الاثنين، 10 سبتمبر 2012

نشر في :
م/4
الفصل الرابع:  تطور التشيع من حزب سياسي إلى مذهب ديني

المبحث الأول:  الإمام الباقر والصراع على زعامة الشيعة
  
   في تلك الظروف المشحونة بالغلو في أهل البيت، والتي كان الغلاة لا يتورعون فيها من نسبة النبوة والألوهية للأئمة (كما فعل عبد الله بن سبأ بالنسبة للإمام علي، والكيسانية الحربية بالنسبة للإمام محمد بن الحنفية، والجناحية بالنسبة لعبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر، والرواندية بالنسبة للعباسيين والخطابية بالنسبة للصادق، وغيرهم وغيرهم).. في تلك الظروف، ولد المذهب الإمامي الذي كان يقول بأن الأئمة من أهل البيت مفروضون من الله ومعينون من قبله لإمامة المسلمين، وأنهم يشكلون امتدادا للنبوة، ولديهم علم خاص من الله لا يحتاجون معه إلى التعلم والاجتهاد. وقد نسب الإماميون نظريتهم في "الإمامة الإلهية" إلى الإمامين محمد بن علي الباقر ( 57 – 114 هـ)  وجعفر بن محمد الصادق (توفي سنة 148هـ)، وروى الكليني في "الكافي" روايات كثيرة عنهما بما يفيد تبنيهما ودعوتهما لها.
  ورغم شكنا بوضع تلك الروايات على لسان الباقر والصادق، إلا أننا سوف نقوم باستعراض نظرية "الإمامة الإلهية" كما جاءت في أهم المصادر الإمامية. وسنقوم قبل ذلك باستعراض الظروف السياسية التي كانت تحيط بالباقر والصادق.

الظروف السياسية المحيطة بالباقر  

   وجد أبو جعفر محمد بن علي الباقر نفسه في بداية القرن الثاني الهجري أمام مجموعة من القيادات الشيعية المتنافسة كالهاشميين: أتباع أبي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية (توفي سنة 98هـ)  والعباسيين (الراوندية) الذين ادعوا الوصية من أبي هاشم ( إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، ثم ابنه ابراهيم الإمام أخي السفاح والمنصور) والجناحيين بقيادة عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر الطيار، الذي ادعى الوصية من أبي هاشم أيضا. والحسنيين بقيادة عبد الله بن الحسن بن الحسن، بالإضافة إلى البيانية (اتباع بيان بن سمعان النهدي التميمي) والحربية (أتباع عبد الله بن عمرو بن حرب الكندي) الذين كانوا يدعون الزعامة لأنفسهم ويتنافسون حول قيادة الشيعة. ولذلك وجد الباقر نفسه أمام مهمة كبيرة تتمثل بالتصدي لقيادة الشيعة، وممارسة حقه في الزعامة كواحد من الهاشميين.
 
استراتيجية الباقر في الصعود نحو القمة:
أ -  شعار "أهل البيت" في مقابل "العترة"

 وبما أن العباسيين والطالبيين (آل جعفر وآل عقيل) كانوا يستندون في بناء شرعيتهم السياسية إلى دعوى كونهم من العترة النبوية؛ اعتمادا على تفسيرهم الخاص لآية :"قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى". الشورى 23  التي كانت تشمل (حسب ذلك التفسير) جميع العوائل الهاشمية المتنافسة في ذلك الوقت.[1] وحديث الثقلين: "إني مخلف فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي".[2]  الذي كان يشمل كل من له علاقة نسبية بالرسول، لأن "العترة" حسب اللغة: هم أقرباء الرجل الذين يشتركون معه في "العتر" أي الذكر، وتطلق على الأبناء وأبناء العم.[3] لهذا كان على الباقر أن يضيق دائرة الشرعية، ويفند دعاوى العباسيين والطالبيين، ويؤسس دعوته للإمامة على أساس جديد مغاير، ويقدم حجة أقوى تسمح له بإفحام خصومه تمهيدا للتفرد بالزعامة، ودعوة الناس إليه دون غيره.
  وبناء على ما يستنتج من بعض الروايات، ولكي يخرج الباقر أبناء عمه من حلبة الصراع، قام أولاً بطرح شعار "أهل البيت" في مقابل شعار "العترة" الذي كان يتشبث به العباسيون والطالبيون. وخطب في المدينة قائلا:" قد بلغ رسول الله (ص) الذي أرسل به فألزموا وصيته وما ترك فيكم من بعده من الثقلين كتاب الله وأهل بيته اللذين لا يضل من تمسك بهما ولا يهتدي من تركهما".[4]  وقام بتفسير كلمة "أهل البيت" الواردة في القرآن الكريم في سورة الأحزاب: "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا" بأن المقصود منها: "الأئمة" من نسل الرسول، الذين أوصى بهم وأمر باتباعهم.[5]  وقال :" نحن والحمد لله لا ندخل أحدا في ضلالة ولا نخرجه من هدى، إن الدنيا لا تذهب حتى يبعث الله عز وجل رجلا منا (أهل البيت) يعمل بكتاب الله لا يرى فيكم منكرا إلا أنكره".[6] وروى عن رسول الله (ص) أنه قال:" أنا أول وافد على العزيز الجبار يوم القيامة وكتابه وأهل بيتي ثم أمتي، ثم أسألهم ما فعلتم بكتاب الله وبأهل بيتي".[7]

     وفي محاولة أخرى منه للرد على العباسيين والطالبيين، قام الباقر بالاحتجاج بأن العلويين، أو الفاطميين بالخصوص، هم من صلب رسول الله (ص) وبالتالي فهم أحق بالإمامة من غيرهم. ولإثبات قرابته من رسول الله (ص) في مقابلهم، قال الباقر لأحد أصحابه المقربين (زياد بن المنذر العبدي) : يا أبا الجارود ما يقولون (العباسيون) لكم في الحسن والحسين؟ قال: ينكرون علينا أنهما ابنا رسول الله (ص). قال: فأي شئ احتججتم عليهم؟ قال: احتججنا عليهم بقول الله (عز وجل) في عيسى ابن مريم (ع):" ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين ، و زكريا ويحيى وعيسى" فجعل عيسى ابن مريم من ذرية نوح (ع). قال أبو جعفر: فأي شئ قالوا لكم؟ قال: قالوا: قد يكون ولد الابنة من الولد ولا يكون من الصلب. قال: فأي شئ احتججتم عليهم؟ قال أبو الجارود: احتججنا عليهم بقول الله تعالى لرسوله (ص): " قل تعالوا ندع أبناء‌نا وأبناء‌كم ونساء‌نا ونساء‌كم وأنفسنا وأنفسكم". قال أبو جعفر الباقر: فأي شئ قالوا؟. قال: قالوا: قد يكون في كلام العرب أبناء‌ رجل وآخر يقول: أبناؤنا. فقال أبو جعفر: يا أبا الجارود لأعطينَّكها من كتاب الله (جل وتعالى) أنهما من صلب رسول الله (ص) لا يردها إلا الكافر. قال: وأين ذلك جعلت فداك؟ قال: من حيث قال الله تعالى: "حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم" الآية.. إلى أن انتهى إلى قوله تبارك تعالى: "وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم" فسلهم يا أبا الجارود هل كان يحل لرسول الله (ص) نكاح حليلتيهما؟ (أي زوجتي الحسن والحسين) فإن قالوا: نعم، كذبوا وفجروا وإن قالوا: لا فهما ابناه لصلبه".[8]
  وارتكز الباقر أيضاً على آية أولي الأرحام: " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله" .الأحزاب 6، ليحصر الإمامة في ذرية النبي. وقال:" إنها نزلت في الإمرة، فنحن أولى بالأمر وبرسول الله (ص) من المؤمنين والمهاجرين والأنصار".[9]  وبما أن الآية  - على هذا التفسير - كانت تشمل جميع أرحام النبي من العباسيين والطالبيين، فقد فسرها الباقر تفسيرا ثانيا بالذرية، وقال لعبد الرحيم بن روح القصير الذي سأله: هل لولد جعفر أو العباس أو سائر بطون بني عبد المطلب فيها نصيب؟ قال بصورة قاطعة:" لا،  لا،  لا". [10]   
 ب – دعوى النص على الإمام علي
  وحسبما يروي الكليني فقد طرح الباقر من أجل إثبات حقه في الإمامة، إضافة إلى ذلك، حجة أخرى هي: " الوصية والنص على الإمام علي بن أبي طالب بالخلافة من رسول الله". حيث قام  بتقديم رواية خاصة عن النبي (ص) وتأويل آية إكمال الدين بالولاية، فقال:"... نزلت الولاية في يوم الجمعة بعرفة، أنزل الله عز وجل: " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي " وكان كمال الدين بولاية علي ابن أبي طالب (ع) ... فنزلت " يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين" فأخذ رسول الله (ص) بيد علي فقال: أيها الناس إنه لم يكن نبي من الأنبياء ممن كان قبلي إلا وقد عمَّره الله، ثم دعاه فأجابه، فأوشك أن ادعى فأجيب وأنا مسؤول وأنتم مسؤولون فما ذا أنتم قائلون؟ فقالوا: نشهد أنك قد بلغت ونصحت، وأديت ما عليك فجزاك الله أفضل جزاء المرسلين، فقال: اللهم اشهد - ثلاث مرات - ثم قال: يا معشر المسلمين هذا وليكم من بعدي فليبلغ الشاهد منكم الغائب...ثم إن رسول الله (ص) حضره الذي حضر، فدعا عليا فقال: يا علي إني أريد أن أأتمنك على ما ائتمنني الله عليه من غيبه وعلمه ومن خلقه ومن دينه الذي ارتضاه لنفسه. فلم يشرك والله فيها أحدا من الخلق".[11]  كما روى حديثا عن الإمام علي أنه خطب في أصحاب رسول الله بعد وفاته قائلا:"إن الله تبارك اسمه ... شدَّ بي أزر رسوله .. واختصني بوصيته واصطفاني بخلافته في أمته فقال (ص) .. : أيها الناس إن عليا مني كهارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي... كان ذلك منه استخلافا لي كما استخلف موسى هارون (ع) حيث يقول: "اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين". [12]
   وربما كان الهدف من هاتين الروايتين إثبات الإمامة بالنص للإمام علي من أجل إخراج العباسيين والطالبيين من المنافسة حولها ومنعهم من ادعاء الحق بالإمامة باسم "العترة".

ج - حصر الإمامة في الفاطميين و إخراج سائر العلويين منها
  وحسب بعض الروايات التي يذكرها الكليني، فإن الباقر حاول أن يخرج أبناء عمه العلويين واحداً واحداً من المنافسة معه، بدعوى اختصاص العلم والإمامة بأشخاص معينين من أبناء علي. واعتبار ادعاء الإمامة "دون حق" افتراء على الله، حتى وإن كان المدعي من ولد علي بن أبي طالب.  فانتقل إلى الخطوة التالية، وهي حصر الإمامة في الفاطميين ثم في الحسينيين، فقام بإخراج عمه محمد بن الحنفية (وبالتالي أبناءه زعماء الحركة الكيسانية) من وراثة الإمامة، فقال: "إن عليا لما حضره الذي حضره دعا ولده وكانوا اثنا عشر ذكرا فقال لهم: يا بني ... إن هذين ابنا رسول الله (ص) الحسن والحسين، فاسمعوا لهما وأطيعوا، ووازروهما فإني قد ائتمنتهما على ما ائتمنني عليه رسول الله (ص) مما ائتمنه الله عليه من خلقه ومن غيبه ومن دينه الذي ارتضاه لنفسه. فأوجب الله لهما من علي ما أوجب لعلي من رسول الله (ص)  ... ثم إن الحسن حضره الذي حضره فسلم ذلك إلى الحسين، ثم إن حسينا حضره الذي حضره فدعا ابنته الكبرى فاطمة - بنت الحسين - فدفع إليها كتابا ملفوفا ووصية ظاهرة وكان علي بن الحسين مبطونا لا يرون إلا أنه لما به، فدفعت فاطمة الكتاب إلى علي بن الحسين ثم صار والله ذلك الكتاب إلينا".[13]  
وفي رواية أخرى يقول أبو جعفر الباقر: إن الإمام أمير المؤمنين دفع إلى ابنه الحسن، الكتاب والسلاح وقال له : يا بني أمرني رسول الله (ص) أن أوصي إليك وأن أدفع إليك كتبي وسلاحي كما أوصى إلي ودفع إليَّ كتبه وسلاحه، وأمرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعها إلى أخيك الحسين، ثم اقبل على ابنه الحسين فقال: وأمرك رسول الله (ص) أن تدفعها إلى ابنك هذا، ثم أخذ بيد علي بن الحسين. ثم قال له: وأمرك رسول الله (ص) أن تدفعها إلى ابنك محمد، واقرأه من رسول الله (ص) ومني السلام.[14]
وقد ورد موضوع "السلام" أيضا في رواية عن جابر بن عبد الله الأنصاري (توفي سنة 78) أنه أخذ بيد الباقر وقال:" إن رسول الله (ص) أخبرني أني سأدرك رجلا من أهل بيته يقال له: محمد بن علي يكنى أبا جعفر، فإذا أدركته فاقرأه مني السلام" فقال له أبوه: "هنيئا لك يا بني ما خصك الله به من رسوله من بين أهل بيتك لا تطلع اخوتك على هذا فيكيدوا لك كيدا، كما كادوا اخوة يوسف ليوسف عليه السلام".[15] 
  ولكن الباقر كان يواجه مشكلة صعبة تتمثل في وصل حبل الإمامة الذي انقطع باعتزال أبيه علي زين العابدين عن السياسة، وتصدي عمه محمد ابن الحنفية لقيادة الشيعة، إضافة إلى عدم وجود نص واضح وصريح ومعروف من الحسين لابنه علي بالإمامة، فقد قتل الحسين في كربلاء دون أن يوصي إليه – حسبما يقول الباقر والصادق -: "لأنه كان مبطونا لا يرون إلا أنه لما به". [16] والروايات المنقولة تشير إلى أن الباقر حلَّ هذه المشكلة بالقول: "إن الحسين أوصى إلى ابنته الكبرى فاطمة وسلمها كتابا ملفوفا ووصية ظاهرة. وإن فاطمة دفعت الكتاب إلى علي بن الحسين، ثم صار والله ذلك الكتاب إلينا".[17] أو القول "إن الحسين لما صار إلى العراق استودع أم سلمة رضي الله عنها الكتب والوصية، فلما رجع علي بن الحسين دفعتها إليه".[18] 
وقال الباقر للكيسانية:" إن رسول الله (ص) أوصى إلى علي والحسن والحسين فلما مضى علي أوصى إلى الحسن والحسين، ولو ذهب يزويها عنهما لقالا له: نحن وصيان مثلك ولم يكن ليفعل ذلك، وأوصى الحسن إلى الحسين ولو ذهب يزويها عنه لقال: أنا وصي مثلك من رسول الله (ص) ومِن أبي. ولم يكن ليفعل ذلك، قال الله عز وجل: "وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض" هي فينا وفي أبنائنا".[19] وقد أثار الباقر في حوار مع ابن عمه أبي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية، في المسجد النبوي، موضوع النسب الفاطمي كدليل على أحقيته بالإمامة، فقال له:" قل ما بدا لك فأنا ابن فاطمة وأنت ابن الحنفية".[20]
"معجزة الحجر الأسود"

   وحسبما يقول الكليني والصفار وابن بابويه فإن الباقر قام أيضا بتدعيم موقفه ضد الكيسانية برواية هذه القصة "الإعجازية" فقال: "لما قتل الحسين أرسل محمد بن الحنفية إلى علي بن الحسين.. فخلا به فقال له: يا ابن أخي قد علمت أن رسول الله (ص) دفع الوصية والإمامة من بعده إلى أمير المؤمنين ثم إلى الحسن، ثم إلى الحسين، وقد قتل أبوك رضي الله عنه وصلى على روحه ولم يوصِ، وأنا عمك وصنو أبيك وولادتي من علي في سني وقديمي أحق بها منك في حداثتك، فلا تنازعني في الوصية والإمامة ولا تحاجني. فقال له علي بن الحسين : يا عم اتق الله ولا تدَّعِ ما ليس لك بحق إني أعظك أن تكون من الجاهلين، إن أبي يا عم صلوات الله عليه أوصى إلي قبل أن يتوجه إلى العراق وعهد إلي في ذلك قبل أن يستشهد بساعة، وهذا سلاح رسول الله (ص) عندي، فلا تتعرض لهذا، فإني أخاف عليك نقص العمر وتشتت الحال، إن الله (عز وجل) جعل الوصية والإمامة في عقب الحسين فإذا أردت أن تعلم ذلك فانطلق بنا إلى الحجر الأسود حتى نتحاكم إليه ونسأله عن ذلك. قال أبو جعفر (الباقر): وكان الكلام بينهما بمكة، فانطلقا حتى أتيا الحجر الأسود، فقال علي بن الحسين لمحمد بن الحنفية: ابدأ أنت فابتهل إلى الله (عز وجل) وسله أن ينطق لك الحجر ثم سل، فابتهل محمد في الدعاء وسأل الله ثم دعا الحجر فلم يجبه، فقال علي بن الحسين: يا عم لو كنتَ وصيا وإماما لأجابك، قال له محمد: فادع الله أنت يا ابن أخي وسله، فدعا الله علي بن الحسين بما أراد ثم قال: أسألك بالذي جعل فيك ميثاق الأنبياء وميثاق الأوصياء وميثاق الناس أجمعين لما أخبرتنا من الوصي والإمام بعد الحسين بن علي؟ قال: فتحرك الحجر حتى كاد أن يزول عن موضعه، ثم أنطقه الله عز وجل بلسان عربي مبين، فقال: اللهم إن الوصية والإمامة بعد الحسين ابن علي إلى علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وابن فاطمة بنت رسول الله (ص) قال: فانصرف محمد بن علي وهو يتولى علي بن الحسين عليه السلام".[21]  
 "معجزة حصاة أم أسلم"
  وروي عن الباقر أنه قال: إن امرأة تسمى "أم أسلم" جاءت يوما إلى النبي (ص) فقالت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله إني قد قرأت الكتب وعلمت كل نبي ووصي، فموسى كان له وصي في حياته ووصي بعد موته، وكذلك عيسى، فمن وصيك يا رسول الله؟ فقال لها: يا أم أسلم وصيي في حياتي وبعد مماتي واحد، ثم قال لها: يا أم أسلم من فعل فِعْلي هذا فهو وصيي، ثم ضرب بيده إلى حصاة من الأرض ففركها بإصبعه فجعلها شبه الدقيق، ثم عجنها، ثم طبعها بخاتمه، ثم قال: من فعل فعلي هذا فهو وصيي في حياتي وبعد مماتي، فخرجت من عنده، فأتيت أمير المؤمنين فقلت: بأبي أنت وأمي أنت وصي رسول الله (ص)؟ قال: نعم يا أم أسلم ثم ضرب بيده إلى حصاة ففركها فجعلها كهيئة الدقيق، ثم عجنها وختمها بخاتمه، ثم قال: يا أم أسلم من فعل فعلي هذا فهو وصيي، فأتيت الحسن وهو غلام فقلت له: يا سيدي أنت وصي أبيك؟ فقال: نعم يا أم أسلم، وضرب بيده وأخذ حصاة ففعل بها كفعلهما، فخرجت من عنده فأتيت الحسين - وإني لمستصغرة لسنه - فقلت له: بأبي أنت وأمي، أنت وصي أخيك؟ فقال، نعم يا أم أسلم ائتيني بحصاة، ثم فعل كفعلهم. فعمرت أم أسلم حتى لحقت بعلي بن الحسين بعد قتل الحسين في منصرفه، فسألته أنت وصي أبيك؟ فقال: نعم، ثم فعل كفعلهم صلوات الله عليهم أجمعين". [22]
 "علم الغيب"
  وحسبما جاء في "رجال الكشي" فقد روى الباقر عن أبي خالد الكابلي (خادم محمد بن الحنفية) أنه لم يكن يشك في إمامة ابن الحنفية ، حتى أتاه ذات يوم فقال له : جعلت فداك إن لي حرمة ومودة وانقطاعاً ، فأسألك بحرمة رسول الله وأمير المؤمنين إلا أخبرتني أنت الإمام الذي فرض الله طاعته على خلقه؟ قال : فقال :" يا أبا خالد حلفتني بالعظيم ، الإمام: علي بن الحسين عليه السلام وعليك وعلى كل مسلم". فأقبل أبو خالد لما سمع ما قاله محمد بن الحنفية، إلى علي بن الحسين، فاستأذن عليه ، فلما دخل عليه دنا منه قال : مرحباً بك يا "كنكر" ما كنت لنا بزائر ما بدا لك فينا ؟ فخرَّ أبو خالد ساجداً شاكراً لله تعالى مما سمع من علي بن الحسين عليه السلام فقال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى عرفت. فقال له علي: وكيف عرفت إمامك يا أبا خالد ؟ قال : إنك دعوتني باسمي الذي سمّتني أمي التي ولدتني ، وقد كنت في عمياء من أمري ، ولقد خدمت محمد بن الحنفية عمراً من عمري ولا أشك إلا وانه إمام، حتى إذا كان قريباً سألته بحرمة الله وبحرمة رسوله وبحرمة أمير المؤمنين فأرشدني إليك وقال : هو الإمام عليَّ وعليك وعلى خلق الله كلهم ، ثم أذنت لي فجئت فدنوت منك سميتني باسمي الذي سمتني أمي فعلمت انك الإمام الذي فرض الله طاعته عليَّ وعلى كل مسلم.[23] 

د - إقصاء بني الحسن
  وحسبما تقول بعض الروايات الأخرى، فقد قام الإمام محمد الباقر، بعد إقصاء أبناء محمد بن الحنفية، بخطوة أخرى هي إقصاء بني عمه الحسن الذين كانوا ينافسونه في قيادة الشيعة، وحصر الإمامة في أبناء الحسين. وبما أن آية أولي الأرحام " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله" كانت – حسب تفسير الباقر السابق - تشمل أبناء الحسن والحسين، فقد قام الباقر، حسب بعض الروايات، باتهام أبناء عمه بالكذب على الله بادعائهم الإمامة، وأوَّلَ هذه الآية: "ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة" بهم، ثم فسرها بقوله:" من قال إني إمام وليس بإمام.. وإن كان علويا".[24]  وفي رواية أخرى:"وإن كان فاطميا علويا".[25]  وعندما سأله عبد الرحيم القصير : هل لولد الحسن فيها (إي في الإمرة) نصيب؟ قال: "لا والله، يا عبد الرحيم ما لمحمدي فيها نصيب غيرنا، وإن هذه الآية جرت في ولد الحسين من بعده".[26]
  وقد أثار حصر الباقر للإمامة في ولد الحسين، ابنَ عمه عبد الله بن الحسن بن الحسن الذي رد عليه قائلا:" كيف صارت الإمامة في ولد الحسين دون الحسن وهما سيدا شباب أهل الجنة؟ وهما في الفضل سواء؟ ألا إن للحسن على الحسين فضلا بالكبر، وكان الواجب أن تكون الإمامة إذن في الأفضل".[27] مما دفع الباقر للرد عليه، فقال:"كذبوا والله، أَوَ لم يسمعوا الله تعالى يقول:" وجعلها كلمة باقية في عقبه" فهل جعلها إلا في عقب الحسين؟". [28]  
ولاية الدم
وحسب رواية ينقلها العياشي في تفسيره، فإن الباقر حاول أن ينتقد الإمام الحسن بسبب تنازله لمعاوية، وأن يثبت حقه بالإمامة بناء على ولاية دم الحسين، فقال :" رحم الله عمي الحسن .. لقد غمد الحسن أربعين ألف سيف حين أصيب أمير المؤمنين، وأسلمها إلى معاوية .. وخرج الحسين صلوات الله عليه فعرض نفسه على الله في سبعين رجلا !.. مَن أحق بدمه منا ؟.. نحن والله أصحاب الأمر وفينا القائم ومنا السفاح والمنصور، وقد قال الله تعالى :"ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا". نحن أولياء الحسين بن علي وعلى دينه". [29] غير أن هذا التأويل كذلك لم يكن مقنعا بصورة كافية ولا حاسما في معركة التنافس على الإمامة.
سلاح رسول الله (ص)
  وفي محاولة لتجاوز هذا الخلاف مع أبناء عمه الحسنيين، وتعزيز شرعية مطالبته بقيادة الشيعة، اعتمد الباقر- إضافة إلى موضوع "ولاية الدم"- على موضوع آخر هو: "امتلاكه لسلاح رسول الله" ووراثته من أجداده، حيث روي أنه كان يقول:" إن السلاح فينا كمثل التابوت في بني إسرائيل كان حيثما دار فثم الملك، وحيث ما دار السلاح فثم العلم". وكان يتساءل في معرض تفنيد دعاوى بني عمه: "ألا يقولون عند من كان سلاح رسول الله ؟..وما كان في سيفه من علامة كانت في جانبيه إن كانوا يعلمون؟". [30]
  ولكن الباقر لم يستطع حسم المعركة بإظهار سلاح رسول الله للملأ، وظل موقفه بالتالي  ضعيفا أمام أبناء عمه الحسنيين الذين كان يتزعمهم عبد الله بن الحسن بن الحسن، ويحاول قيادة عموم الشيعة ويدعي أيضا امتلاكه لسلاح رسول الله.
هـ -  إقصاء الباقر لأخوته العشرة
وخاض الإمام الباقر معركة أخيرة في إثبات الإمامة بالوراثة لشخصه من بين اخوته العشرة.[31] لا سيما وأن الناس كانوا يتساءلون :"ما بالها أبطحت من ولد أبيه مَن له مثل قرابته ومن هو أكبر منه وقصرت عمن هو اصغر منه؟" فاعتمد في حصر الإمامة فيه من بين اخوته، على دعوى الوصية إليه من أبيه ووراثته لسلاح رسول الله، حيث قال: "يعرف صاحب هذا الأمر بثلث خصال لا تكون في غيره، هو أولى الناس بالذي قبله وهو وصيه وعنده سلاح رسول الله (ص) ووصيته وذلك عندي لا أنازع فيه".[32] وقال إن أباه ورث سلاح رسول الله، من أبيه وجده فاختصه به عند وفاته، وكان يوجد في سفط، وعندما نازعه اخوته على السفط، قال لهم­:" والله ما لكم فيه شيء ، ولو كان لكم فيه شيء ما دفعه إلي".[33] وقد قال في الرواية السابقة التي تحدث فيها عن دفع الإمام علي الكتاب والسلاح إلى ابنه الحسن، أنه أخذ بيد علي بن الحسين، ثم قال له: وأمرك رسول الله (ص) أن تدفعها إلى ابنك محمد، واقرأه من رسول الله (ص) ومني السلام.[34]
   وثمة روايات أخرى ينسبها الإمامية إلى الباقر تعتمد على توافق سلاح رسول الله مع جسد الإمام، كعلامة من علامات الإمامة، بحيث "إذا لبس درع رسول الله (ص) كانت عليه وفقا وإذا لبسها غيره من الناس طويلهم وقصيرهم زادت عليه شبرا...".[35]   
 و -  إقصاء أخيه الإمام زيد
 وبالرغم مما يقال من وجود تنسيق بين الباقر وأخيه زيد.[36] فان بعض الروايات تتحدث عن وجود منافسة قوية للباقر من أخيه زيد بن علي الذي رفع راية الجهاد والثورة، وقال: "ليس الإمام منا من جلس في بيته وأرخى ستره وثبط عن الجهاد ، ولكن الإمام منا من منع حوزته وجاهد في سبيل الله حق جهاده ودفع عن رعيته وذب عن حريمه".[37] مما أدى إلى التفاف كثير من الشيعة حوله، وخاصة في الكوفة التي أرسل أهلها إليه كتبا يدعونه فيها إلى أنفسهم ويخبرونه باجتماعهم ويطلبون منه الخروج. وحسبما ينقل الكليني، فإن الباقر قام هنا بطرح موضوع "العلم" وسأل أخاه قائلاً: هذه الكتب ابتداء منهم أو جواب ما كتبت بهم إليه ودعوتهم إليه؟  فقال زيد: بل ابتداء من القوم لمعرفتهم بحقنا وبقرابتنا من رسول الله ولما يجدون في كتاب الله (عز وجل) من وجوب مودتنا وفرض طاعتنا، ولما نحن فيه من الضيق والضنك والبلاء . فقال له الباقر: إن الطاعة مفروضة من الله عز وجل، وسنة أمضاها في الأولين وكذلك يجريها في الآخرين، والطاعة لواحد منا والمودة للجميع، وأمر الله يجري لأوليائه بحكم موصول وقضاء مفصول وحكم مقضي وقدر وأجل مسمى لوقت معلوم، فلا يستخفنك الذين لا يوقنون .. إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا فلا تعجل، فان الله لا يعجل لعجلة العباد ، ولا تسبقن الله فتعجزك البلية فتصرعك.. وقال: هل تعرف يا أخي من نفسك شيئا مما نسبتها إليه فتجيء عليه بشاهد من كتاب الله أو حجة من رسول الله أو تضرب به مثلا؟..فإن الله عر وجل أحل حلالا وحرم حراما ، وفرض فرائض وضرب أمثالا وسن سننا ، ولم يجعل الإمام القائم بأمره شبهة فيما فرض له من الطاعة أن يسبقه بأمر قبل محله أو يجاهد فيه قبل حلوله …فجعل لكل شيء أجلا ولكل اجل كتابا، فإن كنت على بينة من ربك ويقين من أمرك وتبيان من شأنك فشأنك، وإلا فلا ترومنَّ أمراً أنت منه في شك وشبهة ، ولا تتعاطَ زوال ملك لم تنقض أكله ولم ينقطع مداه، ولم يبلغ الكتاب أجله ، فلو قد بلغ مداه وانقطع أكله وبلغ الكتاب أجله لانقطع الفصل وتتابع النظام و لأعقب الله التابع والمتبوع الذل والصغار، أعوذ بالله من إمام ضل عن وقته فكان التابع فيه أعلم من المتبوع، أتريد يا أخي أن تحيي ملة قوم قد كفروا بآيات الله وعصوا رسوله؟ أعيذك بالله يا أخي أن تكون غداً المصلوب بالكناسة".[38]
   وسواء كانت العلامات والمحاولات والأحاديث والقصص التي نسبت إلى الإمام محمد بن علي الباقر صحيحة أم مزورة وموضوعة من قبل الغلاة، فإنها لعبت، أو لعب بعضها على الأقل، دورا في تأسيس إمامة الباقر "الدينية" للشيعة في بداية القرن الثاني الهجري، خصوصا بعد وفاة زعيم الحركة الكيسانية القوي أبي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية  سنة 98 للهجرة، وضعف القيادات الشيعية الأخرى المنافسة للباقر، حيث كان محمد بن علي بن عباس معتزلا في الحميمة وهي قرية من قرى الأردن، وكان عبد الله بن الحسن بن الحسن يعد ابنه الصغير محمد (ذا النفس الزكية) للخروج في المستقبل البعيد، وقد أسماه بالمهدي عند ولادته. [39] وكان عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر (الذي خرج في اصفهان سنة 129) أصغر من أن ينافس الباقر، بالإضافة إلى تفرق الحركة الكيسانية إلى فرق صغيرة أخرى كربية وبربرية وبيانية. كل ذلك دفع جماهير الحركة الكيسانية – فيما يبدو -  إلى الانضواء تحت لواء الإمام الباقر وإعلان الولاء له، وهذا ما أدى إلى انتقال تلك الجماهير مع الكثير من أفكار ونظريات الكيسانية المغالية إلى شيعة الباقر، وقيامها بإسقاط نظرياتها على الإمام، مثل الألوهية والنبوة فضلاً عن "الإمامة الإلهية" (القائمة على النص والوصية والوراثة في السلالة العلوية الحسينية) وتأليف أحاديث ونسبتها إلى الإمام الباقر وابنه جعفر الصادق فيما بعد.

المبحث الثاني:
إضفاء الصبغة الدينية الإلهية على نظرية الإمامة

 وبعيدا عن الجدل حول صحة تلك الأحاديث وفيما إذا كانت موضوعة من قبل الغلاة، أم صادرة حقا من الإمام الباقر (وابنه جعفر الصادق فيما بعد)، فإننا يمكن أن نلاحظ نشوء نظرية "الإمامة" وتطورها عبر الخطوات التالية:

1-            شمولية الشريعة الإسلامية

 في المرحلة الأولى، يمكننا مشاهدة بذرة "الإمامة" تنمو وسط الجدل الذي دار في تلك الأيام حول شمولية الشريعة الإسلامية لكل شيء في الحياة وتوفيرها لأحكام تفصيلية لكل شيء، أو محدوديتها في مسائل معينة وتركها لمسائل أخرى للعقل الإنساني، وهو ما يعرف بالمسائل المدنية العرفية كموضوع العلاقة بين الحكام والمحكومين وكيفية انتخاب الحاكم، وجواز الاجتهاد وقياس المسائل الحادثة على المسائل المشابهة المعلومة في الشريعة الإسلامية. ذلك الجدل الذي قسم المسلمين إلى مدرستين هما مدرسة "أهل الحديث" ومدرسة "أهل الرأي". وحسب الروايات الواردة في التراث الإمامي فإن الإمام الباقر (وابنه جعفر الصادق فيما بعد) قد اتخذ موقفا مضادا لكلا المدرستين أهل الرأي وأهل الحديث، حيث أكد في البداية مبدأ شمولية الشريعة الإسلامية لكل شيء في الحياة، وقال :"إن الله تبارك وتعالى لم يدَع شيئا تحتاج إليه الأمة إلا أنزله في كتابه وبينه لرسوله (ص) وجعل لكل شئ حداً وجعل عليه دليلا يدل عليه، وجعل على من تعدى ذلك الحد حداً".[40]  ولكن الباقر – حسبما يقول زرارة بن أعين -  اتخذ موقفا سلبيا من استعمال القياس في استنباط أحكام جديدة في الحوادث الواقعة، وقال :" يا زرارة! إياك وأصحاب القياس في الدين، فانهم تركوا علم ما وكلوا به، وتكلفوا ما قد كفوه، يتأولون الأخبار، ويكذبون على الله عزّ وجلّ، وكأني بالرجل منهم ينادى من بين يديه، فيجيب من خلفه، وينادى من خلفه، فيجيب من بين يديه، قد تاهوا وتحيروا في الأرض والدين".[41]
  وفي نفس الوقت خاض الإمام الباقر معركة حامية مع أهل الحديث الذين كانوا يتناقلون أحياناً روايات ضعيفة، حيث استنكر ذلك ونادى بالعودة إلى القرآن والاحتجاج به، وتقديمه على الروايات الضعيفة. وحذر من التصديق "بالأحاديث الكاذبة على الله التي يكذبها القرآن ويتبرأ منها ومن حملتها ورواتها".[42] وقد روى عن آبائه عن رسول الله (ص) أنه قال:"... إذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فإنه شافع مشفع وماحل مصدق. ومن جعله أمامه قاده إلى الجنة ومن جعله خلفه ساقه إلى النار وهو الدليل يدل على خير سبيل ... فيه مصابيح الهدى ومنار الحكمة ودليل على المعرفة".[43] كما روى حديثا أسنده إلى جده الإمام علي، يوصي فيه أصحابه بالقرآن، ويقول:"اعلموا أن القرآن هدى النهار ونور الليل المظلم على ما كان من جهد وفاقة".[44]

2 - انحصار العلم في أهل البيت

   وربما كانت الدعوة للتمسك بالقرآن ورفض القياس ونبذ الأحاديث الضعيفة علامة مميزة لمدرسة أهل البيت، وهي بحد ذاتها لا تنطوي على مشكلة كبيرة، ما عدا بعض الأمور التفصيلية التي كان يجادل فيها أصحاب مدرسة الرأي أو أهل الحديث، ولكن تلك الدعوة قادت إلى خطوة أخرى هي حصر عملية فهم القرآن بالأئمة المعينين من قبل الله فقط، ولسنا متأكدين بنسبة هذا القول إلى الباقر أو الصادق، ولكن الروايات التي ينقلها الإمامية عنهما تدعي أن الباقر قال:" إنما يعرف القرآن من خوطب به".[45]  وأنه قال:"إن أول وصي كان على وجه الأرض هبة الله بن آدم، وما من نبي مضى إلا وله وصي وكان جميع الأنبياء مائة ألف نبي وعشرين ألف نبي، منهم خمسة أولو العزم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم السلام وإن علي بن أبي طالب كان هبة الله لمحمد، وورث علم الأوصياء، وعلم من كان قبله، أما إن محمداً ورث علم من كان قبله من الأنبياء والمرسلين".[46] وقال:"إن عليا عليه السلام كان عالما والعلم يتوارث، ولن يهلك عالم إلا بقي من بعده  من يعلم علمه، أو ما شاء الله". [47]  

   ويزعم الإمامية أن الباقر قال: إن رسول الله (ص) وضع العلم الذي كان عنده عند الوصي. وفسر قول الله عز وجل:" الله نور السموات والأرض" بأنه يقول: أنا هادي السماوات والأرض مثل العلم الذي أعطيته وهو نوري الذي يهتدى به مثل المشكاة فيها المصباح، فالمشكاة قلب محمد (ص) والمصباح النور الذي فيه العلم وقوله: " المصباح في زجاجة " يقول: إني أريد أن أقبضك فأجعل الذي عندك عند الوصي كما يجعل المصباح في الزجاجة " كأنها كوكب دري" فأعلمهم فضل الوصي... وقوله عز وجل: "يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء" يقول: مثل أولادكم الذين يولدون منكم كمثل الزيت الذي يعصر من الزيتون .. يقول: يكادون أن يتكلموا بالنبوة ولو لم ينزل عليهم ملك. [48]

   وأن الباقر اعتمد على "حديث الثقلين" في حصر العلم في أهل البيت.[49] وأنه قال لسعد الإسكاف:"لا يزال كتاب الله والدليل منا يدل عليه حتى يردا عليَّ الحوض".[50]

     وينقل الإمامية عن الباقر أنه استنكر ترك الناس لأئمة أهل البيت وذهابهم إلى علماء آخرين، قائلا:"يمصون الثماد (وهو الماء القليل) ويدعون النهر العظيم! قيل له: وما النهر العظيم؟ قال: رسول الله (ص) والعلم الذي أعطاه الله، إن الله عز وجل جمع لمحمد (ص) سنن النبيين من آدم وهلمَّ جرا إلى محمد (ص) قيل له: وما تلك السنن؟ قال: علم النبيين بأسره، وإن رسول الله (ص) صيَّر ذلك كله عند أمير المؤمنين (ع)".[51]

    ويروون: أن الباقر قال لفقيهين كانا في مكة هما سلمة بن كهيل، والحكم بن عتيبة: "شرِّقا وغرِّبا فلا تجدان علما صحيحا إلا شيئا خرج من عندنا أهل البيت".[52] أو "فليشرق الحكم وليغرب، أما والله لا يصيب العلم إلا من أهل بيت نزل عليهم جبرئيل".[53] وأن الباقر سمع فتوى للحكم بن عتيبة يقول فيها بجواز شهادة ولد الزنا، فغضب وقال:" اللهم لا تغفر ذنبه. ما قال الله للحكم " إنه لذكر لك ولقومك" فليذهب الحكم يمينا وشمالا، فوالله لا يؤخذ العلم إلا من أهل بيت نزل عليهم جبرئيل عليه السلام".[54]   وقال:"كل ما لم يخرج من هذا البيت فهو باطل".[55]    
   ويروون أيضا عن الباقر أنه قال:" ليس عند أحد من الناس حق ولا صواب ولا أحد من الناس يقضي بقضاء حق إلا ما خرج منا أهل البيت وإذا تشعبت بهم الأمور كان الخطاء منهم والصواب من علي عليه السلام".[56] وأنه أكد ذلك قائلا:" إنه ليس أحد عنده علم شئ إلا خرج من عند أمير المؤمنين عليه السلام، فليذهب الناس حيث شاءوا، فوالله ليس الأمر إلا من هاهنا". وأشار بيده إلى بيته.[57]
   ويقول الإمامية: إن الباقر أنكر على فقيه أهل البصرة قتادة بن دعامة، تفسيرَه للقرآن، وقال له عندما التقاه: " ويحك يا قتادة إنما يعرف القرآن من خوطب به.. ويحك يا قتادة إن كنت إنما فسرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت وأهلكت وإن كنت قد أخذته من الرجال فقد هلكت وأهلكت.. ".[58] وأن الباقر سأله عن تفسير قوله تعالى:" وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين" فقال قتادة : أي من خرج من بيته بزاد حلال وراحلة وكراء حلال يريد هذا البيت كان آمنا حتى يرجع إلى أهله، فرفض الباقر هذا التفسير وقال له :"إنه من خرج من بيته بزاد وراحلة وكراء حلال يروم هذا البيت عارفا بحقنا يهوانا قلبه كما قال الله عز وجل:"واجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم" ولم يعنِ البيت فيقول:"إليه" ثم قال الباقر بعد ذلك:" فنحن والله دعوة إبراهيم (ع) التي من هوانا قلبُه قُبلت حجته وإلا فلا.. يا قتادة فإذا كان كذلك كان آمنا من عذاب جهنم يوم القيامة".[59]
   وكانت دعوى حصر العلم في أهل البيت، في البداية، تقوم على ادعاء امتلاك الإمام الباقر لكتب خاصة بخط علي، كان يعبر عنها أحيانا بكتاب علي أو مصحف فاطمة أو الجفر أو الجامعة، كما جاء عن محمد بن مسلم وزرارة بن أعين عن الباقر أنه كان يفتي بناء على تلك الكتب التي قال عنها: " إنها إملاء رسول الله (ص ) وخط علي من فيه بيده". [60]  أو أنه كان يفتي بناء على رواية الحديث عن أبيه عن جده " أن أمير المؤمنين حدثه ذلك". [61] وبالرغم من أن دعوى (امتلاك الباقر لكتب خاصة) لم تكن تشكل حجة حاسمة ضد من يرفض الاعتماد على روايته عن آبائه، غير أنها كانت دعوى معقولة ومقبولة إلى درجة كبيرة.[62] ولكن تلك الدعوى تطورت فيما بعد لتتركز على ذات الأئمة الذين يمتلكون علما خاصا من الله، ويقومون بدور "الحجة" على العباد، كما نقل الشيعة الإمامية عن الباقر أنه قال:"والله ما ترك الله أرضا منذ قبض آدم عليه السلام إلا وفيها إمام يهتدي به إلى الله وهو حجته على عباده، ولا تبقى الأرض بغير إمام حجة لله على عباده".[63] و"إن الأرض لا تخلو من حجة وأنا والله ذلك الحجة".[64] وأنه قال:" والله إنا لخزان الله في سمائه وأرضه، لا على ذهب ولا على فضة إلا على علمه".[65]  وقال:"نحن خزان علم الله، ونحن تراجمة وحي الله، ونحن الحجة البالغة على من دون السماء ومن فوق الأرض".[66] و"إنا - أهل البيت - شجرة النبوة، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، وبيت الرحمة، ومعدن العلم.[67] و"نحن شجرة النبوة، وبيت الرحمة، ومفاتيح الحكمة، ومعدن العلم، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، وموضع سر الله، ونحن وديعة الله في عباده، ونحن حرم الله الأكبر، ونحن ذمة الله، ونحن عهد الله، فمن وفي بعهدنا فقد وفى بعهد الله، ومن خفرها فقد خفر ذمة الله وعهده".[68] 
   وعن أبي حمزة الثمالي قال سمعت أبا جعفر يقول:" قال رسول الله (ص): قال الله تبارك وتعالى: استكمال حجتي على الأشقياء من أمتك من ترك ولاية علي والأوصياء من بعدك، فإن فيهم سنتك وسنة الأنبياء من قبلك، وهم خزاني على علمي من بعدك، ثم قال رسول الله (ص): لقد أنبأني جبرئيل عليه السلام بأسمائهم وأسماء آبائهم".[69] 

   وروى أبو حمزة  عن أبي جعفر قال :"لما قضى رسول الله (ص) نبوته واستكملت أيامه أوحى الله إليه يا محمد (ص) قد قضيت نبوتك واستكملت أيامك فاجعل العلم الذي عندك والآثار والاسم الأكبر وميراث العلم وآثار النبوة في أهل بيتك عند على بن أبي طالب فإني لم أقطع علم النبوة من العقب من ذريتك كما لم اقطعها من بيوتات الأنبياء الذين كانوا بينك وبين أبيك آدم".[70]

    ونقل الإمامية عن محمد الباقر حديثا حول كيفية علم الأئمة، وأنه قال:" نزل جبرئيل على محمد (ص) برمانتين من الجنة، فلقيه علي (ع) فقال: ما هاتان الرمانتان اللتان في يدك؟ فقال: أما هذه فالنبوة، ليس لك فيها نصيب، وأما هذه فالعلم، ثم فلقها رسول الله (ص) بنصفين فأعطاه نصفها وأخذ رسول الله (ص) نصفها ثم قال: أنت شريكي فيه وأنا شريكك فيه، قال: فلم يعلم والله رسول الله (ص) حرفا مما علمه الله عز وجل إلا وقد علمه عليا، ثم انتهى العلم إلينا، ثم وضع يده على صدره".[71] 
    ورووا أن الباقر فسر قول الله عز وجل: " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" بأهل البيت، وقال: "قال رسول الله (ص): الذكر أنا والأئمة أهل الذكر" كما فسر قوله عز وجل: "وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون" بقوله :"نحن قومه ونحن المسؤولون". [72]
   وقال محمد بن مسلم، أنه قال للباقر: إن مَن عندنا يزعمون أن قول الله عز وجل: "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون": أنهم اليهود والنصارى، فقال الباقر:" إذاً يدعونكم إلى دينهم! - وأومأ بيده إلى صدره وقال - نحن أهل الذكر ونحن المسؤولون".[73] 
   وروى أبو بصير عن الباقر أنه فسر آية " بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم" بأنها تعني الأئمة، وذكر أنه أومأ بيده إلى صدره. [74]  ثم قال: أما والله يا أبا محمد ما قال بين دفتي المصحف؟ قلت:من هم؟ جعلت فداك. قال: من عسى أن يكونوا غيرنا؟.[75]  وقال: "إن هذا العلم انتهى إليّ في القرآن".[76]    
   وروى جابر بن يزيد الجعفي عن الباقر في تفسير قول الله عز وجل: " هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب" بأنه قال:" إنما نحن الذين يعلمون والذين لا يعلمون عدونا ، وشيعتنا أولو الألباب".[77] وأنه فسر قول الله عز وجل: " وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم" بأئمة أهل البيت، وقال :"رسول الله (ص) وآله أفضل الراسخين في العلم، قد علمه الله عز وجل جميع ما أنزل عليه من التنزيل والتأويل، وما كان الله لينزل عليه شيئا لم يعلمه تأويله، وأوصياؤه من بعده يعلمونه كله، والذين لا يعلمون تأويله إذا قال العالم فيهم بعلم، فأجابهم الله بقوله " يقولون آمنا به كل من عند ربنا " والقرآن خاص وعام ومحكم ومتشابه، وناسخ ومنسوخ، فالراسخون في العلم يعلمونه". [78]  وأنه قال:" إن النبي فسر القرآن لرجل واحد هو الإمام علي، وإن القرآن لن يكفي الأجيال التالية إلا إذا وجد "المفسِّر".[79]  وفسر قوله تعالى:"قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب" بأنها تعني: الأئمة من أهل البيت، وقال:"إيّانا عنى، وعليٌّ أوّلنا وأفضلنا وخيرنا بعد النبي (ص)".[80]  وأنه حصر علم القرآن بأئمة أهل البيت وقال: "إنما على الناس أن يقرؤوا القرآن كما أنزل، فإذا احتاجوا إلى تفسيره، فالاهتداء بنا وإلينا!". [81]
  وروى الإمامية عن الباقر أن الأئمة هم "ورثة الكتاب" الذين ذكرهم الله في قوله:" ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا " حيث فسر العباد بـ: "ولد فاطمة عليها السلام والسابق بالخيرات: الإمام، والمقتصد: العارف بالإمام، والظالم لنفسه: الذي لا يعرف الإمام".[82] والأئمة هم الذين آتاهم الله الكتاب ، وذكرهم في هذه الآية :"الذين آتياهم الكتاب يتلونه حق تلاوته" حيث قال:" هم الأئمة عليهم السلام".[83] 
  ونقلوا عن الباقر أنه قال: إن "تفسير القرآن على سبعة أوجه، منه ما كان، ومنه ما لم يكن بعد، تعرفه الأئمة (عليهم السلام)" .[84] و"ما من القرآن آية، إلا ولها ظهر وبطن، ظهره تنزيله وبطنه تأويله، ومنه ما قد مضى، ومنه ما لم يكن ، يجري كما تجري الشمس والقمر، كل ما جاء تأويل شيء يكون على الأموات، كما يكون على الأحياء ... نحن نعلمه" .[85] 
 وفي هذا يقول جابر بن يزيد الجعفي:" سألت أبا جعفر  عن شيء من التفسير، فأجابني، ثم سألته عنه ثانية، فأجابني بجواب آخر، فقلت: كنت أجبتني في هذه المسألة بجواب غير هذا، فقال: يا جابر! إن للقرآن بطنا وللبطن بطنا وله ظهر، وللظهر ظهر، يا جابر! وليس شيء أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن، وإنّ الآية يكون أولها في شيء، وآخرها في شيء ، وهو كلام متصل متصرف على وجوه".[86]
    وبالإضافة إلى حصر علم الكتاب كله عند الأئمة، تقول روايات أخرى أن الإمام الباقر كان يدعي امتلاك النسخة الكاملة من القرآن، حيث قال:" ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله كما أنزل إلا كذاب، وما جمعه وحفظه كما نزله الله تعالى إلا علي بن أبي طالب (ع) والأئمة من بعده (ع)".[87] و"ما يستطيع أحد أن يدعي أن عنده جميع القرآن كله ظاهره وباطنه غير الأوصياء".[88] 
   ولسنا نعرف مدى صحة هذه الروايات وفيما إذا كانت صادرة فعلا عن الإمام الباقر أم أنها منسوبة إليه كذبا، وإن كنا نؤيد الاحتمال الثاني، ولكنها – على أية حال - تؤسس لدعوى امتلاك الإمام وحده لعلم الكتاب، والقدرة على تفسيره وتأويله، وتؤدي إلى تحويل أئمة أهل البيت إلى "مصدر تشريعي" جديد إلى جانب القرآن والسنة النبوية. كما في رواية عن أبي خالد الكابلي قال: سألت أبا جعفر عن قول الله عز وجل: "فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا"؟ فقال:" يا أبا خالد.. النور والله  - الأئمة من آل محمد (ص) إلى يوم القيامة، وهم والله نور الله الذي أنزل، وهم والله نور الله في السماوات وفي الأرض".[89] وقال في تفسير قوله تعالى:"ويجعل لكم نوراً تمشون به":"يعني إماما تأتمون به".[90] وما ورد في رواية أخرى في تفسير قوله تعالى:"واتبعوا النور الذي انزل معه" قال: "النور في هذا الموضع علي أمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام".[91] 
3-  علم الأئمة بالغيب
  ولأن "الإمامة الإلهية" كانت تتطلب "علما إلهيا" لا تحده حدود، لم يكتفِ منظِّروها بدعوى اقتصار علم الإمام على الوراثة عن طريق الكتب، ولا علم تفسير القرآن، وإنما راحوا يوسعون آفاق العلم ليمتد إلى السماء والأرض، ورووا عن الباقر أنه قال: " لا والله لا يكون عالمٌ جاهلا أبدا، عالما بشيء جاهلا بشيء.. الله أجل وأعز وأكرم من أن يفرض طاعة عبد يحجب عنه علم سمائه وأرضه.. لا يحجب ذلك عنه".[92]  وأنه قال: "عجبت من قوم يتولونا ويجعلونا أئمة ويصفون أن طاعتنا مفترضة عليهم كطاعة رسول الله (ص) ثم يكسرون حجتهم ويخصمون أنفسهم بضعف قلوبهم، فينقصونا حقنا ويعيبون ذلك على من أعطاه الله برهان حق معرفتنا والتسليم لأمرنا، أترون أن الله تبارك وتعالى افترض طاعة أوليائه على عباده، ثم يخفي عنهم أخبار السماوات والأرض ويقطع عنهم مواد العلم فيما يرد عليهم مما فيه قوام دينهم؟!".[93]  
  ونقل الإمامية عن الباقر عن جده أمير المؤمنين أنه كان يقول:"لقد أعطيت خصالاً ما سبقني إليها أحد قبلي، عُلِّمت علم المنايا والبلايا، والأنساب وفصل الخطاب، فلم يفُتْني ما سبقني، ولم يعزب عني ما غاب عني، ابشِّر بإذن الله و أؤدي عنه، كل ذلك من الله مكنني فيه بعلمه".[94] وزعموا أن الباقر كان يقول: "إنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الإيمان وحقيقة النفاق".[95]    
  وكانت دعواهم هذه في علم الإمام بالغيب تنسجم مع نظرية "الإمامة الإلهية" فإذا كانت هذه الدعوى صحيحة فلا بد أن يعرف الإمام الغيب ويتصل بالسماء بأية طريقة كما يفعل الأنبياء، وإذا لم يثبت علم الإمام بالغيب ولم يستطيع الإخبار بأي شيء  غيبي ؛ فلا طريق لإثبات إمامته، خاصة في غياب النص والوصية عليه من الإمام السابق. ولما كانت نظرية الإمامة قد نشأت في القرن الثاني الهجري، في ظروف صعبة، وانعدام وجود أدلة كافية على إمامة الباقر، فكان لا بد لإثباتها له من ادعاء علم الباقر بالغيب. ولكن التحدي الأكبر الذي كان يواجه تلك الدعوى بعلم الأئمة للغيب، تناقضها مع القرآن الذي يصرح :"عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا".  وهذا ما أدركه دعاة نظرية الإمامة، فنسجوا روايات في الرد على ذلك ونسبوها للإمام الباقر، كما يقول حمران بن أعين أنه اعترض على مقولة "علم الأئمة بالغيب" وسأل الباقر عن قوله تعالى:"عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا" فرد عليه الباقر قائلاً: "إلا من ارتضى من رسول. وكان والله محمد ممن ارتضاه، وأما قوله "عالم الغيب" فإن الله عز وجل عالم بما غاب عن خلقه فيما قدر من شئ، ويقضيه في علمه قبل أن يخلقه، وقبل أن يفضيه إلى الملائكة، فذلك يا حمران، علم موقوف عنده، إليه فيه المشيئة، فيقضيه إذا أراد، ويبدو له فيه فلا يمضيه، فأما العلم الذي يقدره الله عز وجل فيقضيه ويمضيه فهو العلم الذي انتهى إلى رسول الله (ص) ثم إلينا".[96] 
   وينقل الإمامية عن الباقر أنه قال:" إن اسم الله الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفا وإنما كان عند آصف منها حرف واحد فتكلم به فخسف بالأرض ما بينه وبين سرير بلقيس حتى تناول السرير بيده ثم عادت الأرض كما كانت أسرع من طرفة عين، ونحن عندنا من الاسم الأعظم اثنان وسبعون حرفا، وحرف واحد عند الله تعالى استأثر به في علم الغيب عنده، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم".[97] وقال ضريس: سمعت أبا جعفر يقول:" إن لله عز وجل علمين: علم مبذول، وعلم مكفوف فأما المبذول فانه ليس من شئ تعلمه الملائكة والرسل إلا نحن نعلمه، وأما المكفوف فهو الذي عند الله عز وجل في أم الكتاب إذا خرج نفذ".[98]  وقال أبو بصير: قال أبو جعفر:" إن لله عز وجل علمين: علم لا يعلمه إلا هو وعلم علمه ملائكته ورسله، فما علمه ملائكته ورسله عليهم السلام فنحن نعلمه".[99]
  وكما يلاحظ فإن هذه الروايات تخلط بين الأئمة والرسل في الاستثناء الوارد في الآية، بلا دليل سوى الادعاء، وهي تشكل صلب نظرية "الإمامة الإلهية". 
4- تحدث الملائكة مع "الأئمة المحدَّثين"
    وفي السياق نفسه، نجد في التراث الشيعي "الإمامي" روايات عديدة عن أبي جعفر الباقر تتحدث عن الأئمة الذين تحدثهم الملائكة، ومع شكنا بصحتها، نرى أنها تشكل امتداداً لنظرية "الإمامة الإلهية"، أو مرحلة من مراحل تطورها، بعد القول بالحاجة إلى الإمام "الحجة" الذي يمتلك وحده القرآن الكامل الصحيح، والذي يمتلك وحده أيضا علم الكتاب، والقدرة على تفسيره وتأويله، وعلم الغيب واسم الله الأعظم. ولما كانت نظرية "الإمامة" تقول بأن الأئمة معينون من قبل الله، وأن علمهم إلهيٌ، فلم تجد مانعا من ادعاء تحديث الملائكة للأئمة مع تأكيدها على نفي كون الأئمة أنبياء تحاشيا للخروج عن ضروريات الدين الإسلامي. فقد روى الكليني عن الإمام الباقر أنه قال:"إن علم ما لا اختلاف فيه عند الأوصياء، كما كان رسول الله (ص) يعلمه إلا أنهم لا يرون ما كان رسول الله (ص) يرى، لأنه كان نبيا وهم محدَّثون، وأنه كان يفد إلى الله (عز وجل) فيسمع الوحي وهم لا يسمعون". وقال:" إن الله عز وجل يقول لرسوله (ص): " إنا أنزلناه في ليلة القدر " - إلى آخرها - فهل كان رسول الله (ص) يعلم من العلم - شيئا لا يعلمه - في تلك الليلة أو يأتيه به جبرئيل (ع) في غيرها؟" ثم قال:"ما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم". وتساءل: من الراسخون في العلم؟ ثم أجاب: إنهم خلفاء رسول الله (ص) المؤيدون، ولا يستخلف رسول الله (ص) إلا من يحكم بحكمه وإلا من يكون مثله إلا النبوة، وإن كان رسول الله (ص) لم يستخلف في علمه أحدا فقد ضيع من في أصلاب الرجال ممن يكون بعده".[100]
   وحسبما يروي الكليني فإن الباقر رفض أن يكون علم النبي مقتصرا على القرآن، واستشهد بهذه الآية:"إنا أنزلناه في ليلة مباركة، إنا كنا منذرين، فيها يُفرق كل أمر حكيم، أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين" فقال:"إن هذا الأمر الحكيم الذي يفرق فيه هو من الملائكة والروح التي تنزل من السماء إلى الأرض، ولا بد لهم من سيد يتحاكمون إليه... لعمري ما في الأرض ولا في السماء وليٌّ لله عز ذكره إلا وهو مؤيد، ومن أُيِّد لم يُخطِ، وما في الأرض عدوٌ لله عز ذكره إلا وهو مخذول، ومن خُذل لم يُصب، كما أن الأمر لا بد من تنزيله من السماء يحكم به أهل الأرض، كذلك لابد من والٍ... أبى الله عز وجل بعد محمد (ص) أن يترك العباد ولا حجة عليهم".  وأنه قال:" إن القرآن ليس بناطق يأمر وينهى، ولكن للقرآن أهل يأمرون وينهون، وأقول: قد عرضت لبعض أهل الأرض مصيبة، ما هي في السنة والحكم الذي ليس فيه اختلاف، وليست في القرآن، أبى الله لعلمه بتلك الفتنة أن تظهر في الأرض، وليس في حكمه راد لها ومفرج عن أهلها".[101]
   وروى الكليني عن الباقر أنه قال في تفسير آية:"فيها يفرق كل أمر حكيم": "إنه لينزل في ليلة القدر إلى ولي الأمر تفسير الأمور سنة سنة، يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا وكذا، وفي أمر الناس بكذا وكذا، وإنه ليحدث لولي الأمر سوى ذلك كل يوم علم الله (عز وجل) الخاص والمكنون العجيب المخزون، مثل ما ينزل في تلك الليلة من الأمر".[102]  وروى عن الباقر عن علي بن أبي طالب أنه قال:"إن ليلة القدر في كل سنة، وإنه ينزل في تلك الليلة أمر السنة وإن لذلك الأمر ولاة بعد رسول الله (ص)".[103] و"إن رسول الله (ص) قال: تكون ليلة القدر بعدى ينزل الأمر فيها إلى علي".[104]
  ويبدو من خلال مجموعة من الروايات المنسوبة إلى الإمام الباقر أنه اعتمد كثيرا على موضوع نزول الملائكة ليلة القدر، فقال:" يا معشر الشيعة خاصموا بسورة إنا أنزلناه، تفلحوا، فوالله إنها لحجة الله تبارك وتعالى على الخلق بعد رسول الله (ص) وإنها لسيدة دينكم، وإنها لغاية علمنا.. يا معشر الشيعة خاصموا بـ‍ " حم والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين" فإنها لولاة الأمر خاصة بعد رسول الله (ص)".[105] وقال: "فضل إيمان المؤمن بحمله " إنا أنزلنا " وبتفسيرها على من ليس مثله في الإيمان بها، كفضل الإنسان على البهائم ".[106] 
  وكل تلك الروايات تصب في فكرة واحدة هي:"الوصي المحدَّث" وضرورة وجوده واستمراره إلى يوم القيامة، كما كان يقول الكيسانية في المختار أو ابن الحنفية، ولذا نحتمل كثيرا أن يكون بقايا الكيسانية هم الذين اختلقوا هذه الروايات ونسبوها إلى الإمام الباقر، الذي رووا عنه أنه قال:" لقد خلق الله جل ذكره ليلة القدر أول ما خلق الدنيا، ولقد خلق فيها أول نبي يكون، وأول وصي يكون، ولقد قضى أن يكون في كل سنة ليلة يهبط فيها بتفسير الأمور إلى مثلها من السنة المقبلة، من جحد ذلك فقد رد على الله (عز وجل) علمه، لأنه لا يقوم الأنبياء والرسل والمحدَّثون إلا أن تكون عليهم حجة بما يأتيهم في تلك الليلة، مع الحجة التي يأتيهم بها جبرئيل (ع)". وقال في جواب سؤال عن نزول الملائكة على المحدَّثين:" أما الأنبياء والرسل صلى الله عليهم فلا شك، ولا بد لمن سواهم من أول يوم خلقت فيه الأرض إلى آخر فناء الدنيا أن تكون على أهل الأرض حجة ينزل ذلك في تلك الليلة إلى من أحب من عباده.. وأيم الله لقد نزل الروح والملائكة بالأمر في ليلة القدر على آدم، وأيم الله ما مات آدم إلا وله وصي، وكل من بعد آدم من الأنبياء قد أتاه الأمر فيها، ووضع لوصيه من بعده.. وأيم الله إن كان النبي ليؤمر فيما يأتيه، من الأمر في تلك الليلة من آدم إلى محمد (ص) أن أوصى إلى فلان، ولقد قال الله عز وجل في كتابه لولاة الأمر من بعد محمد (ص) خاصة: "وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم - إلى قوله - فأولئك هم الفاسقون" يقول: أستخلفكم لعلمي وديني وعبادتي بعد نبيكم كما استخلف وصاة آدم من بعده حتى يبعث النبي الذي يليه "يعبدونني لا يشركون بي شيئا" يقول: يعبدونني بإيمان لا نبي بعد محمد (ص) فمن قال غير ذلك "فأولئك هم الفاسقون" فقد مكن ولاة الأمر بعد محمد بالعلم، و نحن هم، فاسألونا، فإن صدقناكم فأقروا وما أنتم بفاعلين. أما علمنا فظاهر، وأما إبان أجلنا الذي يظهر فيه الدين منا حتى لا يكون بين الناس اختلاف، فإن له أجلا من ممر الليالي والأيام، إذا أتى ظهر، وكان الأمر واحدا.. وأيم الله لقد قضي الأمر أن لا يكون بين المؤمنين اختلاف، ولذلك جعلهم شهداء على الناس ليشهد محمد (ص) علينا، ولنشهد على شيعتنا، ولتشهد شيعتنا على الناس، أبى الله عز وجل أن يكون في حكمه اختلاف، أو بين أهل علمه تناقض".[107]
    وزعموا أنه قال أيضا: " إن الملائكة تزور ولي الأمر في كل يوم وليلة، حتى إذا أتت ليلة القدر، فيهبط فيها من الملائكة إلى ولي الأمر، خلق الله...وأيم الله إن من صدق بليلة القدر، ليعلم أنها لنا خاصة لقول رسول الله (ص) لعلي (ع) حين دنا موته: هذا وليكم من بعدي، فان أطعتموه رشدتم، ولكن من لا يؤمن بما في ليلة القدر منكر، ومن آمن بليلة القدر ممن على غير رأينا فانه لا يسعه في الصدق إلا أن يقول، إنها لنا ومن لم يقل فانه كاذب، إن الله عز وجل أعظم من أن ينزل الأمر مع الروح والملائكة إلى كافر فاسق، فان قال: إنه ينزل إلى الخليفة الذي هو عليها فليس قولهم ذلك بشيء، وإن قالوا: إنه ليس ينزل إلى أحد فلا يكون أن ينزل شئ إلى غير شئ وإن قالوا - وسيقولون -: ليس هذا بشيء، فقد ضلوا ضلالا بعيدا".[108]        
   وحسب الروايات التي ينقلها الكليني فقد وضع الباقر الأئمةَ في مصاف الملائكة والأنبياء والرسل في تلقي العلم من الله: "فما نبذه إلى ملائكته ورسله فقد انتهى إلينا".[109]  وأطلق على "الأئمة" صفة "المحدَّثين" أي الذين تحدثهم الملائكة، وأنه أضاف كلمة "المحدَّث" إلى هذه الآية: "وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي (ولا محدَّث)".[110]
  وتزعم بعض الروايات أن الباقر اخترع دعوى "المحدَّث" مما ولد صدمة في صفوف شيعته، ولدى  أقرب المقربين إليه وهو عمه (عبد الله بن زيد، أخو الإمام علي بن الحسين لأمه) الذي استنكر حكاية "المحدَّث" وقال: سبحان الله ؟! كأنه ينكر ذلك، فأقبل عليه أبو جعفر فقال: أما والله إن ابن أمك بعدُ قد كان يعرف ذلك.[111] وأثارت تلك الدعوى تساؤلا عند الشيعة عن احتمال كون ما يدعي "المحدَّث" أنه يسمعه: من وحي الشيطان؟ وكيف يعرف بأنه ملك؟ فكان الرد عليهم: أنه "يعطى السكينة والوقار حتى يعلم أنه كلام ملك". [112]
    وصدمت تلك الدعوى كذلك أقرب شيعة الباقر إليه: حمران بن أعين، الذي سمعه يقول "بأن عليا كان محدَّثا" فخرج إلى أصحابه يقول: جئتكم بعجيبة، فقالوا: وما هي؟ فقال: سمعت أبا جعفر يقول: كان علي محدَّثا. فقالوا له ما صنعت شيئا ألا سألته من يحدثه" فعاد فسأل أبا جعفر فقال له: يحدثه ملك ، فقال حمران: أقول إنه نبي أو رسول؟ قال: لا ، بل مثله مثل صاحب سليمان ومثل صاحب موسى ومثله مثل ذوى القرنين.[113] وقرأ  الباقر هذه الآية هكذا "وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث". ويكمل حمران الرواية فيقول إنه ذهب وأخبر الحكم بن عيينة بالخبر، مما أزعج الباقر فلامه وقال له:"لِمَ حدثت الحكم بن عيينة عني أن الأوصياء محدَّثون؟ لا تحدثه وأشباهه بمثل هذا الحديث".[114]
   ويزعم أبو حمزة الثمالي والمغيرة بن سعيد (الذي تنبأ فيما بعد.[115] ) أن الباقر قال لهما:"وجدنا علم علي في آية من كتاب الله "وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدَّث" فقالا له: ليست هكذا هي، فقال في كتاب علي "وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدَّث إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته" فقال أبو حمزة : وأي شئ المحدَّث؟ فقال: ينكت في أذنه فيسمع طنينا كطنين الطست أو يقرع على قلبه فيسمع وقعا كوقع السلسلة على الطست". [116]
  ولم يكتف بعض الرواة بدعوى نزول الملائكة على الأئمة، وإنما أضافوا إليها دعوى صعود أرواح "الأوصياء" إلى السماء لطلب المزيد من العلم، كما في حديث أبي يحيى الصنعاني، الذي يدعي صعود روح الوصي كل ليلة جمعة مع أرواح الأنبياء والأوصياء الموتى إلى السماء وطوافها بالعرش ...  إلى أن يقول:"ويصبح الوصي الذي بين ظهرانيكم وقد زيد في علمه مثل جم الغفير".[117] أو " فلا ترد أرواحنا إلى أبداننا إلا بعلم مستفاد، ولولا ذلك لأنفدنا".[118] 
    وبالرغم من محاولة بعض الأحاديث التفريق بين النبي و "المحدَّث" ونفي النبوة عن الأئمة، إلا أن تلك المقولة أحدثت اضطرابا كبيرا لدى الشيعة الذين أخذوا يتوافدون على الباقر ويسألونه عن هذه الدعوى العجيبة الغريبة : هل هي النبوة؟ ويزعم حمران بن أعين : أنه سأل أبا جعفر، بعدما أخبره بحديث الملك للإمام: تقول إنه نبي؟ قال: فحرك يده - هكذا -: أو كصاحب سليمان أو كصاحب موسى أو كذي القرنين، أو ما بلغكم أنه قال: وفيكم مثله.[119]     
  ويقول الحارث بن المغيرة إنه سأل الباقر نفس السؤال وأجابه بنفس الجواب.[120] ودخل بريد بن معاوية على الباقر فسأله: ما منزلتكم؟ ومَن تشبهون ممن مضى؟ فأجابه: صاحب موسى وذو القرنين، كانا عالمين ولم يكونا نبيين.[121]
   وتكشف بعض الأحاديث عن محاورات جرت بين بعض الشيعة والباقر حول موضوع "المحدَّث" وتساؤلات لهم عن تفوق علم الأئمة على علم النبي في حالة نزول الملائكة على الأئمة، كما في رواية زرارة بن أعين الذي يقول إنه سمع أبا جعفر يقول:"لولا أنا نزداد لأنفدنا" فسأله : تزدادون شيئا لا يعلمه رسول الله (ص)؟! وأن الباقر قال له:" أما إنه إذا كان ذلك عرض على رسول الله (ص) ثم على الأئمة ثم انتهى الأمر إلينا".[122]   
   وتقول إحدى الروايات التي ينقلها الكليني إن رجلاً (يبدو أنه شيعي) جاء إلى الإمام الباقر، وأجرى معه حوارا مهما جدا حول موضوع "المحدَّث"،  وابتدأ حديثه بالقول:
-                       يا ابن رسول الله لا تغضب علي؟. قال: لماذا؟ قال: لما أريد أن أسألك عنه، قال: قل، قال: ولا تغضب؟ قال: ولا أغضب. قال:
-                        أَرأيت قولك في ليلة القدر، وتنزل الملائكة والروح فيها إلى الأوصياء، يأتونهم بأمر لم يكن رسول الله (ص) قد علمه؟ أو يأتونهم بأمر كان رسول الله (ص)  علمه؟ وقد علمت أن رسول الله (ص) مات وليس من علمه شئ إلا وعلي (ع) له واع. قال أبو جعفر:
-                       مالي ولك أيها الرجل ومن أدخلك علي؟ قال:
-                       أدخلني عليك القضاء لطلب الدين، قال:
-                       فافهم ما أقول لك: إن رسول الله (ص) لما أسري به لم يهبط حتى أعلمه الله جل ذكره علم ما قد كان وما سيكون، وكان كثير من علمه ذلك جملا يأتي تفسيرها في ليلة القدر، وكذلك كان علي بن أبي طالب (ع) قد علم جمل العلم ويأتي تفسيره في ليالي القدر، كما كان مع رسول الله (ص)، قال السائل:
-                       أو ما كان في الجُمل تفسير؟ قال:
-                       بلى، ولكنه إنما يأتي بالأمر من الله تعالى في ليالي القدر إلى النبي وإلى الأوصياء: افعل كذا وكذا، لأمر قد كانوا علموه، أمروا كيف يعملون فيه، قال:
-                       فسر لي هذا، قال:
-                       لم يمت رسول الله (ص) إلا حافظا لجمله وتفسيره، قال:
-                       فالذي كان يأتيه في ليالي القدر علمُ ما هو؟ قال:
-                       الأمر واليسر فيما كان قد علم، قال السائل:
-                       فما يحدث لهم في ليالي القدر علم سوى ما علموا؟ قال:
-                       هذا مما أمروا بكتمانه، ولا يعلم تفسير ما سألت عنه إلا الله عز وجل. قال السائل:
-                       فهل يعلم الأوصياء ما لا يعلم الأنبياء؟ قال:
-                       لا، وكيف يعلم وصي غير علم ما أوصي إليه. قال السائل:
-                       فهل يسعنا أن نقول: إن أحداً من الوصاة (الأوصياء) يعلم ما لا يعلم الآخر؟ قال:
-                       لا، لم يمت نبي إلا وعلمه في جوف وصيه، وإنما تنزل الملائكة والروح في ليلة القدر بالحكم الذي يحكم به بين العباد. قال السائل:
-                       و ما كانوا علموا ذلك الحكم؟ قال:
-                       بلى قد علموه ولكنهم لا يستطيعون إمضاء شئ منه حتى يؤمروا في ليالي القدر كيف يصنعون إلى السنة المقبلة. قال السائل:
-                       يا أبا جعفر لا أستطيع إنكار هذا؟ قال أبو جعفر :
-                       من أنكره فليس منا. قال السائل:
-                       يا أبا جعفر أرأيت النبي (ص) هل كان يأتيه في ليالي القدر شئ لم يكن علمه؟ قال:
-                       لا يحل لك أن تسأل عن هذا، أما علم ما كان وما سيكون فليس يموت نبي ولا وصي إلا والوصي الذي بعده يعلمه، أما هذا العلم الذي تسأل عنه فإن الله عز وجل أبى أن يطلع الأوصياء عليه إلا أنفسهم. قال السائل:
-                       يا ابن رسول الله كيف أعرف أن ليلة القدر تكون في كل سنة؟ قال:
-                        إذا أتى شهر رمضان فاقرأ سورة الدخان في كل ليلة مائة مرة فإذا أتت ليلة ثلاث وعشرين فإنك ناظر إلى تصديق الذي سألت عنه.[123] 

"صعوبة حديث آل محمد"

  وسواء كانت مقولة "المحدَّث" من بنات أفكار الباقر أو من مخترعات غلاة الإمامية، فإنها جوبهت برد فعل رافض من قبل كثير من الشيعة لمخالفتها الصريحة للقرآن الكريم الذي يؤكد على ختم النبوة وانقطاع الوحي أو نزول الملائكة على بشر بعد النبي محمد (ص). وهذا ما تكشف عنه أحاديث عديدة ينقلها الكليني عن الباقر، تتضمن محاولة للسيطرة على الأمور وتخفيف الصدمة، بالإيحاء بصعوبة حديث آل محمد، وأنه صعب مستصعب. حيث يرد في إحدى الروايات عن الباقر أنه يروي حديثا عن رسول الله (ص) أنه قال: "إن حديث آل محمد صعب مستصعب لا يؤمن به إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان، فما ورد عليكم من حديث آل محمد (ص) فلانت له قلوبكم وعرفتموه فاقبلوه، وما اشمأزت منه قلوبكم وأنكرتموه فردوه إلى الله وإلى الرسول وإلى العالم من آل محمد، وإنما الهالك أن يحدث أحدكم بشيء منه لا يحتمله، فيقول: والله ما كان هذا والله ما كان هذا. والإنكار هو الكفر".[124]

  وأن الباقر قال:" والله إن أحب أصحابي إلي أورعهم وأفقههم وأكتمهم لحديثنا، وإن أسوأهم عندي حالا وأمقتهم للذي إذا سمع الحديث ينسب إلينا ويروى عنا فلم يقبله اشمأز منه وجحده وكفَّر من دان به وهو لا يدري لعل الحديث من عندنا خرج وإلينا أسند، فيكون بذلك خارجا عن ولايتنا".[125]

وتقول بعض الروايات إن الباقر قام بدعوة الشيعة للتسليم والتصديق والطاعة. وفسر قوله تعالى "ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا" بأن الاقتراف يعني:"التسليم لنا والصدق علينا وألا يكذب علينا".[126]  وأنه سأل كامل التمار: أتدري من هم المؤمنون؟ (في قوله تعالى : قد أفلح المؤمنون) قال: أنت أعلم، قال:"قد أفلح المؤمنون المسلِّمون، إن المسلِّمين هم النجباء".[127] وقال لسدير: " إنما كلف الناس ثلاثة: معرفة الأئمة، والتسليم لهم فيما ورد عليهم، والرد إليهم فيما اختلفوا فيه".[128]

المبحث الثالث: وجوب الولاء للأئمة
  وبعد أن أصبحت نظرية "الإمامة لأهل البيت" دينية إلهية، كان لا بد أن يصبح الولاء للأئمة واجباً دينياً مقدساً وليس خياراً سياسياً حراً، كما هو الحال في نظام الشورى المدني الذي يختار فيه المسلمون إمامهم طواعية ويعقدون معه اتفاقية معينة للحكم، يمنحونه ولاءهم على أساسها، فإذا خالف شروطهم سحبوا ولاءهم عنه وأسقطوه.
   وكان من الطبيعي أن يتضمن الفكر الإمامي بندا خاصا بوجوب الولاء للأئمة من أهل البيت، ورفع الأمر إلى مرتبة الأحكام الشرعية والأركان المهمة في الإسلام. وتأكيدا لذلك روى الإمامية أحاديث عديدة عن الإمام الباقر تدعو الشيعة لتقديم الولاء له، والتصديق بإمامته الخاصة من الله، كما ورد في "الكافي" عنه أنه قال:" قال رسول الله (ص): من أحب أن يحيى حياة تشبه حياة الأنبياء، ويموت ميتة تشبه ميتة الشهداء، ويسكن الجنان التي غرسها الرحمن؛ فليتولَّ عليا وليوالِ وليَه وليقتد بالأئمة من بعده، فإنهم عترتي خلقوا من طينتي.. وويل للمخالفين لهم من أمتي، اللهم لا تنلهم شفاعتي".[129] وما ورد عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر قال:" قال رسول الله (ص): من سره أن يحيى حياتي، ويموت ميتتي، ويدخل الجنة التي وعدنيها ربي... فليتولَّ علي بن أبي طالب (ع) وأوصياءه من بعده، فإنهم لا يدخلونكم في باب ضلال، ولا يخرجونكم من باب هدى ... وإني سألت ربي ألا يفرق بينهم وبين الكتاب حتى يردا علي الحوض ".[130]
    وعن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر يقول:" قال رسول الله (ص): إن الله تبارك وتعالى يقول: استكمال حجتي على الأشقياء من أمتك: من ترك ولاية علي ووالى أعداء‌ه، وأنكر فضله وفضل الأوصياء من بعده، فإن فضلك فضلهم، وطاعتك طاعتهم، وحقك حقهم، ومعصيتك معصيتهم، وهم الأئمة الهداة من بعدك، جرى فيهم روحك ...حق عليَّ لقد اصطفيتهم وانتجبتهم وأخلصتهم وارتضيتهم، ونجى من أحبهم ووالاهم وسلم لفضلهم، ولقد آتاني جبرئيل عليه السلام بأسمائهم وأسماء آبائهم وأحبائهم والمسلمين لفضلهم".[131]
   وعن جابر، عن أبي جعفر، قال: لما نزلت هذه الآية: "يوم ندعو كل أناس بإمامهم" قال المسلمون: يا رسول الله ألست إمام الناس كلهم أجمعين؟ قال: فقال رسول الله (ص): أنا رسول الله إلى الناس أجمعين ولكن سيكون من بعدي أئمة على الناس من الله من أهل بيتي، يقومون في الناس فيُكذَّبون، ويظلهم أئمة الكفر والضلال وأشياعهم، فمن والاهم، واتبعهم وصدقهم فهو مني ومعي وسيلقاني، ألا ومن ظلمهم وكذبهم فليس مني ولا معي وأنا منه برئ". [132]
   وروى الإمامية عن الباقر أن رسول الله (ص) وَعَدَ من يتولى الأئمة بالشفاعة، وقال:"إن الروح والراحة والفلج والعون والنجاح والبركة والكرامة والمغفرة والمعافاة واليسر والبشرى والرضوان والقرب والنصر والتمكن والرجاء والمحبة من الله عز وجل لمن تولى عليا وائتم به، وبرئ من عدوه، وسلم لفضله وللأوصياء من بعده، حقا علي أن أدخلهم في شفاعتي، وحق على ربي تبارك وتعالى أن يستجيب لي فيهم، فإنهم أتباعي ومن تبعني فإنه مني".[133] وأن الباقر قال لأبي خالد الكابلي:" والله يا أبا خالد لا يحبنا عبد ويتولانا حتى يطهر الله قلبه ولا يطهر الله قلب عبد حتى يسلم لنا ويكون سلما لنا فإذا كان سلما لنا سلمه الله من شديد الحساب وآمنه من فزع يوم القيامة الأكبر". [134]
ويقولون: إن الباقر نظر ذات يوم إلى الناس يطوفون حول الكعبة، فقال:" هكذا كانوا يطوفون في الجاهلية، إنما أمروا أن يطوفوا بها، ثم ينفروا إلينا فيُعلِمونا ولايتهم ومودتهم ويعرضوا علينا نصرتهم، ثم قرأ هذه الآية: "واجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم".[135] وإنه قال لسدير:"إنما أُمر الناس أن يأتوا هذه الأحجار فيطوفوا بها ثم يأتونا فيُعْلمونا ولايتهم لنا وهو قول الله: " وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى" - ثم أومأ بيده إلى صدره - إلى ولايتنا. وفسر قوله تعالى: " قل إنما أعظكم بواحدة" بقوله: إنما أعظكم بولاية علي، هي الواحدة التي قال الله تبارك وتعالى " إنما أعظكم بواحدة".[136]  
   ورووا عن الباقر : أن الله أوحى إلى نبيه (ص): " فاستمسك بالذي أوحي إليك، إنك على صراط مستقيم" أي: إنك على ولاية علي وعلي هو الصراط المستقيم.[137] وأن الباقر قال: إن جبرئيل عليه السلام نزل بهذه الآية على محمد (ص) هكذا: " بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله (في علي) بغيا".[138]  وأنه قرأ هذه الآية "أ فكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم". البقرة 87 مع شرح خاص هكذا: " أ فكلما جاءكم (محمد) بما لا تهوى أنفسكم (بموالاة علي) فاستكبرتم، ففريقا (من آل محمد) كذبتم وفريقا تقتلون".[139]  
وزعم بعض الرواة أن الباقر قال : نزل جبرئيل (ع) بهذه الآية على محمد (ص) هكذا "فبدل الذين ظلموا (آل محمد حقهم) قولاً غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا (آل محمد حقهم) رجزاً من السماء بما كانوا يفسقون".[140]  وأنه قال: نزل جبرئيل (ع) بهذه الآية هكذا: " إن الذين كفروا وظلموا (آل محمد حقهم) لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك على الله يسيرا" ثم قال: " يا أيها الناس قد جاء كم الرسول بالحق من ربكم (في ولاية علي) فآمنوا خيرا لكم وإن تكفروا (بولاية علي) فإن لله ما في السماوات وما في الأرض ". النساء: 168- 170[141]   
  وأنه قال: نزل جبرئيل بهذه الآية هكذا: " فأبى أكثر الناس (بولاية علي) إلا كفورا". وأنه قال: نزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية هكذا: " وقل الحق من ربكم (في ولاية علي) فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا اعتدنا للظالمين (آل محمد) نارا".[142]  
  وحسبما يقول الإمامية، فإن أبا جعفر اختصر أمر الولاية بكلمة فقال:" إن الله عز وجل نصب عليا علما بينه وبين خلقه، فمن عرفه كان مؤمنا، ومن أنكره كان كافرا، ومن جهله كان ضالا، ومن نصب معه شيئا كان مشركا، ومن جاء بولايته دخل الجنة". [143] وأنه قال:" إن عليا عليه السلام باب فتحه الله، فمن دخله كان مؤمنا ومن خرج منه كان كافرا ومن لم يدخل فيه ولم يخرج منه كان في الطبقة الذين قال الله تبارك وتعالى: لي فيهم المشيئة". [144] 
  وزعموا بأن  الباقر عزا مسألة الولاية والقبول بها إلى عوامل جينية تعود للطينة التي خلق منها الإنسان في عالم الذر (وهو كما يقال: عالم مثالي قبل عالم الأرض) فقال:" إن الله أخذ ميثاق شيعتنا بالولاية لنا وهم ذر، يوم أخذ الميثاق على الذر، بالإقرار له بالربوبية ولمحمد (ص) بالنبوة وعرض الله عز وجل على محمد (ص) أمته في الطين وهم أظلة وخلقهم من الطينة التي خلق منها آدم وخلق الله أرواح شيعتنا قبل أبدانهم بألفي عام وعرضهم عليه وعرفهم رسول الله (ص) وعرفهم عليا ونحن نعرفهم في لحن القول". [145]  

    ورووا عن الباقر اعتباره الولاية لأهل البيت مرادفة لأركان الإسلام، وأنه قال: "بني الإسلام على خمس: على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية ولم ينادَ بشيء كما نودي بالولاية".[146] وفي رواية أخرى:" فأخذ الناس بأربع وتركوا هذه، يعني الولاية". [147] وإن "الولاية أفضل، لأنها مفتاحهن، والوالي هو الدليل عليهن". وإن " ذروة الأمر وسنامه ومفتاحه وباب الأشياء و رضا الرحمن الطاعة للإمام بعد معرفته، إن الله عز وجل يقول: "من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا". أما لو أن رجلا قام ليله وصام نهاره وتصدق بجميع ماله وحج جميع دهره ولم يعرف ولاية ولي الله فيواليه ويكون جميع أعماله بدلالته إليه، ما كان له على الله عز وجل حق في ثوابه ولا كان من أهل الإيمان، ثم قال: أولئك المحسن منهم يدخله الله الجنة بفضل رحمته". [148]

 وقال سالم الحناط : إن الباقر فسر قول الله تبارك وتعالى: " نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين" بأن قال: هي الولاية لأمير المؤمنين.[149]  كما شرح قول الله عز وجل: " ولو أنهم أقاموا التوراة و الإنجيل وما انزل إليهم من ربهم" فقال: الولاية.[150]  
   وذهب بعض الرواة بعيدا فقالوا إن الباقر أخبر شيعته بولاء الملائكة لأهل البيت فقال: "والله إن في السماء لسبعين صفا من الملائكة، لو اجتمع أهل الأرض كلهم يحصون عدد كل صف منهم ما أحصوهم وإنهم ليدينون بولايتنا". [151]




[1]  - حيث كان العباسيون والطالبيون يجادلون بأنهم مع العلويين أبناء عم الرسول، وأنهم جميعا ينضوون تحت عنوان عام هو "عترة الرسول" لأن "العترة" حسب اللغة: هم أقرباء الرجل الذين يشتركون معه في "العتر" أي الذكر، وتطلق على الأبناء وأبناء العم. كما يقول الفيروزآبادي، في القاموس المحيط: العَتْر ، والعِتْر، جمع: عتور: الذكر، الفروج المنعضة، والعِترة: نسل الرجل، ورهطه، وعشيرته الأدنون ممن مضى وغبر.
  وذكر الطبري:" أن أبا العباس (عبد الله بن محمد بن علي السفاح) لما صعد المنبر حين بويع له بالخلافة .. قال: الحمد لله الذي ... خصنا برحم رسول الله (ص) وقرابته وأنشأنا من آبائه وأنبتنا من شجرته واشتقنا من نبعته  .. ووضعنا من الإسلام وأهله بالموضع الرفيع وأنزل بذلك على أهل الإسلام كتابا يتلى عليهم فقال عز من قائل فيما أنزل من محكم القرآن (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) وقال: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) وقال: (وأنذر عشيرتك الأقربين) وقال: (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى) وقال: (واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمه وللرسول ولذي القربى واليتامى) فأعلمهم جل ثناؤه فضلنا وأوجب عليهم حقنا ومودتنا وأجزل من الفيء والغنيمة نصيبنا تكرمة لنا وفضلا علينا والله ذو الفضل العظيم". تاريخ الرسل والملوك، ج 6 ص 82
[2]  -  ورد حديث "الثقلين" بعدة صيغ، منها : إني مخلّف فيكم الثقلين : كتاب الله عزّ وجل وعترتي، فقط، ومنها بصيغة: أهل بيتي، ومنها بصيغة تجمع الاثنين: عترتي أهل بيتي. وقد ذكر مسلم  في باب فضائل علي بن أبي طالب ، كتاب فضائل الصّحابة : حديثا عن زيد بن أرقم يضع "أهل البيت" مكان "العترة". قال :" قام رسول الله (ص) يوماً فينا خطيباً بماءٍ يدعى خمّاً ، بين مكة والمدينة ، فحمد الله وأثنى عليه ، ووعظ وذكّر ، ثم قال : أما بعد ، ألا أيّها الناس ، فإنما أنا بشر يوشك أنْ يأتي رسول ربي فأجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين : أوّلهما كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به . فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه . ثم قال : وأهل بيتي . أذكّركم الله في أهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي . فقال له حصين : ومن أهل بيته يا زيد ؟ أليس نساؤه من أهل بيته ؟ قال: نساؤه من أهل بيته ، ولكنْ أهل بيته من حرم الصّدقة بعده . قال : ومن هم؟ قال : هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس ". وورد الحديث في سنن الترمذي جامعا للكلمتين:"عترتي أهل بيتي". 3|26   
[3]  - الفيروزآبادي، القاموس المحيط: العَتْر ، والعِتْر، جمع: عتور: الذكر، الفروج المنعضة، والعِترة: نسل الرجل، ورهطه، وعشيرته الأدنون ممن مضى وغبر.
  وذكر الطبري:" أن أبا العباس (عبد الله بن محمد بن علي السفاح) لما صعد المنبر حين بويع له بالخلافة .. قال: الحمد لله الذي ... خصنا برحم رسول الله (ص) وقرابته وأنشأنا من آبائه وأنبتنا من شجرته واشتقنا من نبعته  .. ووضعنا من الإسلام وأهله بالموضع الرفيع وأنزل بذلك على أهل الإسلام كتابا يتلى عليهم فقال عز من قائل فيما أنزل من محكم القرآن (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) وقال: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) وقال: (وأنذر عشيرتك الأقربين) وقال: (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى) وقال: (واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمه وللرسول ولذي القربى واليتامى) فأعلمهم جل ثناؤه فضلنا وأوجب عليهم حقنا ومودتنا وأجزل من الفيء والغنيمة نصيبنا تكرمة لنا وفضلا علينا والله ذو الفضل العظيم". تاريخ الرسل والملوك، ج 6 ص 82
[4]  -  وقد ورد حديث "الثقلين" بعدة صيغ، منها : إني مخلّف فيكم الثقلين : كتاب الله عزّوجل وعترتي، فقط، ومنها بصيغة: أهل بيتي، ومنها بصيغة تجمع الاثنين: عترتي أهل بيتي.
[5] - الكليني، الكافي، الروضة، ح رقم 5494 - 6  

[6] - الكليني، الكافي، كتاب الروضة، ح رقم، 597

[7]  - الكليني، الكافي، كتاب فضل القرآن، حديث رقم 4 ولكن السنة رفضوا تخصيص  كلمة "أهل البيت" بسلالة معينة، وفسروها بمعنى مرادف لكلمة "العترة" بحيث تشمل كل البيوتات التي ترتبط بالرسول، وقد ذكر مسلم  في باب فضائل علي بن أبي طالب ، كتاب فضائل الصّحابة : حديثا عن زيد بن أرقم يضع "أهل البيت" مكان "العترة". قال :" قام رسول الله (ص) يوماً فينا خطيباً بماءٍ يدعى خمّاً ، بين مكة والمدينة ، فحمد الله وأثنى عليه ، ووعظ وذكّر ، ثم قال : أما بعد ، ألا أيّها الناس ، فإنما أنا بشر يوشك أنْ يأتي رسول ربي فأجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين : أوّلهما كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به . فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه . ثم قال : وأهل بيتي . أذكّركم الله في أهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي . فقال له حصين : ومن أهل بيته يا زيد ؟ أليس نساؤه من أهل بيته ؟ قال: نساؤه من أهل بيته ، ولكنْ أهل بيته من حرم الصّدقة بعده . قال : ومن هم؟ قال : هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس ". وورد الحديث في سنن الترمذي جامعا للكلمتين:"عترتي أهل بيتي". 3|26   

[8] - الكليني، الكافي، كتاب الروضة، ح رقم 501

[9]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب ما نص الله ورسوله على الأئمة واحدا بعد واحد، ح رقم 2  
[10]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب ما نص الله ورسوله على الأئمة واحدا بعد واحد، ح رقم 2   
[11]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب ما نص الله ورسوله على الأئمة واحدا بعد واحد، ح رقم 6  
[12]  - الكليني، الكافي، كتاب الروضة، خطبة الوسيلة
[13]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب ما نص الله ورسوله على الأئمة واحدا بعد واحد، ح رقم 6 
[14] - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب الإشارة والنص على الحسن بن علي، ح رقم 1 و 5 وتكملة لهذه الرواية يقول أبو عبد الله جعفر بن محمد:" إن الحسن استدعى عند موته أخاه محمد بن الحنفية وحذره قائلا:"يا محمد بن علي إني أخاف عليك الحسد...أما علمت أن الحسين بن علي بعد وفاة نفسي، ومفارقة روحي جسمي، إمام من بعدي، وعند الله جل اسمه في الكتاب، وراثة من النبي (ص) أضافها الله عز وجل له في وراثة أبيه وأمه، فعلم الله أنكم خيرة خلقه، فاصطفى منكم محمدا (ص) واختار محمد عليا، واختارني علي بالإمامة، واخترت أنا الحسين". الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب الإشارة والنص على الحسين بن علي، ح رقم 2   
[15]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب الإشارة والنص على علي بن الحسين، ح رقم 3  (ملاحظة توجد عدة روايات أنه رآه في الكتّاب أو في البيت (ينبغي أن يكون حوالي سنة 68 للهجرة)، ورواية أخرى يرويها القاضي النعمان في المناقب، أن الباقر زار جابر الذي كان أعمى فأبلغه سلام رسول الله، ورواية ينقلها الطبري في م3 ص 2496)
[16]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب الإشارة والنص على علي بن الحسين، ح رقم 1 و 2
[17]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب الإشارة والنص على علي بن الحسين، ح رقم 1 و 2
[18]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب الإشارة والنص على علي بن الحسين، ح رقم 3
[19]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب ما نص الله ورسوله على الأئمة واحدا بعد واحد، ح رقم 7
[20]  - يقول المسقطي في الموسوعة الإسلامية: إن أبا هاشم عبد الله شتم الباقر في المسجد، فرد عليه الباقر قائلا:" قل ما بدا لك فأنا ابن فاطمة وأنت ابن الحنفية". (ط 2،  م1، ص 124- 125 عن كتاب الفكر الشيعي المبكر ، تعاليم الإمام محمد الباقر، لالرزينة لالاني)
[21]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب ما يضل به بين دعوى المحق والمبطل في أمر الإمامة، ح رقم 5  والصفار، بصائر الدرجات، ج 10 ص 502، وابن بابويه، الإمامة والتبصرة من الحيرة، ص 60
[22]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب ما يضل به بين دعوى المحق والمبطل في أمر الإمامة، ح رقم 15
[23]  - الكشي 2 | 336
[24] - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أنه من ادعى الإمامة وليس لها بأهل، ح رقم 1
[25]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أنه من ادعى الإمامة وليس لها بأهل، ح رقم 3
[26]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب ما نص الله ورسوله على الأئمة واحدا بعد واحد، ح رقم 2
[27]  -  ولذلك ذهب قسم من الشيعة في تلك الأيام (كالجارودية) إلى أن الإمامة في أعقاب الحسن والحسين.  المفيد، الثقلان، ص 10
[28]  - الخزاز، كفاية الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر، ص 246
[29]  - العياشي، التفسير، ج 2 ص  291
[30]  - الصفار، محمد بن الحسن، بصائر الدرجات، ص، 176 و 178
[31]  -  حيث كان له عشرة اخوة وفيهم من هو أكبر منه، وهم: عبد الله، الحسن، الحسين، زيد، عمر، الحسين الأصغر، عبد الرحمن، سليمان، علي، محمد الأصغر.
[32]  - الصفار، بصائر الدرجات، ج 4، باب (4) ما عند الأئمة عليهم السلام من سلاح رسول الله ص وآيات الأنبياء  ، ح رقم 28
[33]  - أو دعوى وراثة الكتاب.  الصفار ، بصائر الدرجات، ص 180 والكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب ما نص الله ورسوله على الأئمة واحدا بعد واحد، ح رقم 6   
[34]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب الإشارة والنص على الحسن بن علي، ح رقم 1 و 5   وتأييدا لذلك يروي الكليني في "الكافي" أن جابر بن عبد الله الأنصاري (توفي سنة 78) أدرك الباقر، وأنه أخذ بيده وقال:" إن رسول الله (ص) أخبرني أني سأدرك رجلا من أهل بيته يقال له: محمد بن علي يكنى أبا جعفر، فإذا أدركته فاقرأه مني السلام" فقال له أبوه: "هنيئا لك يا بني ما خصك الله به من رسوله من بين أهل بيتك لا تطلع اخوتك على هذا فيكيدوا لك كيدا، كما كادوا اخوة يوسف ليوسف عليه السلام". الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب الإشارة والنص على علي بن الحسين، ح رقم 3    
[35]  -   الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب مواليد الأئمة 8
[36]  -  كما في رواية عن الإمام علي بن موسى الرضا، أنه قال للمأمون، وهو يحدثه عن زيد بن علي، أنه كان من علماء آل محمد، غضب لله فجاهد أعداءه حتى قتل في سبيله، ولقد حدثني أبي موسى بن جعفر أنه سمع أباه جعفر بن محمد يقول: رحم الله عمي زيدا إنه دعا إلى الرضا من آل محمد، ولو ظفر لوفى لله من ذلك، انه قال: أدعوكم إلى الرضا من آل محمد. العاملي ، وسائل الشيعة، كتاب الجهاد.
[37] - أعلن زيد الثورة ضد الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك اعتمادا على مبدأ (أولي الأرحام ) قائلا:" إنـا أرحام رسول الله أولى بالملك والإمرة " و دعا إلى نصرة (أهل البيت) ، بصورة عامة ، وقال:"إنا ندعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه وجهاد الظالمين ، والدفع عن المستضعفين وإعطاء المحرومين ، وقسم هذا الفيء بين أهله سواء ورد المظالم وإقفال المجمر ونصرنا أهل البيت على من نصب لنا وجهل حقنا".
[38]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب ما يضل به بين دعوى المحق والمبطل في أمر الإمامة، ح رقم 16 يلاحظ  أن علامات الوضع المتأخر بادية على هذه الرواية التي تقول مرة : بأن الطاعة مفروضة من الله لواحد من أهل البيت والمودة للجميع، وتقول مرة أخرى: فإن كنت على بينة من ربك ويقين من أمرك وتبيان من شأنك فشأنك. وتتهم في النهاية زيد بأنه يريد أن يحيي ملة قوم قد كفروا بآيات الله وعصوا رسوله، علما بأن زيد لم يرد سوى الثورة ضد الأمويين. لذا فقد يكون الأرجح أن تكون هذه الرواية مختلقة من قبل الإمامية الذين قاموا بنسبتها زورا إلى الإمام الباقر. وبالتالي فلم يشكل "العلم" عاملا حاسما في إثبات إمامة الباقر ولا سلب الإمامة من زيد بن علي الذي لم يكن يقل علما عن أخيه.
[39]  -  وقد خرج على المنصور العباسي وقتل سنة 145 
[40]  - الكليني، الكافي، كتاب العقل، كتاب فضل العلم، باب الرد إلى الكتاب والسنة،ح رقم 2  عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن حسين بن المنذر، عن عمر بن قيس، عن أبي جعفر
[41]  - أمالي المفيد : 51 | 12.
[42]  - الكليني، الكافي، كتاب الروضة، ح رقم 8240 - 1
[43]  - الكليني، الكافي، كتاب فضل القرآن، حديث رقم 2

[44] - الكليني، الكافي، كتاب فضل القرآن، حديث رقم 6

[45]  - الكليني، الكافي، كتاب الروضة، ح رقم 485  عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن زيد الشحام قال: دخل قتادة بن دعامة على أبي جعفر (ع) فقال:
[46]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أن الأئمة ورثوا علم النبي وجميع الأنبياء والأوصياء، ح رقم 2
[47]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أن الأئمة ورثة العلم، ح رقم 2 و 3و 4و 5 و 7
[48]  - الكليني، الكافي، كتاب الروضة، ح رقم  574
[49]  - الذي رواه عن جابر بن عبدالله الأنصاري عن رسول الله (ص) :"أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين : الثقل الأكبر ، والثقل الأصغر ، إن تمسكتم بهما لا تضلوا ، ولا تبدلوا، وإني سألت اللطيف الخبير أن لا يتفرقا حتى يردا علي الحوض فأعطيت ذلك، قالوا : وما الثقل الأكبر؟ وما الثقل الأصغر؟ قال : الثقل الأكبر كتاب الله سبب طرفه بيد الله، وسبب طرفه بأيديكم والثقل الأصغر عترتي وأهل بيتي". بصائر الدرجات : 122 و 123 
[50]  -  وفي رواية أخرى عن على بن محمد ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود ، عن يحيى ابن أديم عن شريك ، عن جابر قال : قال أبو جعفر: دعا رسول الله (ص) أصحابه بمنى فقال : " يا أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين ، أما إن تمسكتم بهما لن تضلوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " ثم قال : " أيها الناس إني تارك فيكم حرمات الله : كتاب الله ، وعترتي ، والكعبة البيت الحرام " ثم قال أبو جعفر: أما كتاب الله فحرفوا ، وأما الكعبة فهدموا وأما العترة فقتلوا ، وكل ودائع الله فقد تبروا. الصفار ، بصائر الدرجات : 123
[51]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أن الأئمة ورثة العلم، ح رقم 6
[52]  - الوافي، ح رقم [ 33224 ]  عن الكافي 1 : 329 | 3
[53]  - الوافي، ح رقم [ 33225 ] عن الكافي 1 : 329 | 4 .
[54]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أنه ليس شيء من الحق في يد الناس إلا ما خرج من عند الأئمة، ح رقم 5
[55]  - الوافي، ح رقم [ 33236 ] عن بصائر الدرجات : 531 | 21.
[56]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أنه ليس شيء من الحق في يد الناس إلا ما خرج من عند الأئمة، ح رقم 1 
[57]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أنه ليس شيء من الحق في يد الناس إلا ما خرج من عند الأئمة، ح رقم 2
[58]  - الكليني، الكافي، كتاب الروضة، ح رقم 485
[59]  - الكليني، الكافي، كتاب الروضة، ح رقم 485
[60]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أن الأئمة قد أوتوا العلم وأثبت في صدورهم، ح رقم 6
[61] - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أن الأئمة قد أوتوا العلم وأثبت في صدورهم، ح رقم 10
[62]  - وقد نقل الكشي عن الإمام الصادق أنه كان يقول :إن أهل المدينة كانوا ينكرون على الباقر روايته عن رسول الله (صويقولون: ما رأينا أحدا قط أكذب من هذا يحدث عمن لم يره.  فلما رأى ما يقولون حدثهم عن جابر بن عبد الله فصدقوه، وكان جابر والله يأتيه يتعلم منه. الكشي في ترجمة جابر بن عبد الله  الأنصاري. 
[63]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أن الأرض لا تخلو من حجة، ح رقم 8
[64]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أن الأرض لا تخلو من حجة، ح رقم 9
[65] - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أن الأئمة ولاة أمر الله وخزنة علمه، ح رقم 2
[66]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أن الأئمة ولاة أمر الله وخزنة علمه، ح رقم 3  عن سدير
[67]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أن الأئمة معدن العلم وشجرة النبوة ومختلف الملائكة، ح رقم 1 و2
[68]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أن الأئمة معدن العلم وشجرة النبوة ومختلف الملائكة، ح رقم 3
[69]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أن الأئمة ولاة أمر الله وخزنة علمه، ح رقم 4
[70]  - الصفار، بصائر الدرجات، ج 9  باب (22) ح رقم (2)
[71]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أن الله لم يعلم نبيع علما إلا أمره أن يعلمه أمير المؤمنين، ح رقم 1 و 2 و 3
[72]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أن أهل الذكر الذين أمر الله بسؤالهم هم الأئمة، ح رقم 1 و6
[73]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أن أهل الذكر الذين أمر الله بسؤالهم هم الأئمة، ح رقم 7
[74]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أن الأئمة قد أوتوا العلم وأثبت في صدورهم، ح رقم 1
[75]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أن الأئمة قد أوتوا العلم وأثبت في صدورهم، ح رقم 3
[76]  - الوافي،[ 33587 ] 56 بصائر الدرجات : 226 | 14.
[77]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أن من وصفه الله بالعلم في كتابه هم الأئمة، ح رقم 1 و2
[78]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أن الراسخين في العلم هم الأئمة، ح رقم 2
[79]  - الوافي،[ 33534 ] الكافي 1 : 188 | 1 . 
[80]  - الوافي،[ 33546 ] 15 الكافي 1 : 179 | 6. 
[81]  - الوافي،[ 33595 ] 64 تفسير فرات الكوفي : 91
[82]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب في أن من اصطفاه الله من عباده وأورثهم كتابه هم الأئمة، ح رقم 1و2 و 3 
[83]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب في أن من اصطفاه الله من عباده وأورثهم كتابه هم الأئمة، ح رقم 4
[84]  - الوافي،[ 33581 ] 50 بصائر الدرجات : 216 | 8.
[85]  - الوافي،[ 33580 ] 49 بصائر الدرجات : 216 | 7 و 8
[86]  - الوافي،[ 33572 ] 41 المحاسن : 300 | 5.
[87] - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة، ح رقم 1
[88] - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة، ح رقم 2
[89]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أن الأئمة نور الله، ح رقم 1
[90]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أن الأئمة نور الله، ح رقم 3
[91]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أن الأئمة نور الله، ح رقم 2
[92]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أن الأئمة يعلمون علم ما كان وما يكون، ح رقم 6
[93]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أن الأئمة يعلمون علم ما كان وما يكون، ح رقم 4 والصفار، بصائر الدرجات، ج 3 ، باب 5 (مالا يحجب عن الأئمة علم السماء وأخباره وعلم الأرض وغير ذلك)  ح رقم 3
[94]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أن الأئمة هم أركان الأرض، ح رقم 1 ولذلك كان يقول :"المتعقب عليه في شئ من أحكامه كالمتعقب على الله وعلى رسوله والراد عليه في صغيرة أو كبيرة على حد الشرك بالله".
[95]  - الكافي، كتاب الحجة، باب في معرفتهم أولياءهم والتفويض إليهم، ح رقم 2
[96]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب نادر فيه ذكر الغيب، ح رقم 2
[97]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب ما أعطي الأئمة من اسم الله الأعظم، ح رقم 1 و3
[98]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أن الأئمة يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملائكة والأنبياء، ح رقم 3
[99]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أن الأئمة يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملائكة والأنبياء، ح رقم 4
[100]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب في شأن إنا أنزلناه ، ح رقم 1
[101]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب في شأن إنا أنزلناه ، ح رقم 1
[102]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب في شأن إنا أنزلناه ، ح رقم 3
[103]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب في شأن إنا أنزلناه ، ح رقم 2
[104]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب في شأن إنا أنزلناه ، ح رقم 5
[105]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب في شأن إنا أنزلناه ، ح رقم 6  كما اعتمد على تفسير هذه الآية :" وإن من أمة إلا خلا فيها نذير" ليقول بضرورة وجود النذير من قبل النبي  في كل جيل من أجيال الأمة الإسلامية، وأن القرآن لا يكفيهم إلا بوجود المفسر، وأن النبي لم يفسر القرآن إلا لرجل واحد هو علي بن أبي طالب. المصدر
[106]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب في شأن إنا أنزلناه ، ح رقم 7
[107]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب في شأن إنا أنزلناه ، ح رقم 7
[108]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب في شأن إنا أنزلناه ، ح رقم 9 
[109]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أن الأئمة يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملائكة والأنبياء، ح رقم 1و 2 و3 و4
[110] - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب في أن الأئمة محدثون مفهمون، ح رقم 2
[111]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب في أن الأئمة محدثون مفهمون، ح رقم 2
[112]  -  الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب في أن الأئمة محدثون مفهمون، ح رقم 4
[113]  - - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب في أن الأئمة محدثون مفهمون، ح رقم 5 والصفار، بصائر الدرجات، ج 7  باب 6  ح رقم (10)  
[114]  - الخوئي، معجم رجال الحديث، رقم 4027 – عن الكشي في ترجمة حمران بن أعين الشيباني.
[115]  - تقول روايات عديدة عن الصادق أن المغيرة كان يكذب على الباقر في حياته فيأخذ كتبه من أصحابه ويدس فيها ما يشاء من كفر وزندقة وغلو، كما في هذه الرواية أنه قال:"كان المغيرة بن سعيد يتعمد الكذب على أبي، ويأخذ كتب أصحابه، وكان أصحابه المستترون بأصحاب أبي يأخذون الكتب فيدفعونها إلى المغيرة، وكان يدس فيها الكفر والزندقة، ويسندها إلى أبي، ثم يدفعها إلى أصحابه، ثم يأمرهم أن يبثوها في الشيعة، فكل ما كان في كتب أبي من الغلو فذاك مما دسه المغيرة بن سعيد في كتبه". أسد حيدر، الإمام الصادق والمذاهب الأربعة، المجلد الثاني، ص 381 – 383 

[116] - الصفار، بصائر الدرجات، ج 7  باب 6  ح رقم (13)  وعن زرارة عن أبي جعفر قال الأنبياء على خمسة أنواع منهم من يسمع الصوت مثل صوت السلسلة فيعلم ما عنى به ومنهم من ينبأ في منامه مثل يوسف وإبراهيم ومنهم من يعاين ومنهم من ينكت في قلبه ويوقر في أذنه. الصفار، بصائر الدرجات، ج 8، باب 1 في الفرق بين الأنبياء والرسل والأئمة عليهم السلام ومعرفتهم وصفتهم ، ح رقم (6)   

[117]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب في أن الأئمة يزدادون في ليلة الجمعة، ح رقم 1
[118]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب في أن الأئمة يزدادون في ليلة الجمعة، ح رقم 2 و باب لولا أن الأئمة يزدادون لنفد ما عندهم، ح رقم 1 و 2
[119]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب في أن الأئمة محدثون مفهمون، ح رقم 5 وباب في أن الأئمة بمن يشبهون ممن مضى وكراهة القول فيهم بالنبوة، ح رقم 1
[120]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب في أن الأئمة بمن يشبهون ممن مضى وكراهة القول فيهم بالنبوة، ح رقم 4
[121]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب في أن الأئمة بمن يشبهون ممن مضى وكراهة القول فيهم بالنبوة، ح رقم 5
[122]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب في أن الأئمة يزدادون في ليلة الجمعة، ح رقم 3
[123]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب في شأن إنا أنزلناه ، ح رقم 8
[124]  -   وكذلك :" إن حديثنا صعب مستصعب، لا يحتمله إلا صدور منيرة أو قلوب سليمة أو أخلاق حسنة".  و"إن علم العلماء صعب مستصعب، لا يحتمله إلا نبي مرسل أو ملك مقرب أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان".  الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب فيما جاء أن حديثهم صعب مستصعب، ح رقم 1 و 2 و3 و 4
[125]  - الكليني، الكافي، كتاب الإيمان والكفر، باب الكتمان، ح رقم 7
[126] - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب التسليم وفضل المسلمين، ح رقم 4
[127] - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب التسليم وفضل المسلمين، ح رقم 5
[128] - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب التسليم وفضل المسلمين، ح رقم1
[129]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب ما فرض الله ورسوله من الكون مع الأئمة، ح رقم 3
[130] - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب ما فرض الله ورسوله من الكون مع الأئمة، ح رقم 6 وفي رواية ثالثة يرويها أبو عبد الله عن رسول الله، يقول فيها"...إلى الله أشكو أمر أمتي، المنكرين لفضلهم، القاطعين فيهم صلتي، وأيم الله ليقتلن ابني لا أنالهم الله شفاعتي". المصدر ، ح رقم 5
[131]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب ما فرض الله ورسوله من الكون مع الأئمة، ح رقم 4
[132]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أن الأئمة في كتاب الله إمامان، ح رقم 1
[133]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب ما فرض الله ورسوله من الكون مع الأئمة، ح رقم 7
[134]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أن الأئمة نور الله، ح رقم 1
[135]  - الكليني، الكافي، كتاب الحجة، باب أن الواجب على الناس بعد ما يقضون مناسكهم أن يأتوا الإمام، ح رقم 1 و 2
[136]  - الكافي، كتاب الحجة، باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية، ح رقم 41
[137]  - الكافي، كتاب الحجة، باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية، ح رقم 24
[138]  - الكافي، كتاب الحجة، باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية، ح رقم 25
[139]  - الكافي، كتاب الحجة، باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية، ح رقم 31
[140]  - الكافي، كتاب الحجة، باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية، ح رقم 58
[141]  - الكافي، كتاب الحجة، باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية، ح رقم 59
[142]  - الكافي، كتاب الحجة، باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية، ح رقم 65
[143]  - الكافي، كتاب الحجة، باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية، ح رقم 7
[144]  - الكافي، كتاب الحجة، باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية، ح رقم 8
[145]  - الكافي، كتاب الحجة، باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية، ح رقم 9
[146]  - الكليني، الكافي، كتاب الإيمان والكفر، باب دعائم الإسلام، ح رقم 1
[147]  - واعتبر الصادق في حديث له الولاية ثالثة الأثافي، فقال: أثافي الإسلام ثلاثة: الصلاة والزكاة والولاية، لا تصح واحدة منهن إلا بصاحبتيها".  الكليني، الكافي، كتاب الإيمان والكفر، باب دعائم الإسلام، ح رقم 3 و 4
[148]  - الكليني، الكافي، كتاب الإيمان والكفر، باب دعائم الإسلام، ح رقم 5
[149]  - الكافي، كتاب الحجة، باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية، ح رقم 1
[150]  - الكافي، كتاب الحجة، باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية، ح رقم 6
[151] - الكافي، كتاب الحجة، باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية، ح رقم 5

جميع الحقوق محفوظة للاخ منهاج السنة ابو ابات 2012-2013 | جميع المواد الواردة في هذا الموقع حقوقها محفوظة لدى ناشريها ; فهـرس الـموقــع | سياسة الخصوصية