الاثنين، 10 سبتمبر 2012

ألفصل الثامن من عقائد الامامية .الجن .الصلاة الادعية قبور زيارة شفاعة

نشر في :
م/8
الفصل الثامن: الإعلام الإمامي .. والتعبئة النفسية
   بالرغم من حداثة وصعوبة نظرية "الإمامة الإلهية" فإن الإعلام الإمامي نجح في تسويق الاعتقاد بـ"الأئمة" والولاء لهم، كجزء لا يتجزأ من العقيدة الإسلامية في صفوف بعض الشيعة ، مما عزز علاقة الشيعة "الإمامية" بالأئمة أحياء وأمواتا، حكاما أو محكومين، ناطقين أو صامتين، قائمين أو قاعدين، ثوارا أو مهادنين، محقين أو مخطئين، وصوَّرهم كسفينة نجاة من ركبها نجى ومن تخلف عنهم غرق وهوى، وأضفى على "الأئمة" من أبناء علي والحسين، هالة قدسية دينية خالدة.

   وحسب رواية ينقلها الكشي عن يوسف بن جعفر، قال: قلت لأبي عبد الله (الصادق): أصف لك ديني الذي أدين الله به، فإن أكن على حق فثبتني، وإن أكن على غير الحق فردني إلى الحق، قال: هات. قال: قلت: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عليا كان إمامي، وأن الحسن كان إمامي، وأن الحسين كان إمامي، وأن علي بن الحسين كان إمامي، وأن محمد بن علي كان إمامي، وأنت جعلت فداك على منهاج آبائك. فقال عند ذلك مرارا:"رحمك الله، ثم قال: هذا دين الله ودين ملائكته، وديني ودين آبائي الذي لا يقبل الله غيره ".[1]

  ولتكريس تلك الصورة "الدينية" عن الأئمة، اتبع الإعلام الإمامي عدة خطوات أو عمليات إيحاء نفسية، تضمنت الفقرات التالية:
1- طبيعة الأئمة ومكانتهم عند الله 
     فقد قام الإعلام الإمامي برفع مكانة "الأئمة" فوق مستوى البشر العاديين، وإضفاء هالة خاصة عليهم. وبث أحاديث كثيرة عن طبيعة "الأئمة" وكيفية خلقهم وطريقة ولادتهم. كما في رواية منسوبة لأبي جعفر (الباقر) أنه قال: " إن الله خلقنا من أعلى عليين وخلق قلوب شيعتنا مما خلقنا، وخلق أبدانهم من دون ذلك، فقلوبهم تهوي إلينا، لأنها خلقت مما خلقنا، ثم تلا هذه الآية: "كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين، وما أدراك ما عليون، كتاب مرقوم يشهده المقربون". وأضاف: خلق عدونا من سجين وخلق قلوب شيعتهم مما خلقهم منه، وأبدانهم من دون ذلك، فقلوبهم تهوي إليهم، لأنها خلقت مما خلقوا منه، ثم تلا هذه الآية: " كلا إن كتاب الفجار لفي سجين، وما أدراك ما سجين، كتاب مرقوم".[2]  

   وفي رواية أخرى تفوح منها رائحة الوضع والغلو، يقول:" للإمام عشر علامات: يولد مطهرا، مختونا، وإذا وقع على الأرض وقع على راحته رافعا صوته بالشهادتين، ولا يجنب، وتنام عينه ولا ينام قلبه، ولا يتثاءب ولا يتمطى، ويرى من خلفه كما يرى من أمامه، ونجوه (خروجه) كرائحة المسك والأرض موكلة بستره وابتلاعه...". [3]

  علاقة الأئمة بالجن

  وفي محاولة منهم لإضفاء طابع خارق للعادة على "الأئمة" ينقل "الإمامية" عدة روايات عن علاقة الجن بالأئمة، ويروون عن أبي جعفر أنه قال :" إن لنا أتباعا من الجن، كما أن لنا أتباعا من الإنس فإذا أردنا أمراً بعثناهم". [4] وأن الأئمة كانوا يستخدمون الجن في حوائجهم وبريدهم. [5] وعن سعد الإسكافي قال: أتيت أبا جعفر في بعض ما أتيته فجعل يقول: لا تعجل، حتى حميت الشمس علي وجعلت أتتبع الأفياء، فما لبث أن خرج علي قوم كأنهم الجراد الصفر، عليهم البتوت قد انتهكتم العبادة، فوالله لأنساني ما كنت فيه من حسن هيئة القوم، فلما دخلت عليه قال لي: أراني قد شققت عليك، قلت: أجل والله لقد أنساني ما كنت فيه قوم مروا بي لم أر قوما أحسن هيئة منهم في زي رجل واحد كأن ألوانهم الجراد الصفر، قد أنهكتهم العبادة فقال: يا سعد رأيتهم؟ قلت: نعم، قال أولئك إخوانك من الجن، قال: فقلت: يأتونك؟ قال: نعم يأتونا يسألونا عن معالم دينهم وحلالهم وحرامهم".[6]

2- الصلاة على آل محمد  

   وقام الإعلام الإمامي باستغلال موضوع "الصلاة على محمد وآل محمد" ونجح نجاحا كبيرا بإدخاله في كل مناحي الحياة، وذلك بعد تأويل "آل محمد" بذرية النبي من "الأئمة" العلويين الحسينيين.
   ومع أن القرآن الكريم يتحدث عن الصلاة على محمد (ص) ، ويطالب المؤمنين بالصلاة عليه في الآية 56 من سورة الأحزاب :"إن الله وملائكته يصلون على النبي، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما" دون أن يذكر الصلاة على "آل محمد"، إلا أن بعض الأحاديث تقول إن الصحابة سألوا الرسول (ص) عندما نزلت هذه الآية: " يا رسول الله، هذا السلام عليك قد عرفناه فكيف الصلاة عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد".[7] 
    ولكن معنى كلمة "آل" لم يكن مطابقا لكلمة "أهل" في البداية. إذ أن كلمة "الآل"  كما يقول الطباطبائي في "تفسير الميزان" تعني: خاصة الشيء. وكما يقول الراغب في "المفردات": الآل: يستعمل فيمن يختص بالإنسان اختصاصا ذاتيا إما بقرابة قريبة أو بموالاة. وقد وردت كلمة "آل" في القرآن الكريم ثلاث عشرة مرة ملحقة بكلمة "فرعون" وعشر مرات ملحقة بأسماء عدد من الأنبياء، كهذه الآيات:"وإذ نجيناكم من آل فرعون. وأغرقنا آل فرعون. كدأب آل فرعون. ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين. وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه" وكلها تشير إلى معنى "الأتباع" وليس الذرية، لأن فرعون كان عقيما ولم تكن له ذرية، كما هو معروف. وأما الآيات التي وردت فيها كلمة "آل" ملحقة بأسماء الأنبياء مثل هذه الآيات:" فقد آتينا آل ابراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما". "ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب". "يرثني ويرث من آل يعقوب". "وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون". "إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين". "فلما جاء آل لوط المرسلون". "قالوا اخرجوا آل لوط من قريتكم". "إعملوا آل داود شكرا". "سلام على إل ياسين" (وفي قراءة: آل ياسين)" فإن كلمة "آل" هنا قد تعني الذرية الطيبة الطاهرة من الأنبياء من بني إسرائيل (وليس كل الذرية)، وقد تشمل الأتباع من المؤمنين أيضا، كما في "آل موسى" الذي لم يكن له ذرية.  مما يلقي ضوءا على معنى "آل محمد" بحيث يشمل الأصحاب والأتباع والذرية الطيبة. وحسب القراءة المشهورة لآية"سلام على إل ياسين" فإنها تعني النبي إلياس، وليس فيها دلالة على معنى الآل، وأما على القراءات الأخرى (نافع وابن عامر ويعقوب وزيد) أي "آل ياسين" فإنها تحتمل المعنيين: الأتباع والذرية. ولكن الإمامية فسروها بالذرية و"أهل البيت" فقط، حيث رووا عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي أنه قال:" يس محمد (ص) ونحن آل يس".[8] وأنه قال أيضا:" إن الله تعالى أوحى إلى نبيه عندما عرج به إلى السماء: يا محمد صلِّ على نفسك وعلى أهل بيتك، فقال: صلى الله عليَّ وعلى أهل بيتي وقد فعل".[9]
  ومن الواضح أن هذا التفسير لكلمة "الآل" بمعنى "الأهل" يضيِّق المعنى العام الواسع الذي يشمل جميع المسلمين المتبعين للنبي ليحصره في الأهل والذرية، ولما كان هؤلاء فيهم الصالح والطالح، فقد قام الإمامية بحصر المعنى في إطار أضيق فنقلوا عن الصادق أنه قال:"إذا قاموا بشرائط شريعته كانوا آله". وذلك حتى ينسجم التفسير الجديد مع نظرية الإمامة الإلهية لأهل البيت، أو يقترب منها.
  ويروي الإمامية رواية مرسلة عن عليّ بن موسى الرضا، أنه حضر مجلس المأمون وقد اجتمع فيه جماعة علماء أهل العراق وخراسان، فقالت العلماء: هذا رسول الله يُؤثَر عنه أنّه قال:"أمّتي آلي"، وهؤلاء أصحابه يقولون بالخبر المستفيض الذي لا يمكن دفعه:"آل محمّد أمّتُه". ولكن الرضا فسر "الآل" بالعترة والقربى، واستدل على ذلك بتأويل عدد من الآيات القرآنية.[10]  
   وبعد تفسير الإمامية "الآل" بالأهل، وتقديم "الأئمة العلويين الحسينيين" كأبرز مصداق، أو المصداق الوحيد للأهل، دون بقية البطون الهاشمية والعلوية والحسنية والحسينية، قاموا باستخدام "الصلاة على محمد وآل محمد" كأداة إعلامية سياسية في الترويج لهم، واعتبار الصلاة على "آل محمد" حقا من حقوقهم. كما نقلوا عن الصادق أنه قال : إن أباه (الباقر) سمع رجلا متعلقا بالبيت وهو يقول: اللهم صل على محمد، فقال له :" يا عبد الله لا تبترها، لا تظلمنا حقنا، قل: اللهم صل على محمد وأهل بيته".[11] 
  ويلاحظ في هذا الحديث والحديث الأسبق:  استبدال كلمة "أهل بيتي" أو "أهل بيته" بكلمة "آل محمد". 
 وبعد تفسير كلمة "الآل" بالأهل، قام الإمامية برواية أحاديث عن الأئمة تحث الشيعة على استخدام "الصلاة على محمد وآل محمد" في مختلف العبادات، كما روي عن الباقر أنه قال:" من قال في ركوعه وسجوده وقيامه: "صلى الله على محمد وآل محمد " كتب الله له بمثل الركوع والسجود والقيام".[12] وأنه قال:" ما من شئ يُعبد الله به يوم الجمعة أحب إلي من الصلاة على محمد وآل محمد". [13] وأنه أضاف جملة " الأوصياء المرضيين" إليها، من  أجل تحديدها وتوضيح المراد منها، فقال: إذا صليت يوم الجمعة فقل:" اللهم صل على محمد وآل محمد الأوصياء المرضيين بأفضل صلواتك وبارك عليهم بأفضل بركاتك والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته " فإنه من قالها في دبر العصر كتب الله له مائة ألف حسنة ومحا عنه مائة ألف سيئة وقضى له بها مائة ألف حاجة ورفع له بها مائة ألف درجة.[14]

3 - برامج الأدعية

  واعتمد الإعلام الإمامي على برنامج الأدعية، في عملية التعبئة النفسية والتربية الدينية للشيعة، وضمَّن تلك الأدعية مفاهيم نظرية الإمامة، التي قام بإدخالها في المنظومة العقدية الإسلامية، فروى عن  (الباقر أو الصادق) أنه قال: "من قال:" اللهم إني أشهدك وأشهد ملائكتك المقربين وحملة عرشك المصطفين أنك أنت الله لا إله إلا أنت الرحمن الرحيم وأن محمدا عبدك و رسولك وأن فلان بن فلان إمامي ووليي وأن أباه رسول الله (ص) وعليا والحسن والحسين وفلانا وفلانا، حتى ينتهي إليه، أئمتي وأوليائي، على ذلك أحيا وعليه أموت وعليه أبعث يوم القيامة، وأبرأ من فلان وفلان وفلان". فإن مات في ليلته دخل الجنة". [15]

  وروى الإمامية عن أبي عبد الله أنه قال : " اللهم ... أصبحت على فطرة الإسلام و كلمة الإخلاص وملة إبراهيم ودين محمد… آل محمد أئمتي ليس لي أئمة غيرهم، بهم أأتم وإياهم أتولى وبهم أقتدي، اللهم اجعلهم أوليائي في الدنيا والآخرة ، واجعلني أوالي أولياء هم وأعادي أعداء هم في الدنيا والآخرة، وألحقني بالصالحين وآبائي معهم ".[16] 

   وقالوا بأن الباقر أوصى بقراءة هذا الدعاء: تقول إذا أصبحت:" أصبحتُ بالله مؤمنا على دين محمد وسنته، ودين علي وسنته، ودين الأوصياء وسنتهم، آمنت بسرهم وعلانيتهم وشاهدهم وغائبهم، وأعوذ الله مما استعاذ منه رسول الله (ص) وعلي (ع) والأوصياء، وأرغب إلى الله فيما رغبوا إليه ولا حول ولا قوة إلا بالله". [17] وأنه قال : ما من عبد يقول حين يمسي ويصبح: " رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد (ص) نبيا وبالقرآن بلاغا وبعلي إماما " ثلاثا، إلا كان حقا على الله العزيز الجبار أن يرضيه يوم القيامة. [18] 

   ورووا عن أبي  عبد الله الصادق أنه علم أحد أصحابه هذا الدعاء : إذا أصبحت وإذا أمسيت، قل: "الحمد الله الذي يفعل ما يشاء ولا يفعل ما يشاء غيره، الحمد لله كما يحب الله أن يحمد، الحمد لله كما هو أهله، اللهم أدخلني في كل خير أدخلت فيه محمداً وآل محمد وأخرجني من كل سوء أخرجت منه محمداً وآل محمد وصلى الله على محمد وآل محمد ".[19]

  وأنه قال: مهما تركت من شئ فلا تترك أن تقول في كل صباح ومساء: " اللهم.. احفظ إمام المسلمين بحفظ الإيمان، وانصره نصرا عزيزا وافتح له فتحا يسيرا واجعل له ولنا من لدنك سلطانا نصيرا، اللهم العن فلانا وفلانا والفرق المختلفة على رسولك وولاة الأمر بعد رسولك والأئمة من بعده وشيعتهم…".[20] 

   وبالإضافة إلى أدعية الصباح والمساء، نظم الإعلام الإمامي أدعية خاصة عند النوم والانتباه.[21]

   وذكر الإمامية أن الأئمة أوصوا الشيعةَ بهذا الدعاء الخاص، لأجل تعجيل فرجهم، وهو: بعد حمد الله تبارك وتعالى والصلاة على النبي (ص): " اللهم كن لوليك (فلان بن فلان) في هذه الساعة، وفي كل ساعة وليا وحافظا وناصرا ودليلا وقائدا وعونا وعينا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا ".[22] وطالبوا الشيعة بتلاوة الدعاء في ليالي شهر رمضان: " اللهم صل على محمد عبدك ورسولك سيد المرسلين وإمام المتقين ورسول رب العالمين ، اللهم صل على أمير المؤمنين ووصي رسول رب العالمين - ثم تسمي الأئمة حتى تنتهي إلى صاحبك، ثم تقول -: افتح له فتحا يسيرا وانصره نصرا عزيزا، اللهم أظهر به دينك وسنة نبيك حتى لا يستخفي بشيء من الحق مخافة أحد من الخلق اللهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة تعز بها الإسلام وأهله وتذل بها النفاق وأهله وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك والقادة في سبيلك وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة اللهم ما حملتنا من الحق فعرفناه وما قصرنا عنه فعلمناه".[23]
  وزعم الإمامية أن الصادق دعا الشيعة إلى تأكيد الولاية لأهل البيت بعد الصلاة ، وإعلان الخضوع لهم، فقال: إذا فرغت من صلاتك فقل: " اللهم إني أدينك بطاعتك وولايتك وولاية رسولك وولاية الأئمة (عل) من أولهم إلى آخرهم " وتسميهم ثم قل: " اللهم إني أدينك بطاعتك وولايتهم والرضا بما فضلتهم به، غير متكبر ولا مستكبر على معنى ما أنزلت في كتابك على حدود ما أتانا فيه وما لم يأتنا مؤمن مقر مسلم بذلك راض بما رضيت به يا رب أريد به وجهك والدار الآخرة مرهوبا ومرغوبا إليك فيه فأحيني ما أحييتني على ذلك وأمتني إذا أمتني على ذلك وابعثني إذا بعثتني على ذلك..".[24]

   وحاول الإعلام الإمامي أن يحيط بحياة الإنسان الشيعي من كل جوانبها، فلم ينسَ بتذكيره  بمكانة "الأئمة" حتى وهو يقوم بطلي النورة وإزالة شعر العانة، وتأليف حديث عن أحد الأئمة يعِدُ من يردد هذا الدعاء بتطهير الله له من الأدناس في الدنيا ومن الذنوب، وإبدال شعره بشعر لا يعصي الله، وتعويضه بكل شعرة من جسده ملكا يسبح له إلى أن تقوم الساعة ، كل تسبيحة من تسبيحهم تعدل بألف تسبيحة من تسبيح أهل الأرض.[25]

  ومن الواضح أن هذا الدعاء  "طلي النورة وإزالة شعر العانة"  ينطوي على محاولة ذكية جدا لربط جميع مفاصل حياة الإنسان بالدعاء للأئمة، بما يشبه في الحقيقية عملية تنويم مغناطيسي فكري سياسي ديني، لا مثيل لها في التاريخ.

   وحاول الإعلام الإمامي بواسطة تلك الأدعية ، أن يضمن الوعد لمن يقرأها ويعلن الولاء لـ"الأئمة" ويتبرأ من أعدائهم، بالجنة، وبرضوان الله يوم القيامة، وأن يضخم ثواب الدعاء بصورة تتجاوز كثيرا من الأعمال الصالحة، وأن يقوم بواسطة بعض تلك الأدعية بعملية فصل نفسي بين الشيعة وغيرهم من المسلمين  الذين يصفهم  بـ: "المشركين والفاسقين" ويأمر بلعنهم ولعن "الفرق المختلفة على رسولك وولاة الأمر بعد رسولك والأئمة من بعده وشيعتهم".[26]   
ومن البديهي أن الدعاء "للأئمة" خصوصا بعد الصلاة، يساهم في تكوين هالة دينية حولهم وإدخالهم في المنظومة العقدية الإسلامية، كما ورد في أحد الأدعية : "اللهم إني أدينك بطاعتك وولايتك وولاية رسولك وولاية الأئمة من أولهم إلى آخرهم ".[27]

 


4-  زيارات قبور "الأئمة"

وبالإضافة إلى الأدعية التي تتضمن الصلاة على محمد وآل محمد، والتوسل بهم إلى الله، وتقديمهم بين يدي الحاجة إلى الله من خلال الأدعية، فان الإعلام الإمامي، قام بسن طقس آخر، مهم جدا ، هي الزيارات التي أوصى الشيعة بتلاوتها عند قبور الأئمة في مناسبات كثيرة، والتي تحتوي على مختلف الأفكار الإمامية حول أئمة أهل البيت، وذلك من أجل غرسها في عقولهم وعواطفهم بصورة عميقة. والزيارات كثيرة وموجودة في كتب خاصة، ولكنا سوف نذكر عددا صغيرا منها.

أ -  زيارة أمير المؤمنين (علي بن أبي طالب)

  " السلام عليك يا ولي الله أنت أول مظلوم وأول من غصب حقه صبرت واحتسبت حتى أتاك اليقين فأشهد أنك لقيت الله وأنت شهيد عذب الله قاتلك بأنواع العذاب وجدد عليه العذاب، جئتك عارفا بحقك مستبصرا بشأنك معاديا لأعدائك ومن ظلمك، ألقي على ذلك ربي إن شاء الله يا ولى الله إن لي ذنوبا كثيرة فاشفع لي إلى ربك فإن لك عند الله مقاما محمودا معلوما وإن لك عند الله جاها وشفاعة وقد قال تعالي: " ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ".[28]


  ب - زيارة البقيع (الذي يضم قبور الأئمة الحسن وزين العابدين والباقر والصادق) وهي كما يلي:

   " السلام عليكم أئمة الهدى، السلام عليكم أهل التقوى، السلام عليكم الحجة على أهل الدنيا، السلام عليكم القوام في البرية بالقسط، السلام عليكم أهل الصفوة، السلام عليكم أهل النجوى، أشهد أنكم قد بلغتم ونصحتم وصبرتم في ذات الله وكذبتم وأسئ إليكم فعفوتم، وأشهد أنكم الأئمة الراشدون المهديون وأن طاعتكم مفروضة وأن قولكم الصدق وأنكم دعوتم فلم تجابوا وأمرتم فلم تطاعوا وأنكم دعائم الدين وأركان الأرض ولم تزالوا بعين الله ينسخكم في أصلاب كل مطهر وينقلكم في أرحام المطهرات لم تدنسكم الجاهلية الجهلاء ولم تشرك فيكم فتن الأهواء، طبتم وطاب منبتكم، منَّ بكم علينا ديان الدين فجعلكم في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه وجعل صلواتنا عليكم رحمة لنا وكفارة لذنوبنا إذا اختاركم لنا وطيب خلقنا بما منَّ به علينا من ولايتكم وكنا عنده مسمين بفضلكم معترفين بتصديقنا إياكم وهذا مقام من أسرف وأخطأ واستكان وأقر بما جنى ورجا بمقامه الخلاص وأن يستنقذه بكم مستنقذ الهلكى من الردى فكونوا لي شفعاء فقد وفدت إليكم إذا رغب عنكم أهل الدنيا واتخذوا آيات الله هزوا واستكبروا عنها" .[29]

ج - زيارة الحسين

  عن أبي عبد الله، قال: إذا أتيت قبر الحسين فائت الفرات واغتسل بحيال قبره وتوجه إليه وعليك السكينة والوقار حتى تدخل إلى القبر من الجانب الشرقي وقل حين تدخله: "السلام على ملائكة الله المنزلين، السلام على ملائكة الله المردفين، السلام على ملائكة الله المسومين، السلام على ملائكة الله الذين هم في هذا الحرم مقيمون " فإذا استقبلت قبر الحسين عليه السلام فقل: "السلام على رسول الله، السلام على أمين الله على رسله وعزائم أمره والخاتم لما سبق والفاتح لما استقبل والمهيمن على ذلك كله والسلام عليه ورحمة الله وبركاته " ثم تقول: " اللهم صل على أمير المؤمنين عبدك وأخي رسولك الذي انتجبته بعلمك وجعلته هاديا لمن شئت من خلقك والدليل على من بعثته برسالاتك وديان الدين بعدلك وفصل قضائك بين خلقك والمهيمن على ذلك كله والسلام عليه ورحمة الله وبركاته ".

 ثم تصلى على الحسن والحسين وسائر الأئمة ثم تأتي قبر الحسين ، فتقول: " السلام عليك يا ابن رسول الله، السلام عليك يا ابن أمير المؤمنين صلى الله عليك يا أبا عبد الله أشهد أنك قد بلغت عن الله عز وجل ما أمرت به ولم تخش أحدا غيره وجاهدت في سبيله وعبدته صادقا حتى أتاك اليقين، أشهد أنك كلمة التقوى وباب الهدى والعروة الوثقى والحجة على من يبقى ومن تحت الثرى، أشهد أن ذلك سابق فيما مضى وذلك لكم فاتح فيما بقي أشهد أن أرواحكم وطينتكم طيبة طابت وطهرت هي بعضها من بعض مناً من الله ورحمة، وأشهد الله وأشهدكم أني بكم مؤمن ولكم تابع في ذات نفسي وشرائع ديني وخاتمة عملي ومنقلبي ومثواي وأسأل الله البر الرحيم أن يتم ذلك لي ... اللهم اجعلنا ممن ينصره وتنصره به وتمن عليه بنصرك لدينك في الدنيا والآخرة ".[30]

  وينقل الإمامية عن أبي عبد الله أنه حضَّ الشيعة على زيارة الحسين، وقال لبشير الدهان الذي أخبره بأنه ربما فاته الحج فيعرِّف عند قبر الحسين، أي يزوره يوم عرفة، فقال له: أحسنت يا بشير أيما مؤمن أتى قبر الحسين عارفا بحقه في غير يوم عيد كتب الله له عشرين حجة وعشرين عمرة مبرورات مقبولات وعشرين حجة وعمرة مع نبي مرسل أو إمام عدل، ومن أتاه في يوم عيد كتب الله له مائة حجة ومائة عمرة ومائة غزوة مع نبي مرسل أو إمام عدل. فقال بشير: كيف لي بمثل الموقف؟  فنظر إليه شبه المغضب ثم قال له: يا بشير إن المؤمن إذا أتى قبر الحسين يوم عرفة واغتسل من الفرات ثم توجه إليه كتب الله له بكل خطوة حجة بمناسكها - ولا أعلمه إلا قال: وغزوة -.[31]

    وفي رواية أخرى عن صالح النيلي عن أبي عبد الله أنه قال: من أتى قبر الحسين عارفا بحقه كتب الله له أجر من أعتق ألف نسمة وكمن حمل على ألف فرس مسرجة ملجمة في سبيل الله.[32]

 وعن هارون بن خارجة قال: سمعت أبا عبد الله يقول: وكل الله بقبر الحسين أربعة آلاف ملك شعث غير يبكونه إلى يوم القيامة فمن زراه عارفا بحقه شيعوه حتى يبلغوه مأمنه، وإن مرض عادوه غدوة وعشية، وإن مات شهدوا جنازته واستغفروا له إلى يوم القيامة. [33]

  وروى الإمامية عن أبي عبد الله أنه قال: من أتى قبر أبي عبد الله (الحسين) عارفا بحقه غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.[34] وقال : إذا كان النصف من شعبان نادى مناد من الأفق الأعلى: ألا زائري قبر الحسين ارجعوا مغفورا لكم وثوابكم على ربكم ومحمد نبيكم.[35]   

 وقال سدير إن أبا عبد الله سألها: هل  تزور قبر الحسين في كل يوم؟ قال: جعلت فداك لا، قال: فما أجفاكم، قال: فتزورونه في كل جمعة؟ فقال سدير: لا، قال: فتزورونه في كل شهر؟ قال: لا، قال: فتزورونه في كل سنة؟ قال: قد يكون ذلك، قال: يا سدير ما أجفاكم للحسين! أما علمت أن لله عز وجل ألفي ألف ملك شعث غبر يبكون ويزورون لا يفترون؟ وما عليك يا سدير أن تزور قبر الحسين  في كل جمعة خمس مرات وفي كل يوم مرة؟ قلت: جعلت فداك إن بيننا وبينه فراسخ كثيرة فقال لي: اصعد فوق سطحك ثم تلتفت يمنة ويسرة ثم ترفع رأسك إلى السماء ثم نحو القبر وتقول: "السلام عليك يا أبا عبد الله السلام عليك ورحمة الله وبركاته " تكتب لك زورة والزورة حجة وعمرة، قال: سدير فربما فعلت في الشهر أكثر من عشرين مرة.[36]
  وحول كيفية الزيارة، روى الإمامية عن أبي عبد الله أنه قال:" إذا أردت زيارة الحسين فزره وأنت حزين مكروب شعث مغبر جائع عطشان وسله الحوائج وانصرف عنه ولا تتخذه وطنا".[37]   وأنه وعد من زار أحدا من الأئمة من الفضل كمن زار رسول الله (ص).[38] ونقلوا عنه أنه قال:" يا علي من زارني في حياتي أو بعد موتي أو زارك في حياتك أو بعد موتك أو زار ابنيك في حياتهما أو بعد موتهما ضمنت له يوم القيامة أن أخلصه من أهوالها وشدائدها حتى أصيره معي في درجتي".[39] وأنه قال ليونس بن أبي وهب القصري ، الذي جاءه دون أن يزور الإمام علي:" بئس ما صنعت.. لولا أنك من شيعتنا ما نظرت إليك ألا تزور من يزوره الله مع الملائكة ويزوره الأنبياء ويزوره المؤمنون؟ اعلم أن أمير المؤمنين (ع) أفضل عند الله من الأئمة وله ثواب أعمالهم وعلى قدر أعمالهم فضلوا".[40]
وعن زيد الشحام قال: قلت لأبي عبد الله : ما لمن زار رسول الله (ص)؟ قال: كمن زار الله عز وجل فوق عرشه، قال: قلت فما لمن  زار أحدا منكم؟ قال: كمن زار رسول الله (ص).[41]
  وينقل الإمامية عن علي بن موسى الرضا "زيارة" عامة لكل الأئمة.[42]  وأنه يقول : من زار قبر أبي ببغداد كمن زار قبر رسول الله (ص) وقبر أمير المؤمنين (ص) إلا أن لرسول الله ولأمير المؤمنين صلوات الله عليهما فضلهما.[43] بينما ينقلون عن الجواد أنه قال: من زار قبر أبي بطوس غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وبنى الله له منبرا في حذاء منبر محمد وعلي عليهما السلام حتى يفرغ الله من حساب الخلائق.[44] في حين ينقلون عن علي الهادي التوصية بزيارة الكاظم والجواد. [45]

   وبما أن هدف الزيارة هو تمتين العلاقة بين الشيعة والأئمة، وأن كثيرا من الشيعة لا يستطيع القيام بالزيارة، لأسباب عديدة، وبالتالي لا يتحقق الهدف، فقد نقل الإعلام الإمامي عن أبي عبد الله أنه قال: " إذا بعدت بأحدكم الشقة ونأت به الدار فليعلُ أعلى منزله وليصل ركعتين وليؤم بالسلام إلى قبورنا فإن لك يصل إلينا".[46]


   ولكي يضفي الإعلام الإمامي هالة قدسية على أماكن دفن "الأئمة"، قام بمقارنتها بالحرمين مكة والمدينة، فروى خلاد القلانسي، عن أبي عبد الله أنه قال:"الصلاة بمكة بمائة ألف صلاة والدرهم فيها بمائة ألف درهم، والصلاة في المدينة بعشرة آلاف صلاة والدرهم فيها بعشرة آلاف درهم، والصلاة في الكوفة بألف صلاة والدرهم فيها بألف درهم".[47] وقال أبو بصير: سمعت أبا عبد الله يقول:" تتم الصلاة في أربعة مواطن: في المسجد الحرام ومسجد الرسول (ص) ومسجد الكوفة وحرم الحسين".[48] وقال أبو شبل إن أبا عبد الله نصحه بزيارة قبر الحسين وإتمام الصلاة فيه، وعندما قال له: إن بعض أصحابنا يرون التقصير، قال: إنما يفعل ذلك الضعفة.[49]

    ومن الجدير بالذكر أن زيارة قبور الأموات بهدف الدعاء لهم وقراءة الفاتحة، عمل مشروع في الإسلام، ولكن الزيارات التي ينقلها الإمامية عن "الأئمة" ويقولون أنهم كانوا يوصون بها شيعتهم لزيارتهم بالصيغ المحددة، والمضامين الآنفة، هو عمل إعلامي سياسي يهدف إلى ترسيخ الولاء لهم والبراءة من أعدائهم، كما رأينا مثلا في زيارة أمير المؤمنين، التي تقول: " أنت أول مظلوم وأول من غصب حقه.. جئتك عارفا بحقك مستبصرا بشأنك معاديا لأعدائك ومن ظلمك".[50] وتقول:" أتيتك يا أمير المؤمنين عارفا بحقك مستبصرا بشأنك معاديا لأعدائك مواليا لأوليائك.. وأتولى آخركم بما توليت به أولكم وكفرت بالجبت والطاغوت واللات والعزى".[51]   

وكما لاحظنا فإن إحدى الزيارات حاولت رسم صورة مغالية للأئمة – وهي لا شك من وضع الغلاة - حيث تخاطبهم وكأنهم مفتاح الكون، وأداة الخلق وواسطة المطر، حيث تقول:" بكم فتح الله وبكم يختم، وبكم يمحو ما يشاء وبكم يثبت.. وبكم تنبت الأرض أشجارها، وبكم تخرج الأشجار أثمارها، وبكم تنزل السماء قطرها ورزقها... إرادة الرب في مقادير أموره نهبط إليكم وتصدر من بيوتك" ثم تصل إلى الهدف السياسي من كل ذلك الغلو فتقول:" لعنت أمة قتلتكم وأمة خالفتكم وأمة جحدت ولايتكم".[52]

  وتقوم "زيارة" أخرى بالمزج بين إعلان العقيدة الإمامية بأن الحسين "حجة الله في أرضه وشاهده على خلقه" وبين الاعتراف بالذنوب في حضرته تمهيدا لطلب الشفاعة عند الله.[53] واضعة الحسين واسطة بين الإنسان والله، خلافا للتعاليم الإسلامية القرآنية التي تحث على طلب المغفرة المباشرة من الله.

  وعندما تصبح زيارة الحسين عملا دينيا مقدسا، يرتفع أجرها ليقارب أجر الحج والعمرة، أو يزيد عنهما بكثير.[54]  بل تقول رواية أخرى بأن الله يغفر لزائر الحسين ما تقدم من ذنبه وما تأخر.[55] وهو ما لم يعد الله به زائر بيته الحرام في مكة أن يغفر له ما تأخر من ذنبه.

   وكل هذه الروايات تهدف، كما هو واضح، إلى تشجيع الناس على زيارة الحسين، كنوع من التظاهر السياسي الديني، الذي يصب في خانة "الأئمة" الأحياء ويعزز من شوكتهم. بالرغم من أنها لم توضح أساس تلك الدعاوى بالأجر الجزيل الذي يفوق أجر الحج والعمر والجهاد في سبيل الله عشرات المرات، ولم تستدل بآية من القرآن الكريم أو حديث نبوي، وإنما اعتمادا على كون "الأئمة" مصدرا من مصادر العلم الإلهي والدين.

  وهناك مجال كبير لمناقشة تلك الروايات والزيارات، والتساؤل عن صحة نسبتها لأئمة أهل البيت، ولكنا لسنا الآن في معرض مناقشتها، وإنما نهدف تبيان دورها في خطة الإعلام والتعبئة النفسية الدينية للشيعة، وشدهم نحو أئمة أهل البيت أحياء وأمواتا.


5 - الشفاعة يوم القيامة

  وقام الإعلام الإمامي بشد الشيعة نحو "الأئمة" بعملية تعبوية مهمة أخرى هي "الشفاعة". التي نسبها الإمامية للأئمة كجائزة لشيعتهم يوم القيامة، ووعدٍ لهم في مقابل ما يقومون به من أعمال وتضحيات وزيارات ومواقف ولائية تجاههم. وبغض النظر عن آثار عقيدة الشفاعة السلبية على التزام البعض بالأحكام الإسلامية، فإن العزف على وتر الذنوب والوعد بالشفاعة، شكل فقرة مهمة في النشاط الإعلامي الذي كان يقوم به الإمامية لتصوير "الأئمة" بأنهم ذوي مكانة دينية خاصة وعالية عند الله، تشبه مكانة الأنبياء والملائكة، بحيث يمتلكون القدرة على الشفاعة يوم القيامة، وإنقاذ العاصين من النار، كما يروون في حديث منسوب للإمام علي بن موسى الرضا يقول فيه:" إن لكل إمام عهدا في عنق أوليائه وشيعته وإن من تمام الوفاء بالعهد وحسن الأداء زيارة قبورهم فمن زارهم رغبة في زيارتهم وتصديقا بما رغبوا فيه كان أئمتهم شفعاءهم يوم القيامة". [56]  أو كما يروون في حديث آخر منسوب الى الإمام موسى الكاظم، يعِدُ  فيه أحد أصحابه (عليَ بن المغيرة) بأن يكون مع "الأئمة" يوم القيامة، وذلك في مقابل قيامه بختم القرآن وإهداء ثوابه لرسول الله (ص) ولعلي (ع) وفاطمة والأئمة الآخرين، ولما تساءل ابن المغيرة متعجباً: الله أكبر ف‍لي بذلك؟ قال: نعم، ثلاث مرات.[57]

   ويروي الإمامية أيضا أن الباقر  وعد شيخا بالجنة بعدما وقف الشيخ على باب داره وسلم عليه، وقال: والله إني لأحبكم وأحب من يحبكم، ووالله ما أحبكم وأحب من يحبكم لطمع في دنيا. والله إني لأبغض عدوكم وأبرأ منه، ووالله ما أبغضه وأبرأ منه لوتر كان بيني وبينه. والله إني لأحل حلالكم وأحرم حرامكم وأنتظر أمركم فهل ترجو لي جعلني الله فداك؟ فقال الباقر: " إن تَمُتْ ترِدْ على رسول الله (ص) وعلى علي والحسن و الحسين وعلي بن الحسين ويثلج قلبك ويبرد فؤادك وتقر عينك وتستقبل بالروح والريحان مع الكرام الكاتبين ولو قد بلغت نفسك ههنا - وأهوى بيده إلى حلقه- وإن تعش ترى ما يقر الله به عينك وتكون معنا في السنام الأعلى". ثم أقبل بوجهه على القوم فقال: من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا.[58]

   ولم يقتصر الإعلام الإمامي على ادعاء قيام "الأئمة" بالشفاعة للمتبعين الصالحين، وإنما الشفاعة خصوصا للعاصين والمذنبين، فقد روى الإمامية عن زياد الأسود بأنه كان يقترف الذنوب، حتى خاف على نفسه من الهلاك، حتى ذهب لأبي جعفر، وقال له: إني ألـمُّ بالذنوب حتى إذا ظننت أني قد هلكت ذكرت حبكم فرجوت النجاة وتجلى عني، فقال أبو جعفر: وهل الدين إلا الحب؟ قال الله تعالى: "حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم" وقال: "إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله" وقال: " يحبون من هاجر إليهم" إن رجلا أتى النبي (ص) فقال يا رسول الله أحب المصلين ولا أصلي، وأحب الصوامين ولا أصوم؟ فقال له رسول الله (ص): أنت مع من أحببت ولك ما اكتسبت. وأضاف أبو جعفر: ما تبغون وما تريدون؟ أما إنها لو كان فزعة من السماء فزع كل قوم إلى مأمنهم وفزعنا إلى نبينا وفزعتم إلينا.[59]  ولا شك أن حديث الإعلام الإمامي عن وعد الباقر للمذنبين من الشيعة بتوفير ملجأ آمن لهم يوم القيامة، كان يجتذب أعدادا منهم للالتفاف حولهم، وتوثيق علاقتهم به. 

    ويبدو من خلال بعض الروايات أن "الإمامية" كانوا يتعرضون لضغوط هائلة من المجتمع، فكان الإعلام الإمامي يحاول أن يعزيهم، بتطمينهم على مستقبلهم وضمان الجنة لهم، حيث تقول إحدى الروايات التي ينسبها الإعلام الإمامي إلى الصادق أن أحد أصحابه اشتكى إليه مقاطعة الناس للشيعة قائلا: نحن عندهم أشر من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا. فقال أبو عبد الله: " أما والله لا يدخل النار منكم اثنان، لا والله ولا واحد، والله إنكم الذين قال الله عز وجل: "وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار، اتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار، إن ذلك لحق تخاصم أهل النار" ثم قال: طلبوكم والله في النار فما وجدوا منكم أحدا". [60]

  ومثلما كان الإعلام الإمامي يعِد المذنبين من الشيعة بالشفاعة، فانه كان يهدد خصوم الأئمة، المحسنين الصالحين، بإحباط أعمالهم إذا لم يوالوا "الأئمة"، وروى الإعلام الإمامي عن أبي عبد الله أنه قال: ".. والله لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبل الله تبارك وتعالى منه إلا بولايتنا أهل البيت" وفسر آية: "والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون" بتقديم المحبة والولاء لأهل البيت مع الطاعة، وهم في ذلك خائفون، ليس خوفهم خوف شك ولكنهم خافوا أن يكونوا مقصرين في محبتنا وطاعتنا".[61]
   وعن محمد بن سليمان، عن أبيه قال: كنت عند أبي عبدالله إذ دخل عليه أبو بصير وقد خفره النفس ، فلما أخذ مجلسه قاله له أبوعبدالله : يا أبا محمد ما هذا النفس العالي؟ فقال: جعلت فداك يا ابن رسول الله كبر سني ودق عظمي واقترب أجلي مع أنني لست أدري ما أَرِدُ عليه من أمر آخرتي، فقال أبوعبدالله : يا أبا محمد وإنك لتقول هذا؟! قال: جعلت فداك وكيف لا أقول هذا؟! فقال: يا أبا محمد أما علمت أن الله تعالى يكرم الشباب منكم ويستحيي من الكهول؟ قال: قلت: جعلت فداك فكيف يكرم الشباب ويستحيي من الكهول؟ فقال: يكرم الله الشباب أن يعذبهم ويستحيي من الكهول أن يحاسبهم، قال: قلت: جعلت فداك هذا لنا خاصة أم لأهل التوحيد؟ قال فقال: لا والله إلا لكم خاصة دون العالم، قال: قلت: جعلت فداك فإنا قد نُبزنا نبزا انكسرت له ظهورنا وماتت له أفئدتنا واستحلت له الولاة دماء‌نا في حديث رواه لهم فقهاؤهم، قال: فقال أبو عبد الله: "الرافضة"؟ قال: قال: قلت: نعم، قال: لا والله ما هم سموكم ولكن الله سماكم به، أما علمت يا أبا محمد أن سبعين رجلا من بني إسرائيل رفضوا فرعون وقومه لما استبان لهم ضلالهم فلحقوا بموسى (ع) لما استبان لهم هداه فسموا في عسكر موسى "الرافضة" لأنهم رفضوا فرعون وكانوا أشد أهل ذلك العسكر عبادة وأشدهم حبا لموسى وهارون وذريتهما (ع) فأوحى الله عز وجل إلى موسى (ع) أن أثبت لهم هذا الاسم في التوراة فإني قد سميتهم به ونحلتهم إياه، فأثبت موسى (ع) الاسم لهم ثم ذخر الله عز وجل لكم هذا الاسم حتى نحلكموه، يا أبا محمد رفضوا الخير ورفضتم الشر، افترق الناس كل فرقة وتشعبوا كل شعبة فانشعبتم مع أهل بيت نبيكم (ص) وذهبتم حيث ذهبوا و اخترتم من اختار الله لكم وأردتم من أراد الله فابشروا ثم ابشروا، فأنتم والله المرحومون المتقبل من محسنكم والمتجاوز عن مسيئكم، من لم يأت الله عز وجل بما انتم عليه يوم القيامة لم يتقبل منه حسنة ولم يتجاوز له عن سيئة، يا أبا محمد فهل سررتك؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، فقال: يا أبا محمد إن لله عز وجل ملائكة يسقطون الذنوب عن ظهور شيعتنا كما يسقط الريح الورق في أوان سقوطه وذلك قوله عز وجل: " الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم. ويستغفرون للذين آمنوا" استغفارهم والله لكم دون هذا الخلق، يا أبا محمد فهل سررتك؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، قال: يا أبا محمد لقد ذكركم الله في كتابه فقال: " من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا" إنكم وفيتم بما أخذ الله عليه ميثاقكم من ولايتنا وإنكم لم تبدلوا بنا غيرنا ولو لم تفعلوا لعيركم الله كما عيرهم حيث يقول جل ذكره: " وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين" يا أبا محمد فهل سررتك؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني فقال: يا أبا محمد لقد ذكركم الله في كتابه فقال: " إخوانا على سرر متقابلين" والله ما أراد بهذا غيركم، يا أبا محمد فهل سررتك؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، فقال: يا أبا محمد " آلأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين" والله ما أراد بهذا غيركم، يا أبا محمد فهل سررتك قال: قلت: جعلت فداك زدني، فقال: يا أبا محمد لقد ذكرنا الله عز وجل وشيعتنا و عدونا في آية من كتابه فقال عز وجل: " هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب" فنحن الذين يعلمون وعدونا الذين لا يعلمون و شيعتنا هم أولوا الألباب، يا أبا محمد فهل سررتك؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، فقال: يا أبا محمد والله ما استثنى الله عز وجل بأحد من أوصياء الأنبياء ولا أتباعهم ما خلا أمير المؤمنين (ع) وشيعته فقال في كتابه وقوله الحق: "يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ، ولا هم ينصرون إلا من رحم الله " يعني بذلك عليا (ع) وشيعته، يا أبا محمد فهل سررتك؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، قال: يا أبا محمد لقد ذكركم الله تعالى في كتابه إذ يقول: " يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم" والله ما أراد بهذا غيركم، فهل سررتك يا أبا محمد؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، فقال: يا أبا محمد لقد ذكركم الله في كتابه فقال: " إن عبادي ليس لك عليهم سلطان" والله ما أراد بهذا إلا الأئمة (ع) وشيعتهم، فهل سررتك يا أبا محمد؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، فقال: يا أبا محمد لقد ذكركم الله في كتابه فقال: " فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا" فرسول الله صلى الله عليه وآله في الآية النبيون ونحن في هذا الموضع الصديقون والشهداء وأنتم الصالحون فتسموا بالصلاح كما سماكم الله عز وجل، يا أبا محمد فهل سررتك؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، قال: يا أبا محمد لقد ذكركم الله إذ حكى عن عدوكم في النار بقوله: " وقالوا مالنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار. اتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار" والله ما عنى ولا أراد بهذا غيركم، صرتم عند أهل هذا العالم شرار الناس وأنتم والله في الجنة تحبرون، وفى النار تطلبون يا أبا محمد فهل سررتك؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، قال: يا أبا محمد ما من آية نزلت تقود إلى الجنة ولا تذكر أهلها بخير إلا وهي فينا وفي شيعتنا وما من آية نزلت تذكر أهلها بشر ولا تسوق إلى النار إلا وهي في عدونا ومن خالفنا، فهل سررتك يا أبا محمد؟ قال: قلت: جعلت فداك، زدني، فقال: يا أبا محمد ليس على ملة إبراهيم إلا نحن وشيعتنا وسائر الناس من ذلك براء، يا أبا محمد فهل سررتك؟ وفي رواية أخرى فقال: حسبي. [62]
  وقد أدت فكرة الشفاعة ببعض الشيعة إلى التساهل في اقتراف الذنوب، حتى ذهب بعض الغلاة إلى تأويل العبادات والأحكام الشرعية بأشخاص "الأئمة"، والانتهاء إلى التعطيل والإباحة والتحلل من كل المحرمات، فقد روى يوسف بن ثابت بن أبي سعدة، عن أبي عبد الله أنه قال:" الإيمان لا يضر معه عمل وكذلك الكفر لا ينفع معه عمل". [63] وكان الإيمان في مفهومهم يعني الولاية "للأئمة".  ولكن "الأئمة" أنفسهم وقفوا أمام ذلك التفسير المغالي المؤدي للإباحية والانحلال، وقام الإمام الصادق بتهديد المذنبين بالنار وحذرهم من العودة إلى المعاصي. [64]

    ومن الواضح تناقض هذه الروايات الأخيرة مع الروايات السابقة التي تبعث على الاتكال على شفاعة أهل البيت يوم القيامة، ومن المؤكد وضعها أو تزويرها أو إضافة أمور إليها، ولكن رغم دعوة "الأئمة" لشيعتهم إلى العمل بالدين، ووقوفهم أمام الموجة الإباحية التي استندت إلى بعض الأحاديث المنسوبة كذبا إليهم، فإن مجرد الحديث عن الشفاعة يشد الشيعة للأئمة من أجل تقديم الولاء لهم وزيارتهم بعد الوفاة، والاهتمام بهم في كل حين، في حين يبعث على قدر من التساهل في الالتزام بالدين، والاتكال على "الأئمة". وهو ما وقع فيه كثير من الشيعة قديما وحديثا.


6 -  حضور "الأئمة" عند الوفاة

 
    ومثلما طرح الإعلام الإمامي مسألة الشفاعة يوم القيامة لشد الشيعة نحو "الأئمة" في الحياة الدنيا، وتعميق الولاء لهم، قام ذلك الإعلام أيضا بالحديث عن حضور "الأئمة" عند وفاة الإنسان الشيعي، وإسعافه في أول محطة من محطات الآخرة .[65] حيث نقل الإمامية عن أبي عبد الله أنه أقسم لأحد أصحابه أن الميت يرى رسول الله (ص) وعليا ، وقال له: يا عقبة لن تموت نفس مؤمنة أبدا حتى تراهما، فسأل عقبة: يقولان شيئا؟ قال: نعم، يدخلان جميعا على المؤمن فيجلس رسول الله (ص) عند رأسه وعلي (ع) عند رجليه فيكب عليه رسول الله (ص) فيقول: يا ولي الله أبشر أنا رسول الله إني خير لك مما تركت من الدنيا ثم ينهض رسول الله (ص) فيقوم علي (عليه السلام) حتى يكب عليه، فيقول: يا ولي الله أبشر أنا علي بن أبي طالب الذي كنت تحبه أما لأنفعنك. ثم قال أبو عبد الله: إن هذا في كتاب الله عز وجل، فتعجب عقبة وقال: أين جعلني الله فداك هذا من كتاب الله؟ قال: في يونس قول الله عز وجل ههنا: " الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحيوة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم ".[66]
 
   واستنادا لأحاديث تؤكد على عودة الميت إلى الحياة في قبره، توصي أحاديث أخرى، ينقلها الإعلام الإمامي، على تلقين الميت عند دفنه بمبادئ الدين والولاية. كما في رواية عن أبي عبد الله يقول فيها: إذا أردت أن تدفن الميت ... تدني فمك إلى سمعه وتقول: " اسمع افهم - ثلاث مرات - الله ربك ومحمد نبيك والإسلام دينك - وفلان - إمامك اسمع وافهم " وأعدها عليه ثلاث مرات هذا التلقين.[67] وفي رواية أخرى عن زرارة ، قال: إذا وضعت الميت في لحده قرأت آية الكرسي واضرب يدك على منكبه الأيمن ثم قل: " يا فلان قل: رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد (ص) نبيا وبعلي إماما " وسم إمام زمانه.[68]
   وعن أبي بكر الحضرمي قال: قلت لأبي جعفر: أصلحك الله من المسؤولون في قبورهم..وعمَّ يُسألون؟ قال: عن الحجة القائمة بين أظهركم، فيقال للمؤمن: ما تقول في فلان ابن فلان؟ فيقول: ذاك إمامي، فيقال: نم أنام الله عينك. ويفتح له باب من الجنة فما يزال يتحفه من روحها إلى يوم القيامة ويقال للكافر: ما تقول في فلان ابن فلان؟ قال: فيقول: قد سمعت به وما أدري ما هو، فيقال له: لا دريت . قال: ويفتح له باب من النار فلا يزال يتحفه من حرها إلى يوم القيامة.[69]
وروى الإمامية عن أبي عبد الله أنه قال: يُسأل الميت في قبره عن خمس، عن صلاته وزكاته وحجه وصيامه وولايته إيانا أهل البيت فتقول الولاية من جانب القبر للأربع: ما دخل فيكن من نقص فعليَّ تمامه.[70]
    وبغض النظر عن صحة نسبة تلك الروايات للأئمة، فإن هذه الروايات التي انتشرت بين الشيعة وصدقها ويصدقها الكثير منهم، لعبت دورا كبيرا في عملية التعبئة النفسية والسياسية وشد الشيعة إلى "الأئمة".

7 -   الدفن في "وادي السلام"

وإضافة إلى كل ما سبق ، قام الإعلام الإمامي بالتحدث عن مصير أرواح المؤمنين (الشيعة) بعد الموت، واجتماعها في "وادي السلام" الكائن في ظهر الكوفة (النجف) واستخدام ذلك وسيلة من وسائل الربط بين الشيعة و"الأئمة".[71]
ونقل الإمامية حديثا عن أبي عبد الله، أنه قال لرجل (أحمد بن عمر) اشتكى له خوفه من موت أخيه ببغداد، فقال له: ما تبالي حيثما مات، أما إنه لا يبقى مؤمن شرق الأرض وغربها إلا حشر الله روحه إلى وادي السلام، فقال: وأين وادي السلام؟ قال: ظهر الكوفة، أما إني كأني بهم حلق حلق قعود يتحدثون.[72]   
  وتحاول الأحاديث التي ينقلها الإعلام الإمامي بهذا الشأن العزف على وتر الشفاعة والخوف من الموت وما بعد الموت، بهدف زرع الولاء لأئمة أهل البيت والتبرؤ من أعدائهم وخصومهم السياسيين، وشد الشيعة إليهم. ويبدو أنها نجحت في ترك أثر كبير في نفوس الشيعة الذين يحرص الكثير منهم على الدفن في مقبرة "وادي السلام" في النجف، ونقل جثمانه من مسافات بعيدة وبشق الأنفس إليها، أملا بالفوز بشفاعة "الأئمة" والنجاة من النار.

8 -  الحج وميثاق الولاية


  بالإضافة إلى كل ما سبق من مفردات إعلامية خالصة، قام الإعلام الإمامي باستغلال شعيرة الحج ليضفي عليها طابعا شيعيا مميزا، وذلك من خلال تفسير موضوع الحجر الأسود ، الذي حبك حوله قصة تصب في موضوع الولاء لـ"لأئمة". ولسنا نعرف حقيقة الرواية الواردة عن الإمام الصادق، ومدى صحتها، إذ يوجد بين رجالها الضعيف (كابن سنان) الذي يحتمل أن يكون مختلق الرواية،  ولكنها تؤدي دورا إعلاميا بصرف أنظار الشيعة وهم يطوفون حول البيت الحرام، ويقبلون الحجر الأسود، إلى مسألة الولاية لـ"الأئمة"، وتطالبهم بإعلان العهد لهم، وتؤكد لهم بأن الحجر الأسود يحفظ كلام الحجاج ويشهد لهم يوم القيامة.

     تقول الرواية عن بكير بن أعين أنه : سأل أبا عبدالله (ع) لأي علة وضع الله الحجر في الركن الذي هو فيه ولم يوضع في غيره؟ ولأي علة تقبل؟ ولأي علة اخرج من الجنة؟ ولأي علة وضع ميثاق العباد والعهد فيه ولم يوضع في غيره؟ وكيف السبب في ذلك؟ تخبرني جعلني الله فداك فإن تفكري فيه لعجب. فقال ( أبو عبد الله) : سألت وأعضلت في المسألة واستقصيت فافهم الجواب وفرِّغ قلبك وأصغ سمعك أخبرك إن شاء الله : إن الله تبارك وتعالى وضع الحجر الأسود وهى جوهرة أخرجت من الجنة إلى آدم (ع) فوضعت في ذلك الركن لعلة الميثاق وذلك أنه لما اخذ من بني آدم من ظهورهم ذريتهم حين أخذ الله عليهم الميثاق في ذلك المكان وفي ذلك المكان تراءى لهم ومن ذلك المكان يهبط الطير على القائم (ع) فأول من يبايعه ذلك الطائر وهو والله جبرئيل (ع) وإلى ذلك المقام يسند القائم ظهره وهو الحجة والدليل على القائم وهو الشاهد لمن وافا [ه] في ذلك المكان والشاهد على من أدى إليه الميثاق والعهد الذي أخذ الله عز وجل على العباد. وأما القبلة والاستلام فلعلة العهد تجديدا لذلك العهد والميثاق وتجديدا للبيعة ليؤدوا إليه العهد الذي أخذ الله عليهم في الميثاق فيأتوه في كل سنة ويؤدوا إليه ذلك العهد والأمانة اللذين أخذا عليهم، ألا ترى أنك تقول: أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة ووالله ما يؤدي ذلك أحد غير شيعتنا ولا حفظ ذلك العهد والميثاق أحد غير شيعتنا وإنهم ليأتوه فيعرفهم ويصدقهم ويأتيه غيرهم فينكرهم ويكذبهم و ذلك أنه لم يحفظ ذلك غيركم فلكم والله يشهد وعليهم والله يشهد بالخفر والجحود والكفر وهو الحجة البالغة من الله عليهم يوم القيامة يجيء وله لسان ناطق وعينان في صورته الأولى يعرفه الخلق ولا ينكره، يشهد لمن وافاه وجدد العهد والميثاق عنده، بحفظ العهد والميثاق وأداء الأمانة ويشهد على كل من أنكر وجحد ونسي الميثاق بالكفر والإنكار. فأما علة ما أخرجه الله من الجنة فهل تدري ما كان الحجر؟ قلت: لا قال كان ملكا من عظماء الملائكة عند الله فلما أخذ الله من الملائكة الميثاق كان أول من آمن به وأقر ذلك الملك فاتخذه الله أمينا على جميع خلقه فألقمه الميثاق وأودعه عنده واستعبد الخلق أن يجددوا عنده في كل سنة الإقرار بالميثاق والعهد الذي أخذ الله عز وجل عليهم، ثم جعله الله مع آدم في الجنة يذكره الميثاق ويجدد عنده الإقرار في كل سنة فلما عصى آدم واخرج من الجنة أنساه الله العهد والميثاق الذي أخذه الله عليه وعلى ولده لمحمد (ص) ولوصيه (ع) وجعله تائها حيرانا، فلما تاب الله على آدم حول ذلك الملك في صورة درة بيضاء فرماه من الجنة إلى آدم (ع) وهو بأرض الهند فلما نظر إليه آنس إليه وهو لا يعرفه بأكثر من أنه جوهرة وأنطقه الله عز وجل فقال له: يا آدم أتعرفني؟ قال: لا، قال: أجل استحوذ عليك الشيطان فأنساك ذكر ربك ثم تحول إلى صورته التي كان مع آدم في الجنة فقال لآدم: أين العهد والميثاق فوثب إليه آدم وذكر الميثاق وبكى وخضع له وقبله وجدد الإقرار بالعهد والميثاق ثم حوله الله عز وجل إلى جوهرة الحجر درة بيضاء صافية تضئ فحمله آدم (ع) على عاتقه إجلالا له وتعظيما فكان إذا أعيا حمله عنه جبرئيل (ع) حتى وافا به مكة فما زال يأنس به بمكة ويجدد الإقرار له كل يوم وليلة ثم إن الله عز وجل لما بنى الكعبة وضع الحجر في ذلك المكان لأنه تبارك وتعالى حين أخذ الميثاق من ولد آدم أخذه في ذلك المكان وفي ذلك المكان ألقم الملك الميثاق ولذلك وضع في ذلك الركن ونحى آدم من مكان البيت إلى الصفا وحوا إلى المروة ووضع الحجر في ذلك الركن فلما نظر آدم من الصفا وقد وضع الحجر في الركن كبر الله وهلله ومجده فلذلك جرت السنة بالتكبير واستقبال الركن الذي فيه الحجر من الصفا فإن الله أودعه الميثاق والعهد دون غيره من الملائكة لأن الله عز وجل لما أخذ الميثاق له بالربوبية و لمحمد (ص) بالنبوة ولعلي (ع) بالوصية اصطكت فرائص الملائكة، فأول من أسرع إلى الإقرار ذلك الملك لم يكن فيهم أشد حبا لمحمد وآل محمد (ص) منه ولذلك اختاره الله من بينهم وألقمه الميثاق وهو يجيء يوم القيامة وله لسان ناطق وعين ناظرة يشهد لكل من وافاه إلى ذلك المكان وحفظ الميثاق.[73]


9 -  طينة المؤمن وطبيعته

  ولم يتوقف الإعلام الإمامي في الحديث عند عظمة "الأئمة" وتبيان مكانتهم وقدراتهم وقيامهم بدور الشفاعة يوم القيامة، وما إلى ذلك، وإنما قام أيضا بتقوية معنويات الشيعة في مواجهة الضغوط الشديدة والكثيرة التي كانوا يتعرضون لها في تلك الأيام، سواء من قبل الأنظمة السياسية أو الحركات المعارضة لهم أو المجتمع الرافض لمقولاتهم بصورة عامة. فتحدث عن طبيعة مختلفة للمؤمنين (أي الشيعة) وطينة قريبة من طينة "الأئمة"، فنقل رواية عن علي بن الحسين أنه قال:" إن الله عز وجل خلق النبيين من طينة عليين: قلوبهم وأبدانهم، وخلق قلوب المؤمنين من تلك الطينة وخلق أبدان المؤمنين من دون ذلك وخلق الكفار من طينة سجين: قلوبهم وأبدانهم، فخلط بين الطينتين، فمن هذا يلد المؤمن الكافر ويلد الكافر المؤمن ومن ههنا يصيب المؤمن السيئة ومن ههنا يصيب الكافر الحسنة، فقلوب المؤمنين تحن إلى ما خلقوا منه وقلوب الكافرين تحن إلى ما خلقوا منه".[74]
      ونقل رواية عن زرارة عن أبي جعفر يتحدث فيها عن عملية الخلق والاختيار في عالم سابق على الدنيا، يسميه "عالم الذر" ، وخلق المؤمنين من ماء عذب وخلق الكفار من ماء مالح أجاج وامتحان الله لهم بأمرهم بدخول النار "فلا يستطيع هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء ، ولا هؤلاء من هؤلاء".[75] "فَثََمَّ ثبتت الطاعة والولاية والمعصية". [76]
    وروى الإعلام الإمامي رواية عن أبي عبد الله أنه قال:"إن الله عز وجل خلق المؤمن من طينة الجنة وخلق الكافر من طينة النار". وقال:"إذا أراد الله عز وجل بعبد خيراً طـيَّب روحه وجسده فلا يسمع شيئا من الخير إلا عرفه ولا يسمع شيئا من المنكر إلا أنكره". وأضاف:" الطينات ثلاث: طينة الأنبياء والمؤمن من تلك الطينة إلا أن الأنبياء هم من صفوتها، هم الأصل ولهم فضلهم والمؤمنون الفرع من طين لازب، كذلك لا يفرق الله عز وجل بينهم وبين شيعتهم. وطينة الناصب من حمأ مسنون، وأما المستضعفون فمن تراب، لا يتحول مؤمن عن إيمانه ولا ناصب عن نصبه ولله المشيئة فيهم". [77]

   وزعم صالح بن سهل أنه سأل أبا عبد الله :من أي شئ خلق الله عز وجل طينة المؤمن فقال:"من طينة الأنبياء، فلم تنجس أبدا". [78] وأنه قال:" إن في الجنة لشجرة تسمى المزن، فإذا أراد الله أن يخلق مؤمنا أقطر منها قطرة، فلا تصيب بقلة ولا ثمرة أكل منها مؤمن أو كافر إلا أخرج الله عز وجل من صلبه مؤمنا".[79]

 وحكى رجل يدعى (عبد الله بن كيسان) أنه استغرب من تحلي غير الشيعة بالصفات الحميدة، واتصاف بعض الشيعة بصفات مذمومة، فقال للإمام الصادق: إني ولدت بالجبل ونشأت في أرض فارس وإنني أخالط الناس في التجارات وغير ذلك، فأخالط الرجل، فأرى له حسن السمت وحسن الخلق وكثرة أمانة، ثم أفتشه فأتبينه عن عداوتكم، وأخالط الرجل فأرى منه سوء الخلق وقلة أمانة وزعارة، ثم أفتشه فأتبينه عن ولايتكم، فكيف يكون ذلك؟ فقال له الصادق: أما علمت يا ابن كيسان أن الله عز وجل أخذ طينة من الجنة وطينة من النار، فخلطهما جميعا، ثم نزع هذه من هذه ، وهذه من هذه، فما رأيت من أولئك من الأمانة وحسن الخلق وحسن السمت فمما مستهم من طينة الجنة وهم يعودون إلى ما خلقوا منه، وما رأيت من هؤلاء من قلة الأمانة وسوء الخلق والزعارة، فمما مستهم من طينة النار وهم يعودن إلى ما خلقوا منه". [80]

   وهذه الأحاديث تنطوي - كما هو واضح - على عقيدة الجبر، المرفوضة من الشيعة قديما وحديثا، ويمكن القول أنها أحاديث إعلامية سياسية نفسية خيالية، كانت تحاول سد الخلل الحاصل في نفوس الشيعة "الإمامية" من الضغوط الداخلية والخارجية، وأنها كانت تحاول أيضا سد الطريق على الأصوات الشيعية التي كانت ترفض الكثير من النظريات الجديدة كنظرية "الإمامة الإلهية" وتخويف الشيعة من التراجع عن الولاء "للأئمة"، واتهام المعارضين بأن طينتهم خبيثة.


10 -   الانتماء للتشيع باختيار الله

    وفي محاولة من الإعلام الإمامي لتجاوز عقدة الحوار المنطقي مع الخصوم، وصعوبة الدعوة لموالاة "الأئمة" دينيا وسياسيا، واعتبار ذلك عقيدة إسلامية، بلا أدلة كافية من الكتاب والسنة، قام الإعلام بالإيحاء باختيار الله للإنسان للإنتماء لمذهب التشيع (الإمامي). وذلك حسب بعض الأحاديث التي ينقلها الإمامية عن أبي عبد الله أنه قال: "إياكم والناس، إن الله عز وجل إذا أراد بعبد خيراً نكت في قلبه نكتة فتركه وهو يجول لذلك ويطلبه".[81] ويزعم الفضيل بن يسار أنه سأل الصادق قائلا: ندعو الناس إلى هذا الأمر؟ فقال:" يا فضيل إن الله إذا أراد بعبد خيرا أمر ملكا فأخذ بعنقه حتى أدخله في هذا الأمر طائعا أو كارها". [82] وأن أبا عبد الله  قال لثابت أبي سعيد: يا ثابت مالكم وللناس؟ كفوا عن الناس ولا تدعوا أحدا إلى أمركم، فوالله لو أن أهل السماء وأهل الأرض اجتمعوا على أن يضلوا عبدا يريد الله هداه ما استطاعوا، كفوا عن الناس ولا يقول أحدكم: أخي وابن عمي وجاري، فإن الله عز وجل إذا أراد بعبد خيرا طيب روحه، فلا يسمع بمعروف إلا عرفه ولا بمنكر إلا أنكره، ثم يقذف الله في قلبه كلمة يجمع بها أمره". [83] وأنه قال لعقبة: "اجعلوا أمركم هذا لله ولا تجعلوه للناس، فإنه ما كان لله فهو لله وما كان للناس فلا يصعد إلى السماء ولا تخاصموا بدينكم الناس فإن المخاصمة ممرضة للقلب إن الله عز وجل قال لنبيه (ص): "إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء" وقال: " أ فأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين" ذروا الناس فإن الناس أخذوا عن الناس وإنكم أخذتم عن رسول الله (ص) وعلي (ع) ولا سواء، وإنني سمعت أبي يقول: إذا كتب الله على عبد أن  يدخله في هذا الأمر كان أسرع إليه من الطير إلى وكره". [84]

  وينقل الإمامية عن الصادق أنه قال: "إن الله عز وجل خلق قوما للحق فإذا مرَّ بهم البابُ من الحق قبلته قلوبهم وإن كانوا لا يعرفونه وإذا مرَّ بهم البابُ من الباطل أنكرته قلوبهم وإن كانوا لا يعرفونه، وخلق قوما لغير ذلك فإذا مرَّ بهم الباب من الحق أنكرته قلوبهم وإن كانوا لا يعرفونه وإذا مرَّ بهم الباب من الباطل قبلته قلوبهم وإن كانوا لا يعرفونه". [85]

  ويزعمون أنه قال لعبد الحميد بن أبي العلاء :" إن الله عز وجل إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة من نور فأضاء لها سمعه وقلبه حتى يكون أحرص على ما في أيديكم منكم، وإذا أراد بعبد سوءا نكت في قلبه نكتة سوداء، فأظلم لها سمعه وقلبه، ثم تلا هذه الآية " فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء".[86]

  وأنه قال لعمر بن حنظلة:" يا أبا الصخر إن الله يعطي الدنيا من يحب ويبغض، ولا يعطي هذا الأمر إلا صفوته من خلقه".[87] وقال لميسر:" إن الدنيا يعطيها الله عز وجل من أحب ومن أبغض وإن الإيمان لا يعطيه إلا من أحبه". [88]

وأنه قال أيضا :" والله لا يحبنا من العرب والعجم إلا أهل البيوتات والشرف والمعدن ولا يبغضنا من هؤلاء وهؤلاء إلا كل دنس ملصق". [89] 


11-  تعظيم الشيعة

   وإضافة إلى ذلك، كان الإعلام الإمامي يعبيء الشيعة الإمامية نفسيا ويدعونهم للصمود في وجه الأعاصير. ونجد في طيات "الكافي" أحاديث كثيرة بهذا المضمون. كما عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله يقول:" ثلاث هن فخر المؤمن وزينه في الدنيا والآخرة: الصلاة في آخر الليل، ويأسه مما في أيدي الناس، وولايته الإمام من آل محمد صلى الله عليه وآله". [90]  

   وعن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي عبد الله، مثله وزاد فيه:" ألا وإن لكل شئ جوهرا وجوهر ولد آدم: محمد (ص) ونحن وشيعتنا بعدنا، حبذا شيعتنا ما أقربهم من عرش الله عز وجل وأحسن صنع الله إليهم يوم القيامة، والله لولا أن يتعاظم الناس ذلك أو يدخلهم زهو لسلمت عليهم الملائكة قبلا، والله ما من عبد من شيعتنا يتلو القرآن في صلاته قائما إلا وله بكل حرف مائة حسنة، ولا قرأ في صلاته جالسا إلا وله بكل حرف خمسون حسنة، ولا في غير الصلاة إلا وله بكل حرف عشر حسنات، وإن للصامت من شيعتنا لأجر من قرأ القرآن ممن خالفه، أنتم والله على فرشكم نيام لكم أجر المجاهدين، وأنتم والله في صلاتكم لكم أجر الصافين في سبيله، أنتم والله الذين قال الله عز وجل: " ونزعنا ما في صدوهم من غل إخوانا على سرر متقابلين". إنما شيعتنا أصحاب الأربعة الأعين: عينان في الرأس وعينان في القلب، ألا والخلائق كلهم كذلك، ألا إن الله عز وجل فتح أبصاركم وأعمى أبصارهم".[91]

 وكما يدعي عمرو بن  أبي المقدام أنه سمع أبا عبد الله يقول: خرجت أنا وأبي حتى إذا كنا بين القبر والمنبر إذا هو بأناس من الشيعة فسلم عليهم، ثم قال: إني والله لأحب رياحكم وأرواحكم، فأعينوني على ذلك بورع واجتهاد، واعلموا أن ولايتنا لا تنال إلا بالورع والاجتهاد ومن ائتم منكم بعبد فليعمل بعمله، أنتم شيعة الله، وأنتم أنصار الله، وأنتم السابقون الأولون، والسابقون الآخرون، والسابقون في الدنيا والسابقون في الآخرة إلى الجنة، قد ضمنا لكم الجنة بضمان الله عز وجل وضمان رسول الله (ص) والله ما على درجة الجنة أكثر أرواحا منكم فتنافسوا في فضايل الدرجات، أنتم الطيبون ونساؤكم الطيبات كل مؤمنة حوراء عيناء وكل مؤمن صديق ولقد قال أمير المؤمنين (ع): لقنبر: يا قنبر ابشر وبشر واستبشر فوالله لقد مات رسول الله (ص) وهو على أمته ساخط إلا الشيعة. ألا وإن لكل شئ عزاً وعز الإسلام الشيعة. ألا وإن لكل شئ دعامة ودعامة الإسلام الشيعة. ألا وإن لكل شئ ذروة وذروة الإسلام الشيعة. ألا وإن لكل شئ شرفا وشرف الإسلام الشيعة. ألا وإن لكل شئ سيدا وسيد المجالس مجالس الشيعة. ألا وإن لكل شئ إماما وإمام الأرض أرض تسكنها الشيعة. والله لو لا ما في الأرض منكم ما رأيت بعين عشيبا أبدا، والله لو ما في الأرض منكم ما أنعم الله على أهل خلافكم ولا أصابوا الطيبات، مالهم في الدنيا ولا لهم في الآخرة من نصيب، كل ناصب وإن تعبد واجتهد منسوب إلى هذه الآية " عاملة ناصبة، تصلى نارا حامية" فكل ناصب مجتهد فعمله هباء، شيعتنا ينطقون بنور الله عز وجل، ومن خالفهم ينطقون بتفلت، والله ما من عبد من شيعتنا ينام إلا أصعد الله عز وجل روحه إلى السماء فيبارك عليها فإن كان قد أتى عليها أجلها جعلها في كنوز رحمته وفي رياض جنة وفي ظل عرشه، وإن كان أجلها متأخرا بعث بها مع أمنته من الملائكة ليردوها إلى الجسد الذي خرجت منه لتسكن فيه، والله إن حاجكم وعماركم لخاصة الله عز وجل وإن فقراء‌كم لأهل الغنى وإن أغنياء‌كم لأهل القناعة وإنكم كلكم لأهل دعوته وأهل إجابته". [92]

  وروى الإمامية عن أبي جعفر أنه قال:" ما أحد من هذه الأمة يدين بدين إبراهيم (ع) إلا نحن وشيعتنا ولا هدي من هدي من هذه الأمة إلا بنا، ولا ضل من ضل من هذه الأمة إلا بنا". [93] 

   وقال عبد الله بن الوليد الكندي : دخلنا على أبي عبد الله، فقال: من أنتم؟ فقلنا: من أهل الكوفة، فقال: ما من بلدة من البلدان أكثر محبا لنا من أهل الكوفة ولا سيما هذه العصابة، إن الله جل ذكره هداكم لأمر جهله الناس وأحببتمونا وأبغضنا الناس واتبعتمونا وخالفنا الناس و صدقتمونا وكذبنا الناس فأحياكم الله محيانا وأماتكم الله مماتنا فأشهد على أبي أنه كان يقول: ما بين أحدكم وبين أن يرى ما يقر الله به عينه وأن يغتبط إلا أن تبلغ نفسه هذه وأهوى بيده إلى حلقه". [94]

وادعى الإمامية أن أبا عبد الله كان يقول لهم:" أنتم والله نور في ظلمات الأرض ، والله إن أهل السماء لينظرون إليكم في ظلمات الأرض كما تنظرون أنتم إلى الكوكب الدري في السماء". [95]  وزعم أبو حمزة أنه سمع أبا عبد الله يقول لرجل من الشيعة: "أنتم الطيبون ونساؤكم الطيبات، كل مؤمنة حوراء عيناء وكل مؤمن صديق". وسمعه يقول: "شيعتنا أقرب الخلق من عرش الله عز وجل يوم القيامة بعدنا، وما من شيعتنا أحد يقوم إلى الصلاة إلا اكتنفته فيها عدد من خالفه من الملائكة يصلون عليه، جماعة حتى يفرغ من صلاته، وإن الصائم منكم ليرتع في رياض الجنة تعدوا له الملائكة حتى يفطر". وسمعه يقول:" أنتم أهل تحية الله بسلامه، وأهل أثرة الله برحمته، وأهل توفيق الله بعصمته، وأهل دعوة الله بطاعته، لا حساب عليكم ولا خوف ولا حزن، أنتم للجنة والجنة لكم، أسماؤكم عندنا الصالحون والمصلحون، وأنتم أهل الرضا عن الله عز وجل برضاه عنكم، والملائكة إخوانكم في الخير فإذا جهدتم ادعوا وإذا غفلتم اجهدوا، وأنتم خير البرية، دياركم لكم جنة، وقبوركم لكم جنة، للجنة خلقتم وفي الجنة نعيمكم وإلى الجنة تصيرون". [96] 

 وقام الإعلام الإمامي بعمل مقارنة بين الشيعة والحواريين، فروى عن الصادق أنه قال:" إن حواري عيسى (ع) كانوا شيعته وإن شيعتنا حواريونا وما كان حواري عيسى بأطوع له من حوارينا لنا، وإنما قال عيسى (ع) للحواريين: " من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله " فلا والله ما نصروه من اليهود ولا قاتلوهم دونه وشيعتنا والله لم يزالوا منذ قبض الله عز ذكره رسوله (ص) ينصرونا ويقاتلون دوننا ويحرقون ويعذبون ويشردون في البلدان، جزاهم الله عنا خيرا. وقد قال أمير المؤمنين (ع): والله لو ضربت خيشوم محبينا بالسيف ما أبغضونا، ووالله لو أدنيت إلى مبغضينا وحثوت لهم من المال ما أحبونا". [97] 

 

12 -  انتظار القائم

  واستخدم الإعلام الإمامي مادة إعلامية أخرى مهمة جدا تخص العلاقة بين الشيعة و"الأئمة"، وهي مسألة الانتظار، فعندما كان الشيعة الإمامية يتعرضون لضغوط هائلة من قبل السلطات الأموية والعباسية، ويشاهدون الفرق الشيعية الأخرى تتأهب للثورة، وتنجح في إقامة دول لها هنا وهناك، كان ضغطهم يزداد على أئمتهم استعجالا بالقيام والثورة، في الوقت الذي كان فيه "الأئمة" يبشرونهم بقرب القيام، ويدعونهم إلى الصبر والانتظار، ويعدونهم بالأجر والثواب. ففي رواية عن الإمام محمد بن علي الباقر يقول:"من قرأ المسبحات كلها قبل أن ينام لم يمت حتى يدرك القائم وإن مات كان في جوار محمد النبي (ص)". [98] وفي رواية أخرى عنه أنه قال في خطبة له:"اتقوا الله أيتها العصابة الناجية إن أتم الله لكم ما أعطاكم به، فإنه لا يتم الأمر حتى يدخل عليكم مثل الذي دخل على الصالحين قبلكم وحتى تبتلوا في أنفسكم وأموالكم وحتى تسمعوا من أعداء الله أذى كثيرا فتصبروا وتعركوا بجنوبكم وحتى يستذلوكم ويبغضوكم وحتى يحملوا عليكم الضيم فتحملوا منهم تلتمسون بذلك وجه الله والدار الآخرة وحتى تكظموا الغيظ الشديد في الأذى في الله عز وجل يجترمونه إليكم وحتى يكذبوكم بالحق ويعادوكم فيه ويبغضوكم عليه فتصبروا على ذلك منهم ومصداق ذلك كله في كتاب الله الذي أنزله جبرئيل (ع) على نبيكم (ص): "فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم" ثم قال: " وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا" فقد كذب نبي الله والرسل من قبله وأوذوا مع التكذيب بالحق فإن سركم أمر الله فيهم الذي خلقهم له في الأصل - أصل الخلق من الكفر الذي سبق في علم الله أن يخلقهم له في الأصل ومن الذين سماهم الله في كتابه في قوله: " وجعلنا منهم أئمة يدعون إلى النار " فتدبروا هذا واعقلوه ولا تجهلوه فإنه من يجهل هذا وأشباهه مما افترض الله عليه في كتابه مما أمر الله به ونهى عنه ترك دين الله وركب معاصيه فاستوجب سخط الله فأكبه الله على وجهه في النار".[99]

   ويروي الإمامية عن الباقر أنه قدم صورة مستقبلية لما سيحدث للأمويين من هزيمة وانهيار وهروب إلى بلاد الروم، عند قيام القائم.[100] وعندما طال الانتظار، ولم يخرج القائم، قال عبد الحميد الواسطي (أحد الشيعة) لأبي جعفر : أصلحك الله لقد تركنا أسواقنا انتظارا لهذا الأمر حتى ليوشك الرجل منا أن يسأل في يده؟ فقال: يا عبد الحميد أترى من حبس نفسه على الله لا يجعل الله له مخرجا؟ بلى والله ليجعلن الله له مخرجا، رحم الله عبدا أحيا أمرنا، قال: أصلحك الله إن هؤلاء المرجئة يقولون ما علينا أن نكون على الذي نحن عليه حتى إذا جاء ما تقولون كنا نحن وأنتم سواء؟ فقال: يا عبد الحميد صدقوا من تاب تاب الله عليه ومن أسرَّ نفاقا فلا يرغم الله إلا بأنفه، ومن أظهر أمرنا أهرق الله دمه يذبحهم الله على الإسلام كما يذبح القصاب شاته، قال: فنحن يومئذ والناس فيه سواء؟ قال أبو جعفر: لا، أنتم يومئذ سنام الأرض وحكامها، لا يسعنا في ديننا إلا ذلك، قال عبد الحميد: فإن مت قبل أن أدرك القائم؟ قال: إن القائل منكم إذا قال:"إن أدركت قائم آل محمد نصرته" كالمقارع معه بسيفه، والشهادة معه شهادتان. [101]

  ولكي يخفف الإعلام الإمامي ضغط طول الانتظار على الشيعة، روى عن الباقر أنه قال لأحد أصحابه (أبي عبد الله الجعفي): كم الرباط عندكم؟ قال: أربعون. قال: لكن رباطنا رباط الدهر، ومن ارتبط فينا دابة كان له وزنها ووزن وزنها ما كانت عنده، ومن ارتبط فينا سلاحا كان له وزنه ما كان عنده، لا تجزعوا من مرة ولا من مرتين ولا من ثلاث ولا من أربع".[102] وأنه قال : " ما ضرَّ من مات منتظرا لأمرنا ألا يموت في وسط فسطاط المهدي وعسكره".[103] 
    ولما توفي الإمام الباقر دون أن يقوم بحركة ثورية، أو ينتصر على عدو، ورث ابنه الصادق تركة ثقيلة دفعت الكثير من أتباعه إلى الانضمام إلى الحركات الشيعية الأخرى (وخاصة الزيدية) التي قامت بحركات عسكرية وانتصر بعضها أو كاد، فما كان من الإعلام الإمامي إلا أن يصبِّر الإمامية ويدعوهم إلى الانتظار، وقد روى عن الصادق أنه قال لعمار الساباطي: يا عمار الصدقة في السر والله أفضل من الصدقة في العلانية وكذلك والله عبادتكم في السر مع إمامكم المستتر في دولة الباطل وتخوفكم من عدوكم في دولة الباطل وحال الهدنة أفضل ممن يعبد الله عز وجل ذكره في ظهور الحق مع إمام الحق الظاهر في دولة الحق، وليست العبادة مع الخوف في دولة الباطل مثل العبادة والأمن في دولة الحق، واعلموا أن من صلى منكم اليوم صلاة فريضة في جماعة، مستتر بها من عدوه في وقتها فأتمها، كتب الله له خمسين صلاة فريضة في جماعة، ومن صلى منكم صلاة فريضة وحده مستترا بها من عوده في وقتها فأتمها، كتب الله عز وجل بها له خمسا وعشرين صلاة فريضة وحدانية، ومن صلى منكم صلاة نافلة لوقتها فأتمها، كتب الله له بها عشر صلوات نوافل، ومن عمل منكم حسنة، كتب الله عز وجل له بها عشرين حسنة، ويضاعف الله عز وجل حسنات المؤمن منكم إذا أحسن أعماله، ودان بالتقية على دينه وإمامه و نفسه، وأمسك من لسانه أضعافا مضاعفة إن الله عز وجل كريم.
فقال عمار: جعلت فداك قد والله رغبتني في العمل، وحثثتني عليه، ولكن احب أن اعلم كيف صرنا نحن اليوم أفضل أعمالا من أصحاب الإمام الظاهر منكم في دولة الحق ونحن على دين واحد؟ فقال: إنكم سبقتموهم إلى الدخول في دين الله عز وجل وإلى الصلاة والصوم والحج وإلى كل خير وفقه وإلى عبادة الله عز ذكره سرا من عدوكم مع إمامكم المستتر، مطيعين له، صابرين معه، منتظرين لدولة الحق خائفين على إمامكم وأنفسكم من الملوك الظلمة، تنتظرون إلى حق إمامكم وحقوقكم في أيدي الظلمة، قد منعوكم ذلك، واضطروكم إلى حرث الدنيا وطلب المعاش مع الصبر على دينكم وعبادتكم وطاعة إمامكم والخوف مع عدوكم، فبذلك ضاعف الله عز وجل لكم الأعمال، فهنيئا لكم.
  فقال عمار: جعلت فداك فما ترى إذاً أن نكون من أصحاب القائم ويظهر الحق و نحن اليوم في إمامتك وطاعتك أفضل أعمالا من أصحاب دولة الحق والعدل؟ فقال: سبحان الله أما تحبون أن يظهر الله تبارك وتعالى الحق والعدل في البلاد ويجمع الله الكلمة ويؤلف الله بين قلوب مختلفة، ولا يعصون الله عز وجل في أرضه، وتقام حدوده في خلقه، ويرد الله الحق إلى أهله فيظهر، حتى لا يستخفي بشيء من الحق مخافة أحد من الخلق، أما والله يا عمار لا يموت منكم ميت على الحال التي أنتم عليها إلا كان أفضل عند الله من كثير من شهداء بدر وأحد فابشروا".[104]
   وروى زرارة  بن أعين أن الصادق قال له:" اعرف إمامك فإنك إذا عرفت لم يضرك، تقدم هذا الأمر أو تأخر". [105] وأنه قال لفضيل بن يسار: " يا فضيل اعرف إمامك، فانك إذا عرفت إمامك لم يضرك، تقدم هذا الأمر أو تأخر، ومن عرف إمامه ثم مات قبل أن يقوم صاحب هذا الأمر، كان بمنزلة من كان قاعداً في عسكره، لا بل بمنزلة من قعد تحت لوائه" . وقال لبعض أصحابه: بمنزلة من استشهد مع رسول الله (ص). [106] 
   ويقول أبو بصير أنه لم يتحمل طول الانتظار، فقال لأبي عبد الله: جعلت فداك متى الفرج؟ فقال: "يا أبا بصير وأنت ممن يريد الدنيا؟ من عرف هذا الأمر فقد فرج عنه لانتظاره".[107]  وقال له مرة أخرى: تراني أدرك القائم ؟ فقال: يا أبا بصير ألست تعرف إمامك؟ فقال: إي والله وأنت هو - وتناول يده - فقال: والله ما تبالي يا أبا بصير ألا تكون محتبيا بسيفك في ظل رواق القائم . [108] 
  ونقل عمر بن أبان عن الصادق أنه قال: اعرف العلامة فإذا عرفته لم يضرك تقدم هذا الأمر أو تأخر، إن الله عز وجل يقول: " يوم ندعو كل أناس بإمامهم " فمن عرف إمامه كان كمن كان في فسطاط المنتظر". [109]

ومع تصاعد الضغط السياسي وتفجر الثورات الشيعية الأخرى هنا وهناك، ازداد الضغط الإمامي على الصادق للخروج، فاعتذر بقلة الأنصار، ولما أشار الشيعة إلى كثرتهم وتجاوزهم مئات الألوف، شكك الصادق بحقيقة التزامهم وولائهم له، فقد دخل سدير الصيرفي على  أبي عبد الله فقال له: والله ما يسعك القعود، فقال: ولم يا سدير؟ قال: لكثرة مواليك وشيعتك وأنصارك والله لو كان لأمير المؤمنين مالك من الشيعة والأنصار والموالي ما طمع فيه تيم ولا عدي، فقال: يا سدير وكم عسى أن يكونوا؟ قال: مائة ألف، قال: مائة ألف؟ قال: نعم، ومائتي ألف قال: مائتي ألف؟ قال: نعم ونصف الدنيا . فسكت عنه أبو عبد الله ثم قال: يخف عليك أن تبلغ معنا إلى ينبع؟ قال: نعم. فأمر بحمار وبغل أن يسرَّجا، وبينما هما في الطريق نظر إلى غلام يرعى جداء فقال: والله يا سدير لو كان لي شيعة بعدد هذه الجداء ما وسعني القعود، فنزل سدير وعدَّ الجداء، فإذا هي سبعة عشر.[110]

    وربما كان بعض الشيعة يعتريهم الشك والارتياب في وعود "الأئمة" بالنصر وقرب الظهور فكان الإعلام الإمامي يفسر لهم ذلك ويدعوهم إلى مزيد من الصبر والانتظار. وقد روى عن أبي عبد الله أنه قال:" إن الله تعالى أوحى إلى عمران أني واهب لك ذكرا سويا، مباركا، يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله، وجاعله رسولا إلى بني إسرائيل، فحدث عمران امرأته حنة بذلك وهي أم مريم، فلما حملت كان حملها بها عند نفسها غلام، فلما وضعتها قالت: رب إني وضعتها أنثى وليس الذكر كالأنثى، أي لا يكون البنت رسولا، والله أعلم بما وضعت، فلما وهب الله تعالى لمريم عيسى كان هو الذي بشر به عمران ووعده إياه، فإذا قلنا في الرجل منا شيئا وكان في ولده أو ولد ولده فلا تنكروا ذلك". [111]

وأنه قال لإبراهيم ابن عمر اليماني:" إذا قلنا في رجل قولا، فلم يكن فيه وكان في ولده أو ولد ولده فلا تنكروا ذلك، فإن الله تعالى يفعل ما يشاء". [112] وقال لأبي خديجة:" قد يقوم الرجل بعدل أو يجور وينسب إليه ولم يكن قام به، فيكون ذلك ابنه أو ابن ابنه من بعده، فهو هو". [113]

  وروى الإمامية عن الصادق أنه أوصى أصحابه بالصبر فقال لحفص بن غياث : يا حفص إن من صبر صبر قليلا وإن من جزع جزع قليلا، ثم قال: عليك بالصبر في جميع أمورك، فإن الله عز وجل بعث محمدا (ص) فأمره بالصبر والرفق، فقال: " واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا، وذرني والمكذبين أولي النعمة" وقال تبارك وتعالى: " ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، وما يلقيها إلا الذين صبروا و ما يلقيها إلا ذو حظ عظيم" فصبر رسول الله (ص) حتى نالوه بالعظائم ورموه بها، فضاق صدره فأنزل الله عز وجل: "ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين" ثم كذبوه ورموه، فحزن لذلك، فأنزل الله عز وجل: " قد نعلم أنه ليحزنك الذي يقولون فانهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون، ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا" فألزم النبي (ص) نفسه الصبر، فتعدوا فذكروا الله تبارك وتعالى وكذبوه، فقال: قد صبرت في نفسي وأهلي وعرضي ولا صبر لي على ذكر إلهي، فأنزل الله عز وجل " ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب، فاصبر على ما يقولون" فصبر النبي (ص) في جميع أحواله ثم بشر في عترته بالأئمة و وصفوا بالصبر، فقال: جل ثناؤه: " وجعلنا هم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون" فعند ذلك قال (ص): الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد فشكر الله عز وجل ذلك له، فأنزل الله عز وجل " وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون"  فقال (ص): إنه بشرى وانتقام، فأباح الله عز وجل له قتال المشركين فأنزل: " اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد، واقتلوهم حيث ثقفتموهم" فقتلهم الله على يدي رسول الله (ص) و أحبائه وجعل له ثواب صبره مع ما ادخر له في الآخرة، فمن صبر واحتسب لم يخرج من الدنيا حتى يقر الله له عينه في أعدائه، مع ما يدخر له في الآخرة".[114]

  ولتأكيد روح الصبر، والاستعداد للانتظار الطويل، روى الإمامية عن الصادق أنه قال:"إنا صُبَّر وشيعتنا أصبر منا.. لأنا نصبر على ما نعلم وشيعتنا يصبرون على مالا يعلمون". [115]

 

13 - التعبئة النفسية العامة


       وعموما فإن الإعلام الإمامي كان يعالج الشيعة نفسيا ويحاول تحصينهم من الإعلام المضاد الموجه إليهم، وحسبما يقول عبد الواحد بن المختار الأنصاري أن أبا جعفر قال له: يا عبد الواحد ما يضر رجلا إذا كان على ذا الرأي ما قال الناس له ولو قالوا: مجنون ، وما يضره ولو كان على رأس جبل يعبد الله حتى يجيئه الموت.[116] وأنه قال لفضيل بن يسار: ما يبالي من عرَّفه الله هذا الأمر أن يكون على قلة جبل يأكل من نبات الأرض حتى يأتيه الموت. [117] "يا فضيل إن الناس أخذوا يمينا وشمالا وإنا وشيعتنا هُدينا الصراط المستقيم. [118]

  وعن معلى بن خنيس، عن أبي عبد الله قال: قال رسول الله (ص): قال الله تبارك وتعالى: لو لم يكن في الأرض إلا مؤمن واحد لاستغنيت به عن جميع خلقي ولجعلت له من إيمانه أنسا لا يحتاج إلى أحد.[119]

  ومن الواضح أن هذه الروايات تحاول معالجة الشعور بالوحشة والأقلية والمقاطعة من قبل المجتمع، وعدم الاعتناء بذلك، والتمسك بخط الولاء لأهل البيت.








[1]  - الخوئي، معجم رجال الحديث، رقم 13815 عن الكشي، ترجمة: يوسف بن جعفر
[2]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب خلق أبدان الأئمة وأرواحهم وقلوبهم، ح رقم 4
[3]  - وتقول رواية أخرى  عن إسحاق بن جعفر (الصادق) يقول: سمعت أبي يقول: الأوصياء إذا حملت بهم أمهاتهم أصابها فترة شبه الغشية، فأقامت في ذلك يومها ذلك إن كان نهارا، أو ليلتها إن كان ليلا، ثم ترى في منامها رجلا يبشرها بغلام، عليم حليم، فتفرح لذلك، ثم تنتبه من نومها، فتسمع من جانبها الأيمن في جانب البيت صوتا يقول: حملت بخير وتصيرين إلى خير وجئت بخير، ابشري بغلام، حليم عليم. وتجد خفة في بدنها ثم لم تجد بعد ذلك امتناعا من جنبيها وبطنها فإذا كان لتسع من شهرها سمعت في البيت حسا شديدا، فإذا كانت الليلة التي تلد فيها ظهر لها في البيت نور تراه لا يراه غيرها إلا أبوه، فإذا ولدته ولدته قاعدا وتفتحت له حتى يخرج متربعا يستدير بعد وقوعه إلى الأرض، فلا يخطئ القبلة حيث كانت بوجهه، ثم يعطس ثلاثا يشير بإصبعه بالتحميد ويقع مسروا مختونا ورباعيتاه من فوق وأسفل وناباه وضاحكاه ومن بين يديه مثل سبيكة الذهب نور ويقيم يومه وليلته تسيل يداه ذهبا وكذلك الأنبياء إذا ولدوا وإنما الأوصياء أعلاق من الأنبياء". الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب مواليد الأئمة 4 و 8 
[4]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أن الجن يأتيهم فيسألونهم عن معالم دينهم، ح رقم 4
[5]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أن الجن يأتيهم فيسألونهم عن معالم دينهم، ح رقم 4
[6]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أن الجن يأتيهم فيسألونهم عن معالم دينهم، ح رقم 1 و2 و 3
[7]  - البخاري، وابن كثير في تفسيره، والطبرسي في مجمع البيان والطوسي في التبيان، في تفسير هذه الآية. ومن هنا قال الإمام الشافعي بوجوب الصلاة على النبي في التشهد الأخير.
[8]  - الطباطبائي، تفسير الميزان ،عن المعاني، وعيون أخبار الرضا، عن الصادق والرضا
[9]  - الكليني، الكافي، ح رقم 5712 - 1
[10]  -  ابن شعبة الحراني، تحف العقول، ص 425،  والمجلسي، بحار الأنوار، ج 25 ص 220
[11]  - الكليني، الكافي، كتاب الدعاء، باب الصلاة على النبي وأهل بيته، حديث رقم 21
[12]  - الكليني، الكافي، ح رقم 7 505 - 13
[13]  - الكليني، الكافي، ح رقم 5514 - 3
[14]  - الكليني، الكافي، ح رقم 5515 - 4
[15]  - الكليني، الكافي، كتاب الدعاء، باب القول عند الإصباح والإمساء، حديث رقم 3
[16]  - الكليني، الكافي، كتاب الدعاء، باب القول عند الإصباح والإمساء، حديث رقم 21
[17]  - الكليني، الكافي، كتاب الدعاء، باب القول عند الإصباح والإمساء، حديث رقم 4
[18]  - الكليني، الكافي، كتاب الدعاء، باب القول عند الإصباح والإمساء، حديث رقم 12
[19]  - الكليني، الكافي، كتاب الدعاء، باب القول عند الإصباح والإمساء، حديث رقم 22
[20]  - الكليني، الكافي، كتاب الدعاء، باب القول عند الإصباح والإمساء، حديث رقم 23
[21] - الكليني، الكافي، كتاب الدعاء، باب الدعاء عند النوم والانتباه، حديث رقم 2
[22]  - الكليني، الكافي، كتاب الدعاء، باب دعوات موجزة لجميع الحوائج، حديث رقم4- 6656
[23]  - الكليني، الكافي، ح رقم 5494 - 6
[24]  - الكليني، الكافي، ح رقم 5160 - 26
[25]  - الكليني، الكافي ، ح رقم 12850 15
[26]  - الكليني، الكافي، كتاب الدعاء، باب القول عند الإصباح والإمساء، حديث رقم 23
[27]  - الكليني، الكافي، ح رقم 5160 - 26
[28]  - الكليني، الكافي، ح رقم 8173 -1 و ح رقم 8174
[29]  - الكليني، الكافي، ح رقم 8147
[30]  - الكليني، الكافي، ح رقم 18177 و ح رقم 8178- 2  و ح رقم 8179- 3
[31] - الكليني، الكافي، ح رقم 8186 -1 و ح رقم 8187- 2 و ح رقم  8188 -3 و ح رقم8189- 4
[32]  - الكليني، الكافي، ح رقم 8190- 5
[33]  - الكافي، الكليني، ح رقم 8191- 6 و ح رقم 8192 -7
[34]  - الكافي، الكليني، ح رقم  8195 - 10
[35]  - الكليني، الكافي، ح رقم 8219- 9 وروي عن موسى بن جعفر أنه قال: أدنى ما يثاب به زائر أبي عبد الله بشط الفرات إذا عرف حقه وحرمته وولايته: أن يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.  الكافي، الكليني، ح رقم 8194 - 9
[36]  - الكليني، الكافي ،ح رقم 8218- 8
[37]  - الكليني، الكافي  ، ح رقم 8212 -2
[38]  - الكليني، الكافي، ح رقم 18183
[39]  - الكليني، الكافي، ح رقم 8184- 2
[40]  - الكليني، الكافي، ح رقم 8185- 3
[41]  - الكليني، الكافي، ح رقم 8204- 5
[42]  - الكليني، الكافي، ح رقم 8182- 2
[43]  - الكافي، الكليني، ح رقم 8197- 1
[44]  - الكليني، الكافي، ح رقم 8202 -3
[45]  - الكليني، الكافي، ح رقم 18181
[46]  - الكليني، الكافي  ، ح رقم 8211- 1
[47]  - الكليني، الكافي  ، ح رقم 8205- 1
[48]  - الكليني، الكافي  ، ح رقم 8206 -2 و ح رقم  8207- 3 و ح رقم 8208 -4 و ح رقم 8209 -5
[49]  - الكليني، الكافي  ، ح رقم 8210- 6
[50]  - الكليني، الكافي، ح رقم 8173 -1
[51]  - الكليني، الكافي، ح رقم 8174
[52]  - الكليني، الكافي، ح رقم 8178 2
[53]  - الكليني، الكافي، ح رقم 8179- 3
[54] - الكليني، الكافي، ح رقم 8186 -1
[55]  - الكافي، الكليني، ح رقم8193 – 8  و ح رقم  8195 - 10
[56]  - الكليني، الكافي، ح رقم 8171 -2
[57]  - الكليني، الكافي، كتاب فضل القرآن، باب في كم يقرأ القرآن ويختم، ح رقم 4
[58]  - الكليني، الكافي، كتاب الروضة، ح رقم 30
[59]  - الكليني، الكافي، كتاب الروضة، ح رقم 35
[60]  - الكليني، الكافي، كتاب الروضة، ح رقم  32
[61]  - الكليني، الكافي، كتاب الإيمان والكفر، باب محاسبة العمل، ح رقم 15
[62]  - الكليني، الكافي، كتاب الروضة، حديث رقم 6
[63]  - الكليني، الكافي، كتاب الإيمان والكفر، باب أن الإيمان لا يضر معه سيئة والكفر لا ينفع معه حسنة، ح رقم 4
[64]  - الكليني، الكافي، ح رقم 10034  - 9 و كتاب الإيمان والكفر، باب أن الإيمان لا يضر معه سيئة والكفر لا ينفع معه حسنة، ح رقم 5 و كتاب الإيمان والكفر، باب الخوف والرجاء، ح رقم 6  و 11و كتاب الروضة، ح رقم 8- 35 و ح رقم 4831 – 15 و كتاب الإيمان والكفر، باب الطاعة والتقوى، ح رقم 6 و 13
[65]  - الكليني، الكافي، ح رقم 4323 - 2
[66]  - الكليني، الكافي، ح رقم 4324 - 1
[67]  - الكليني، الكافي، ح رقم - 5
[68]- الكليني، الكافي، ح رقم 4571 - 7
[69]  - الكليني، الكافي، ح رقم 4720 - 8
[70]  - الكليني، الكافي، ح رقم 4727 - 15
[71]  - الكليني، الكافي، ح رقم 4734 - 1
[72]  - الكليني، الكافي، ح رقم 4735  - 2
[73]  - الكليني، الكافي، ح رقم 36731 والرواية ينقلها الكليني عن محمد بن يحيى وغيره، عن محمد بن أحمد، عن موسى بن عمر، عن ابن سنان، عن أبي سعيد القماط، عن بكير بن أعين عن أبي عبد الله.
[74]  - الكليني، الكافي، كتاب الإيمان والكفر، باب طينة المؤمن والكافر، ح رقم 1 و 4
[75]  - الكليني، الكافي، كتاب الإيمان والكفر، باب طينة المؤمن والكافر، باب آخر منه، ح رقم 1 و 2 و 3
[76]  - الكليني، الكافي، كتاب الإيمان والكفر، باب طينة المؤمن والكافر، باب آخر منه، ح رقم 1  و 3
[77]  - الكليني، الكافي، كتاب الإيمان والكفر، باب طينة المؤمن والكافر، ح رقم 2
[78]  - الكليني، الكافي، كتاب الإيمان والكفر، باب طينة المؤمن والكافر، ح رقم 3 و 6
[79] - الكليني، الكافي، كتاب الإيمان والكفر ، باب إذا أراد الله أن يخلق المؤمن، ح رقم 1
[80]  - الكليني، الكافي، كتاب الإيمان والكفر، باب طينة المؤمن والكافر، ح رقم 5
[81]  - الكليني، الكافي، كتاب الإيمان والكفر، باب في ترك دعاء الناس، ح رقم 1
[82]  - الكليني، الكافي، كتاب الإيمان والكفر، باب في ترك دعاء الناس، ح رقم 3
[83]  - الكليني، الكافي، كتاب الإيمان والكفر، باب في ترك دعاء الناس، ح رقم 2
[84]  - الكليني، الكافي، كتاب الإيمان والكفر، باب في ترك دعاء الناس، ح رقم 4
[85]  - الكليني، الكافي، كتاب الإيمان والكفر، باب في ترك دعاء الناس، ح رقم 5
[86]  - الكليني، الكافي، كتاب الإيمان والكفر، باب في ترك دعاء الناس، ح رقم 6 و 7
[87]  - الكليني، الكافي، كتاب الإيمان والكفر، باب أن الله إنما يعطي الدين من يحبه، ح رقم 1 و 3
[88]  - الكليني، الكافي، كتاب الإيمان والكفر، باب أن الله إنما يعطي الدين من يحبه، ح رقم 4
ويروي الكليني حديثا مناقضا لكل تلك الأحاديث، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن النعمان، عن عبدالله بن مسكان، عن سليمان بن خالد قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن لي أهل بيت وهم يسمعون مني أفأدعوهم إلى هذا الأمر؟ فقال: نعم إن الله عز وجل يقول في كتابه " يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة ". الكليني، الكافي، كتاب الإيمان والكفر، باب في الدعاء للأهل إلى الإيمان، ح رقم 1
[89] - الكليني، الكافي، كتاب الروضة، ح رقم 479
[90]  - الكليني، الكافي، كتاب الروضة، ح رقم 311
[91]  - الكليني، الكافي، كتاب الروضة، ح رقم 260
[92]  - الكليني، الكافي، كتاب الروضة، ح رقم 259 و ح رقم 328
[93]  - الكليني، الكافي، كتاب الروضة، ح رقم 359
[94]  - الكليني، الكافي، كتاب الروضة، ح رقم 38
[95]  - الكليني، الكافي، كتاب الروضة، ح رقم 415
[96]  - الكليني، الكافي، كتاب الروضة، ح رقم 556 و ح رقم 316
[97]  - الكليني، الكافي، كتاب الروضة، ح رقم 396
[98]  - الكليني، الكافي، كتاب فضل القرآن، باب فضل القرآن، ح رقم 3 و المسبحات من السور ما افتتح بسبح أو يسبح
[99]  - الكليني، الكافي، كتاب الروضة، رسالة الإمام الصادق، حديث رقم 1
[100]  - الكليني، الكافي، كتاب الروضة، ح رقم 15 
[101]  - الكليني، الكافي، كتاب الروضة، ح رقم 37
[102]  - الكليني، الكافي، كتاب الروضة، ح رقم 576
[103]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أنه من عرف إمامه لم يضره تقدم هذا الأمر أو تأخر، ح رقم 6
[104]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب نادر في حالات الغيبة، ح رقم 2
[105]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أنه من عرف إمامه لم يضره تقدم هذا الأمر أو تأخر، ح رقم 1
[106]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أنه من عرف إمامه لم يضره تقدم هذا الأمر أو تأخر، ح رقم 2
[107]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أنه من عرف إمامه لم يضره تقدم هذا الأمر أو تأخر، ح رقم 3
[108]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أنه من عرف إمامه لم يضره تقدم هذا الأمر أو تأخر، ح رقم 4
[109]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أنه من عرف إمامه لم يضره تقدم هذا الأمر أو تأخر، ح رقم 7
[110]  - الكليني، الكافي، كتاب الإيمان والكفر، باب في قلة عدد المؤمنين، ح رقم 4
[111] - الكافي، كتاب الحجة، باب في أنه إذا قيل في الرجل شيء فلم يكن فيه، ح رقم 1
[112] - الكافي، كتاب الحجة، باب في أنه إذا قيل في الرجل شيء فلم يكن فيه، ح رقم 2
[113] - الكافي، كتاب الحجة، باب في أنه إذا قيل في الرجل شيء فلم يكن فيه، ح رقم 3
[114]  - الكليني، الكافي، كتاب الإيمان والكفر، باب الصبر، ح رقم 3
[115]  - الكليني، الكافي، كتاب الإيمان والكفر، باب الصبر، ح رقم 25
[116]  - الكليني، الكافي، كتاب الإيمان والكفر، باب الرضا بموهبة الإيمان والصبر على كل شيء بعده، ح رقم 1
[117]  - الكليني، الكافي، كتاب الإيمان والكفر، باب الرضا بموهبة الإيمان والصبر على كل شيء بعده، ح رقم 3
[118]  - الكليني، الكافي، كتاب الإيمان والكفر، باب الرضا بموهبة الإيمان والصبر على كل شيء بعده، ح رقم 5
[119]  - الكليني، الكافي، كتاب الإيمان والكفر، باب الرضا بموهبة الإيمان والصبر على كل شيء بعده، ح رقم 2

جميع الحقوق محفوظة للاخ منهاج السنة ابو ابات 2012-2013 | جميع المواد الواردة في هذا الموقع حقوقها محفوظة لدى ناشريها ; فهـرس الـموقــع | سياسة الخصوصية