا من الأحاديث ، بينما كان بعض أئمة أهل الحديث كالإمام مالك، يذهب إلى استعمال الرأي، بعد قول الصحابة والتابعين، وكان الإمام الشافعي يؤمن بالقياس، ويعتبره مصدرا من مصادر التشريع في غياب النصوص من الكتاب والسنة، وقد عرَّف الاجتهاد في كتابه المعروف "الرسالة" بالقياس، أي الأخذ بنظر الاعتبار الحالات المشابهة وإصدار الحكم في القضية الجديدة بموجب هذا القياس. وقال:" في القياس ؟ أهو الاجتهاد أم هما مفترقان قلت: هما اسمان بمعنى واحد ". على العكس من الإمام أحمد ابن حنبل (إمام أهل السنة) الذي كان يرفض القياس أشد الرفض ويعتبره بدعة مخالفة للسنة، ويصر على التمسك بالحديث كما هو. فقال في رسالته في "أصول السنة":" أصول السنة عندنا: التمسك بما كان عليه أصحاب الرسول (صلى الله عليه وسلم)  والاقتداء بهم ، وترك البدع... والسنة عندنا آثار رسول الله (صلى الله عليه وسلم)  وليس في السنة قياس، ولا تضرب لها الأمثال، ولا تدرك بالعقول والأهواء. إنما هو الاتباع وترك الهوى".
   ويقول أهل الرأي إن أحكام القرآن محدودة، والأحاديث لا تغطي جميع الحوادث الواقعة، فضلا عن أن الكثير منها غير ثابت قطعا، فإما أن نقول بأن الشريعة قد بينت أحكاما محددة، وتركت البقية للعقل الإنساني لكي ينتج فيها أحكاما مدنية عرفية، وإما أن نقول بأن الشريعة تغطي كل أمور الحياة، القديمة والجديدة، وهنا نحتاج الى القياس ومطابقة الحوادث الواقعة مع أقرب المسائل القديمة إليها.
[2] - الكليني، الكافي، كتاب العقل، كتاب فضل العلم، باب الرد إلى الكتاب والسنة، ح رقم 1   
[3]  - الكليني، الكافي، كتاب العقل، كتاب فضل العلم، باب الرد إلى الكتاب والسنة، ح رقم 4  
[4]  - الكليني، الكافي، كتاب العقل، كتاب فضل العلم، باب الرد إلى الكتاب والسنة، ح رقم 6   
[5]  -   الوافي، ح رقم [ 33152 ] و الكافي 8 : 5.  ـ   الكليني، الكافي، كتاب العقل، كتاب فضل العلم، باب الرد إلى الكتاب والسنة، ح رقم 0 1 الوافي، ح رقم [33153 ] 3
[6]  - الكليني، الكافي، كتاب العقل، كتاب فضل العلم، باب الرد إلى الكتاب والسنة، ح رقم 7   
[7]  - الكليني، الكافي، كتاب العقل، كتاب فضل العلم، باب البدع والرأي والمقائيس، ح رقم 7   
[8]  - الوافي، ح رقم [ 33160 ] 10 ـ  
[9]  - الوافي، ح رقم [ 33161 ] 11 ـ  
[10]  - الوافي، ح رقم [ 33183 ] 33 ـ  
[11] - الكليني، الكافي، كتاب العقل، كتاب فضل العلم، باب النهي عن القول بغير علم، ح رقم 9  
[12]  - الوافي، ح رقم [ 33152 ] و الكافي 8 : 5.  ـ عن أبي عبدالله ، و الكليني، الكافي، كتاب الروضة، رسالة الإمام الصادق، حديث رقم 1

[13]  - الكليني، الكافي، كتاب العقل، كتاب فضل العلم، باب البدع والرأي والمقائيس، ح رقم 11  
[14]  - رجال الكشي 2 : 188 | 331.
[15]  - الكليني، الكافي، كتاب العقل، كتاب فضل العلم، باب البدع والرأي والمقائيس، ح رقم 21
ويقول محمد بن حكيم، أحد أصحاب الإمام موسى الكاظم، أنه حاول أن يسترخص في القياس، فقال له : جعلت فداك فقهنا في الدين وأغنانا الله بكم عن الناس حتى أن الجماعة منا لتكون في المجلس ما يسأل رجل صاحبه تحضره المسألة و يحضره جوابها فيما من الله علينا بكم فربما ورد علينا الشيء لم يأتنا فيه عنك ولا عن آبائك شئ فنظرنا إلى أحسن ما يحضرنا وأوفق الأشياء لما جاءنا عنكم فنأخذ به؟ فقال:"هيهات هيهات، في ذلك والله هلك من هلك يا ابن حكيم".  وقال الكاظم ليونس بن عبد الرحمن:"من نظر برأيه هلك". الكليني، الكافي، كتاب العقل، كتاب فضل العلم، باب البدع والرأي والمقائيس، ح رقم 9  و 10 
[16]  - آمالي الصدوق : 15 | 3 ، والتوحيد : 68 | 23 ، وعيون أخبار الرضا  1 : 116 | 4 .

[17]  - الوافي [ 33186 ] عن المحاسن : 215 | 98
[18]  - الوافي ، ح رقم [ 33177 ] 27
[19]  - الوافي، ح رقم [ 33175 ] 25  
[20]  - الوافي، ح رقم [ 33176 ] 26  
[21]  - الوافي، [ 33182 ]  عن المحاسن : 209 | 76.  
[22]  - تفسير العياشي 2 : 331 | 46.
[23]  - الوافي، ح رقم [ 33188 ] 38 ـ علي بن الحسين المرتضى في رسالة ( المحكم والمتشابه ) نقلا من (تفسير ) النعماني، ولذلك ذهب الأخباريون من الشيعة (وهم سلف الإمامية) إلى عدم جواز العمل بظواهر القرآن إلا إذا كانت مدعمة بتفسير أهل البيت، وفسروا احتجاج الأئمة بظواهر القرآن بأنه للجدل، وقالوا:"أما ما روي في بعض الأخبار من قولهم ( عليهم السلام ) : أما سمعت قوله تعالى ؟ ونحو ذلك ، فوجهه : أن من سمع آية ، ظاهرها دال على حكم نظري ، لم يجزْ له الجزم بخلافها ، لاحتمال إرادة ظاهرها ، فالإنكار هناك لأجل هذا، وإن كان لا يجوز الجزم بإرادة الظاهر أيضا ، لاحتمال النسخ والتخصيص والتأويل وغير ذلك ، بل إن كانت موافقة للاحتياط فذاك ، وإلا تعين الاحتياط لاشتباه الحكم . على أن ما يتخيل معارضته هنا ظاهر ظني الدلالة، لا يعارض النص المتواتر القطعي الدلالة مع احتمال الجميع ، للتقية وإرادة إلزام المخاطب بما يعتقد حجيته ، وأما الآية التي ورد تفسيرها عنهم ( عليهم السلام ) ، أو استدلالهم بها ، أو وافقت الأحاديث الثابتة ، فلا إشكال في العمل بها " . تعليقا على حديث "من أتم في السفر ، فإن كانت قرئت عليه آية التقصير ، وفسرت له أعاد". الوافي،[ 33613 ] 82 الحديث 4 من الباب 17 من أبواب صلاة المسافر.
[24]  - آمالي : المفيد 52 | 13. وسار بقية الأئمة على خطى الباقر والصادق في رفض الاجتهاد، والدعوة للتقليد، كما في رواية عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، قال : قلت للرضا : جعلت فداك ، إن بعض أصحابنا يقولون : نسمع الأمر يحكى عنك وعن آبائك ، فنقيس عليه، ونعمل به، فقال: سبحان الله ! لا والله ما هذا من دين جعفر ، هؤلاء قوم لا حاجة بهم إلينا ، قد خرجوا من طاعتنا ، وصاروا في موضعنا ، فأين التقليد الذي كانوا يقلدون جعفرا وأبا جعفر ؟ قال جعفر : لا تحملوا على القياس ، فليس من شيء يعدله القياس ، إلا والقياس يكسره. - الوافي، [ 33191 ]    قرب الاسناد : 157.
  ولكن الإمامية وقعوا بما رفضوه من قبل، بعد "غيبة الإمام الثاني عشر محمد بن  الحسن العسكري" وانقطاع اتصالهم "بمصادر العلم  الإلهي القطعية"، حيث فتحوا باب الاجتهاد في القرن الخامس الهجري وساروا على خطى أهل الرأي فيما لا يوجد فيه نص من كتاب أو سنة، أو حديث من أئمة أهل البيت.
[25]  - الكليني، الكافي، كتاب الروضة، ح رقم 8240 – 1    
[26]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة، ح رقم 6
[27]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة، ح رقم 1 و 5
[28]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة، ح رقم 5
[29]  - الوافي، ح رقم [ 44614 ]
[30]  - روى الكشي عن سالم بن أبي حفصة (البتري) أنه دخل على أبي عبد الله فقال له: عند الله نحتسب مصابنا برجل كان إذا حدث قال: قال رسول الله (ص) (ويقصد الإمام الباقر) فقال أبو عبد الله ردا عليه:" قال الله تعالى: ما من شئ إلا وقد وكلت به غيري إلا الصدقة فإني أتلقفها بيدي تلقفا، حتى أن الرجل والمرأة ليتصدق بتمرة أو بشق  تمرة فأربيها له كما يربي الرجل فلوه أو فصيله فيلقاه يوم القيامة وهي مثل أحد أو أعظم من أحد". الكشي، ترجمة الحسن بن صالح بن حي. 
[31]  - الكليني، الكافي، كتاب العقل، كتاب فضل العلم، باب البدع والرأي والمقائيس، ح رقم 5   
[32]  - الوافي، ح رقم [ 33232 ] عن كفاية الأثر : 259.  ويذكر الصدوق في ( الأمالي ) و ( عيون الأخبار )  أن الإمام علي بن موسى الرضا  قال للعلماء في مجلس المأمون : أخبروني عن هذه الآية : ( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا )  فقالت العلماء:  أراد الله بذلك : الأمة كلها ، فقال الرضا : بل أراد الله : العترة الطاهرة ، ثم قال :  ونحن أهل الذكر الذين قال الله عزّ وجلّ: ( فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) فقالت العلماء : إنما عنى بذلك : اليهود والنصارى ، فقال  الرضا : سبحان الله ! ويجوز ذلك ؟ إذن يدعونا إلى دينهم ، ويقولون : إنه أفضل من دين الإسلام ، فقال المأمون : فهل عندك في ذلك شرح بخلاف ما قالوا يا أبا الحسن ؟ قال : نعم، الذكر : رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ونحن أهله ، وذلك بيّن في كتاب الله حيث يقول في سورة الطلاق : ( فاتقوا الله يا أولي الألباب الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا * رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات )  فالذكر : رسول الله ، ونحن أهله". الوافي، ح رقم [ 33233 ] عن آمالي الصدوق : 421 | 1 و 428 ، وعيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) 2 : 228 | 1 و 239   
[33]  - الوافي، ح رقم [ 33152 ] عن الكافي 8 : 5.
[34]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أن مستقى العلم من بيت آل محمد، ح رقم 1
[35]  - الوافي، ح رقم [ 33094 ]
[36]  - الوافي، ح رقم [ 33240 ] تفسير العياشي 1 : 368 | 55 .
[37]  - حيث نسبوا للإمام الصادق أنه قال:"فما فوض الله إلى رسوله (ص) فقد فوضه إلينا" وقال:" لا والله ما فوض الله إلى أحد من خلقه إلا إلى رسول الله (ص) وإلى الأئمة، قال عز وجل: إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أريك الله. وهي جارية في الأوصياء عليهم السلام". وأنه خاطب الشيعة قائلا:"إن نبي الله فوض إلى علي وائتمنه، فسلمتم وجحد الناس فوالله لنحبكم أن تقولوا إذا قلنا وأن تصمتوا إذا صمتنا ونحن فيما بينكم وبين الله عز وجل، ما جعل الله لأحد خيراً في خلاف أمرنا". الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب التفويض إلى رسول الله والأئمة أمر الدين، ح رقم1 و 8 و 9
[38]  - الوافي، [ 33355 ] عن عيون أخبار الرضا 1 : 290 | 39.
[39]  - الوافي، [ 33362 ] 29
[40]  - الوافي، [ 33363 ] 30
[41]  - الوافي، [ 33357 ] عن علل الشرائع : 531 | 1
[42]  - الوافي، [ 33365 ] 32
[43]  - الوافي، [ 33366 ] 33
[44]  - الوافي، [ 33359 ] عن صفات الشيعة : 3 | 4. 
[45]  - الوافي، [ 33358 ] عن صفات الشيعة 3 | 2
[46]  - الوافي، [ 33364 ] 31
[47]  - الوافي، [ 33375 ] 42  ويوغل حديث منسوب الى  الرضا في ممارسة منهج المخالفة من أجل المخالفة، عندما يسأله علي بن أسباط قائلا: يحدث الأمر لا أجد بداً من معرفته، وليس في البلد الذي أنا فيه أحد أستفتيه من مواليك؟ فيقول له: " ائت فقيه البلد فاستفته من أمرك ، فإذا أفتاك بشيء فخذ بخلافه ، فإن الحق فيه". ويقول الرضا أيضا:"إذا ورد عليكم خبران مختلفان ، فانظروا إلى ما يخالف منهما العامة فخذوه ، وانظروا إلى ما يوافق أخبارهم فدعوه".  الوافي، [ 33356 ] عن عيون أخبار الرضا  1 : 275 | 10 و الوافي، [ 33367 ] 34
[48]  -  الوافي، عن الكليني، الكافي 1 : 52 | 2. ويحتمل بعض شراح هذا الحديث، بأن حديث الأئمة المناقض للمشهور من حديث الرسول كاشفا عن الناسخ، وليس ناسخا له.
[49]  - الكليني، الكافي، كتاب الإيمان والكفر، باب التقية، ح رقم 7
[50]  - الوافي، [ 33346 ] عن  الكافي 1 : 31 | 4
[51]  - الوافي، [ 33379 ] 46  وعن أبي بصير قال: سألت أبا عبدالله عن القنوت فقال: فيما يجهر فيه بالقراءة، قال: فقلت له: إني سألت أباك عن ذلك فقال: في الخمس كلها؟ فقال: رحم الله أبي إن أصحاب أبي أتوه فسألوه فأخبرهم بالحق ثم أتوني شكاكا فأفتيتهم بالتقية. الكليني، الكافي، ح رقم 5122 - 3
[52]  - حيث رفض الفقه الإمامي التثويب، وهو قول (الصلاة خير من النوم) في أذان الفجر. الكليني، الكافي، ح رقم 4957 - 6
[53]  - الكليني، الكافي، ح رقم 4938 - 1
[54]  - الكليني، الكافي، ح رقم 5003 - 5
[55]  - الكليني، الكافي، ح رقم 5010 - 12
[56]  - بناء على فتوى منسوبة الى الإمام الصادق حول ما يسجد عليه في الصلاة، تقول : "لا تسجد إلا على الأرض أو ما أنبتت الأرض إلا القطن والكتان". الكليني، الكافي، ح رقم 5076 - 1
[57]  - الكليني، الكافي، ح رقم 7 505 - 13
[58]  - الكليني، الكافي، ح رقم 5515 - 4
[59]  - الكليني، الكافي، ح رقم 5494 - 6
[60]  - الكليني، الكافي، ح رقم 5160 - 26
[61]  - الكليني، الكافي، ح رقم 5144 - 10
[62]  - الكليني، الكافي، ح رقم 5276 - 2
[63]  - الكليني، الكافي، ح رقم 5278 – 4 و ح رقم 5281 - 7
[64]  - الكليني، الكافي، ح رقم 5405 - 30
[65]  - الكليني، الكافي، ح رقم 5695 – 1 و ح رقم 1 570 - 7
[66]  - الكليني، الكافي، ح رقم 16326 و ح رقم 26327 و ح رقم 36328
 وقد أخذ الصدوق في (من لا يحضره الفقيه) وعدد من الفقهاء الشيعة في القرن الرابع الهجري كالشريف أبى محمد الحسيني والحسين بن على بن الحسين وهارون بن موسى بتلك الأخبار، ولكن معظم الشيعة ردَّوا تلك الأخبار بضعف السند ومخالفة المحسوس والأخبار المستفيضة. وفسرها المجلسى بالتقية.     
[67]  - الكليني، الكافي، ح رقم 76339  و ح رقم 96341
[68]  - الكليني، الكافي، ح رقم 46603 و ح رقم 66605 و ح رقم 76606 و ح رقم 56604
قال المجلسى : أما صوم يوم عاشورا فقد اختلفت الروايات فيه وجمع الشيخ بينها بأن من صام يوم عاشورا على طريق الحزن بمصائب آل محمد عليهم السلام فقد أصاب ومن صامه على ما يعتقد فيه مخالفونا من الفضل في صومه والتبرك به فقد أثم وأخطأ ونقل هذا الجمع عن  المفيد ، والأظهر عندي أن الأخبار الواردة بفضل صومه محمولة على التقية وإنما المستحب الإمساك على وجه الحزن إلى العصر لا الصوم كما رواه الشيخ في المصباح.
[69]  - الكليني، الكافي، ح رقم  9942 - 1
[70]  - الكليني، الكافي، ح رقم  9943 - 2
[71]  - الكليني، الكافي، ح رقم  9944 – 3  
[72]  - الكليني، الكافي، ح رقم  9946 - 5
[73]  - الكليني، الكافي ح رقم  9945 – 4 و التهذيب 2/186 وسائل الشيعة  14/43
[74]  - الصدوق، من لا يحضره الفقيه 3/366
[75]  - الكليني، الكافي، ح رقم  4583
[76]  - الكليني، الكافي، ح رقم  4601
[77]  - الكليني، الكافي، ح رقم  4600 والصدوق، من لا يحضره الفقيه 2/149؛ وسائل لشيعه14/442
[78]  - الحر العامل، وسائل الشيعة 14/443)
[79]  - الحر العامل، الوسائل14/444
[80]  - الكليني، الكافي، ح رقم  4616
[81]  - الكليني، الكافي، ح رقم  9954 - 5
[82]  - الكليني، الكافي، ح رقم  4594 و ح رقم  9951 – 2 و ح رقم  9953 - 4
[83]  - الكليني، الكافي، ح رقم  9956 - 7
[84]  - الكليني، الكافي، ح رقم  4595
[85]  - الكليني، الكافي، ح رقم  9950 - 1
[86]  - الكليني، الكافي، ح رقم 9960 – 4 و ح رقم 10025) – 10 و ح رقم  4592
[87]  - الكليني، الكافي، ح رقم 9958 - 2
[88]  - الكليني، الكافي، ح رقم  18-10689 و ح رقم 910680 و ح رقم 10687- 16 و ح رقم 710678
[89]  - الكليني، الكافي، ح رقم 9834 – 4 و ح رقم 9831 – 1 و ح رقم 15-10686
[90]  - الكليني، الكافي، ح رقم 210673
[91]  - الكليني، الكافي، ح رقم 310674 و ح رقم 610677 و ح رقم 11-10682 و ح رقم 13-10684
[92]  - وقد عبر شاعر العباسيين، مروان بن ابي حفصة عن خلافهم مع العلويين بقوله:
 أنى يكون – وليس ذاك بكائن – لبني البنات وراثة الأعمام؟
وقال ابان بن عبد الحميد اللاحقي :
أعم نبي الله أقرب زلفة اليه؟ أم  ابن العم في رتبة النسب؟
وأيهما أولى به وبعهده؟ ومن ذا له حق التراث بما وجب؟
فان كان عباس أحق بتكلم وكان علي بعد ذلك على سبب
فأبناء عباس هم يحجبونه كما العم لابن العم في الإرث قد حجب
[93]  - الكليني، الكافي، ح رقم 491، 13 – 1 و ح رقم 494، 13 - 4
[94]  - الكليني، الكافي، ح رقم 499، 13 - 9

[95]  - الكليني، الكافي، ح رقم 492، 13 – 2  

[96]  - الكليني، الكافي، ح رقم 0 50، 13 – 10 و ح رقم 366، 13 – 3 و ح رقم 493، 13 – 3 و ح رقم 497، 13 - 7
[97]  - الكليني، الكافي، ح رقم 606، 14 – 1 و ح رقم 607، 14 – 2 و ح رقم 608، 14 - 3
[98]  - الكليني، الكافي، ح رقم 627، 14 - 4
[99]  - الكليني، الكافي، ح رقم 628، 14 - 5
[100]  - الكليني، الكافي، ح رقم 8240 – 1 وروى الإمامية  عن الباقر رسالة ينتقد فيها ما كان يجري تحت عنوان "الجهاد" في ظل الدولة الأموية، يشير فيها إلى انقلاب أهداف الجهاد من الدعوة إلى عبادة الله إلى عبادة العبيد، ويقول فيها:".. ومن ذلك ما ضيع الجهاد الذي فضله الله عز وجل على الأعمال وفضل عامله على العمال تفضيلا في الدرجات والمغفرة والرحمة لأنه ظهر به الدين وبه يدفع عن الدين وبه اشترى الله من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بالجنة بيعا مفلحا منجحا، اشترط عليهم فيه حفظ الحدود، وأول ذلك الدعاء إلى طاعة الله عز وجل من طاعة العباد وإلى عبادة الله من عبادة العباد وإلى ولاية الله من ولاية العباد...وليس الدعاء من طاعة عبد إلى طاعة عبد مثله". الكليني، الكافي، ح رقم 8224 – 4 و  ح رقم 8238 - 2
[101]  - الكليني، الكافي، ح رقم 8244 - 1
[102]  - الوافي، [ 33133 ] 34  عن تحف العقول 118
[103]  - الكليني، الكافي، ح رقم 8246 - 3
[104]  - الكليني، الكافي، ح رقم 8245 - 2

[105]  - روى الكشي في ترجمة زيد، وترجمة أبي جعفر الأحول محمد بن علي بن النعمان: أن زيد بن علي خاطب الأحول فقال: يا محمد بلغني أنك تزعم أن في آل محمد إماما مفترض الطاعة ؟ فقال له: نعم، وكان أبوك علي بن الحسين أحدهم، فقال: وكيف وقد كان يؤتي بلقمة وهي حارة فيبردها بيده، ثم يلقمنيها، أفترى أنه كان يشفق علي من حر اللقمة، ولا يشفق علي من حر النار ؟ ! فقال له: جعلت فداك من شفقته عليك من حر النار لم يخبرك، خاف عليك أن لا تقبله فتدخل النار، فلا يكون له فيك الشفاعة ولا لله فيك المشيئة ، واخبرني أنا فإن قبلت نجوت وإن لم يبال أن أدخل النار ، فقال أبو عبد الله: أخذته من بين يديه ومن خلفه ما تركت له مخرجا.

  وروى عن أبي خالد القماط، قال: قال لي رجل من الزيدية أيام زيد: ما منعك أن تخرج مع زيد؟ قال: قلت له: إن كان أحد في الأرض مفروض الطاعة فالخارج قبله هالك، وإن كان ليس في الأرض مفروض الطاعة فالخارج والجالس موسع لهما فلم يرد علي بشيء، قال: فمضيت من فوري إلى أبي عبدالله فأخبرته بما قال لي الزيدي وبما قلت له، وكان متكئا فجلس، ثم قال: أخذته من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وعن شماله، ومن فوقه ومن تحته، ثم لم تجعل له مخرجا. الكشي، ترجمة أبو خالد القماط
[106]  - الكليني، الكافي، ح رقم 8356 - 1
[107]  - الكليني، الكافي، ح رقم 8357 - 2
[108]  - الكليني، الكافي، ح رقم 8358 – 3
    ولكن يبدو أن موقف الصادق من الثورة كان يعود إلى عملية تقدير للموقف، أكثر منه التزاما مبدئيا بالمهادنة، ولذلك لم يكن يستجيب بسرعة إلى الدعوات الثورية غير المؤكدة التي كانت تستحثه على الخروج أو تدعوه لاستلام قيادة الثورة. فقد كتب أبو سلمة الخلال ، حين أعلن أبو مسلم الخراساني الثورة في خراسان، إلى الامام جعفر الصادق يعرض عليه استلام السلطة،  وأمر رسوله ( محمد بن عبد الرحمان بن أسلم) أن يلقى الامام الصادق ( قبل أن يلقى عبد الله المحض وعمر الأشرف)  فقابل الرسولُ الصادقَ ، وسلمه الكتاب فقال الصادق :" مالي ولأبي سلمة ، وهو شيعة لغيري" فقال الرسول اقرأ الكتاب ، فقال الامام لخادمه : ادن السراج مني فأدناه ، فوضع الكتاب على النار حتى احترق ، فقال الرسول : ألا تجيبه ؟ فقال الامام قد رأيت الجواب ، عرِّف صاحبك بما رأيت.
ويقال إن أبا مسلم الخراساني نفسه عرض الخلافة على الصادق و تحويل الدعوة إليه ، فكتب إلى الامام يقول: " إني قد أظهرت الكلمة ، ودعوت الناس عن موالاة بني أمية إلى موالاة أهل البيت ، فإن رغبت فلا مزيد عليك" فكتب إليه الامام :" ما أنت من رجالي ، ولا الزمان زماني".  ابن قتيبة ، الامامة والسياسة :ج 2 ص 152 - 153 و 155 - 156 ، والمسعودي : مروج الذهب 3 / 268 - 269 و 284 - 285   والشهرستاني، الملل والنحل، ج1 ص 241 ، والكليني، روضة الكافي، ص 229  والمجلسي،  بحار الأنوار : ج 47 ص 297
[109]  - الكافي، كتاب الحجة، باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده، ح رقم 17
[110] - الكافي، كتاب الحجة، باب أن الأرض كلها للإمام، ح رقم 2
[111] - الكافي، كتاب الحجة، باب أن الأرض كلها للإمام، ح رقم 1
[112] - الكافي، كتاب الحجة، باب أن الأرض كلها للإمام، ح رقم 7
[113] - الكافي، كتاب الحجة، باب أن الأرض كلها للإمام، ح رقم 8
[114]  - الكافي، كتاب الحجة، باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده، ح رقم 3
[115]  - الكافي، كتاب الحجة، باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده، ح رقم 1  
[116]  - الهمداني، رضا، مصباح الفقيه، كتاب الخمس، ص 108
[117]  - الكافي، كتاب الحجة، باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده، ح رقم 1
[118]  - الكافي، كتاب الحجة، باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده، ح رقم 2
[119]  - الكافي، كتاب الحجة، باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية، ح رقم 12 وباب الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده، ح رقم 7
[120]  - الكافي، كتاب الحجة، باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده، ح رقم 8 و 19
[121]  - الكافي، كتاب الحجة، باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده، ح رقم 21
[122]  - الكافي، كتاب الحجة، باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده، ح رقم 12
[123]  - الكليني، الكافي، ح رقم 5970 - 11
[124]  - الكليني، الكافي، ح رقم 5744 - 1
[125]  - الكليني، الكافي، ح رقم 5950 - 4
[126]  - الكليني، الكافي، ح رقم 5928 - 6
[127]  - الكليني، الكافي، ح رقم 5924 - 2
[128]  - الكليني، الكافي، ح رقم 5927 – 5 و ح رقم 5923 - 1

جميع الحقوق محفوظة للاخ منهاج السنة ابو ابات 2012-2013 | جميع المواد الواردة في هذا الموقع حقوقها محفوظة لدى ناشريها ; فهـرس الـموقــع | سياسة الخصوصية